شرح سنن أبي داود [376]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلف بهذه اليمين: لا ومقلب القلوب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في يمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كانت.

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا ابن المبارك عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحلف بهذه اليمين: لا، ومقلب القلوب!) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: [ باب ما جاء في يمين النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت ]. أي: في قسم النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان يقسم؟ وما هي الصيغة التي كان يأتي بها؟ وما هو اللفظ الذي كان يأتي به في حلفه صلى الله عليه وسلم؟

وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: كانت أكثر يمين النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ومقلب القلوب! يعني: أن أكثر ما كان يحلف به النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر ما كان يتلفظ به عليه الصلاة والسلام حالفاً هو اللفظ: (لا، ومقلب القلوب!) فهذا اللفظ أكثر ما كان يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي ذكر تقليب القلوب تعظيم لله عز وجل، وأنه هو الذي يقلب القلوب كيف يشاء، فيحولها من الضعف إلى القوة ومن القوة إلى الضعف، ومن الإيمان إلى الكفر ومن الكفر إلى الإيمان، فهو الذي يتصرف كيف يشاء، وهو الذي يقلبها كيف يشاء. وكلمة (لا) يقصد بها نفي شيء ثم الحلف بعد ذلك، وقد تأتي اليمين بدون أن يسبقها (لا)، ولكن إذا كانت على نفي فإنه تتقدم كلمة (لا) على الحلف، كما مر في لغو اليمين: لا والله، وبلى والله.

تراجم رجال إسناد حديث (أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلف بهذه اليمين: لا ومقلب القلوب)

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا ابن المبارك ].

هو عبد الله بن المبارك المروزي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن موسى بن عقبة ].

هو موسى بن عقبة المدني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سالم ].

هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو رحمه الله ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عمر ].

هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد في اليمين قال: والذي نفس أبي القاسم بيده)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا وكيع حدثنا عكرمة بن عمار عن عاصم بن شميخ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا اجتهد في اليمين قال: والذي نفس أبي القاسم بيده!) ].

أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اجتهد في اليمين قال: والذي نفس أبي القاسم بيده!) يعني: أنه كان إذا اجتهد في اليمين فإنه يأتي بهذه الصيغة، وقد كان عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يحلف بقوله: (والذي نفسي بيده!) كما جاء في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أي: أنه يحلف بهذا الحلف مؤكداً الشيء الذي يريد تأكيده بأن يقول: (والذي نفسي بيده)، أو (والذي نفس محمد بيده)، وهنا قال أبو سعيد : إنه كان إذا اجتهد في اليمين يعني: اهتم بها يأتي بها بهذه الصيغة التي هي قوله: (والذي نفس أبي القاسم بيده!) صلى الله عليه وسلم.

والحديث ضعفه الشيخ الألباني ؛ لأن فيه من هو متكلم فيهم.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد في اليمين قال: والذي نفس أبي القاسم بيده)

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا وكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عكرمة بن عمار ].

عكرمة بن عمار صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عاصم بن شميخ ].

عاصم بن شميخ وثقه العجلي وأخرج له أبو داود .

[ عن أبي سعيد الخدري ].

أبو سعيد الخدري رضي الله عنه هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث ( كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف يقول: لا وأستغفر الله )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة أخبرني زيد بن الحباب أخبرني محمد بن هلال حدثني أبي أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف يقول: لا، وأستغفر الله) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة قال: (كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف يقول: لا، وأستغفر الله) وهذا في الحقيقة ليس فيه حلف؛ لأن لفظ: (أستغفر الله) ليس بيمين.

والحديث ضعيف ضعفه الشيخ الألباني ؛ لأن فيه من هو متكلم فيه، ولفظه ليس متفقاً مع القسم ومع اليمين؛ لأن القسم والحلف إنما هو بالله وبأسمائه وصفاته على توكيد شيء، وهذا ليس بحلف، وليس فيه إلا الاستغفار.

تراجم رجال إسناد حديث ( كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف يقول لا، وأستغفر الله )

قوله: [ حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ].

محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ أخبرني زيد بن حباب ].

زيد بن الحباب صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ أخبرني محمد بن هلال ].

هو محمد بن هلال بن أبي هلال ، وهو صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[حدثني أبي ].

أبوه هو هلال بن أبي هلال، وهو مقبول أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ أنه سمع أبا هريرة ].

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث ( ... فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر إلهك )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا عبد الملك بن عياش السمعي الأنصاري عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي عن أبيه عن عمه لقيط بن عامر رضي الله عنه، قال دلهم : وحدثنيه أيضاً الأسود بن عبد الله عن عاصم بن لقيط أن لقيط بن عامر خرج وافداً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال لقيط : (فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكر حديثاً فيه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لعمر إلهك)].

أورد أبو داود حديث لقيط بن عامر بن صبرة رضي الله عنه أنه قدم وافداً على النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر حديثاً طويلاً وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعمر إلهك) وهذا حلف، والمقصود بالعمر: الحياة، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [الحجر:72] وهذا من الله عز وجل، وقد قال بعض أهل العلم: إن هذا يمين، وقال بعضهم: إنه ليس بيمين، والأقرب أنه ليس بيمين؛ لأنه استعمله الرسول عليه الصلاة والسلام واستعمله الصحابة واستعمله من بعدهم، فكان الواحد منهم يقول: لعمري، ومعلوم أنه قد جاء في الأحاديث النهي عن الحلف بغير الله عز وجل، فكون الصحابة يقولون هذا الكلام لا يعتبر حلفاً، وإنما هو من ألفاظ تأكيد الكلام مثل: لا جرم ، وحقاً، وغير ذلك من العبارات التي يؤتى بها لتأكيد الكلام من غير أن تكون قسماً.

فمما يوضح أنها غير قسم أنه قد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعمري) وجاء عن الصحابة مثل عائشة أنها قالت: (لعمري) وجاء عن جماعة من سلف هذه الأمة من بعد الصحابة أنهم كانوا يستعملونها ويقول أحدهم: لعمري.

إذاً: هذه اللفظة من ألفاظ التأكيد وليست من ألفاظ القسم، وللشيخ حماد الأنصاري رحمه الله بحث في هذه الكلمة منشور في مجلة الجامعة حول لفظة: (لعمري)، وقد بين النقول عن العلماء أنها ليست بقسم، وأنها من ألفاظ تأكيد الكلام.

تراجم رجال إسناد حديث ( ... فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر إلهك )

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

هو الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا إبراهيم بن حمزة ].

هو إبراهيم بن حمزة الزبيري ، وهو صدوق أخرج له البخاري والنسائي في عمل اليوم والليلة.

[ حدثنا عبد الملك بن عياش السمعي الأنصاري ].

عبد الملك بن عياش السمعي ويقال له: عبد الرحمن مقبول أخرج له أبو داود .

[ عن دلهم بن الأسود بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي ].

دلهم بن الأسود مقبول أخرج له أبو داود .

[ عن أبيه ].

أبوه مقبول أخرج له أبو داود .

[ عن عمه لقيط بن عامر ].

لقيط بن عامر رضي الله عنه صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

قوله: [ قال دلهم : وحدثنيه أيضاً الأسود بن عبد الله عن عاصم بن لقيط ].

الأسود بن عبد الله تقدم ذكره.

وعاصم بن لقيط ثقة أخرج له أبو داود .

[ أن لقيط بن عامر ].

لقيط بن عامر تقدم ذكره.

والحديث ضعيف، ومع ذلك كما ذكرنا أن الأقرب -والله أعلم- أن هذه ليست من ألفاظ القسم وإنما هي من ألفاظ تأكيد الكلام، والسلف كانوا يستعملونها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعمري من أكل برقية باطلاً فقد أكلت برقية حقاً)، وعائشة رضي الله عنها قالت : (لعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة)، وكذلك جاء عن جماعة من العلماء المتقدمين والمتأخرين أن الواحد منهم كان يقول: لعمري.

وفي تحفة الأشراف زيادة (عن أبيه) في الإسناد الأول فيكون: عن دلهم بن الأسود بن عبد الله عن أبيه، ثم بعد ذلك عن عمه لقيط .

وهذا لا يؤثر؛ لأن كلمة (عم) تطلق على أخي الرجل وأيضاً تطلق على عم أبيه، فعم الأب يقال له: عم.

فإذا كانت الزيادة ثابتة فيصير العم هو أخو الأب، وأما بدونها فيكون عم الرجل هو عمه كما هو معلوم.

وإذا ثبتت هذه الزيادة فإن الحديث يزداد ضعفاً؛ لأن عبد الله بن حاجب قال عنه الحافظ : مجهول.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في يمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كانت.

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا ابن المبارك عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحلف بهذه اليمين: لا، ومقلب القلوب!) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: [ باب ما جاء في يمين النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت ]. أي: في قسم النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان يقسم؟ وما هي الصيغة التي كان يأتي بها؟ وما هو اللفظ الذي كان يأتي به في حلفه صلى الله عليه وسلم؟

وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: كانت أكثر يمين النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ومقلب القلوب! يعني: أن أكثر ما كان يحلف به النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر ما كان يتلفظ به عليه الصلاة والسلام حالفاً هو اللفظ: (لا، ومقلب القلوب!) فهذا اللفظ أكثر ما كان يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي ذكر تقليب القلوب تعظيم لله عز وجل، وأنه هو الذي يقلب القلوب كيف يشاء، فيحولها من الضعف إلى القوة ومن القوة إلى الضعف، ومن الإيمان إلى الكفر ومن الكفر إلى الإيمان، فهو الذي يتصرف كيف يشاء، وهو الذي يقلبها كيف يشاء. وكلمة (لا) يقصد بها نفي شيء ثم الحلف بعد ذلك، وقد تأتي اليمين بدون أن يسبقها (لا)، ولكن إذا كانت على نفي فإنه تتقدم كلمة (لا) على الحلف، كما مر في لغو اليمين: لا والله، وبلى والله.

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا ابن المبارك ].

هو عبد الله بن المبارك المروزي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن موسى بن عقبة ].

هو موسى بن عقبة المدني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سالم ].

هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو رحمه الله ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عمر ].

هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع