تحقيق تخريج مسألة (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤدي زكاة رمضان)
مدة
قراءة المادة :
8 دقائق
.
تحقيق تخريج مسألة: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤدي زكاة رمضان)
قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: وسألت أبي عن حديث رواه نصر بن علي، عن عبدالأعلى، عن هشام عن محمد، عن ابن عباس، قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤدي زكاة رمضان[1] صاعاً من طعام، عن الصغير والكبير، والحر والمملوك، من أدى سُلتًا[2] قُبل منه".
وأحسبه قال: "ومن أدى دقيقاً قبل منه، ومن أدى سويقاً قبل منه".
قال أبي: هذا حديث منكر.
رجال الإسناد:
• نصر بن علي بن نصر الجهضمي، بفتح الجيم وسكون الهاء (ت 250 تقريباً).
ثقة ثبت، متفق على توثيقه.
تهذيب الكمال 29/ 355، والسير 12/ 133، التهذيب 10/ 430، (التقريب 7120).
• عبدالأعلى، هو ابن عبدالأعلى البصري السامي، بالمهملة (ت 189).
روى عن هشام بن حسان، وحميد الطويل، وابن أبي عروبة، وابن إسحاق، وغيرهم.
روى عنه نصر بن علي، وابن المديني، وابن أبي شيبة، وغيرهم.
قال ابن معين، وأبو زرعة، والعجلي، ويعقوب بن سفيان، وابن نمير، وابن وضاح: ثقة.
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان متقناً في الحديث، قدرياً، غير داعية إليه.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث.
وقال النسائي: لا بأس به.
وقال أحمد: كان يرى القدر.
وقال ابن سعد: لم يكن بالقوى في الحديث.
وتعقبه ابن حجر في الهدي فقال: وهذا جرح مردود غير مبين، ولعله بسبب القدر، وقد احتج به الأئمة كلهم.
كما تعقبه الذهبي في السير، فقال: بل هو صدوق قوي الحديث، لكنه رمي بالقدر.
وقال بندار: والله ما كان يدري أي رجليه أطول.
وتعقبه الذهبي في السير، فقال: تقرر الحال أن حديثه من قسم الصحيح، نعم ما هو في القوة في رتبة يحيى القطان وغُنْدَر.
قال ابن حجر في التقريب: ثقة.
انظر تهذيب الكمال 16/ 359، السير 9/ 242، الميزان 2/ 531، التهذيب 6/ 96، الهدي (ص 437) ، التقريب (3734).
• هشام، هو ابن حسان الأزدي، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 531.
• محمد، هو ابن سيرين، ثقة ثبت، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 569.
وهو لم يسمع من ابن عباس شيئاً (التهذيب 9/ 215).
• ابن عباس، صحابي جليل، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 525.
تخريج الحديث:
أخرجه ابن خزيمة 4/ 88، رقم2415، عن نصر بن علي، عن عبدالأعلى.
والنسائي 5/ 50، كتاب الزكاة، باب مكيلة زكاة الفطر، رقم 2509 – ومن طريقه ابن حزم في المحلى 6/ 124 -، من طريق مخلد بن الحسين.
والدارقطني في السنن 2/ 144، رقم 25 – ومن طريقه البيهقي في الكبرى 4/ 168، وابن الجوزي في التحقيق 2/ 51، رقم 1005 -، من طريق الثقفي.
وابن زنجويه في الأموال 3/ 1248،رقم 2389، عن النضر بن شميل.
كلهم عن هشام، عن ابن سيرين، عن ابن عباس، نحوه.
وقال البيهقي: وهذا مرسل، محمد بن سيرين لم يسمع من ابن عباس شيئاً.
وأخرجه أبو طاهر المخلص في الرابع من الفوائد المنتقاة (ق 61/ أ) ، من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم، عن قرة (وهو ابن خالد) عن ابن سيرين، عن ابن عباس، قال: قام هاهنا ورفع الحديث – يعني بالبصرة – وذكر صدقة الفطر....
الخ.
وأخرجه ابن خزيمة 4/ 89، رقم 2417، عن محمد بن بشار، عن عبدالوهاب، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن ابن عباس، قال: صدقة رمضان،....
فذكر، نحوه.
ثم قال ابن سيرين: ولا أحسبه إلا قد ذكر الدقيق والسويق.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 173، عن عبدالرحيم، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال تجزئ في صدقة الفطر الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسُلت.
وشك في السويق والدقيق.
وأخرجه ابن زنجويه في الأموال3/ 1249، رقم 2392، عن النضر بن شميل، عن ابن عون، عن ابن سيرين، قال: كنا نتحدث أن صدقة رمضان عن الصغير والكبير....، فذكر نحوه.
النظر في المسألة:
مما تقدم يتضح أن مدار هذا الحديث على ابن سيرين، وقد رواه مرة عن ابن عباس مرفوعاً، ومرة عن ابن عباس موقوفاً، ومرة من قوله هو.
وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن رواية هشام عن ابن سيرين، عن ابن عباس مرفوعاً، فقال أبو حاتم: هذا حديث منكر.
ولعل قوله هذا للانقطاع في إسناده؛ حيث تقدم أن ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس شيئاً ولم أجد من تابعه على هذه الرواية، وأما بقية رجال الإسناد فثقات.
كما تقدم.
وقد نص على هذا الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 197، حيث ذكر قول أبي حاتم، ثم قال: لأن ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس في قول الأكثر.
وأما تصحيح ابن خزيمة، فهو مخالف بقول الأكثر.
والحديث من رواية ابن سيرين إسناده ضعيف، لانقطاعه، وقد تفرد بزيادة ذكر الدقيق والسويق في هذا الحديث.
وقد ورد له طريق أخرى عن ابن عباس، وشاهد آخر، بهذه الزيادة، لكنها لا تثبت.
ولكن قد صح الحديث من عدة طرق أخرى بدون هذه الزيادة.
انظر لذلك سنن البيهقي 4/ 168، 169، التلخيص الحبير 2/ 194 - 197، إرواء الغليل 3/ 336، وما بعدها.
[1] وقع في نسخة فيض الله: "زكاة الفطر رمضان".
[2] السلت: ضرب من الشعير أبيض لا قشر له.
وقيل: هو نوع من الحنطة.
والأول أصح.
(النهاية 2/ 388).