استعير للعَقد السياسي لفظ (البيعة) كما استعير للعقود التجارية لفظ (البيع)، لأنها كلها عقود يمد فيها أحدُ المتعاقدين باعه للآخر، كما قال الله تعالى (إن الذين يبايعونك)
استعمل الفقهاء لمَن يعقد البيعة ويحِلها مصطلحًا مسبوكًا من لفظ العقود نفسها، فسموهم (أهل الحل والعَقد) أي الذين يحِلون ويعقدون العقد
إزاء الاختلاف الواسع في تفسير وتطبيق مبدأ فصل السلطات، فالراجح قطعًا هو أنها موكولة لاختيار الأمة، لأنها مسألة إجرائية، والولاية عقد سياسي شرعي، خاضع للشروط الجعلية التي يشترطها المبايعون
مجال الشورى هو أولا وقبل كل شيء (انتخاب رئيس الدولة المسلمة) ثم يعين في عقد البيعة، أو تفوض الأمة ممثليها لرسم صلاحيات الرئيس المفوضة، وصلاحيات الرئيس المقيدة بشورى الأمة أو ممثليها، كالقرارات المصيرية في الحرب والصلح وإدارة الاقتصاد ونحوها
ينبغي تقرير هذه المسائل بحنكة الفقيه الذي يراعي الواقع، ويراعي تنزيل النصوص على الصورة الصحيحة، وألا يكون الفقيه مغفلا وأداة بيد التغريبيين
بعض الناس يتحسس من لفظ "الأغلبية" وهذا غير دقيق، بل المُعتَبر في الشورى والانتخاب هو الأغلبية
هذا التكييف للإمامة والولاية والبيعة بأنها "عَقد" هو تكييف عظيم له آثار جوهرية بليغة، فمعنى كونه عقدا أنه يجري فيه ما يجري في العقود الشرعية
بعض الناس يردد (فصل السلطات) وهو يجهل أصلاً الجدل الواسع في تفسير وتطبيق هذا المبدأ، فلا نثبت ولا ننفي فصل السلطات بالإطلاق، ولا نعيّن صيغة معينة؛ وإنما نكِل الأمر للأمة في الدائرة الاجتهادية البشرية، ونستثني فقط ما وردت النصوص باستثنائه
نصوص الشورى التي تأملتها وتمعنت فيها، كآيات الشورى، وأحاديث مشاورة النبي ﷺ أصحابه، وخطبة عمر في الشورى، وتصرف عبد الرحمن بن عوف في إجراء الشورى والانتخاب، وعبارات أئمة أهل السنة، وظهر لي اتفاقها جميعا على أن الأصل والأكمل في الشورى أن تكون عامة في المسلمين، وليست خاصة بطائفة معينة
نقل ابن حزم الإجماع على منع (التوريث السياسي)، حيث يقول (فلا يجوز التوارث في الإمامة، ولا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أنه لا يجوز التوارث فيها)