قد كان محمد- عليه الصلاة والسلام- عامر القلب بربه، عميق الحس بعظمته، وكان ذلك أساس علاقته بالعباد ورب العباد
هناك من يعرف الله على قدر ما من الحق، بيد أنه يعطي نفسه حق التصرف بغير هداه، وحق الانطلاق في الأرض وفق هواه!
في ميدان العلم والدراسة ناس منسوبون لله لأنهم مرتبطون بحقائق الوحي لا يحيدون عنها يساق فيهم قوله تعالى: (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)
كنت بقلبي مع موسى في مدين، وهو يحس لذع الوحشة والحاجة ويقول: (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)
وكنت مع عيسى وهو يواجه مُساءلة دقيقة ويدفع عن نفسه دعوى الألوهية: (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد)
الله عز وجل يطلب من خلقه أن ينقادوا له، وأن تقوم علاقتهم به على مبدأ السمع والطاعة: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)
غير أني انبهرت وتاهت مني نفسي، وأنا بين يدي النبي الخاتم محمد بن عبد الله، وهو يدعو ويدعو
لقد شعرت بأني أمام فن في الدعاء ذاهب في الطول والعرض لم يؤثر مثله عن المصطفين الأخيار، على امتداد الأدهار
إن محمد صلى الله عليه وسلم خير من حقق في نفسه، وفي الذين حوله حياة الإنسان الكامل: الإنسان الرباني المستخلف في ملكوت الله، لينقل إليه أطرافا من حقيقة هذه الخلافة الكبيرة
ما أزعم العصمة لمن بلغ درجة العبودية، فإن الخطأ طبيعة الناس ولكن عباد الله الصالحين إذا أخطأوا مسحوا أخطاءهم بعبرات الندم حتى لا يبقوا لها أثرا
ما معنى أن يقول محمد لربه: "أشهد أن محمدا عبدك ورسولك "؟ ذلك ضرب من الإصرار على تحمل الأمانة وإبلاغ الرسالة للناس كافة مهما كذبوا بها، وتنكروا لصاحبها
إن من عرف الناس بربهم، وذكرهم بحقوقه، وفند الإشاعات الباطلة فى ميدان العقائد، وبين أنه لا إله إلا الله؟ إنه محمد عليه الصلاة والسلام، لكن كيف نجح في اقتياد الأجيال إلى الصراط المستقيم؟