كان بين جعفر بن علي، صاحب مدينة مسيلة وأعمال الزاب، وزيري الصنهاجي محاسدة، فلما كثر تقدم زيري عند المعز ساء ذلك جعفرا، ففارق بلاده ولحق بزناتة فقبلوه قبولا عظيما، وملكوه عليهم عداوة لزيري، وعصي جعفر على المعز الفاطمي، فسار زيري إليه في جمع كثير من صنهاجة وغيرهم، فالتقوا في شهر رمضان، واشتد القتال بينهم، فكبا بزيري فرسه، فوقع فقتل.


أخذت القرامطة دمشق وقتلوا نائبها جعفر بن فلاح الفاطمي، وكان رئيس القرامطة وأميرهم الحسين بن أحمد بن بهرام وقد أمده عز الدولة البويهي من بغداد بسلاح وعدد كثيرة، ثم ساروا إلى الرملة فأخذوها وتحصن بها من كان بها من المغاربة نوابا، ثم إن القرامطة تركوا عليهم من يحاصرها ثم ساروا نحو القاهرة في جمع كثير من الأعراب والإخشيدية والكافورية، فوصلوا عين شمس فاقتتلوا هم وجنود القائد جوهر الصقلي قتالا شديدا، وكان الظفر للقرامطة وحصروا المغاربة حصرا عظيما، ثم حملت المغاربة في بعض الأيام على ميمنة القرامطة فهزمتها ورجعت القرامطة إلى الشام فجدوا في حصار باقي المغاربة، فأرسل جوهر إلى أصحابه خمسة عشر مركبا ميرة، فأخذتها القرامطة سوى مركبين أخذتهما الإفرنج، وجرت بينهم خطوب كثيرة، قتل فيها جعفر الفاطمي، وملك القرامطة دمشق، وولوا عليها ظالم بن موهوب العقيلي، لكنه لم يلبث مدة يسيرة حتى تركها ولم يلبث فيها.


هو الإمام الحافظ الثقة الرحال الجوال, محدث الإسلام, علم المعمرين, أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني، نسبة إلى طبرية، مولده بمدينة عكا في شهر صفر سنة 260, وكانت أمه عكاوية.

أحد الحفاظ المكثرين الذين رحلوا في البلاد كثيرا شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، كان عالما بالحديث والعلل والرجال، وأول سماع له في الحديث كان سنة 273، وارتحل به أبوه, وحرص عليه, فإنه كان صاحب حديث من أصحاب محدث الشام دحيم الدمشقي, وكان أول ارتحال له في سنة 275, وبقي في الارتحال, ولقي الرجال ستة عشر عاما، وكتب عمن أقبل وأدبر, وبرع في هذا الشأن, له مصنفات عديدة أشهرها المعاجم الثلاثة: المعجم الكبير، والأوسط، والصغير، وله كذلك مكارم الأخلاق، وحديث الشاميين، والدعاء، وغيرها, وازدحم عليه المحدثون, ورحلوا إليه من الأقطار.

توفي في أصبهان عن عمر يناهز المائة.


أغار ملك الروم على الرها ونواحيها، وسار في ديار الجزيرة حتى بلغوا نصيبين، فغنموا، وسبوا، وأحرقوا وخربوا البلاد، وفعلوا مثل ذلك بديار بكر، ولم يكن من أبي تغلب بن حمدان في ذلك حركة، ولا سعي في دفعه، لكنه حمل إليه مالا كفه به عن نفسه، فسار جماعة من أهل تلك البلاد إلى بغداد مستنفرين، وقاموا في الجوامع والمشاهد، واستنفروا المسلمين، وذكروا ما فعله الروم من النهب والقتل، والأسر والسبي، فاستعظمه الناس، وخوفهم أهل الجزيرة من انفتاح الطريق وطمع الروم، وأنهم لا مانع لهم عندهم، فاجتمع معهم أهل بغداد، وقصدوا دار الخليفة المطيع لله، وأرادوا الهجوم عليه، فمنعوا من ذلك، وأغلقت الأبواب، وكان بختيار عز الدولة بن معز البويهي حينئذ يتصيد بنواحي الكوفة، فخرج إليه وجوه أهل بغداد مستغيثين، منكرين عليه اشتغاله بالصيد، وقتال عمران بن شاهين وهو مسلم, وترك جهاد الروم، ومنعهم عن بلاد الإسلام حتى توغلوها، فوعدهم التجهز للغزاة، وأرسل إلى الحاجب سبكتكين يأمره بالتجهز للغزو وأن يستنفر العامة، ففعل سبكتكين ذلك، فاجتمع من العامة عدد كثير لا يحصون كثرة، وكتب بختيار إلى أبي تغلب بن حمدان، صاحب الموصل، يأمره بإعداد الميرة والعلوفات، ويعرفه عزمه على الغزاة، فأجابه بإظهار الفرح، وإعداد ما طلب منه.

ولما تجهزت العامة للغزاة، وقعت بينهم فتنة شديدة بين الروافض وأهل السنة، ولم تتم الغزوة.


لما كان من أمر دخول الروم وبلوغ الخبر إلى بغداد، وتجهزت العامة للغزاة، وقعت بينهم فتنة شديدة بين الروافض وأهل السنة، وأحرق أهل السنة دور الروافض في الكرخ، وقالوا: الشر كله منكم، وثار العيارون ببغداد يأخذون أموال الناس، وتناقض النقيب أبو أحمد الموسوي والوزير أبو الفضل الشيرازي، وأرسل بختيار عز الدولة بن معز الدولة إلى الخليفة المطيع لله يطلب منه أموالا يستعين بها على هذه الغزوة، فبعث إليه الخليفة يقول: لو كان الخراج يجيء إلي لدفعت منه ما يحتاج المسلمون إليه، ولكن أنت تصرف منه في وجوه ليس بالمسلمين إليها ضرورة، وأما أنا فليس عندي شيء أرسله إليك, فترددت الرسل بينهم وأغلظ بختيار للخليفة في الكلام وتهدده، فاحتاج الخليفة أن يحصل له شيئا فباع بعض ثياب بدنه وشيئا من أثاث بيته، ونقض بعض سقوف داره وحصل له أربعمائة ألف درهم فصرفها بختيار في مصالح نفسه، وأبطل تلك الغزاة، فنقم الناس للخليفة وساءهم ما فعل به ابن بويه الرافضي من أخذه مال الخليفة وترك الجهاد.


جامع الأزهر هو من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي.

وهو أول جامع أسس بالقاهرة، أنشأه القائد جوهر الكاتب الصقلي مولى المعز لدين الله، لما اختط القاهرة، وابتدأ بناءه في يوم السبت لست بقين من جمادى الأولى سنة 359، وكمل بناؤه لسبع خلون من رمضان سنة 361.