شرح سنن أبي داود [260]


الحلقة مفرغة

شرح أثر عائشة في ذكر أنواع الأنكحة في الجاهلية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية.

حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد قال: حدثني يونس بن يزيد قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب : أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن النكاح كان في الجاهلية على أربعة أنحاء، فكان منها نكاح الناس اليوم، يخطب الرجل إلى الرجل وليته فيصدقها ثم ينكحها، ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إن أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا النكاح يسمى نكاح الاستبضاع، ونكاح آخر يجتمع الرهط دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت ومر ليالٍ بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت، وهو ابنك يا فلان! فتسمي من أحبت منهم باسمه، فيلحق به ولدها، ونكاح رابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات يكنّ علماً لمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت فوضعت حملها جُمعوا لها، ودعوا لهم القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاطه، ودُعي ابنه، لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم هدم نكاح أهل الجاهلية كله إلا نكاح أهل الإسلام اليوم ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية.

وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن نكاح الجاهلية كان على أربعة أنحاء، أي: على أربعة وجوه وأقسام:

أحدها: النكاح الذي عليه المسلمون اليوم والذي جاء به الإسلام، وهو: أن الرجل يأتي إلى الرجل ويخطب موليته منه ويصدقها ثم ينكحها إياه، وهذا هو النكاح الشرعي الذي جاء به الإسلام، وهذا مما كان في الجاهلية وأقره الإسلام، وهذا هو النكاح الصحيح الشرعي.

الثاني: وهو أن الرجل إذا كان له امرأة ثم طمثت -يعني: حاضت- لا يقربها بعد الحيض، ويطلب منها أن تستبضع من شخص يكون معروفاً بالشهامة، أو معروفاً بعلو المنزلة فيجامعها، فإذا حملت وتحقق حملها بعد ذلك إن شاء أن يطأها هو وإلا تركها، ثم ينسب الولد إليه، أي: إلى زوجها، وهذا النكاح يسمى: نكاح الاستبضاع.

الثالث: أن المرأة الزانية يأتيها الرهط دون العشرة فيدخلون عليها ويجامعونها في طهر واحد، فإذا حملت فإنها تدعو هؤلاء بعد أن تلد ثم تخبرهم بالذي حصل منهم وتقول: الولد لك يا فلان! أي: تعين واحداً منهم فيأخذه ويصير ابناً له بذلك، أي: أنه ابنه من الزنا.

والرابع: أن البغايا كنّ ينصبن رايات على بيوتهن يدعون الرجال إلى أنفسهن، وكل من أراد دخل، ويعرف الذين دخلوا عليها وحصل منهم جماع لها وهم كثيرون، ثم بعدما تلد يدعون ويعرض الولد على القافة، فينظر فيهم القائف ويلحقه بواحد منهم، فيستلحقه ويكون ابناً له بذلك، فجاء الإسلام وهدم كل ما كان في الجاهلية إلا النكاح الذي عليه الناس اليوم، وهو القسم الأول من هذه الأقسام الأربعة.

وقوله: (فالتاطه) يعني: لصق به وأخذه.

تراجم رجال إسناد أثر عائشة في ذكر أنواع الأنكحة في الجاهلية

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

[ حدثنا عنبسة بن خالد ].

هو عنبسة بن خالد الأيلي ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري وأبو داود .

[ حدثني يونس بن يزيد ].

هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب ].

محمد بن مسلم بن شهاب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني عروة بن الزبير ].

هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن عائشة ].

هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية.

حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد قال: حدثني يونس بن يزيد قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب : أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن النكاح كان في الجاهلية على أربعة أنحاء، فكان منها نكاح الناس اليوم، يخطب الرجل إلى الرجل وليته فيصدقها ثم ينكحها، ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إن أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا النكاح يسمى نكاح الاستبضاع، ونكاح آخر يجتمع الرهط دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت ومر ليالٍ بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت، وهو ابنك يا فلان! فتسمي من أحبت منهم باسمه، فيلحق به ولدها، ونكاح رابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات يكنّ علماً لمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت فوضعت حملها جُمعوا لها، ودعوا لهم القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاطه، ودُعي ابنه، لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم هدم نكاح أهل الجاهلية كله إلا نكاح أهل الإسلام اليوم ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية.

وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن نكاح الجاهلية كان على أربعة أنحاء، أي: على أربعة وجوه وأقسام:

أحدها: النكاح الذي عليه المسلمون اليوم والذي جاء به الإسلام، وهو: أن الرجل يأتي إلى الرجل ويخطب موليته منه ويصدقها ثم ينكحها إياه، وهذا هو النكاح الشرعي الذي جاء به الإسلام، وهذا مما كان في الجاهلية وأقره الإسلام، وهذا هو النكاح الصحيح الشرعي.

الثاني: وهو أن الرجل إذا كان له امرأة ثم طمثت -يعني: حاضت- لا يقربها بعد الحيض، ويطلب منها أن تستبضع من شخص يكون معروفاً بالشهامة، أو معروفاً بعلو المنزلة فيجامعها، فإذا حملت وتحقق حملها بعد ذلك إن شاء أن يطأها هو وإلا تركها، ثم ينسب الولد إليه، أي: إلى زوجها، وهذا النكاح يسمى: نكاح الاستبضاع.

الثالث: أن المرأة الزانية يأتيها الرهط دون العشرة فيدخلون عليها ويجامعونها في طهر واحد، فإذا حملت فإنها تدعو هؤلاء بعد أن تلد ثم تخبرهم بالذي حصل منهم وتقول: الولد لك يا فلان! أي: تعين واحداً منهم فيأخذه ويصير ابناً له بذلك، أي: أنه ابنه من الزنا.

والرابع: أن البغايا كنّ ينصبن رايات على بيوتهن يدعون الرجال إلى أنفسهن، وكل من أراد دخل، ويعرف الذين دخلوا عليها وحصل منهم جماع لها وهم كثيرون، ثم بعدما تلد يدعون ويعرض الولد على القافة، فينظر فيهم القائف ويلحقه بواحد منهم، فيستلحقه ويكون ابناً له بذلك، فجاء الإسلام وهدم كل ما كان في الجاهلية إلا النكاح الذي عليه الناس اليوم، وهو القسم الأول من هذه الأقسام الأربعة.

وقوله: (فالتاطه) يعني: لصق به وأخذه.

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

[ حدثنا عنبسة بن خالد ].

هو عنبسة بن خالد الأيلي ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري وأبو داود .

[ حدثني يونس بن يزيد ].

هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب ].

محمد بن مسلم بن شهاب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني عروة بن الزبير ].

هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن عائشة ].

هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (الولد للفراش وللعاهر الحجر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الولد للفراش.

حدثنا سعيد بن منصور ومسدد قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن أمة زمعة، فقال سعد : أوصاني أخي عتبة إذا قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابنه، وقال عبد بن زمعة : أخي ابن أمة أبي ولد على فراش أبي، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شبهاً بيناً بـعتبة فقال: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة !).

زاد مسدد في حديثه وقال: (هو أخوك يا عبد !) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب الولد للفراش، والمقصود بكون الولد للفراش: أن المرأة إذا كانت فراشاً لرجل -سواءً كان زوجها أو سيدها- فولدت من زنا، أو وطء بشبهة، أو نحو ذلك فإن الولد يكون لصاحب الفراش، فيلحق به وينسب إليه، سواءً كان صاحب الفراش زوجاً أو سيداً، أي: أن تكون فراشه أمة له يملكها، فهذا هو المقصود بالولد للفراش، فيغلب جانب الزوجية أو جانب التسري، أي: يغلب جانب الوطء الشرعي والوطء بحق.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها: أن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه وعبد بن زمعة أخو سودة بنت زمعة اختصما في الولد الذي ولدته أمة زمعة، فقال سعد : إن أخي عتبة عهد به إلي وقال: إذا ذهبت إلى مكة فانظر إلى ولد أمة زمعة فاقبضه فإنه ولدي. يعني: أنه وطئها زناً، وكانوا في الجاهلية يلحقون الولد بالزاني.

وقال عبد بن زمعة : إنه ابن أمة أبي ولد على فراش أبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر)، وأعطاه لـعبد بن زمعة وقال: (هو أخوك يا عبد !)، فالحقه بصاحب الفراش وقال: (للعاهر الحجر)، والعاهر هو: الزاني، والحجر معناه: أن له الخيبة وله التراب، وقيل: إن المقصود بقوله: (وللعاهر الحجر) أنه يرجم بالحجارة، وقيل: ليس المقصود به الرمي بالحجارة؛ لأنه ليس كل زانٍ يرمى بالحجارة، فالذي يرمى بالحجارة هو الثيب المحصن، وأما من كان بكراً فإنه لا يرمى بالحجارة وإنما يجلد مائة جلدة ويغرَّب كما جاء بذلك الكتاب والسنة.

فالرسول صلى الله عليه وسلم ألحقه بالفراش، ولما رأى شبهاً بيّناً بـعتبة قال لـسودة : (احتجبي منه)، أي: أنه لما غلب جانب الفراش معناه أنه سيكون ابناً لزمعة، وهذا يعني أنه سيكون أخاً لـسودة بنت زمعة ، ولما رأى شبهه بيناً بـعتبة قال لها: (احتجبي منه).

وهذا يفيد تقسيم الحكم إلى قسمين: ما يتعلق بإلحاق النسب، وإلى المحرمية، فبالنسبة للنسب فإنه يلحق بالفراش، وأما جانب المحرمية فلا يكون محرماً بسبب الشبهة وقوة الشبه الذي كان لـعتبة بن أبي وقاص .

تراجم رجال إسناد حديث (الولد للفراش وللعاهر الحجر)

قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ].

سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومسدد ].

مسدد مر ذكره.

[ قالا: سفيان ].

هو سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الزهري عن عروة عن عائشة ].

الزهري وعروة وعائشة قد مر ذكرهم.

شرح حديث (الولد للفراش) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (قام رجل فقال: يا رسول الله! إن فلاناً ابني؛ عاهرت بأمه في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش، وللعاهر الحجر) ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن فلاناً ابني؛ عاهرت بأمه في الجاهلية) يعني: أنه زنى بأمه في الجاهلية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا دِعوة في الإسلام) أي: لا إلحاق ولا استلحاق ولد بما حصل من أعمال الجاهلية المحرمة كالزنا، فهذا هو المقصود بالدِعوة، وهي بكسر الدال.

وقوله: (ذهب أمر الجاهلية) يعني: أُبطل وأُلغي، والحكم هو: الولد للفراش وللعاهر الحجر.

تراجم رجال إسناد حديث (الولد للفراش) من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].

هو زهير بن حرب أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا يزيد بن هارون ].

يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا حسين المعلم ].

هو حسين بن ذكوان المعلم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرو بن شعيب ].

هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، أخرج له البخاري في (جزء القراءة) وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

هو شعيب بن محمد ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في (الأدب المفرد) و(جزء القراءة) وأصحاب السنن.

[ عن جده ].

جده هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (الولد للفراش) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا مهدي بن ميمون أبو يحيى حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رباح قال: زوجني أهلي أمة لهم رومية، فوقعت عليها فولدت غلاماً أسود مثلي فسميته عبد الله، ثم وقعت عليها فولدت غلاماً أسود مثلي فسميته عبيد الله، ثم طبن لها غلام لأهلي رومي يقال له: يوحنة، فراطنها بلسانه، فولدت غلاماً كأنه وزغة من الوزغات، فقلت لها: ما هذا؟ فقالت: هذا ليوحنة، فرفعنا إلى عثمان -أحسبه قال مهدي - قال: فسألهما فاعترفا، فقال لهما: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الولد للفراش)، وأحسبه قال: فجلدها وجلده، وكانا مملوكين ].

أورد أبو داود هذا الحديث عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: أن رجلاً يقال له: رباح كان مملوكاً فتزوج بأمة، وأنه وطئها فولدت له غلاماً أسود مثله، فسماه عبد الله، ثم وطئها فولدت له غلاماً أسود مثله فسماه عبيد الله، ثم إن عبداً رومياً طبن لها، أي: أنه خدعها وأفسدها، أو أنه راودها عن نفسها حتى وقع عليها، فولدت غلاماً كأنه وزغة من الوزغات، أي: أن لونه يختلف عن لون رباح فـرباح هذا كان أسود، فولدت له غلاماً يشبه الرومي الذي وطئها، وهو الذي يقال له: يوحنة، فرفعوا الأمر إلى عثمان رضي الله عنه وأرضاه، فقال: إني أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش) وجلده وجلدها، وكانا مملوكين، أي: جلدهما نصف الحد الذي يكون على المؤمنين والمؤمنات.

وقوله: (أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) المقصود به بيان أن عنده في ذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه رباحاً هذا وهو مجهول، وهو صاحب القصة، لكن كون الولد للفراش وللعاهر الحجر هذا ثابت في أحاديث أخرى، وكون المملوكين يجلدان الحد هذا ثابت أيضاً.

تراجم رجال إسناد حديث (الولد للفراش) من طريق ثالثة

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا مهدي بن ميمون أبو يحيى ].

مهدي بن ميمون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ].

محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن بن سعد ].

الحسن بن سعد ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن رباح ].

رباح مجهول، أخرج له أبو داود .

[ عن عثمان ].

هو عثمان بن عفان ، وهو أمير المؤمنين، وثالث الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، وصاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.