شرح سنن أبي داود [275]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (لا يفطر من قاء ولا من احتلم..)

قال المصنف رحمه الله: [ باب في الصائم يحتلم نهاراً في شهر رمضان.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن زيد بن أسلم عن رجل من أصحابه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يفطر من قاء، ولا من احتلم، ولا من احتجم) ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى:

باب في الصائم يحتلم نهاراً في شهر رمضان.

الاحتلام : هو ما يحصل في النوم من استمتاع يخرج بسببه ماء فيجب معه الغسل، وهو ليس داخلاً تحت اختيار الإنسان، وليس مكلفاً فيه؛ لأن هذا خارج عن إرادته، ولا شأن له فيه؛ ولهذا فإنه لا دخل له في الصيام ولا يؤثر فيه؛ لأنه ما فعل شيئاً يوجب الإفطار، وإنما هذا شيء خارج عن إرادته فلا تأثير له على صيامه.

قوله: [ (لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم) ].

محل الشاهد منه قوله: (احتلم) وأما: (قاء) ففيه تفصيل، فإن كان قيؤه عن إرادته ومشيئته فإنه يفطر، وإن ذرعه القيء وليس له دخل فيه فإنه لا يفطر، وأما: (من احتجم) فقد سبق أن عرفنا الخلاف في ذلك، وأن القول الصحيح هو أنه يحصل به الإفطار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم)

تراجم رجال إسناد حديث (لا يفطر من قاء ولا من احتلم...)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا سفيان ].

سفيان هو الثوري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن زيد بن أسلم ].

زيد بن أسلم ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن رجل من أصحابه ].

وهذا مبهم، وهذا هو سبب ضعف الحديث، فالحديث ضعيف؛ لأن فيه رجلاً مبهماً، والمبهم غير معروف، فلا يكون الإسناد صحيحاً، ولا يكون الحديث صحيحاً؛ لوجود هذا الضعف الذي فيه، وهو ذكر الرجل المبهم، بل لو عرف وسمي وجهلت حاله فإنه لا يحتج به، وهنا غير مذكور الاسم ولا يعرف من هو.

[ عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ].

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تؤثر فيهم الجهالة، وإنما تؤثر في غيرهم؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم رضي الله عنهم وأرضاهم، وأما غيرهم فلابد من معرفة حاله ومعرفة ثقته وعدالته أو ضعفه أو أنه يحتج به أو لا يحتج به، وأما الصحابة رضي الله عنهم فكلهم عدول، والمجهول فيهم في حكم المعلوم.

قال المصنف رحمه الله: [ باب في الصائم يحتلم نهاراً في شهر رمضان.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن زيد بن أسلم عن رجل من أصحابه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يفطر من قاء، ولا من احتلم، ولا من احتجم) ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى:

باب في الصائم يحتلم نهاراً في شهر رمضان.

الاحتلام : هو ما يحصل في النوم من استمتاع يخرج بسببه ماء فيجب معه الغسل، وهو ليس داخلاً تحت اختيار الإنسان، وليس مكلفاً فيه؛ لأن هذا خارج عن إرادته، ولا شأن له فيه؛ ولهذا فإنه لا دخل له في الصيام ولا يؤثر فيه؛ لأنه ما فعل شيئاً يوجب الإفطار، وإنما هذا شيء خارج عن إرادته فلا تأثير له على صيامه.

قوله: [ (لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم) ].

محل الشاهد منه قوله: (احتلم) وأما: (قاء) ففيه تفصيل، فإن كان قيؤه عن إرادته ومشيئته فإنه يفطر، وإن ذرعه القيء وليس له دخل فيه فإنه لا يفطر، وأما: (من احتجم) فقد سبق أن عرفنا الخلاف في ذلك، وأن القول الصحيح هو أنه يحصل به الإفطار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا سفيان ].

سفيان هو الثوري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن زيد بن أسلم ].

زيد بن أسلم ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن رجل من أصحابه ].

وهذا مبهم، وهذا هو سبب ضعف الحديث، فالحديث ضعيف؛ لأن فيه رجلاً مبهماً، والمبهم غير معروف، فلا يكون الإسناد صحيحاً، ولا يكون الحديث صحيحاً؛ لوجود هذا الضعف الذي فيه، وهو ذكر الرجل المبهم، بل لو عرف وسمي وجهلت حاله فإنه لا يحتج به، وهنا غير مذكور الاسم ولا يعرف من هو.

[ عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ].

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تؤثر فيهم الجهالة، وإنما تؤثر في غيرهم؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم رضي الله عنهم وأرضاهم، وأما غيرهم فلابد من معرفة حاله ومعرفة ثقته وعدالته أو ضعفه أو أنه يحتج به أو لا يحتج به، وأما الصحابة رضي الله عنهم فكلهم عدول، والمجهول فيهم في حكم المعلوم.

شرح حديث (أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الكحل عند النوم للصائم.

حدثنا النفيلي حدثنا علي بن ثابت حدثني عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم، وقال: ليتقه الصائم) ].

أورد أبو داود باباً في الاكتحال فقال: باب في الكحل عند النوم للصائم.

والاكتحال عند النوم ليس فيه إشكال؛ لأن اكتحال الإنسان عندما ينام في الليل ليس واقعاً في وقت الصيام، ولكن الكلام في الاكتحال في الصيام، ولا بأس به، والحديث الذي ورد في هذا ضعيف لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففيه رجل مجهول، فالاكتحال سائغ وجائز، ولا بأس به، وقد جاء عن بعض الصحابة أنهم لا يرون بذلك بأساً، وليس هناك شيء يدل على المنع منه، وعلى أنه يحصل به الإفطار، فالصحيح أنه لا يحصل به إفطار وأنه لا مانع منه.

تراجم رجال إسناد حديث (أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم..)

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

النفيلي : عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا علي بن ثابت ].

علي بن ثابت ، وهو صدوق ربما أخطأ أخرج له أبو داود والترمذي .

[ حدثني عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة ].

عبد الرحمن بن النعمان بن معبد ، وهو صدوق ربما غلط، أخرج له أبو داود .

[ عن أبيه ].

وهو مجهول أخرج له أبو داود .

[ عن جده ].

جده معبد (صحابي) رضي الله عنه وهو صحابي أخرج له أبو داود .

[ قال أبو داود : قال لي يحيى بن معين : هو حديث منكر، يعني: حديث الكحل ].

وهذا تضعيف للحديث.

شرح حديث أنس (أنه كان يكتحل وهو صائم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية أخبرنا أبو معاوية عن عتبة أبي معاذ عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس بن مالك : أنه كان يكتحل وهو صائم ].

أورد أبو داود هذا الأثر عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه كان يكتحل وهو صائم، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو ممن فعل ذلك وهو صائم، أي: أنه لم ير بالكحل بأساً في حق الصائم، وأن للإنسان أن يكتحل وهو صائم، ولا يؤثر ذلك على صومه.

تراجم رجال إسناد حديث أنس (أنه كان يكتحل وهو صائم)

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

وهب بن بقية الواسطي ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي .

[ أخبرنا أبو معاوية ].

هو: محمد بن خازم الضرير الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عتبة أبي معاذ ].

عتبة أبي معاذ ، وهو صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .

[ عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس ].

عبيد الله بن أبي بكر بن أنس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس بن مالك ].

أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح أثر إبراهيم النخعي أنه كان يرخص أن يكتحل الصائم بالصبر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ويحيى بن موسى البلخي قالا: حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش قال: ما رأيت أحداً من أصحابنا يكره الكحل للصائم، وكان إبراهيم يرخص أن يكتحل الصائم بالصبر ].

أورد أبو داود عن الأعمش أنه قال: ما علمت أحداً من أصحابنا يكره الكحل للصائم، يعني: أنه لا بأس به، وكان إبراهيم -يعني: النخعي - يرخص أن يكتحل الصائم بالصبر.

فهذه كلها آثار عن بعض الصحابة والتابعين، لأن الأعمش من صغار التابعين، وهو يقول: ما رأيت أحداً من أصحابنا يكره الكحل، يعني: فكأن هذا شيء مشهور ومعروف عندهم، وأن كثيرين يرون أنه لا بأس بالكحل للصائم، وإبراهيم النخعي هو من الفقهاء المعروفين.

تراجم رجال إسناد أثر إبراهيم النخعي أنه كان يرخص أن يكتحل الصائم بالصبر

قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ].

محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ ويحيى بن موسى البلخي ].

يحيى بن موسى البلخي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى بن عيسى ].

يحيى بن عيسى ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .

[ عن الأعمش ].

الأعمش هو: سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

و إبراهيم هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الكحل عند النوم للصائم.

حدثنا النفيلي حدثنا علي بن ثابت حدثني عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم، وقال: ليتقه الصائم) ].

أورد أبو داود باباً في الاكتحال فقال: باب في الكحل عند النوم للصائم.

والاكتحال عند النوم ليس فيه إشكال؛ لأن اكتحال الإنسان عندما ينام في الليل ليس واقعاً في وقت الصيام، ولكن الكلام في الاكتحال في الصيام، ولا بأس به، والحديث الذي ورد في هذا ضعيف لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففيه رجل مجهول، فالاكتحال سائغ وجائز، ولا بأس به، وقد جاء عن بعض الصحابة أنهم لا يرون بذلك بأساً، وليس هناك شيء يدل على المنع منه، وعلى أنه يحصل به الإفطار، فالصحيح أنه لا يحصل به إفطار وأنه لا مانع منه.