int(190) array(0) { }

أرشيف المقالات

الدعوة إلى الله والعلم النافع

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
الدعوة إلى الله والعلم النافع
 
الدعوة إلى الله:
الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى شرف لطلاب العلم النافع، الذين يدعون إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فأقول وبالله عز وجل التوفيق:
• قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].
 
• قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ ﴾ أيها الناس ﴿ قَوْلًا ﴾ ممن قال ربنا الله، ثم استقام على الإيمان به، والانتهاء إلى أمره ونهيه، ودعا عباد الله إلى ما قال وعمل"؛ [تفسير الطبري، ج: 20، ص: 429].
 
• روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا))؛ [مسلم، حديث: 2674].
 
• الهدى: هو كل ما يوصل إلى الأعمال الصالحة.
 
• قوله: ((من دعا إلى هدًى)): قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: "يعني: بيَّنه للناس ودعاهم إليه، مثل أن يبين للناس أن ركعتي الضحى سنة، وأنه ينبغي للإنسان أن يصلي ركعتين في الضحى، ثم تبعه الناس وصاروا يصلون الضحى، فإن له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا؛ لأن فضل الله واسع؛ [شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين، ج: 2، ص: 360].
 
روى الشيخان عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال لعلي بن أبي طالب، يوم خيبر: ((انفذ على رِسْلِكَ حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهديَ الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من أن يكون لك حُمْر النَّعَمِ))؛ [البخاري، حديث: 4210، مسلم، حديث: 2406].
 
• قوله: (انفذ)؛ أي: امضِ.
 
• قوله: (رِسْلك): أي: رفقك ولينك.
 
(حتى تنزل بساحتهم): أي: حتى تبلغ فناءهم من أرضهم.
 
• قوله: (حمر النعم)؛ أي: الإبل العظيمة، وهي أعزها وأنْفَسُها عند العرب؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 9، ص: 3934].
 
العلم النافع:
• قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28].
 
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "إنما يخشى الله حق خشيته العلماء العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم، الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى، كانت المعرفة به أتم، والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 6، ص: 544].
 
• قال الله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].
 
• قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "مدح الله العلماء في هذه الآية".
 
• قال القرطبي رحمه الله: "المعنى: أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا، ولم يؤتوا العلم درجات في دينهم، إذا فعلوا ما أمروا به"؛ [تفسير القرطبي، ج: 17، ص: 299].
 
• روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سلك طريقًا، يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة))؛ [مسلم، حديث: 2699].
 
• روى الشيخان عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من يُرِدِ الله به خيرًا، يفقهه في الدين))؛ [البخاري، حديث 71، مسلم، حديث 1037].
 
• روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات الإنسان، انقطع عنه عمله، إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))؛ [مسلم، حديث: 1631].
 
• قال الإمام النووي رحمه الله: "هذا الحديث فيه بيان فضيلة العلم، والحث على الاستكثار منه، والترغيب في توريثه بالتعليم والتصنيف والإيضاح، وأنه ينبغي أن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع"؛ [صحيح مسلم بشرح النووي، ج: 11، ص: 85].
 
• روى مسلم عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من دلَّ على خير، فله مثل أجر فاعله))؛ [مسلم، حديث: 1893].
 
• قال الإمام النووي رحمه الله: "هذا الحديث فيه فضيلة الدلالة على الخير، والتنبيه عليه، والمساعدة لفاعله، وفيه فضيلة تعليم العلم، ووظائف العبادات، لا سيما لمن يعمل بها من المتعبدين وغيرهم، والمراد بـ(مثل أجر فاعله): أن له ثوابًا بذلك الفعل، كما أن لفاعله ثوابًا"؛ [صحيح مسلم بشرح النووي، ج: 7، ص: 48].
 
• روى الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: ((ذُكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان؛ أحدهما عابد، والآخر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، لَيُصلُّون على معلم الناس الخير))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي، للألباني، حديث: 2161].
 
أسأل الله تعالى بأسمائه الـحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكرام.
 
وآخر دعوانا أن الـحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لـهم بإحسان إلى يوم الدين.

شارك المقال