خطب ومحاضرات
عقود الأنكحة وتطبيقاتها المعاصرة [1]
الحلقة مفرغة
حدود العقل في فهم النص
أما بعد:
فإن بعض طلاب العلم المبتدئين حينما يطالب بأن يرجح فعندما يأتي دليل لأحد القولين يقول: وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني من قول النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فالحديث محمول على كذا، ويحمل على كذا، ثم يأتي بالاحتمالات العقلية لتخرج من وهج النص الإيماني الشرعي، ثم يقول بعد ذلك: والحديث إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال!
وهذه القاعدة أيضاً قاعدة مظلومة، وهذا مخطئ، فالاحتمال الوارد بالنصوص الشرعية ليس هو الاحتمالات العقلية؛ لأن الاحتمالات العقلية لا تتناهى، ولكن المقصود الاحتمال الوارد بنص شرعي، مثل قصة خروج الضعفة من مزدلفة، تقول أنت مثلاً: يجوز أن يخرج الضعفة بعد منتصف الليل، وأما ما ورد من حديث أسماء بنت أبي بكر عندما قالت لغلامها: هل غاب القمر؟ فإن ذلك إنما حكت ما وقع لها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة أن تخرج قبل ذلك، وهذا احتمال بدليل، أما أن نتطاول على النصوص الشرعية ونخرجها عن مدلولاتها وعن مرادها إلى احتمالات ربما تصيب وربما لا تصيب فإن هذا ظلم.
تفسير النصوص بين المعاني الشرعية ومصطلحات الفقهاء
وخذ مثالاً آخر: ما روي في الصحيحين من حديث ابن عمر عندما طلق امرأته وهي حائض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مره فليراجعها )، وفي رواية: ( فليرجعها )، فهم بعض العلماء أن المراجعة هذه هي الطلاق الرجعي، يعني: يرجعها بعد أن طلقها، وهذا غير مراد، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( مره فليرجعها )؛ ذلك لأن ابن عمر حينما طلق امرأته أخرجها من بيتها، وهل يجوز للرجل إذا طلق امرأته أن يخرجها من بيتها؟ لا يجوز لقوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1]، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر أن يأمر ابنه أن يرجع زوجته التي طلقها وأخرجها من بيته، هذا مراد الحديث، وليس المراد أن يراجعها بمعنى الرجعة المعروفة عند الفقهاء، وقد أشار أبو العباس بن تيمية إلى ذلك، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.
منهجية طالب العلم في الجواب عن أدلة القول المرجوح
تعظيم النصوص الشرعية
مثل هذه المسائل تذكر للعلماء وطلبة العلم في المجالس، ولا تذكر للعوام، والعامي إذا سمع مثل هذا قال: في كل حياتنا يخوفوننا، وانتبه من كذا ولا تفعل كذا..، وهو في الأخير صغيرة! هكذا العوام يتصورون.
ولهذا من أدب الفتوى إذا سألك العامي أو بعض طلاب العلم الصغار عن مسألة، وترى أنها محرمة، أو أن عامة أهل العلم على تحريمها، أو أن النصوص الشرعية تؤيد تحريمها فليكن جوابك إذا سألك: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله، أشعره أنه وقع في إشكال، أشعره أنه وقع في محظور، أشعره أنه يجب عليه التوبة، تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، الحمد لله الذي أيقظ همتك لأن تسأل، الحمد لله الذي جعلك تتوب من هذا الذنب، أشعره أنه نجا بعد أن غرق في وحله الغارقون، وهذا مهم جداً لطالب العلم.
منهجية طالب العلم في الرد على المخالف
هذه مقدمة وجيزة أحببت أن أذكرها لكي تكون نبراساً لطالب العلم الذي يبحث المسائل العصرية، أو يريد أن يبحث المسائل المستجدة في بحوث الماجستير أو الدكتوراه، أو بحوث الترقية، أو البحوث الصفية.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
أما بعد:
فإن بعض طلاب العلم المبتدئين حينما يطالب بأن يرجح فعندما يأتي دليل لأحد القولين يقول: وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني من قول النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فالحديث محمول على كذا، ويحمل على كذا، ثم يأتي بالاحتمالات العقلية لتخرج من وهج النص الإيماني الشرعي، ثم يقول بعد ذلك: والحديث إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال!
وهذه القاعدة أيضاً قاعدة مظلومة، وهذا مخطئ، فالاحتمال الوارد بالنصوص الشرعية ليس هو الاحتمالات العقلية؛ لأن الاحتمالات العقلية لا تتناهى، ولكن المقصود الاحتمال الوارد بنص شرعي، مثل قصة خروج الضعفة من مزدلفة، تقول أنت مثلاً: يجوز أن يخرج الضعفة بعد منتصف الليل، وأما ما ورد من حديث أسماء بنت أبي بكر عندما قالت لغلامها: هل غاب القمر؟ فإن ذلك إنما حكت ما وقع لها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة أن تخرج قبل ذلك، وهذا احتمال بدليل، أما أن نتطاول على النصوص الشرعية ونخرجها عن مدلولاتها وعن مرادها إلى احتمالات ربما تصيب وربما لا تصيب فإن هذا ظلم.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
عقود الأنكحة وتطبيقاتها المعاصرة [2] | 2268 استماع |
عقود الأنكحة وتطبيقاتها المعاصرة [3] | 2215 استماع |