جولة في ربوع أفريقيا
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
رد على مقال
أشكر للأخ الفاضل الدكتور محمد عوض حسن تقديره وجميل عطفه وتشجيعه وآسف جد الأسف لأني لم أوفق لكتابة جولتي بحيث تصادف هوى في نفسه فهو (كما خيل إلي) كان يريدها قصة تنقل عن يومياتي دون أن تغفل حتى أجور السفر وأماكن المبيت ومواقيت الارتحال والإقامة في كل بلد حللته وما إلى ذلك من التفاصيل التي لا شأن لها في نظري ولو فعلت ذلك لأخرجت دليلاً هو إلى كتب السياحة (أمثال بدكر) أقرب ولأغفلت غرضاً أنا شديد التمسك به في جولاتي كلها، وهو أن أثير الناحية العلمية والجغرافية كلما أتاحت لي مناسبات الرحلة ذلك.
ويأخذ الأستاذ علي أني تكلمت عن أماكن لم أطرقها وقصصت عن شعوب لم ألقها وضرب لنا مثلا، بلاد الكنغو وروديسيا وشعوب الشلوك. وأنا لم أكتب عن تلك البلاد إلا بمناسبة ما شاهدته من غلاتها التي كانت توسق في ميناء بيرا البرتغالية طيلة إقامتي بها وهي المنفذ الرئيسي لمنتجات بلاد روديسيا والكنغو.
أما عن شعوب الشلوك فأني لاقيتهم مراراً وحققت بعض ما أعلمه عن سيرتهم وبخاصة في الملاكل من أعالي النيل الأبيض. ويرى الأستاذ أن بعض النقص الذي نسبه إلى الكتاب راجع إلى إغفالي كتابة مذكرات يومية.
مع أن هذا ما أفعله دائماً ولم أتهاون فيه ليلة واحدة في جميع جولاتي الإفريقية والآسيوية والأوربية غير أني لا أنشر من تلك المشاهدات إلا ما أراه ضرورياً وما تسمح به ظروف النشر. ولو أراد الدكتور بصفة خاصة أن يطلع على يومياتي لوجدها طوع أمره.
أما عن الهفوات التي أشار الأستاذ اليها فها أنا أبين ما عن لي فيها: يقول الدكتور إن كلمة شيبا الإنجليزية هي سبأ العربية.
وأظن إن هذا عين ما قلته فذكرته كلمة (شيبا) بين قوسين بعد ذكر كلمة سبأ العربية. وهو ينبهني إلى أن نهر النيل (لم يصبح أعظم أنهار الدنيا وهناك ما هو أطول منه وأوفر ماء) وأنا لم أتعرض لطول النهر ومائه.
ولا أزال على رأيي في أن النيل أعظم أنهار الدنيا على الأقل من وجهة نظري كمصري وحق لنا جميعاً تمجيده والإشادة بذكره وعظمته.
ومتى كانت عظمة الأنهار يا صديقي مقصورة على أطوالها ومقادير مائها؟ ويقول الأستاذ إن غابات أثوري في غرب جبال رونزوري فلا أستطيع أن أراها من فورت بورتال وأنا لم أقل في كتابي إني رأيتها.
هذا فضلا عن إن أهل البلاد كانوا يشيرون اليها من فورت بورتال، وهم يطلقون عليها هذا الاسم على رغم ما أعلمه أنا وأنت من أن أكثفها حقاً ما كان على الجانب الغربي. كذلكلم أقل قط يا سيدي الدكتور بأن للغوريلا ذنباً وذلك أمر يعرفه حتى صغار الطلبة، ولكني ذكرتها في مقام التشبيه إذ قلت إن الواحد من الزنوج يبدو كأنه الغوريلا أو القرد الكبير.
فالذؤابة التي تتدلى من أعجاز القوم تشبه ذنب القرد ومظهرهم العام يحاكي الغوريلا. أما قطن الجزيرة فغلة شتوية وقد كنت هناك في أواخر سبتمبر ولم يكن القوم قد بدءوا زراعته بعد.
وهو يجنى في أوائل الربيع كما قلت غير أن تحديد الشهور بالضبط أمر غير ميسور، فنحن هنا في مصر مثلاً لا نبدأ زراعة القطن في شهر واحد في كل البلاد ولا في كل السنين فقد يتراوح البدء بين شهر وشهرين. وقبل أن أختتم كلمتي أكرر للأخ الفاضل عظيم شكري وكبير إجلالي واحترامي. محمد ثابت حول قصة مصرية قرأت في العدد السابع من مجلة الرسالة الغراء قصة مصرية بعنوان (حكمت المحكمة) لكاتبها (السيد أبو النجا). وهذه القصة مصرية حقاً لأنها تصف ناحية من الحياة الاجتماعية المصرية في الريف.
ولكنها من الوجهة الفنية قد شابها عيب جوهري أفقدها روعتها وأضعف عنصر الحياة فيها فالقصة كما كتبها صاحبها لم تحرج عن إنها قشور للقصة الحقيقية التي كان يجب أن تظهر على سواها وتكشف عن العوامل التي أدت إلى هذه المأساة. أما خطة القصة الحقيقية التي كان يجب أن تكون فتتلخص في ما يأتي: - 1 - كيف اتصل إبراهيم أفندي بابنة الأعرابي؟ 2 - كيف كانت العلاقة بينهما؟ 3 - كيف ظهرت هذه العلاقة وعرفها والد الفتاة.
هذه هي العناصر التي كان يجب أن تظهر في القصة.
ومع شيءمن التحليل يبين أثر العواطف والمشاعر، ويكشف عن المحاولات التي بذلها إبراهيم أفندي في الوصول إلى غايته. وقد كان من الطبيعي وقد خلت القصة من هذا العنصر الأساسي أن يلجأ واضعها إلى (الحوادث) فيسردها سرداً كأنها خبر من أخبار الصحف اليومية.