int(1908) array(0) { }

أرشيف المقالات

نحو داعية رباني (2)

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
نحو داعية رباني (2/ 3)
 
أوضَحْنا في الجزء الأول من مقالنا مَن هو الداعية الربَّاني الذي نَنْشده، وماذا قصَدْنا بالداعية، وكيف يتَّصِف بصفات الربَّانية.
 
ثم بدَأْنا نضع نقاطًا على الحُروف لهذا الدَّاعية، وبدَأْناها بتوضيح أنَّ حياة الداعية حياةٌ يجب أن تكون كلها لله...
ونستكمل - بإذن الله - في الجزء الثاني هذه النقاط.
 
الداعية الرباني على ثَغْر:
فمن الضروريِّ عليه أن يوقن أنَّه على ثَغرٍ عظيم من ثغور الإسلام العظيم خاتم الرِّسالات، وأن مهمَّته ليست إلاَّ تجسيدًا وممارسةً عمليَّة لمهمَّةِ الرُّسل والنبيِّين، ومِن هنا وَجَب عليه أن يكون على القَدْر الذي يجعله رمزًا صالحًا يُشار إليه بالبنان؛ فهو رسول الهداية، ومنبع الوقاية، ومفتاح السعادة، إذا صلح فهمه للإسلام، وتَوسَّطَ واعْتَدل، وتمتَّع بشموليَّتِه لفهم دينه، صَلَحَ الناس من حوله، وصُحِّحَت المفاهيم، وانضبطت الأفكار، وانصلحت القيم، وتنوَّرَت العقول بما يرضي الله والرسول.
 
الداعية الرباني وَسَطيٌّ مُعتَدِل:
فمن الضروري أن يوقن أنه مُطالَب بإخراج الناس جميعًا من ضيق وسوء المفاهيم والأخلاق، والإيمانيَّات الضعيفة، إلى صحَّة وسعة المفاهيم والمَضامين والأخلاقيَّات الواسعة العظيمة؛ شريطةَ الحُسنى والتبليغ الجميل، والمحبَّب إلى نفوس الناس، فلا تشدُّد ولا تعنُّت ولا تضييقًا للواسع، ولكنَّ الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالأحسن هي أجمل وأعظم ما يجب أن ينهَجَه الداعية الربَّاني الناجح، وأن يجعل الاعتدال والوسطيَّة في أطروحاته منهجًا ساميًا محوريًّا يرتكز عليه في تبليغ الناس وإرشادهم، وألاَّ يتخذ غيره بديلاً.
 
وأن يدعو دائمًا ربَّه قائلاً: اللهم أبرِمْ لأمَّة محمَّد أمْرَ رُشدٍ وسداد، وأمنٍ وأمانٍ ورخاء، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهْدَى فيه ويُتاب على أهل معصيتك.
 
الداعية الرباني طَبيبُ المُجتمع:
يجب أن يوقن الداعية أنه الطبيبُ الأوَّل للمجتمع بأكمله، وهو ما يَستدعي أن يكون ماهرًا في اكتشاف أمراض النَّاس السُّلوكية والأخلاقية، والإيمانية والتعبُّدية، ويكون حسَنًا في التشخيص، وحسنًا في وصف العلاج، وأن يكون قارئًا جيِّدًا وباستمرار في كلِّ ما هو جديد في قاموس الطبِّ الدَّعوي النبويِّ النافع والمؤثِّر، وإذا أراد التميُّزَ والمهارة في ذلك، فلْيَجعل قدوته صاحبَ الدعوة، قائدَ الغُرِّ المُحجَّلين، وخاتم المرسلين، الحبيبَ محمَّدًا الأمين - صلوات الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين - فهو الأُسْوة والقدوة، أَكْرِمْ بها من أسوة وقدوة!
 
الداعية الرباني يألَف ويُؤلَف:
وهي سِمَة هامَّة؛ فلا يصحُّ لداعيةٍ يريد أن يكون ربانيًّا أن يخسر النَّاس أو شريحةً منهم؛ لكونه لا يستطيع أن يكون ذا لسانٍ طيِّب، يُحبِّبُ الناس في الخير، ويُرشدهم إليه، يُداعب بكلماته الجميلة الحاضرين، ويُلاطف بِمزاحه المهذَّبِ المستمعين، يرسل البسمات والإشارات اللطيفة لمن أمامه من المتعطِّشين، فيكون بلسمًا يُزيح الهموم، وبابًا لإسعاد المكلوم والإطاحة بالهموم، وروحًا جميلة تَسْري في أجساد الناس، فتُحْييها بنور الله، فتُصبح آمنةً مطمئنَّة، تتعبَّد ربَّها بحُبٍّ وشغف، وصفاء وشوق.
 
وإلى لقاءٍ قادم - إن شاء الله - في حلقة قادمة وأخيرة.

شارك المقال

ساهم - قرآن ٣