خطب ومحاضرات
تربية الزوجة
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله: يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] ما هو وقود النار وبأي شيء تسعر؟
ما هو حطبها وبأي شيء توقد؟
إنها توقد بالناس والحجارة، إن الناس الذين يشتعلون هم وقود جهنم وحطبها.
وقد أمرنا الله تعالى في هذه الآية برعاية الأهل والقيام عليهم، وأن القيام عليهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر هو وقاية لهم من عذاب الله، وأهلك -يا عبد الله- مسئولية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) فأهل بيتك إذاً مسئولية ستسأل عنها يوم القيامة وتحاسب، وأهل بيتك هم أمانة في عنقك، أمانة من الأمانات التي حملنا الله إياها وناءت عن حملها السماوات والأرض والجبال وأبين أن يحملنها وأشفقن من حملها، لكننا حملناها نحن، ويجب علينا أن نقوم بأداء الأمانة.
وفي هذه الخطبة نتحدث عن موضوع مهم يتعلق بهذا، وهو تربية الزوجة؛ نظراً للتفريط فيه، وكثرة الإهمال، حتى شاعت الفواحش في الزوجات، وانتشرت المنكرات في حياتهن، بسبب تفريط الرجال، وعم الجهل أوساط كثير من الزوجات؛ لتقصير الأزواج في تعليمهن، وسيسألون عنهن يوم القيامة.
ما هو هديه صلى الله عليه وسلم في تربية زوجته؟ وماذا كان يفعل مع زوجاته؟ وكيف كان يقوم بأمر تعليمهن وتأديبهن وأمرهن بالمعروف ونهيهن عن المنكر بل حتى ملاطفتهن صلى الله عليه وسلم؟
تعليمه صلى الله عليه وسلم لنسائه أمور العقيدة
إذاً: الحساب اليسير ليس هو الحساب الذي إذا نوقشه العبد فإنه يعذب، ولكن من نوقش الحساب ومن حوسب عذب، وإنما يتجاوز الله عن المقربين وأهل اليمين فينجيهم بفضل منه وكرم، وحسابهم يسير لا يسمى حساباً، أي الذي يؤدي إلى العذاب.
تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لزوجته الأذكار والاستعاذة من الشرور
تربيته صلى الله عليه وسلم لنسائه على الخوف من الله
تربيته صلى الله عليه وسلم لزوجته على عدم جواز القول على الله بغير علم
تربيته صلى الله عليه وسلم لنسائه على حفظ اللسان
وروى النسائي -رحمه الله تعالى- بإسناد صحيح في كتاب عشرة النساء ، عن أنس قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: ابنة يهودي -صفية بنت حيي بن أخطب بنت زعيم اليهود قتل زوجها، قتله المسلمون في المعارك التي دارت والحصارات بين المسلمين واليهود، فتزوج النبي صلى الله عليه وسلم صفية تأليفاً لها ولقومها، ورعاية لها لما صارت عنده مسلمة من أمهات المؤمنين، فهي أمنا وإن كانت من أصل اليهود؛ لأنها أسلمت والمسلمون إخوة والمؤمنون إخوة، لا يضر ما يكون من أصلهم، قالت حفصة عن صفية : بنت يهودي. فبكت صفية لما سمعت ذلك تأثراً، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟ قالت: قالت لي حفصة : ابنة يهودي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنك لابنة نبي، وإن عمك نبي، وإنك لتحت نبي) إنك من سلالة موسى وهارون، فجدك موسى نبي، وأخوه هارون عمك نبي، وإنك لتحت نبي، فهذا شرف فبم تسخر عليك؟ ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقي الله يا
إنكاره صلى الله عليه وسلم لما يراه من المنكرات عند نسائه
أيها المسلمون: قارنوا -بالله عليكم- بين هذه التصرفات النبوية، وبين ما يفعله الناس اليوم، عندما يذهبون بزوجاتهم إلى السوق فيتركون الزوجات في السوق ويعطونهن الأموال، بناءً على طلبهن أو غير ذلك، ثم تشتري المرأة ما تشتري من غير رقيب ولا حسيب، من الأمور التي فيها منكرات ومحرمات أو غير ذلك، من هذه الألبسة التي فيها تصاوير، أو صلبان، أو الآنية المطلية بالذهب والفضة، أو التماثيل التي توضع في البيوت من ذوات الأرواح للزينة، أو غير ذلك من الأمور المحرمة، التي قد تزين بها المرأة بيتها، والزوج ساكت، بل إنه لا ينتبه فضلاً عن أن يدقق، وليس هناك متابعة ولا محاسبة.
والآن القضية ليست قضية تصاوير منقوشة أو مرسومة فقط، المسألة تعدت إلى أمور محرمة تدخل البيوت، أمور فيها إهدار للعرض الذي صانه الله، والشرف والكرامة التي جاءت بهما الشريعة.. أمور فيها إفساد للأولاد والبيت عموماً.. أشياء من اللهو المحرم الذي يبعث عليه الشيطان الرجيم، كل ذلك يدخل بيتك -يا عبد الله- عن طريق الزوجة أو غيرها، وأنت لا تحرك ساكناً، ولا تمنع منكراً، فما هذه العيشة؟! أي حياة هذه؟! وعلى أي شيء تقوم؟ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ [التوبة:109].
تربيته صلى الله عليه وسلم لنسائه على العبادة
مراعاته صلى الله عليه وسلم فلتات اللسان حتى على الأعداء
حتى في الأعداء لا يكون الإنسان فاحشاً ولا متفحشاً إلا فيما دعت إليه المصلحة الشرعية الواضحة، كما حصل في بعض المواقف، أما أن يطلق الإنسان لسانه بكل شيء حتى في العدو، فهذا أمر ينبغي أن ينتبه له حتى لا يتعود اللسان على هذا.
تقول عائشة : (استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده، فقال: بئس أخو العشيرة -أي: هذا الرجل فيه شر، فذمه النبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يرى وجهه ويدخله عليه- تقول: ثم أذن له فألان له القول، فلما خرج قلت: يا رسول الله! قلت له ما قلت ثم ألنت له؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا
اللهم اجعلنا من القائمين بحقوق أهليهم، واجعلنا ممن ينقذون أهليهم من نار وقودها الناس والحجارة، اللهم كف عنا نار جهنم، وباعد بيننا وبينها كما باعدت بين المشرق والمغرب.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
لقد كان عليه الصلاة والسلام يعلم زوجاته أمور العقيدة، ويخبرهن بتوحيد الله وعظمته سبحانه وتعالى.. كان شرح الأسماء والصفات يأتي في خلال الأحاديث التي يعظ بها النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته، وكان عليه الصلاة والسلام يقول فيما يقول لـعائشة : (من حوسب يوم القيامة عذب، قالت
إذاً: الحساب اليسير ليس هو الحساب الذي إذا نوقشه العبد فإنه يعذب، ولكن من نوقش الحساب ومن حوسب عذب، وإنما يتجاوز الله عن المقربين وأهل اليمين فينجيهم بفضل منه وكرم، وحسابهم يسير لا يسمى حساباً، أي الذي يؤدي إلى العذاب.
والنبي صلى الله عليه وسلم كذلك يعلم زوجته أذكار الصباح والمساء، وكيف تستعيذ بالله من الشرور، لما رأى القمر قد طلع قال: (يا
وكان صلى الله عليه وسلم إذا ظهر سحاب في السماء أو ظهرت ريح أقبل وأدبر ودخل وخرج منزعجاً مما يرى، فكانت عائشة تقول: (الناس يستبشرون إذا رأوا السحاب، وأنت أراك تفعل ما تفعل!!) فبماذا أجابها النبي صلى الله عليه وسلم؟ لقد انتهز هذا السؤال ليخوفها بالله، ويبين لها كيف يكون المؤمن في عدم أمنه من مكر الله قال: (يا
استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
تربية الطفل في الإسلام | 2553 استماع |
تربية البنات مهمة صعبة | 2284 استماع |
تربية النفس على الجدية | 2238 استماع |
تربية النفس على التعاون على الخير | 1605 استماع |
تربية النفس على العبادة | 1518 استماع |