شرح سنن أبي داود [378]


الحلقة مفرغة

شرح حديث ( إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يكفر قبل أن يحنث.

حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد حدثنا غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير. أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت يميني)].

قوله: [باب في الرجل يكفر قبل أن يحنث], أي: عندما يحلف على يمين, ويرى أن الخير في ترك اليمين والتكفير, فهل يكفر قبل أن يحصل الحنث الذي هو فعل الشيء الذي حلف ألا يفعله, أم أنه لا يكفر إلا بعد الحنث؟

والجواب: أنه يجوز للإنسان أن يكفر قبل الحنث وبعده, فإذا كانت المصلحة في غير ما حلف عليه, فإنه يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير, أو يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه, فكل ذلك سائغ.

ومن أهل العلم من قال: إنه لا يكفر قبل الحنث؛ لأنه لا تجب الكفارة إلا بالحنث, فإذا وجد الحنث لزمت الكفارة, وقبل الحنث فالكفارة غير لازمة, لكن جاء في بعض الأحاديث تقديم الكفارة وفي بعضها تقديم الحنث, وذلك يدل على جواز التقديم والتأخير بين الحنث والكفارة, فالحانث له أن يكفر قبل أن يحنث, وله أن يحنث قبل أن يكفر.

وقد أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير).

وهذا فيه الإتيان بالكفارة أولاً، والحنث ثانياً.

وقوله: (أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)، هذا شك من الراوي، لكن جاء في بعض الأحاديث ما يدل على تقديم الحنث على الكفارة, وجاء في بعضها ما يدل على تقديم الكفارة ثم الحنث, وذلك في العطف بثم، وهذا يدل على أن الكفارة يجوز أن تقدم على الحنث وأنه ليس الأمر كما قال بعض أهل العلم: إنه لا تقدم الكفارة على الحنث؛ لأنها لا تجب, فكون الإنسان يقدم الكفارة ثم يحنث لا بأس بذلك.

تراجم رجال إسناد حديث ( إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني ... )

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ].

سليمان بن حرب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو ابن زيد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة, وهنا جاء حماد غير منسوب, وإذا جاء سليمان يروي عن حماد فهو حماد بن زيد , وقد مر قريباً أن موسى بن إسماعيل إذا روى عن حماد, فهو حماد بن سلمة .

إذاً: يعرف المهمل برواية التلاميذ عن ذلك المهمل؛ لأن الشخص إذا ذكر باسمه ولم يذكر نسبه يقال له في علم المصطلح: مهمل, أي: أهمل عن النسبة فلم ينسب, فصار محتملاً لشخصين أو أكثر مثل: حماد، فهذا يقال له: المهمل.

ومعرفة المهمل تكون بمعرفة التلاميذ، فإذا جاء سليمان بن حرب يروي عن حماد فهو ابن زيد, وإذا جاء موسى بن إسماعيل يروي عن حماد فهو ابن سلمة .

[ حدثنا غيلان بن جرير ].

غيلان بن جرير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي بردة ].

هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, واسمه عبد الله بن قيس الأشعري، وهو مشهور بكنيته, وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

مفهوم ذكر الرجل في الأحكام دون المرأة

ذكر الرجل في الترجمة في قول المصنف: (باب الرجل يكفر قبل أن يحنث) هذا على اعتبار الغالب، فإن الغالب أن الخطاب يكون للرجال, وليس المقصود من ذلك أن هذا حكم يختص به الرجل, بل المرأة كذلك تكفر قبل أن تحنث إذا رأت ترك اليمين خيراً.

فذكر الرجال سواء كان في كلام العلماء في التراجم كما هو هنا, أو في غير ذلك في الأمور التي ليس فيها دليل على اختصاص الرجل بها عن النساء فالحكم للرجال والنساء جميعاً, وكذلك يأتي في الأحاديث ذكر أحكام مضافة إلى الرجال وليس المقصود اختصاص الرجال بتلك الأحكام, بل النساء كذلك.

والأصل: هو أنه لا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام إلا إذا وجد تمييز بين الرجال والنساء في الأحكام بأن قيل: هذا الحكم للرجال, وهذا الحكم للنساء، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء) أي: في الصلاة, ومثل قوله: (يغسل من بول الجارية وينضح من بول الغلام) وغير ذلك, هذا إذا جاء شيء يميز الرجال على النساء, أو النساء على الرجال, فالمعتبر الأدلة, والأصل هو عدم التفريق حتى يوجد دليل, ولهذا يأتي ذكر الرجل في الأحاديث وليست خاصة به، كقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تتقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) فكلمة (رجل) هذه لا مفهوم لها، فلا تخرج منها المرأة, بل المرأة مثل الرجل في ذلك، فإذا كانت معتادة أن تصوم يوم الإثنين ووافق يوم الثلاثين من شعبان فلها أن تصوم, فليس الحكم خاصاً بالرجال دون النساء.

وكذلك مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به)، وكذلك لو وجد متاعه عند امرأة قد أفلست فهو أحق به من الغرماء.

والحاصل: أن ذكر الرجال في كلام العلماء وكذلك في بعض الأحاديث إنما هو لأن الخطاب في الغالب مع للرجال, لا لأن هذا حكم يخص الرجال دون النساء.

وأما ما ذكره الخطابي عن الشافعي أنه قال: وإن كفر بالصوم قبل الحنث لم يجزه, وإن كفر بالطعام أجزأه, واحتج أصحابه في ذلك بأن الصيام مرتب على الإطعام فلا يجوز إلا مع عدم الأصل، كالتيمم لما كان مرتباً على الماء لم يجز إلا مع عدم الماء.

فهذا إذا كان الإنسان لا يقدر على الإطعام، ولا يقدر على العتق, ولا يقدر على الكسوة، فله أن يتحول إلى الصيام، فلا فرق بين هذا وهذا, فلا يجوز للإنسان أن يكفر بالصيام إذا كان يستطيع التكفير بغيره.

شرح حديث ( يا عبد الرحمن بن سمرة! إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا هشيم أخبرنا يونس ومنصور -يعني ابن زاذان - عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الرحمن بن سمرة ! إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر يمينك)].

أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: (إذا حلفت على يمين ورأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر يمينك)، فذكر الحنث قبل الكفارة, وقد تقدم أن كل ذلك جائز, فكون الكفارة قبل الحنث أو بعده كل ذلك صحيح.

تراجم رجال إسناد حديث ( يا عبد الرحمن بن سمرة! إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير ... )

قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز ].

محمد بن الصباح البزاز ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا هشيم ].

هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا يونس ].

هو يونس بن عبيد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومنصور يعني ابن زاذان ].

منصور بن زاذان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

ومنصور بن زاذان هذا ذكر في ترجمته عن بعض أهل العلم أنه قال: لو أن منصور بن زاذان قيل له: إن ملك الموت بالباب ما أمكنه أن يزيد شيئاً في عمله؛ لأنه ملازم التقوى والعمل الصالح, ومداوم على ذلك, أي: أنه لا يستطيع أن يأتي بشيء جديد, فلا يهتم ويستعد، وإنما تكون حالته بعد أن قيل له هذه المقالة مماثلة لحالته قبلها, ولا يكون بإمكانه أن يأتي بزيادة عمل؛ لأنه ملازم للتقوى, وهذا يدل على صلاحه وتقواه, وقد مر قريباً كلمة تدل على صلاح رجل مماثل له وهو إبراهيم بن ميمون الصائغ, فقد كان صائغاً، وكان إذا رفع المطرقة ثم سمع النداء للصلاة طرحها وترك الضرب على الشيء الذي يصوغه ويشتغل فيه, ثم يقوم إلى الصلاة.

[عن الحسن ].

هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن عبد الرحمن بن سمرة ].

عبد الرحمن بن سمرة رضي الله تعالى عنه صحابي, وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

ترخيص الإمام أحمد للكفارة قبل الحنث

[قال أبو داود : سمعت أحمد يرخص فيها: الكفارة قبل الحنث].

ذكر أبو داود هذا عن أحمد ؛ لأنه جاء عن بعض أهل العلم المنع من ذلك, وأنه لا تقع الكفارة قبل الحنث؛ لأن الوجوب إنما يكون بالحنث, ولكن كونها تقدم لا بأس بذلك؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث تقديم الكفارة وفي بعضها تقديم الحنث فكل ذلك سائغ.

شرح حديث عبد الرحمن بن سمرة من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن خلف حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه نحوه قال: (فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير)].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن سمرة وهو مثل الذي قبله, إلا أن فيه تقديم الكفارة على الحنث, فالرواية السابقة فيها تقديم الحنث على الكفارة, وهنا: تقديم الكفارة على الحنث, وكل ذلك صحيح.

تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث عبد الرحمن بن سمرة

قوله: [ حدثنا يحيى بن خلف ].

يحيى بن خلف صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .

[ حدثنا عبد الأعلى ].

هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا سعيد ].

هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن قتادة ].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة ].

الحسن وعبد الرحمن بن سمرة قد مر ذكرهما.

ورود الأحاديث في جواز تقديم الحنث على الكفارة أو الكفارة على الحنث

[قال أبو داود : أحاديث أبي موسى الأشعري وعدي بن حاتم وأبي هريرة رضي الله عنهم في هذا الحديث روي عن كل واحد منهم في بعض الرواية: الحنث قبل الكفارة . وفي بعض الرواية: الكفارة قبل الحنث ].

ذكر أبو داود: أن أحاديث أبي موسى الأشعري وعدي بن حاتم وأبي هريرة في بعضها تقديم الكفارة على الحنث, وفي بعضها تقديم الحنث على الكفارة, وهذا مثل هذا الذي مر في حديث عبد الرحمن بن سمرة ؛ فحديث عبد الرحمن بن سمرة جاء من طريقين: الطريق الأولى فيها تقديم الحنث على الكفارة, والطريق الثانية فيها تقديم الكفارة على الحنث, وحديث أبي موسى الذي مر فيه: (إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) أو: (إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)، وكذلك حديث عدي بن حاتم, وحديث أبي هريرة كلها فيها هذا وهذا, وهذا يدل على جواز الأمرين وأنه لا بأس بتقديم الكفارة على الحنث, أو تقديم الحنث على الكفارة.

قوله: [ وعدي بن حاتم ].

عدي بن حاتم صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

أبي هريرة ].

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

وفي عون المعبود ذكر أن حديث أبي موسى في الصحيحين، وحديث عدي بن حاتم في مسلم وحديث أبي هريرة في مسلم أيضاً.

وقول أبي داود : (روي عن كل واحد منهم) بصيغة التمريض ليس المقصود التمريض؛ لأن الحديث في الصحيحين أو أحدهما, وإنما فيه الإشارة إلى حصول الرواية؛ لأنه لم يذكر الذي روى عنهم, وإنما بنى ذلك للمجهول، فليس المقصود من ذلك أنها صيغة تمريض.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يكفر قبل أن يحنث.

حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد حدثنا غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير. أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت يميني)].

قوله: [باب في الرجل يكفر قبل أن يحنث], أي: عندما يحلف على يمين, ويرى أن الخير في ترك اليمين والتكفير, فهل يكفر قبل أن يحصل الحنث الذي هو فعل الشيء الذي حلف ألا يفعله, أم أنه لا يكفر إلا بعد الحنث؟

والجواب: أنه يجوز للإنسان أن يكفر قبل الحنث وبعده, فإذا كانت المصلحة في غير ما حلف عليه, فإنه يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير, أو يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه, فكل ذلك سائغ.

ومن أهل العلم من قال: إنه لا يكفر قبل الحنث؛ لأنه لا تجب الكفارة إلا بالحنث, فإذا وجد الحنث لزمت الكفارة, وقبل الحنث فالكفارة غير لازمة, لكن جاء في بعض الأحاديث تقديم الكفارة وفي بعضها تقديم الحنث, وذلك يدل على جواز التقديم والتأخير بين الحنث والكفارة, فالحانث له أن يكفر قبل أن يحنث, وله أن يحنث قبل أن يكفر.

وقد أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير).

وهذا فيه الإتيان بالكفارة أولاً، والحنث ثانياً.

وقوله: (أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)، هذا شك من الراوي، لكن جاء في بعض الأحاديث ما يدل على تقديم الحنث على الكفارة, وجاء في بعضها ما يدل على تقديم الكفارة ثم الحنث, وذلك في العطف بثم، وهذا يدل على أن الكفارة يجوز أن تقدم على الحنث وأنه ليس الأمر كما قال بعض أهل العلم: إنه لا تقدم الكفارة على الحنث؛ لأنها لا تجب, فكون الإنسان يقدم الكفارة ثم يحنث لا بأس بذلك.

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ].

سليمان بن حرب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو ابن زيد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة, وهنا جاء حماد غير منسوب, وإذا جاء سليمان يروي عن حماد فهو حماد بن زيد , وقد مر قريباً أن موسى بن إسماعيل إذا روى عن حماد, فهو حماد بن سلمة .

إذاً: يعرف المهمل برواية التلاميذ عن ذلك المهمل؛ لأن الشخص إذا ذكر باسمه ولم يذكر نسبه يقال له في علم المصطلح: مهمل, أي: أهمل عن النسبة فلم ينسب, فصار محتملاً لشخصين أو أكثر مثل: حماد، فهذا يقال له: المهمل.

ومعرفة المهمل تكون بمعرفة التلاميذ، فإذا جاء سليمان بن حرب يروي عن حماد فهو ابن زيد, وإذا جاء موسى بن إسماعيل يروي عن حماد فهو ابن سلمة .

[ حدثنا غيلان بن جرير ].

غيلان بن جرير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي بردة ].

هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, واسمه عبد الله بن قيس الأشعري، وهو مشهور بكنيته, وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

ذكر الرجل في الترجمة في قول المصنف: (باب الرجل يكفر قبل أن يحنث) هذا على اعتبار الغالب، فإن الغالب أن الخطاب يكون للرجال, وليس المقصود من ذلك أن هذا حكم يختص به الرجل, بل المرأة كذلك تكفر قبل أن تحنث إذا رأت ترك اليمين خيراً.

فذكر الرجال سواء كان في كلام العلماء في التراجم كما هو هنا, أو في غير ذلك في الأمور التي ليس فيها دليل على اختصاص الرجل بها عن النساء فالحكم للرجال والنساء جميعاً, وكذلك يأتي في الأحاديث ذكر أحكام مضافة إلى الرجال وليس المقصود اختصاص الرجال بتلك الأحكام, بل النساء كذلك.

والأصل: هو أنه لا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام إلا إذا وجد تمييز بين الرجال والنساء في الأحكام بأن قيل: هذا الحكم للرجال, وهذا الحكم للنساء، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء) أي: في الصلاة, ومثل قوله: (يغسل من بول الجارية وينضح من بول الغلام) وغير ذلك, هذا إذا جاء شيء يميز الرجال على النساء, أو النساء على الرجال, فالمعتبر الأدلة, والأصل هو عدم التفريق حتى يوجد دليل, ولهذا يأتي ذكر الرجل في الأحاديث وليست خاصة به، كقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تتقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) فكلمة (رجل) هذه لا مفهوم لها، فلا تخرج منها المرأة, بل المرأة مثل الرجل في ذلك، فإذا كانت معتادة أن تصوم يوم الإثنين ووافق يوم الثلاثين من شعبان فلها أن تصوم, فليس الحكم خاصاً بالرجال دون النساء.

وكذلك مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به)، وكذلك لو وجد متاعه عند امرأة قد أفلست فهو أحق به من الغرماء.

والحاصل: أن ذكر الرجال في كلام العلماء وكذلك في بعض الأحاديث إنما هو لأن الخطاب في الغالب مع للرجال, لا لأن هذا حكم يخص الرجال دون النساء.

وأما ما ذكره الخطابي عن الشافعي أنه قال: وإن كفر بالصوم قبل الحنث لم يجزه, وإن كفر بالطعام أجزأه, واحتج أصحابه في ذلك بأن الصيام مرتب على الإطعام فلا يجوز إلا مع عدم الأصل، كالتيمم لما كان مرتباً على الماء لم يجز إلا مع عدم الماء.

فهذا إذا كان الإنسان لا يقدر على الإطعام، ولا يقدر على العتق, ولا يقدر على الكسوة، فله أن يتحول إلى الصيام، فلا فرق بين هذا وهذا, فلا يجوز للإنسان أن يكفر بالصيام إذا كان يستطيع التكفير بغيره.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2649 استماع