أرشيف المقالات

تفسير آية: ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2تفسير آية: ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ﴾   قال تعالى: ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 143، 144].   الغرَض مِن هاتين الآيتين: تقريعُ المشركين الذي حرموا البحائر والسوائب والوصائل والحوامي، وإفحامهم، وبيان أنه لا سندَ لهم في التحريم إلا الافتراء على الله.   والمناسبة بين هذا وسابقه: أنه لما ذكر أنه خَلَق مِن الأنعام حَمولة وفرشًا، فصَّل هنا الحمولة والفرش، ونفى أن يكونَ للمشركين علمٌ أو مشاهدة بتحريم شيءٍ منها.   وقوله: ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾ هو بدل مِن ﴿ حَمُولَةً وَفَرْشًا ﴾ [الأنعام: 142]، و(الزوجُ) ما معه آخر من جنسه يحصل منهما التناسُل؛ فيُطلق لفظُ الزوج على المفرد إذا كان معه آخر مِن جنسه لا ينفك عنه ويحصل منهما النسل، وكذا يُطلق على الاثنين، والمراد هنا: الإطلاق الأول، فمعنى ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾: ثمانية أفراد.   وقوله: ﴿ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ...
﴾ إلى آخر الآيات، بدل تفصيلي من ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾، و(الضأن) الغنم، والمراد بقوله: ﴿ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ ﴾، الكبش والنعجة، والمراد بقوله: ﴿ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ﴾ التيس والعنز.   وقد قدم هذه الأربعة في التفصيل مع تأخُّر أصلها وهو الفرش في الإجمال، لكونها عرضةً للأكل الذي هو معظم ما يتعلق به الحل والحرمة، وهو السر في الاقتصار على الأمر بالأكل من غير تعرض للمنافع الأخرى؛ كالحمل والركوب التي حرموها في السائبة وأخواتها، والضأن اسم جمع، وكذا المعز.   و(الهمزة) في قوله: ﴿ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ للإنكار، والمقصودُ إنكار التحريم، لكنه أورَدَهُ في صورة إنكار المفعول ليطابق ما كانوا يدعونه من التفصيل في المفعول، فإذا أنكر المفعول كان إنكارًا للفعل بطريق برهاني، والمرادُ بالذَّكَرينِ الكبش والتيس، والمرادُ بالأنثيين النعجة والعنز.
وانتصاب الذكرين بـ﴿ حَرَّمَ ﴾، وقد عطف عليه ﴿ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾.   وقوله: ﴿ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾: ﴿ أَمَّا ﴾ عبارة عن أمْ العاطفة وما الموصولة، و﴿ اشْتَمَلَتْ ﴾ احتَوَتْ، و﴿ أَرْحَامُ ﴾ جمع رحم، وهو محلُّ الجنين، فالمعنى الذي اشتملتْ عليه الأرحام هو الأجِنَّة.   وقوله: ﴿ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾؛ أي أخبروني بأمر تَسْتَيْقِنُونه عن سبب التحريم، والأمرُ للتعجيز؛ أي: قلْ يا محمد لمن حرَّم بعض الذكور تارةً وبعض الإناث تارة أخرى: مِن أين جاء التحريم؟ فإن كان مِن جهة الذكورة، فجميع الذكور إذًا حرام، وإن كان لعِلَّة الأنوثة، فجميعُ الإناث إذًا حرامٌ، وإن كان مِن قبل اشتمال الرحم، فجميعُ الذكور والإناث إذًا حرام، فمن أين جاء التخصيص؟!   وقوله: ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا ﴾؛ أم منقطعة بمعنى بل، وهمزة الإنكار والإضراب فيه انتقالي من توبيخهم بنفي العلم عنهم إلى توبيخهم بنفي حضورهم وقت إيصائهم بالتحريم.   ومعنى: ﴿ شُهَدَاءَ ﴾؛ أي حاضرين، والإشارة للتحريم، وهذا الكلام على سبيل التسكيت وإلزام الحجة، والفاء في قوله: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ...
﴾ إلى آخر الآية فصيحة، و(من) استفهام إنكاري؛ أي: لا أحد أظلم.   ولم يقلْ: (فمَن أظلم منكم)، وقال: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾؛ ليثبتَ لهم هذه الأوصاف القبيحة، وهي أنهم ظالمون مفترون كاذبون، ضالون مُضلون جاهلون، وأيضًا ليعمهم ومَن على شاكلتهم.   وقوله: ﴿ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾؛ أي: حرم ما لم يُحرمه الله، ونسب ذلك التحريم إلى الله افتراء عليه. وقوله: ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾: متعلق بمحذوف حال مِن فاعل افترى، ويجوز أن يكونَ حالًا مِن فاعل (يضل). وقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ استئناف للتعليل، والمراد بعدم هدايتهم عدم توفيقهم.   الأحكام: 1- إباحة ما حرمه أهل الجاهلية من البحائر والسوائب ونحوهما. 2- لا يجوز لأحد أن يُحلل أو يُحرم مِن عند نفسه. 3- مَن حلَّل أو حرَّم مِن عند نفسه، فقد افترى على الله الكذب. 4- فيه الرد على القدريَّة.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١