شرح سنن أبي داود [111]


الحلقة مفرغة

شرح حديث رفاعة في الطمأنينة في الركوع

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن عمه أن رجلاً دخل المسجد فذكر نحوه، قال فيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء -يعني: مواضعه- ثم يكبر ويحمد الله عز وجل ويثني عليه، ويقرأ بما تيسر من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائماً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه فيكبر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته) ].

قوله: [ (لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء -يعني: مواضعه) ].

معناه أنه يتوضأ كما أمره الله عز وجل، بأن يغسل وجهه، ثم اليدين والمرفقين، ثم يمسح برأسه، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين، حيث إنه لابد من الوضوء.

وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، فمن شروط الصلاة أن يسبقها بالطهارة، والأمر بالصلاة هو أمر بالطهارة؛ للقاعدة المشهورة: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، فمن الأمور التي لابد منها عند الصلاة أن يتطهر إما بالماء أو بالتيمم عند عدم الماء أو عند العجز عن استعمال الماء، وعلى هذا فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء صلاته في هذه الطريق الثانية التي أوردها أبو داود أنه لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ ويضع الوضوء في مواضعه، وذلك بأن يأتي به في الأماكن أو في الأعضاء التي بينها الله عز وجل في سورة المائدة، وهي غسل الوجه واليدين والمرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين.

قوله: [ (ثم يكبر ويحمد الله عز وجل ويثني عليه) ].

أي: يأتي بتكبيرة الإحرام التي هي مفتاح الصلاة، والتي لا يكون الدخول في الصلاة إلا بها، وتسمى تكبيرة الإحرام لأنه يحرم على الإنسان بقولها والإتيان بها ما كان حلالاً له قبلها، فالتكبير في الصلاة للإحرام كالإحرام في الحج؛ لأنه قبل أن يحرم بالحج يحل له أمور، فإذا أحرم حرمت عليه، فإذا تحلل من الحج حلت له، وكذلك الإنسان قبل أن يكبر تكبيرة الإحرام في الصلاة يحل له أمور، فإذا كبر حرمت عليه، كالأكل والشرب والالتفات والتكلم والذهاب والإياب، وما إلى ذلك من المباحات التي تحل له قبل أن يدخل في الصلاة.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الصلاة: (تحريمها التكبير).

يعني أن الإنسان إذا كبر تكبيرة الإحرام حرمت عليه أمور كانت حلالاً له قبل ذلك.

وقوله: (وتحليلها التسليم) بمعنى أن الأمور التي كانت حرمت عليه بعد تكبيرة الإحرام قد حلت له بعد التسليم.

كذلك لابد من لفظ التكبير، فلا يكفي أن يعظم الله بأي لفظ آخر، كأن يقول: (الله أجل)، أو: (الله أعظم)، بل لابد من أن يقول: الله أكبر.

قوله: [ (ويحمد الله عز وجل) ].

المقصود بذلك الذكر الذي يكون بعد التكبير وقبل القراءة، وهو دعاء الاستفتاح، ودعاء الاستفتاح -كما هو معلوم- سنة، فلو لم يأت به المرء صحت صلاته.

[ (ويقرأ بما تيسر من القرآن) ].

وذلك بقراءة سورة الفاتحة إذا كان الإنسان عالماً بها، وإن لم يكن قد علم بها ولكنه يعرف شيئاً من القرآن، أو دخل في الإسلام وهو لا يعرف الفاتحة لكنه يعرف شيئاً من القرآن غيرها، فإنه ينتقل إلى قراءة شيء من القرآن غير الفاتحة، لكن يجب عليه أن يتعلم الفاتحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، وإذا لم يستطع أن يتعلم شيئاً من ذلك فإنه يحمد الله ويهلله ويكبره كما سيأتي في حديث آخر من أحاديث هذا الباب، وكما سبق أن مر في قراءة الأعجمي والأعرابي أو من لا يحسن القراءة، فإنه يأتي بقوله: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وهذا معنى قوله: (إن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وهلله وكبره ثم اركع)، كما سيأتي.

قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر) ].

يعني: يكبر للركوع، ومن المعلوم أن قول (الله أكبر)، ليس من أركان الصلاة، وإنما هو من الواجبات، وعلى قول جمهور أهل العلم فإن التكبير من المستحبات إلا تكبيرة الإحرام، وأن الإنسان لو ترك بقية التكبيرات على قول جمهور العلماء فقد ترك أمراً مستحباً، وقال بعض العلماء: إنه واجب، لكن لا يعتبر من الأركان التي إذا تُركت تبطل الصلاة بتركها.

قوله: [ (ثم يركع حتى تطمئن مفاصله) ].

بمعنى أنه يطمئن بحيث يستقر في ركوعه، وتطمئن المفاصل بعد الهوي للركوع، بحيث يكون هناك استقرار، أما أن يهوي للركوع ثم يرتفع دون أن تستقر مفاصله فلا تصح صلاته، بل لابد من الاستقرار في الركوع والاطمئنان فيه، وهذا شيء لابد منه في الصلاة، والذي ينقر الصلاة نقراً ويهوي ثم يرفع بسرعة أو يسجد ثم يهوي بسرعة دون أن يستقر لا يقال: إنه قد ركع، ولا يقال: إنه سجد، بل لابد من الاطمئنان ولو شيئاً يسيراً جداً.

قوله: [ (ثم يقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائماً) ].

أي: يقول: (سمع الله لمن حمده)، عند الرفع من الركوع، حتى يستقر ويعتدل قائماً.

قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله) ].

معناه أنه يطمئن في سجوده ويستقر فيه، بحيث تكون الحركة التي صدرت منه عند الهوي إلى السجود قد انتهت، وحصل الاستقرار والاطمئنان في السجود.

قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً) ].

يعني: يفعل هذا بين السجدتين.

قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله) ].

يعني: عندما يهوي للسجدة الثانية فإنه يسجد حتى تطمئن مفاصله كما حصل في السجدة الأولى.

قوله: [ (ثم يرفع رأسه فيكبر) ].

يعني: يكبر قائماً للركعة الثانية.

قوله: [ (فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته) ].

يعني: إذا فعل ذلك في جميع الركعات؛ لأنه بين ما يتعلق بالركعة الواحدة من الأفعال التي ينبغي تطبيقها في كل ركعة، فيفعل في كل الركعات كما فعل في الركعة الأولى من القراءة ومن الركوع والسجود.

وقوله: (الله أكبر) وقوله: (سمع الله لمن حمده) إلا الاستفتاح فإنه لا يكون إلا في الركعة الأولى عند الدخول في الصلاة بعد التكبير وقبل القراءة، كما سبق أن مر في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في باب السكتات التي يسكتها الإمام قال أبو هريرة : (أرأيت في سكوتك -بأبي أنت وأمي يا رسول الله- بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي...).

تراجم رجال إسناد حديث رفاعة في الطمأنينة في الركوع

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة البصري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ].

إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن علي بن يحيى بن خلاد ].

علي بن يحيى بن خلاد ثقة, أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن عمه ].

عمه هو رفاعة بن رافع، وهو صحابي، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

شرح حديث رفاعة في الطمأنينة في السجود

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا هشام بن عبد الملك والحجاج بن منهال قالا: حدثنا همام حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع رضي الله عنه بمعناه، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله عز وجل ويحمده، ثم يقرأ من القرآن ما أذن له فيه وتيسر. فذكر نحو حديث حماد قال: ثم يكبر فيسجد فيمكن وجهه -قال همام: وربما قال: جبهته- من الأرض حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ثم يكبر فيستوي قاعداً على مقعده ويقيم صلبه -فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات حتى فرغ-، لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك) ].

أورد المصنف حديث رفاعة بن رافع رضي الله عنه من طريق أخرى وهي مثل التي قبلها في صفة الصلاة، وأنه لابد من إسباغ الوضوء، وإسباغ الوضوء يكون بتعميمه على الأعضاء، بحيث لا يخلو جزء ولو كان قليلاً من الأعضاء المغسولة من وصول الماء إليه، وهذا هو الأمر الواجب الذي لابد منه، وما زاد على ذلك فهو سنة ومستحب، وهو من الإسباغ، ولكن الإجزاء يحصل بوصول الماء إلى جميع الأجزاء المغسولة، وهي غسل الوجه واليدين والمرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين كما جاء ذلك في سورة المائدة.

قوله: [ (ثم يكبر الله عز وجل ويحمده) ] هنا فيه ذكر الحمد بعد تكبيرة الإحرام، ولعل المقصود من ذلك هو دعاء الاستفتاح الذي هو حمد وثناء أو دعاء كما جاء في بعض الأحاديث التي فيها الاستفتاح، لأن منه ما هو حمد وثناء كقوله: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك) ومنه ما هو دعاء، كقوله: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب).

قوله: [ (ثم يقرأ من القرآن ما أذن له فيه وتيسر، فذكر نحو حديث حماد، قال: ثم يكبر فيسجد فيمكن وجهه -قال همام : وربما قال: جبهته- من الأرض) ].

هذا فيه اختصار؛ لأنه ما ذكر الركوع.

قوله: [ (وربما قال: جبهته من الأرض حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ثم يكبر فيستوي قاعداً على مقعده ويقيم صلبه، فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات حتى فرغ) ].

يعني أن ما يجري في الركعة الواحدة يجري في الأربع الركعات إذا كانت الصلاة رباعية.

تراجم رجال إسناد حديث رفاعة في الطمأنينة في السجود

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

هو الحسن بن علي الحلواني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا هشام بن عبد الملك ].

هو أبو الوليد الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

و الطيالسي يروي عنه أبو داود بواسطة وبغير واسطة؛ لأنه يقول أحياناً: (حدثنا أبو الوليد الطيالسي -كما سيأتي في هذا الباب- بغير واسطة).

[ والحجاج بن منهال ].

الحجاج بن منهال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا همام ].

هو همام بن يحيى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه ].

هذا مثل الذي تقدم، إلا أنه فيه ذكر أبيه وهو يحيى بن خلاد ، ويحيى بن خلاد يروي عن عمه رفاعة بن رافع ؛ لأن رفاعة أخو خلاد فـيحيى بن خلاد بن رافع يروي عن عمه رفاعة بن رافع .

و يحيى بن خلاد له رؤية، وذكره ابن حبان في ثقاة التابعين، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن عمه رفاعة بن رافع ].

هو رفاعة بن رافع رضي الله عنه، وقد مر ذكره.

حكم السجود على غير الجبهة أو على بعضها

قال الخطابي : وفيه دليل على أن السجود لا يجزئ على غير الجبهة، وأن من سجد على كور العمامة ولم يسجد معها على شيء من جبهته لم تجزئه صلاته.

وهذا الكلام صحيح؛ لأن الإنسان إذا لم يمكن جبهته من الأرض لا تصح صلاته، وإذا كان بعض الجبهة مغطى فإنه يسجد على ما غطي وعلى ما كان مكشوفاً، أما أن يغطي جبهته كلها بدون مانع أو أن العمامة تكون ملفوفة ثم يسجد عليها ويرتفع عن الأرض فلا تصح الصلاة، هذا مقتضى كلام الخطابي وهو صحيح.

شرح حديث (إذا قمت فتوجهت إلى القبلة فكبر ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد -يعني ابن عمرو - عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه بهذه القصة، قال: (إذا قمت فتوجهت إلى القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ، وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك، وقال: إذا سجدت فمكن لسجودك، فإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث رفاعة بن رافع من طريق أخرى، وفيها: [ (إذا قمت فتوجهت إلى القبلة) ] يعني أن الإنسان يستقبل القبلة أولاً؛ لأن استقبالها شرط من شروط الصلاة.

قوله: [ (فكبر) ] يعني: يكبر حتى يدخل في الصلاة.

قوله: [ (ثم اقرأ بأم القرآن) ].

قد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة، ومنها (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب).

قوله: [ (وبما شاء الله أن تقرأ) ] يعني: بعد الفاتحة.

قوله: [ (وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك) ].

يعني أنه يعتمد براحتي اليدين ثم تكون الأصابع نازلة عن الركبتين.

قوله: [ (وامدد ظهرك) ] بمعنى أنه يكون مستقيماً، بحيث لا يصوب رأسه ولا يشخصه بحيث يكون رأسه مساوياً لظهره.

قوله: [ (وإذا سجدت فمكن لسجودك) ].

يعني: بأن تستقر على الأرض بالأعضاء التي يكون السجود عليها، وهي سبعة: الجبهة ومعها الأنف، واليدان، والركبتان، والقدمان.

قوله: [ (فإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى) ].

يعني: يقعد على فخذه اليسرى مفترشاً.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا قمت فتوجهت إلى القبلة فكبر)

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

هو وهب بن بقية الواسطي، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن خالد ].

هو خالد بن عبد الله الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، أو هو خالد بن الحارث الهجيمي البصري، وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وليس هناك إشكال، فكل منهما ثقة.

[ عن محمد -يعني ابن عمرو- ].

هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن رفاعة بن رافع ].

قد مر ذكرهم.

شرح حديث (إذا أنت قمت في صلاتك فكبر الله تعالى ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسماعيل عن محمد بن إسحاق حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة، قال: (إذا أنت قمت في صلاتك فكبر الله تعالى، ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن، وقال فيه: فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد، ثم إذا قمت فمثل ذلك حتى تفرغ من صلاتك) ].

أورد أبو داود حديث رفاعة بن رافع رضي الله تعالى عنه وهو مثل ما تقدم إلا أن فيه بعض الفروق، منها قوله: [ (إذا أنت قمت في صلاتك فكبر الله تعالى ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن) ].

يعني: تيسر عليك أو لك.

وقوله: [ (فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن) ].

يعني: للتشهد الأول، وذلك إنما يكون في الثلاثية والرباعية، فاطمئن وتشهد.

قوله: [ (ثم إذا قمت فمثل ذلك حتى تفرغ صلاتك) ].

يعني: إذا قمت لإكمال الصلاة -سواء أكانت ثلاثية، بأن تأتي بركعة أم رباعية بأن تأتي بركعتين- فإن تعمل فيما بقي من صلاتك بعد التشهد الأول كما عملته في صلاتك قبل التشهد الأول حتى تفرغ من صلاتك.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا أنت قمت في صلاتك فكبر الله تعالى ...)

قوله: [ حدثنا مؤمل بن هشام ].

مؤمل بن هشام ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا إسماعيل ].

هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إسحاق ].

هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع ].

قد مر ذكرهم.

شرح حديث (فتوضأ كما أمرك الله عز وجل ثم تشهد فأقم ثم كبر...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباد بن موسى الختلي حدثنا إسماعيل -يعني ابن جعفر - أخبرني يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن أبيه عن جده عن رفاعة بن رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقص هذا الحديث، قال فيه: (فتوضأ كما أمرك الله عز وجل، ثم تشهد فأقم ثم كبر، فإن كان معك قرآن فاقرأ به وإلا فاحمد الله وكبره وهلله، وقال فيه: وإن انتقصت منه شيئاً انتقصت من صلاتك) ].

أورد حديث رفاعة بن رافع رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه زيادات على ما تقدم، حيث قال: [ (فتوضأ كما أمرك عز وجل ثم تشهد فأقم) ].

والمقصود بالتشهد هنا الأذان.

قوله: [ (وأقم) ] يعني: الإقامة.

قوله: [ (ثم كبر) ].

يعني: ادخل في الصلاة، وذلك بأن تكبر تكبيرة الإحرام.

قوله: [ (فإن كان معك قرآن فاقرأ به) ].

يعني الفاتحة، وهي لابد منها إذا كانت محفوظة، وإن لم تكن محفوظة فإنه يؤتى بما تيسر من القرآن سواها، وإن لم يكن لا هذا ولا هذا فيحمد الله ويهلله ويكبره ثم يركع، وهذا شاهد للحديث الذي سبق أن مر في باب قراءة الأعجمي الذي فيه أنه يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

قوله: [ وقال فيه: (وإذا انتقصت منه شيئاً انتقصت من صلاتك) ].

يعني: إذا انتقصت من هذه الأشياء شيئاً انتقصت من صلاتك.

وهذا الحديث يشير إلى الصلاة المفروضة؛ لأنه يذكر في بعض الروايات أنه يأتي بالتشهد الأول، وأما الذي هو في صلاة نافلة فهو حديث المسيء صلاته الذي دخل وصلى ركعتين ثم جاء وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم كما مر في حديث أبي هريرة .

تراجم رجال إسناد حديث (فتوضأ كما أمرك الله عز وجل ثم تشهد فأقم ثم كبر...)

قوله: [ حدثنا عباد بن موسى الختلي ].

عباد بن موسى الختلي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ].

[ حدثنا إسماعيل -يعني ابن جعفر- ].

إسماعيل بن جعفر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع ].

هذا زيادة في النسب المتقدم؛ لأن الذي تقدم علي بن يحيى عن أبيه عن عمه وهنا يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن جده وجده يروي عن عمه رفاعة ، ففي هذا الحديث أن الذي يروي عن علي ابنه، بخلاف الطرق السابقة فإنه يروي فيها عنه غير ابنه، ولهذا قال: عن أبيه عن جده عن رفاعة ، ويحيى بن علي هذا مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن أبيه عن جده عن رفاعة بن رافع ].

قد مر ذكرهم.

شرح حديث (نهى رسول الله عن نقرة الغراب وافتراش السبع...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن الحكم، ح: وحدثنا قتيبة حدثنا الليث عن جعفر بن عبد الله الأنصاري عن تميم بن محمود عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير) هذا لفظ قتيبة ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نقرة الغراب، وذلك في حال الركوع والسجود، يعني أنه يهوي للركوع ثم يرفع بسرعة ويهوي للسجود ثم يرفع بسرعة مثل الغراب الذي يلتقط شيئاً من الأرض، فهو يضع منقاره ثم يرفعه بسرعة بعدما يأخذ الشيء الذي يريد أكله، وكذلك من يصلي ويركع بسرعة ويسجد بسرعة بحيث لا يطمئن في ركوعه ولا في سجوده، فهو يرفع رأسه دون أن يطمئن كما يفعل الطائر الذي يلقط الشيء الذي يأكله، فإنه يضع منقاره على الأرض ويأخذه بسرعة ثم يرفعه وهكذا، وهذا فيه عدم الاطمئنان في الصلاة والعجلة فيها والسرعة التي لا استقرار فيها ولا هدوء فيها.

قوله: [ (وافتراش السبع) ].

يعني كونه عندما يسجد يمد ذراعه كله ويجعله على الأرض، بحيث يكون مرفقه على الأرض وكفه على الأرض مثل افتراش الكلب أو السبع، والصحيح أن يضع كفيه على الأرض ويرفع مرفقيه ويجافيهما عن جنبيه، هذا هو المشروع وهذا هو السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: [ (وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير) ].

يعني أن غير الإمام يتخذ مكاناً لا يصلي فرضه إلا فيه، بحيث يكون دائماً وأبداً لا يصلي الفرض إلا في هذا المكان، مثل ما يفعل البعير الذي يألف مكاناً ويأتي ويبرك فيه ولا يتعداه.

وفسر بتفسير آخر لكنه ليس بصحيح، وهو أنه يبرك بحيث يقدم ركبتيه ويهوي بسرعة حتى يكون لهما صوت مثل ما يفعل البعير عندما يثني يديه ثم تقع ركبة يديه على الأرض ويحدث لهما صوت؛ لأن ثقله يكون على ركبتي اليدين، فإذا فعل هذه الهيئة أشبه البعير، لكن معلوم أن الإنسان يصل إلى الأرض بسهولة ويسر، بحيث تقع الركبتان على الأرض دون أن يصير لهما صوت.

وهذا التفسير لا يستقيم؛ لأنه قال: [ (في المسجد) ] فهذا يدل على أن الأمر هو اتخاذ المكان، وليس المقصود هذه الهيئة التي تكون في المسجد وفي غير المسجد، فكونه ينزل على الأرض بسرعة ليس له علاقة بالمسجد؛ لأنه قد يصلي في المسجد وفي غير المسجد، لكن الشيء الذي يتعلق بالمسجد هو كونه يتخذ مكاناً يلازمه كما يلازم البعير مكانه الذي يكون فيه، ويبدو أنه في الفرض مع الإمام.

وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذه المسألة يقول: ويكره لغير الإمام اتخاذ مكان لا يصلي فرضه إلا فيه؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن إيطانه كإيطان البعير.

والنهي عن مكان بذاته، أما كون الإنسان يصلي في جهة معينة فالظاهر أنه جائز والأمر في ذلك واسع، وهذا يختلف؛ لأنه مرة يصلي في مكان ومرة يصلي في مكان، وهذا لا يقال له: توطين مكان؛ لأن هذه أماكن، وإنما المقصود بالنهي هو مكان واحد بعينه، بحيث يكون ملازماً له دائماً وأبداً.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن نقرة الغراب وافتراش السبع...)

قوله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ].

أبو الوليد الطيالسي مر ذكره، وقد روى عنه أبو داود فيما مضى بواسطة، وهناك ذكره باسمه وهنا ذكره بكنيته.

[ حدثنا الليث ].

هو الليث بن سعد المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يزيد بن أبي حبيب ].

هو يزيد بن أبي حبيب المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جعفر بن الحكم ].

هو جعفر بن عبد الله بن الحكم الذي سيأتي في الطريق الثانية، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.

قوله: [ ح ].

هو للتحول من إسناد إلى إسناد آخر.

[ وحدثنا قتيبة ].

هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الليث عن جعفر بن عبد الله الأنصاري ].

الليث وجعفر بن عبد الله الأنصاري مر ذكرهما. والسبب في التحويل أن في الإسناد الأول روى الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر ، أي: بواسطة يزيد بن حبيب ، وفي الإسناد الآخر روى الليث عن جعفر مباشرة، وأيضاً فيه فرق بينهما، ففي الأول قال:

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن عمه أن رجلاً دخل المسجد فذكر نحوه، قال فيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء -يعني: مواضعه- ثم يكبر ويحمد الله عز وجل ويثني عليه، ويقرأ بما تيسر من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائماً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه فيكبر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته) ].

قوله: [ (لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء -يعني: مواضعه) ].

معناه أنه يتوضأ كما أمره الله عز وجل، بأن يغسل وجهه، ثم اليدين والمرفقين، ثم يمسح برأسه، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين، حيث إنه لابد من الوضوء.

وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، فمن شروط الصلاة أن يسبقها بالطهارة، والأمر بالصلاة هو أمر بالطهارة؛ للقاعدة المشهورة: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، فمن الأمور التي لابد منها عند الصلاة أن يتطهر إما بالماء أو بالتيمم عند عدم الماء أو عند العجز عن استعمال الماء، وعلى هذا فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء صلاته في هذه الطريق الثانية التي أوردها أبو داود أنه لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ ويضع الوضوء في مواضعه، وذلك بأن يأتي به في الأماكن أو في الأعضاء التي بينها الله عز وجل في سورة المائدة، وهي غسل الوجه واليدين والمرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين.

قوله: [ (ثم يكبر ويحمد الله عز وجل ويثني عليه) ].

أي: يأتي بتكبيرة الإحرام التي هي مفتاح الصلاة، والتي لا يكون الدخول في الصلاة إلا بها، وتسمى تكبيرة الإحرام لأنه يحرم على الإنسان بقولها والإتيان بها ما كان حلالاً له قبلها، فالتكبير في الصلاة للإحرام كالإحرام في الحج؛ لأنه قبل أن يحرم بالحج يحل له أمور، فإذا أحرم حرمت عليه، فإذا تحلل من الحج حلت له، وكذلك الإنسان قبل أن يكبر تكبيرة الإحرام في الصلاة يحل له أمور، فإذا كبر حرمت عليه، كالأكل والشرب والالتفات والتكلم والذهاب والإياب، وما إلى ذلك من المباحات التي تحل له قبل أن يدخل في الصلاة.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الصلاة: (تحريمها التكبير).

يعني أن الإنسان إذا كبر تكبيرة الإحرام حرمت عليه أمور كانت حلالاً له قبل ذلك.

وقوله: (وتحليلها التسليم) بمعنى أن الأمور التي كانت حرمت عليه بعد تكبيرة الإحرام قد حلت له بعد التسليم.

كذلك لابد من لفظ التكبير، فلا يكفي أن يعظم الله بأي لفظ آخر، كأن يقول: (الله أجل)، أو: (الله أعظم)، بل لابد من أن يقول: الله أكبر.

قوله: [ (ويحمد الله عز وجل) ].

المقصود بذلك الذكر الذي يكون بعد التكبير وقبل القراءة، وهو دعاء الاستفتاح، ودعاء الاستفتاح -كما هو معلوم- سنة، فلو لم يأت به المرء صحت صلاته.

[ (ويقرأ بما تيسر من القرآن) ].

وذلك بقراءة سورة الفاتحة إذا كان الإنسان عالماً بها، وإن لم يكن قد علم بها ولكنه يعرف شيئاً من القرآن، أو دخل في الإسلام وهو لا يعرف الفاتحة لكنه يعرف شيئاً من القرآن غيرها، فإنه ينتقل إلى قراءة شيء من القرآن غير الفاتحة، لكن يجب عليه أن يتعلم الفاتحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، وإذا لم يستطع أن يتعلم شيئاً من ذلك فإنه يحمد الله ويهلله ويكبره كما سيأتي في حديث آخر من أحاديث هذا الباب، وكما سبق أن مر في قراءة الأعجمي والأعرابي أو من لا يحسن القراءة، فإنه يأتي بقوله: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وهذا معنى قوله: (إن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وهلله وكبره ثم اركع)، كما سيأتي.

قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر) ].

يعني: يكبر للركوع، ومن المعلوم أن قول (الله أكبر)، ليس من أركان الصلاة، وإنما هو من الواجبات، وعلى قول جمهور أهل العلم فإن التكبير من المستحبات إلا تكبيرة الإحرام، وأن الإنسان لو ترك بقية التكبيرات على قول جمهور العلماء فقد ترك أمراً مستحباً، وقال بعض العلماء: إنه واجب، لكن لا يعتبر من الأركان التي إذا تُركت تبطل الصلاة بتركها.

قوله: [ (ثم يركع حتى تطمئن مفاصله) ].

بمعنى أنه يطمئن بحيث يستقر في ركوعه، وتطمئن المفاصل بعد الهوي للركوع، بحيث يكون هناك استقرار، أما أن يهوي للركوع ثم يرتفع دون أن تستقر مفاصله فلا تصح صلاته، بل لابد من الاستقرار في الركوع والاطمئنان فيه، وهذا شيء لابد منه في الصلاة، والذي ينقر الصلاة نقراً ويهوي ثم يرفع بسرعة أو يسجد ثم يهوي بسرعة دون أن يستقر لا يقال: إنه قد ركع، ولا يقال: إنه سجد، بل لابد من الاطمئنان ولو شيئاً يسيراً جداً.

قوله: [ (ثم يقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائماً) ].

أي: يقول: (سمع الله لمن حمده)، عند الرفع من الركوع، حتى يستقر ويعتدل قائماً.

قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله) ].

معناه أنه يطمئن في سجوده ويستقر فيه، بحيث تكون الحركة التي صدرت منه عند الهوي إلى السجود قد انتهت، وحصل الاستقرار والاطمئنان في السجود.

قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً) ].

يعني: يفعل هذا بين السجدتين.

قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله) ].

يعني: عندما يهوي للسجدة الثانية فإنه يسجد حتى تطمئن مفاصله كما حصل في السجدة الأولى.

قوله: [ (ثم يرفع رأسه فيكبر) ].

يعني: يكبر قائماً للركعة الثانية.

قوله: [ (فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته) ].

يعني: إذا فعل ذلك في جميع الركعات؛ لأنه بين ما يتعلق بالركعة الواحدة من الأفعال التي ينبغي تطبيقها في كل ركعة، فيفعل في كل الركعات كما فعل في الركعة الأولى من القراءة ومن الركوع والسجود.

وقوله: (الله أكبر) وقوله: (سمع الله لمن حمده) إلا الاستفتاح فإنه لا يكون إلا في الركعة الأولى عند الدخول في الصلاة بعد التكبير وقبل القراءة، كما سبق أن مر في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في باب السكتات التي يسكتها الإمام قال أبو هريرة : (أرأيت في سكوتك -بأبي أنت وأمي يا رسول الله- بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي...).