لياقات علي خان
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
للأستاذ صلاح الدين خورشيد
ألا رحم الله لياقت علي خان!
لقد عاش مجاهداً ومات شهيداً، عاش عيشة الأبرار المتقين، ومات ميتة الأبرار الصالحين. فلقد جاهد لإعلاء كلمة الله ونصرة الحق ورفعة الإسلام وعز المسلمين، وكان لا يدخر في جهاده وسعا ولا يألو جهداً حتى أسلم الروح إلى بارئها يوم غالته أيدي الإثم والعدوان كان رحمة الله مؤمناً تام الإيمان، صالحاً كامل الصلاح، تقياً ورعاً مخلصاً وفياً.
وقد بلغ من سمو فضائله ورفعة أخلاقه أنه لم يعز إليه نقص من تلكم النواقص التي تلازم أكثرية رجال السياسة وأرباب الحكومات، بل وبلغ من حسن سيرته وسلامة سلوكه أنه استجلب الثناء حتى من أشد خصومة لجاجة.
ألا رحم الله لياقت علي خان لقد امتدحه حتى خصومة وأعداؤه، قالت قرينته واساها الله بمصابها وأنعم عليها الصبر والسلوان: (لقد تمثلت في نفس قريني ما يكنه ثمانون مليون نسمة من عقيدة وعزم للنهوض بباكستان وجعلها دولة إسلامية مجيدة ناهضة، وكان حتى أن لفظ آخر أنفاسه يتمسك بهذه العقيدة ويختلج بها قلبه اختلاجاً.
وكانت نفسه رحمة الله تشف عن روح إسلامية حقه ألا وهي الاستسلام التام لمشيئة الله.
وكان ذا إيمان راسخ لا يتزعزع فسلك سبيل الواجب سلوكاً مستقيماً إلى أن أدركه الأجل فمات شهيداً.
ولقد قال مراراً إنه لا يملك من حطام الدنيا شيئاً وأن ليس لديه إلا حياته وأنه يسخر حياته لخدمة الإسلام وباكستان على شفتيه فكان مثالاً يجدر بكل باكستاني أن يقتدي به (وإنني لأفشي لأبناء بلادي الآن سراً إذ أقول انه قال لي قبل شروعه بسفر المشئوم إلى راولبندي (إنه سيلقى أعظم خطاب في حياته.
فسألته عم سيتناوله الخطاب فقال إنه يتناول تكوين سياسة البلاد ولكنه قبل أن يدلي بخطابه ضحى تضحيته الكبرى وإنني بكوني شريكته في الحياة أعلم أن ليس من شئ أحب إليه من رسالة زعيمه القائد الأعظم ألا وهي النهوض بباكستان إلى أعلى ذرى المجد وتمكينها من تبوئ المقام السام بين أمم العالم.
ثم إنه كان يؤمن إيماناً راسخاً بمقدرة أمته للوصول إلى هذا الهدف بما يبذلونه من مساع حثيثة، وما يبدونه من صبر وأناة في مواجهة الخطوب وتقديم مصلحة الأمة على المصالح الشخصية، ولم تكن المصائب لتوهن عزمه الا الأخطار لتفت في عضده ولا المغريات لتصرفه عن نبيل غرضه) هذا ما قالته عنه قرينته وأقرب الناس إليه، وبمثل هذا أبنه زملاؤه العالم أجمع، إذ لم يكن من بين قادة الدول وزعماء الأمم وساسة الشعوب من لم يفجع بمقتل لياقت علي خان ومن لم يعرب عن عميق حزنه وأسفه لهذا المصاب الجلل، إذ لم يكن لياقت علي خان ما جبل عليه من خلال حميدة وسجايا نبيلة مجرد أنسى يحيا ويموت وإنما كان أكثر من ذلك.
كان رمزاً لأمة حية ناهضة ومثلاً لأخلاقها وسلوكها وعواطفها.
لقد تمثلت فيه الأمة الباكستانية فمثلها أصدق تمثيل؛ فمن سجايا الأمة الباكستانية أنها تعتز بدينها الحنيف وتكلف بحضارتها الإسلامية العقيدة، وكذلك كان لياقت علي خان رحمة الله إذ كانت له مواقف مشهودة في الدفاع عن الإسلام والمسلمين لا في ربوع الهند فحسب وإنما في جميع ربوع العالم، فقد نافح عن الإسلام ومبادئه العليا حتى في بلاد الغرب عندما زار أمريكا وكندا قبل نحو عامين.
.
فقد قال فيما قاله في هذا الصدد إنه إذا كان العالم يحسب اليوم الحساب لكتلتين متناحرتين شرقية وغربية فعليه بعد اليوم أن يحسب الحساب لكتلة ثالثة لا تقصد إلى التناحر أو إلى إثارة الحروب، ألا رحم الله لياقت على خان! كان مسلماً حقاً وكان مؤمناً بالغ الإيمان برسالة الإسلام صلاح الدين خورشيد