شرح سنن أبي داود [114]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (أن رسول الله كان يدعو في صلاته: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الدعاء في الصلاة.

حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية حدثنا شعيب عن الزهري عن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته: اللهم! إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم! إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم! فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [ الدعاء في الصلاة ]، فلما ذكر الدعاء في الركوع والسجود جاء بهذا الدعاء المطلق في الصلاة.

وأورد حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته: اللهم! أني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) فهذه الأربع التي يستعاذ بالله عز وجل منها، فاثنتان منها خاصتان واثنتان عامتان، ففتنة المحيا من جملتها فتنة المسيح الدجال ، فاستعاذ من فتنة المسيح الدجال ؛ لأنها فتنة من أعظم الفتن التي تكون في حق من أدركه، وأما فتنة المحيا فإنها تكون لمن أدركه ومن لم يدركه، وكذلك الاستعاذة من عذاب القبر فهي أمر خاص، وهو ما يحصل في القبر من عذاب، وفتنة الممات أعم من عذاب القبر؛ لأنها تشمل عذاب القبر وغير عذاب القبر، فكل ما يكون بعد الموت وقبل البعث والنشور فهو من فتنة الممات، فذكر أمرين خاصين وأمرين عامين يستعاذ منها، والخاص هنا داخل في العام ففتنة المسيح الدجال داخلة في فتنة الحياة، وفتنة عذاب القبر داخلة في فتنة الممات.

قوله: [ (وأعوذ بك من المأثم والمغرم) ] المأثم: هو الإثم وكل ما يسببه وما يترتب عليه، والمغرم: هو الدين والغرم وما يتحمله الإنسان ويكون لازماً ومطالَباً به.

ثم قالت عائشة رضي الله عنهما: (ما أكثر ما تتعوذ من المغرم! فبين عليه الصلاة والسلام أسباب الاهتمام به وخطورته فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب) أي: عندما يأتيه الدائنون ليطالبونه فإنه يضطر لأن يكذب عليهم، فيحصل منه الكذب.

قوله: [ (ووعد فأخلف) ] أي أنه يقول: سأعطيك مالك في الوقت الفلاني، ثم يجئ الوقت المحدد ولم يعطه إياه، فيترتب على ذلك أنه إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف ولم يفِ بوعده، فكل هذا مما يترتب على الدين.

والدين شأنه عظيم وخطير، ولهذا جاء في الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان خطورته، وجاء أن الشهيد يغفر له كل شيء، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (إلا الدين، سارّني به جبريل آنفاً)، فهذه حقوق الناس فلا بد من أدائها.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يدعو في صلاته: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر...)

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ].

هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا بقية ].

هو بقية بن الوليد الحمصي وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا شعيب ].

هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي أيضاً وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الزهري ].

هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري المدني ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عروة ].

هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ أن عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق وقد مر ذكرها.

وهذا الحديث إسناده سداسي: ثلاثة حمصيون، وثلاثة مدنيون، وهم: عمرو بن عثمان وبقية بن الوليد وشعيب بن أبي حمزة، فهؤلاء حمصيون وهم في نصفه الأسفل، ونصفه الأعلى: الزهري وعروة وعائشة، وهم مدنيون.

شرح حديث: (صليت إلى جنب رسول الله في صلاة تطوع فسمعته يقول: أعوذ بالله من النار...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن ابن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه رضي الله عنه قال: (صليت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة تطوع فسمعته يقول: أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار) ].

أورد أبو داود حديث أبي ليلى رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صليت إلى جنب رسول الله عليه وسلم في صلاة تطوع فسمعته يقول: أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار)، فهذا الدعاء في الصلاة، والتعوذ بالله من النار جاءت فيه أحاديث كثيرة.

وقوله: [ (ويل لأهل النار) ] لا أعلم مجيئه من طريق أخرى، وهذا الإسناد فيه رجل ضعيف وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو أيضاً لا يروي عن أبيه إلا بواسطة ثابت.

تراجم رجال إسناد حديث: (صليت إلى جنب رسول الله في صلاة تطوع فسمعته يقول: أعوذ بالله من النار...)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا عبد الله بن داود ].

هو عبد الله بن داود الخريبي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

و عبد الله بن داود الخريبي هذا هو الذي نقل عنه الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) أنه قال: إن أشد آية على أصحاب جهم هي قول الله عز وجل: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام:19]، قال: فمن بلغه القرآن فكأنما سمعه من الله.

[ عن ابن أبي ليلى ].

هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو صدوق سيء الحفظ جداً، أخرج له أصحاب السنن.

والحديث الذي لا يأتي إلا من طريقه يضعفه أهل العلم به.

[ عن ثابت البناني ].

هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ].

عبد الرحمن بن أبي ليلى، هو والد محمد الذي روى عن ثابت في هذا الإسناد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه].

هو أبو ليلى، وهو صحابي، أخرج له أصحاب السنن.

شرح حديث: (قام رسول الله إلى الصلاة وقمنا معه فقال أعرابي في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقمنا معه، فقال أعرابي في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً! فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: لقد تحجرت واسعاً، يريد رحمة الله عز وجل) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم قام إلى الصلاة وقام معه، فقال أعرابي في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً! فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: لقد تحجرت واسعاً، يريد رحمة الله) يعني: تحجرت رحمة الله حيث جعلتها خاصة بي وبك مع أنها وسعت كل شيء، فكيف تطلب أن تكون لي ولك وألا يشرك معنا أحداً في ذلك! فهذا من الاعتداء في الدعاء، وهذا مما لا يجوز في الدعاء، فإذا قال الإنسان: اللهم ارحمني وارحم فلاناً! فهذا مستقيم، لكن أن يقول: ولا ترحم معنا أحداً، فهذا هو الذي لا يسوغ ولا يجوز؛ لأن الله تعالى يقول: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف:156].

وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا حصل منه شيء من الدعاء الذي لا يجوز أن صلاته لا تبطل بذلك، ولا يكون ذلك مؤثراً في صلاته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره أن يعيد صلاته، ويشبه هذا الذي قاله الأعرابي ما جاء في كتاب (دلائل الخيرات) في بعض الأدعية، حيث يقول صاحب (دلائل الخيرات): اللهم! ارحم محمداً حتى لا يبقى من الرحمة شيء، اللهم! صلِّ على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء، اللهم! بارك على محمد حتى لا يبقى من البركة شيء، اللهم! سلم على محمد حتى لا يبقى من السلام شيء. فهذا كلام باطل، وهو يشبه كلام الأعرابي هذا الذي أنكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من الأدعية المنكرة التي اشتمل عليها كتاب (دلائل الخيرات) الذي افتتن به كثير من الناس في كثير من البلاد، بل إنهم يحفظون ما فيه ولا يحفظون الأدعية التي في صحيحي البخاري ومسلم ، وهي كلام الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهم يحفظون ويعتنون بشيء فيه غلو وجفاء ويتركون كلاماً في غاية الصفاء والحسن والجمال والكمال، كيف لا وهو كلام الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (قام رسول الله إلى الصلاة وقمنا معه فقال أعرابي في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

[ حدثنا عبد الله بن وهب ].

هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني يونس ].

هو يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ].

ابن شهاب مر ذكره، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة فقيه، أحد الفقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثة أصحاب الكتب الستة.

[ أن أبا هريرة ].

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي وقد مر ذكره.

وهذا الإسناد ثلاثة منه مصريون في نصفه الأسفل، وثلاثة منه مدنيون في نصفه الأعلى.

شرح حديث: (أن النبي كان إذا قرأ (سبح اسم ربك الأعلى) قال سبحان ربي الأعلى

قال المصنف رحمه الله تعالى:[ حدثنا زهير بن حرب حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] قال: سبحان ربي الأعلى) ].

أورد أبو داود حديث ابن عباس قال: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] قال: سبحان ربي الأعلى).

وسبب إيراده في باب: الدعاء في الصلاة، أنه يذكره ويأتي به في الصلاة، وهو عام يسن في الصلاة وغير الصلاة، لكن إذا كان في النافلة فقد جاء ما يدل على مثله، وذلك من جهة أنه إذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ.

إذاً: فهذا الدعاء يكون في الصلاة وغير الصلاة؛ لأنه مطلق.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان إذا قرأ (سبح اسم ربك الأعلى) قال سبحان ربي الأعلى

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].

هو زهير بن حرب أبو خثيمة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا وكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إسرائيل ].

هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي إسحاق ].

هو عمرو بن عبد الله الهمداني أبو إسحاق السبيعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مسلم البطين ].

هو مسلم بن عمران البطين وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن جبير ].

سعيد بن جبير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حديث ابن عباس موقوفاً في قول سبحان ربي الأعلى بعد قراءة (سبح اسم ربك العظيم) وترجمة رجال الإسناد

[ قال أبو داود : خولف وكيع في هذا الحديث، فرواه أبو وكيع وشعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفاً ].

أي: رواه شعبة ووالد وكيع عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفاً، وليس فيه ذكر مسلم بن عمران البطين ، ففيه إذاً الوقف، وفيه عدم وجود الواسطة بين أبي إسحاق وبين سعيد بن جبير ، لكن الإسناد الأول صحيح.

[ أبو وكيع ].

هو الجراح بن مليح، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد)، ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .

[ وشعبة ].

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (كان رجل يصلي فوق بيته وكان إذا قرأ (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) قال سبحانك فبلى...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة أنه قال: (كان رجل يصلي فوق بيته، وكان إذا قرأ: أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:40] قال: سبحانك فبلى، فسألوه عن ذلك، فقال: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].

أورد أبو داود هذا الحديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يصلي على ظهر بيته، وكان إذا قرأ في سورة القيامة: أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:40] قال: سبحانك فبلى، فقيل له في ذلك، فقال: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهذا يدلنا على أن مثل هذا الكلام إذا قيل عند هذه الآية في صلاة نافلة، أو عند قراءة القرآن فلا يضر، فقد جاء ذلك في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رجل يصلي فوق بيته وكان إذا قرأ (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) قال سبحانك فبلى...)

قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ].

هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن العنزي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا محمد بن جعفر ].

محمد بن جعفر هو الملقب بـغندر البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة ].

موسى بن أبي عائشة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قوله: [ (كان رجل يصلي فوق بيته) ].

هو رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا الذي جاء في الحديث، فلما سئل عنه قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.

استحباب الإمام أحمد الدعاء في الفريضة بما ورد في القرآن

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الدعاء في الصلاة.

حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية حدثنا شعيب عن الزهري عن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته: اللهم! إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم! إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم! فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [ الدعاء في الصلاة ]، فلما ذكر الدعاء في الركوع والسجود جاء بهذا الدعاء المطلق في الصلاة.

وأورد حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته: اللهم! أني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) فهذه الأربع التي يستعاذ بالله عز وجل منها، فاثنتان منها خاصتان واثنتان عامتان، ففتنة المحيا من جملتها فتنة المسيح الدجال ، فاستعاذ من فتنة المسيح الدجال ؛ لأنها فتنة من أعظم الفتن التي تكون في حق من أدركه، وأما فتنة المحيا فإنها تكون لمن أدركه ومن لم يدركه، وكذلك الاستعاذة من عذاب القبر فهي أمر خاص، وهو ما يحصل في القبر من عذاب، وفتنة الممات أعم من عذاب القبر؛ لأنها تشمل عذاب القبر وغير عذاب القبر، فكل ما يكون بعد الموت وقبل البعث والنشور فهو من فتنة الممات، فذكر أمرين خاصين وأمرين عامين يستعاذ منها، والخاص هنا داخل في العام ففتنة المسيح الدجال داخلة في فتنة الحياة، وفتنة عذاب القبر داخلة في فتنة الممات.

قوله: [ (وأعوذ بك من المأثم والمغرم) ] المأثم: هو الإثم وكل ما يسببه وما يترتب عليه، والمغرم: هو الدين والغرم وما يتحمله الإنسان ويكون لازماً ومطالَباً به.

ثم قالت عائشة رضي الله عنهما: (ما أكثر ما تتعوذ من المغرم! فبين عليه الصلاة والسلام أسباب الاهتمام به وخطورته فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب) أي: عندما يأتيه الدائنون ليطالبونه فإنه يضطر لأن يكذب عليهم، فيحصل منه الكذب.

قوله: [ (ووعد فأخلف) ] أي أنه يقول: سأعطيك مالك في الوقت الفلاني، ثم يجئ الوقت المحدد ولم يعطه إياه، فيترتب على ذلك أنه إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف ولم يفِ بوعده، فكل هذا مما يترتب على الدين.

والدين شأنه عظيم وخطير، ولهذا جاء في الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان خطورته، وجاء أن الشهيد يغفر له كل شيء، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (إلا الدين، سارّني به جبريل آنفاً)، فهذه حقوق الناس فلا بد من أدائها.

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ].

هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا بقية ].

هو بقية بن الوليد الحمصي وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا شعيب ].

هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي أيضاً وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الزهري ].

هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري المدني ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عروة ].

هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ أن عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق وقد مر ذكرها.

وهذا الحديث إسناده سداسي: ثلاثة حمصيون، وثلاثة مدنيون، وهم: عمرو بن عثمان وبقية بن الوليد وشعيب بن أبي حمزة، فهؤلاء حمصيون وهم في نصفه الأسفل، ونصفه الأعلى: الزهري وعروة وعائشة، وهم مدنيون.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن ابن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه رضي الله عنه قال: (صليت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة تطوع فسمعته يقول: أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار) ].

أورد أبو داود حديث أبي ليلى رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صليت إلى جنب رسول الله عليه وسلم في صلاة تطوع فسمعته يقول: أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار)، فهذا الدعاء في الصلاة، والتعوذ بالله من النار جاءت فيه أحاديث كثيرة.

وقوله: [ (ويل لأهل النار) ] لا أعلم مجيئه من طريق أخرى، وهذا الإسناد فيه رجل ضعيف وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو أيضاً لا يروي عن أبيه إلا بواسطة ثابت.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع