خطب ومحاضرات
ثغرات في البيوت
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
ثم أما بعد:
موضوع المحاضرة -أيها الإخوة- ثغرات في البيوت، وحينما أردت أن أعد الموضوع رأيت أن الثغرات كثيرة، وأنني لن أستطيع أن أحصيها في هذا المجلس، ويكفينا بعض الثغرات نقضي بها هذا الوقت نسأل الله أن يصلح لنا بيوتنا، ولكن بداية ومقدمةً لماذا نهتم بالبيوت؟
يقول الله عز وجل: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً [النحل:80] إذن الله عز وجل يمتن علينا بهذه البيوت، فكم من رجلٍ يفترش الأرض ويلتحف السماء، وكم من أسرة لا تجد بيتاً يأويها، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام إذا أوى إلى الفراش حمد الله الذي آواه، وجعل له هذا المسكن.
ثانياً: أن في هذه الكلمات وفي هذه الدروس وقاية لنا ولأهلينا من عذاب النار وقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6] فلا يكفي المسلم أن يقي نفسه من النار، بل يجب عليه أن يقي والدته ووالده وإخوته وأبناءه وزوجه وكل من في البيت قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6] أتعرف كيف صفتها؟
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] أترضى عبد الله أن ترى أمك يوم القيامة تحترق في هذه النار؟ تصور أن ترى أختك وأخاك يحترقان في تلك النار، أو ترى أولادك الصغار الذين طالما سهرت على راحتهم أن تراهم يحترقون في النار قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6] ولهذا جعل الله الخسران الكبير ذلك اليوم قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الزمر:15].
ثالثاً: يقول عليه الصلاة والسلام: (إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه، أحفظ أم ضيع) حتى يسأل الرجل عن أهل بيته.
رابعاً: عبد الله! إذا اشتدت الخطوب، وزادت الفتن، وكثرت على المسلم إلى أين يلتجئ؟ إلى أين يذهب؟ كيف يحتمي؟
يقول عليه الصلاة والسلام: (سلامة الرجل في الفتنة أن يلزم بيته).
خامساً: أن أكثر الناس يقضون أوقاتهم في البيوت، ولهذا حق لنا أن نتكلم عن ثغراتٍ في البيوت.
عباد الله! يسأل الصالحون متى يصلح الله هذه الأمة؟
ومتى يصلح الله هذا المجتمع؟ ومتى تزول المنكرات؟
ومتى يحكم بشرع الله؟
لكن نسألك قبل هذا السؤال متى تصلح بيتك؟
يا من عجز عن إصلاح بيته، كيف يصلح المجتمع؟
يا من لم يستطع أن يطبق شرع الله في بيته، كيف ستطبقه في المجتمع؟
يا من ينظر إلى الجيران، وإلى الأسواق، وقد كثرت فيها المنكرات، ألا تنظر إلى بيتك؟
ألا تلتفت إلى غرفتك؟ ألا تنظر إلى أمك وأبيك؟ ثم تنظر إلى غيرهما؟
عبد الله! ماذا يحدث لو أصلح كلٌ منا بيته؟
لو فرضنا أن هذا المجلس يحوي مائتي رجل مصلح داعية إلى الله، استمع إلى الكلام وذهب بيته، ولنفرض أن متوسط الاعداد في البيوت سبعة، إذاً لعله يصلح بنا بعد هذا المجلس ما يزيد على ألف وأربع مائة رجل وامرأة.
انظروا يا عباد الله! كيف لو أصلح كلٌ منا بيته، ماذا سوف يحدث في المجتمع؟
أبو بكر يأتيه عليه الصلاة والسلام في القائلة متخفياً فيقول: بأبي هو وأمي، لا يأتي في هذا الوقت إلا لحاجة، فيدخل فيقول: (أريدك في أمر) وكانت عائشة في البيت، فيقول: هم أهلك يا رسول الله! أي أن عائشة تحفظ السر ولكن أي سر؟
سر الهجرة، فيقول أبو بكر: هم أهلك يا رسول الله! أي: لن يفشوا لك سراً، ثم يخبر عليه الصلاة السلام بالسر الأعظم، وبالأمر الكبير الهجرة إلى المدينة ، فهل تفشي عائشة سراً؟ إنه بيتٌ صالح لا يفشي سراً، ولا يعرف منكراً، يريد الخروج للهجرة، من الذي يقوم عليهما؟
ابنته الثانية أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، تريد أن تحفظ لهما الطعام فلا تجد إلا نطاقها فتمزقه اثنتين ثم تربط به الطعام.
إنه بيتٌ صالح.
وأي بيت وبيت عمر رضي الله عنه من الذي خرج منه؟
خرج منه عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وبيت علي بن أبي طالب من الذي خرج منه؟
خرج منه سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين وذرية طيبة بعضها من بعض.
الثغرات نسردها ثغرة ثغرة، وكلما ذكرنا ثغرة فقف في بيتك ولو لبرهة، وادخل غرفة غرفة، وفرداً فرداً وانظر في هذه الثغرات، هل هي حقاً موجودة في بيتك؟
لتتعاهدها وتصححها ولا تنتظر مني الحلول، فسوف أذكر كل ثغرة وأعرض لحلٍ بسيط، والحل يبدأ من نفسك.
ضعف الإيمانيات والعبادة
حتى لا تكاد تجد فيها مصلياً، أو داعياً، أو قارئاً للقرآن، أو ذاكراً لله، أو تالياً آيات الله، أو باكياً، أو رافعاً يديه، يقول عليه الصلاة والسلام: (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت) فهل رأيت الفرق بينهما؟
ويقول الله عز وجل لموسى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً [يونس:87] لمَ؟ ماذا نجعل في هذه البيوت يا رب؟
لقد كان فرعون يقتل الرجال ويستحيي النساء، ويتبعهم ويلاحقهم ويعذبهم، فما حاجتنا لهذه البيوت؟
قال الله تعالى: أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً [يونس:87] قال ابن عباس: [أمروا أن يتخذوها مساجد] ليلزم كلٌ بيته، وليغلق على نفسه الباب، وليأتي إلى زوجته وأبنائه وإخوانه وأخواته فليقيموا فيه الصلاة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] أين بيوتنا من تلك البيوت؟ ولنسرد عليكم بعض صفات بيوت الصالحين وقس بيتك على بيوتهم:
عتبان بن مالك أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم البدريين يقول: (أتيت رسول الله، فقلت: يا رسول الله! قد أنكرت بصري -يعني: ضعف بصري- وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار وسال الوادي الذي بيني وبينهم لا أستطيع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، وددت يا رسول الله! -انظر إلى طلبه وقس نفسك عليه- أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى) أي: تصلي فأجعل مكاناً في بيتي مصلى أصلي فيه، فأين هذا المصلى في بيتك؟
ابحث عنه، هل هو في غرفة نومك؟ أم في غرفة الجلوس؟
أم المكان الذي يجتمع فيه أهل البيت؟
سل نفسك هل يوجد هذا المصلى في بيتك تصلي فيه النوافل؟
قال: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سأفعل إن شاء الله، قال
عبد الله! هل تتذكر آخر مرة صليت فيها نافلة في بيتك؟
قال عليه الصلاة والسلام: (اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها مقابر) عندما تصلي في البيت ويأتي أخوك الصغير، فينظر إليك، فماذا سيفعل؟ وعندما تأتي أختك الصغيرة، فتنظر إليك وأنت تصلي النافلة، وتراقب، فماذا تظنها فاعلة؟
سوف تقلدك في الصلاة، تخيل -عبد الله- وأنت تصلي هل يجرأ أحدٌ في البيت أن يغني، أو يرفع أصوات الغناء؟
فوالله إن الشياطين لتفر من البيت، فلتجعل لبيتك من صلاتك النافلة.
يقول ابن عباس -انظر الابن إذا رأى زوج خالته يصلي ماذا يفعل؟- يقول ابن عباس: (بت في بيت خالتي
كان عبد العزيز بن أبي روَّاد رحمه الله إذا جن عليه الليل يأتي إلى فراشه فيمر يده على فراشه فيقول: إنك للين، ووالله إن في الجنة لألين منك. نعم إن الفراش لين، لكن في الجنة ما هو ألين منه، ولا يزال يصلي الليل كله إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:15-16].
و معاوية بن قرة كان يقول إذا صلى العشاء: يا بني! نوموا، يا بني! نوموا لعل الله أن يرزقكم من الليل خيراً، يأتي بعد العشاء وينوم أهل البيت حتى يقوموا آخر الليل.
وانظر إلى الأم كيف تتأثر بابنها إذا صلى!
تقول أم الربيع بن خثيم إذا رأته قام بالليل، يصلي فيبكي: يا بني! لعلك قتلت قتيلاً -أخبرني اعترف- فيقول: يا أماه قتلت نفسي أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9].
وانظر كيف تتأثر البنت بأبيها عندما يصلي!
تقول ابنة عامر بن عبد قيس: يا أبتاه! مالي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام! فيقول: يا بنية! إن جهنم لا تدع أباك ينام وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً [طه:132].
عبد الله! أين أنت من صلاتك في البيت؟ انظر إلى أولئك الصالحين، تقول زوجة مسروق: كان إذا قام الليل جلست خلفه أبكي عليه، فإذا صلى انتفخت قدماه، فإذا انتهى من صلاته لا يستطيع أن يمشي من شدة القيام، تنتفخ قدماه، تقول: أبكي خلفه وأسأل الله عز وجل أن يعينه. انظر كيف تتأثر الزوجة بزوجها؟
وانظر كيف يتأثر الابن بأبيه يقول: عبد الله بن الإمام أحمد: كان أبي يقرأ كل يوم سُبعاً، يعني سبع القرآن، يصلي بالليل سبع القرآن، يعني في كل سبعة أيام يختم القرآن كله، يقول: وكان ينام نومة خفيفة بعد العشاء ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو.
يقول وكيع: كان علي والحسن ابنا صالح بن حي وأمهم قد جزءوا الليل ثلاثة أجزاء -تخيل- يقول: فكان علي يقوم الثلث ثم ينام، ويقوم الحسن الثلث ثم ينام، وتقوم أمهما الثلث ثم تنام. يعني الليل كله صلاة في صلاة، وتدخل البيت فلا تسمع -كما تسمع في بيوتنا- تلفازاً ومسلسلات وأغاني ومجوناً وطرباً وفساداً وتنتشر الشياطين وتعشعش في البيوت، لا والله إن دخلت فالليل كله قراءة في قراءة، من أوله إلى آخره، فماتت الأم فجزآ الليل بينهما، أحدهما نصف الليل والثاني النصف الآخر، قال: ثم مات علي، فقام الحسن الليل كله، حتى لا تمر دقيقة في الليل إلا وفي البيت مصلي.
زيد بن الحارث أتعرف ماذا يفعل؟ كان يجزئ الليل مع ابنيه ثلاثة أجزاء، له جزءٌ، ولابنه جزءٌ، ولابنه الثالث جزء. حتى لا تبقى في الليل ثانية إلا ومصلٍ أو راكعٍ أو ساجدٍ أو قارئ للقرآن.
ويقول إبراهيم بن وكيع: كان أبي يصلي فلا يبقى في دارنا أحدٌ إلا صلَّى حتى جارية سوداء. كل أهل البيت يصلون حتى الخادمة تصلي معهم في الليل.
ويقول أبو عثمان النهدي: تضيفت أبا هريرة -جلست عنده ضيفاً- سبع ليال، يقول: فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثاً، تخيل حتى الخادمة تصلي معهم الليل وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً [مريم:54] أتعرف ماذا كان يفعل؟
وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً [مريم:55].
عبد الله! إن قمت لصلاة الفجر فمن يقوم معك؟
إن قمت الليل فمن يصلي معك؟
سلوا أنفسكم وانظروا إلى بيوتكم، كلٌ منا ينظر إلى بيته، هل يقوم أهل البيت؟
هل يقوم الوالد والوالدة؟
هل يقوم الإخوة والأخوات؟ هل يقوم الأبناء؟
هل تقوم الزوجة؟ هل يقوم الأهل؟
يقول رفعة بن صالح: كان له أهلٌ وبنات كان يقوم فيصلي ليلاً طويلاً، فإذا كان السحر، يعني: إذا جاء آخر الليل أتعرف ماذا يفعل؟
يصلي لوحده، فإذا جاء آخر الليل نادى بأعلى صوته:
يا أيها الركب المعرشون أكل هذا الليل ترقدون ألا تقومون فتصلون.
يقول: فيهب أهل البيت جميعاً صغيراً وكبيراً، فمن باكٍ، ومن مصلٍ، ومن داعٍ، ومن متوضئٍ، ومن ذاكرٍ لله، يقومون حتى صلاة الفجر، لا يبقى أحدٌ في البيت إلا وقام.
وتزوج رياح القيسي رحمه الله امرأة -وهو رجل صالح- يقول: فلما جاء الليل في الليلة الأخرى قال: قامت تصلي، وأراد أن يختبرها، فقامت ربع الليل فلما انتهى ربع الليل قالت: يا رياح! قم فصلِّ، قلت: سوف أقوم، ورجعت ونمت، أريد أن أختبرها، يقول: فمضى الربع الآخر، نصف الليل وهي تصلِّ، فقالت: يا رياح! قم فصلِّ، تريده أن يصلي لتنام، يقول: فقلت: سأقوم ونمت، أريد أن أختبرها، يقول: فذهب الربع الثالث فقالت: يا رياح! قم فصلِّ، يقول: فقمت ورجعت فنمت، يقول: فقالت لي: مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم، ليت شعري من غرني بك يا رياح!
أي أنه لا يقوم الليل، فكيف بحال بيوتنا؟ لا يصلي بعضهم حتى الفجر، يقول: فقامت حتى الصباح، قامت الليل كله.
عبد الله! هل يُقرأ في بيتك القرآن؟
قال عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة).
ضعف العلم الشرعي
انظر إلى بيتك، أهلك، أمك وأبيك، هل حقاً يتعلمون العلم الشرعي؟
بعض الصالحين يهتم بالجيران، ويهتم بأهل المسجد، ويهتم بالناس، ولا يهتم بأمه ولا أبيه.
يروى أن أحد الصالحين جاء إلى أمه وقد كبرت في السن، قال: يا أماه! اقرئي عليَّ القرآن، قالت: يا ولدي لا أعرف إلا سورة واحدة أقرأ بها في جميع صلاتي، ظن أنها الفاتحة، قال: يا أماه! اقرئي عليَّ تلك السورة، فاستعاذت وسمت، ثم قالت:
إن لله عباداً فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا |
قال: يا أماه! القرآن، قالت: هذا أقرأ به في جميع صلاتي، قال: يا أماه! والفاتحة؟ قالت: والله لا أحسن غيرها. من المسئول؟
يقول عليه الصلاة والسلام والحديث في البخاري: (ثلاثة لهم أجران) ليس أجراً واحداً بل أجران يا من فرط بالأجور! يا من يبحث عن البعيد وأقرب الناس إليه قد فرط فيه! قال: (من الثلاثة: ورجلٌ كانت عنده أمة) ليست زوجته ولا أمه ولا أبناؤه، بل أمة، فكيف بالزوجة والأم، قال: (فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران).
تأتي امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: (يا رسول الله! غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً -أي: تعلمنا وتحدثنا وتفقهنا في أمور ديننا- قال: موعدكن بيت فلانة، فكنَّ يجتمعن، ويأتي عليه الصلاة والسلام ويدرسهن).
عبد الله! هلا جعلت في بيتك يوماً في الأسبوع تدرس فيه الأهل، تقرأ عليهم من رياض الصالحين، أو تفسير السعدي، أو بعض القرآن، أو تقرأ عليهم بعض القصص، أو تعلمهم بعض أمور الدين.
عبد الله! هلا جعلت في بيتك مكتبة سمعية وأخرى مرئية، هلا جعلت في بيتك مكتبة فيها بعض الكتيبات، وبعض القصص، وبعض المجلات، وبعض الأوراق والنشرات، لعلك -يا عبد الله- قد غفلت عن هذا.
عبد الله: إن من أهم الأمور أن تجعل في بيتك مجلساً تدرس فيه الأولاد، والزوجة، والأم، ما يحتاجونه من أمورهم، ولنضرب على ذلك أمثلة:
تجلس معهم جلسة في الأسبوع تقرأ عليهم بعض القصص، وبعض الأحكام التي يحتاجون إليها؛ في الطهارة، والصلاة، والتفسير، تفسر لهم الفاتحة، وبعض السور القصيرة، وتعلمهم بعض أحكام البيوت، وأحكام الطعام والشراب، وأحكام اللباس، وأحكام المجلس، وأحكام النوم، وآداب الاستئذان، وآداب المزاح.
يقول أبو قتادة: وكان يريد أن يتوضأ فقربوا إليه إناءً فيه ماء، فلما أراد أن يتوضأ جاءت هرة فشربت وولغت فيه ثم ذهبت، فتوضأ فقالت له زوجته: (تتوضأ وقد ولغت فيه الهرة! فقال لها يعلمها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيها: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات) تنظر إلى أخيك الصغير يشرب وهو قائم فتعلمه، تقول له: اجلس (نهى رسول الله أن يشرب الرجل قائماً) وتنظر إليهم وقد فعلوا بعض المنكرات -وسوف نأتي إلى بعضها- فتخبرهم بأن هذا الأمر حرام.
واطلب العلم قبل أن تعلم غيرك، واجعل لهم مسابقات في البيت في حفظ القرآن، وفي حفظ الأحاديث، وفي حل بعض الأسئلة، وفي قراءة كتاب، واجعل لهم جوائز مادية، وجوائز معنوية، كأن تذهب بهم رحلات إن أجابوا على هذه الأسئلة، وإن حفظوا تلك الأجزاء أو السور، يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6].
ومن الوسائل: أن تدعو في بيتك بعض الصالحين، قال نوحٌ عليه السلام رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً [نوح:28] فادع بعض الصالحين إلى بيتك، واجعل لأهلك يوماً تدعو فيه أحد الصالحين وتجعل لهم مجلساً يذكرهم وينصحهم ويعظهم كما كان يفعل رسول الله عليه الصلاة والسلام.
انتشار المنكرات والمعاصي
وسوف نسرد بعض المنكرات وتخيل بيتك وتذكر، وتجول في الغرف؛ لتنظر هل هذه المنكرات توجد فيه، ولعل المنكرات لا تعد ولا تُحصى ولكن هذه بعضها:
أول المنكرات وهي من أعظمها وأشدها: اختلاط النساء بالرجال، ودخول غير المحارم على النساء.
قال عليه الصلاة والسلام: (إياكم والدخول على النساء! قال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ -يعني قريب الزوجة أو قريب الزوج- قال: الحمو الموت) أي: الحمو بمثابة الموت.
انظر ماذا يحدث في بيوتنا؟
وتذكر من يدخل على أخواتك؟
هل يدخل عليهن من ليس بمحرمٍ لهن؟
من يدخل على أمك؟ من يدخل على زوجتك؟ من يدخل على بناتك؟
هل يدخل عليهن من ليس بمحرمٍ لهن ويختلي بهن وهن بغير حجاب؟
قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] أتعرف فيمن نزلت؟ لقد نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في الصحابيات العفيفات الطاهرات، فكيف بك أنت وكيف بنا نحن في هذه العصور التي كثرت فيها المعاصي وانتشرت؟!
ثانياً من المنكرات: السائقين والخادمات.
وفي ذلك من المنكرات ما الله بها عليم، واسمع إلى الحديث وكفى بهذا الحديث عبرة، يقول أبو هريرة وزيد بن خالد: (كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال: أنشدك الله -يسأل رسول الله- إلا قضيت بيننا بكتاب الله فقام خصمه وكان أفقه منه، فقال يا رسول الله: إن ابني كان عسيفاً عند هذا) أي: خادماً عند هذا، انظروا إلى خطورة الخدم والسائقين والخادمات، ودخولهم إلى البيوت بغير حرمة وبغير استئذان.
قال: (إن ابني كان عسيفاً عند هذا -يعني خادماً- قال: فزنا بامرأته) أتعرف هذه القصة فيمن نزلت؟ وأين وقعت؟ في عهد رسول الله (قال: فزنا بامرأته فافتديت ابني منه بمائة شاة وخادم) حتى أحل المشكلة ويسكت أعطيته مائة شاة وخادم، والآن ماذا يحدث؟
إذا زنا ابنه بالخادمة ماذا يفعل؟
يسكتها ببعض المال ويرسلها إلى بعض الدول لتقتل الولد الذي حملت به، فيجمع بين الزنا والقتل ثم يرسلها إلى بلدها، انظر إلى الجرائم التي تحدث في بيوت المسلمين بسبب خادمة تأتي بغير حاجة، وتختلط مع أهل البيت بغير ضرورة، وبغير حاجة، وبغير ضوابط.
قال: (ثم سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وعلى امرأته الرجم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله -لا مجاملة، حكم الله ينزل- قال: المائة شاة والخادم رد عليك -رجع له المائة الشاة والخادم، لأن ذلك ليس حكم الله- قال: وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام لا مجادلة فيها ولا مجاملة، ابنك يجلد مائة جلدة ويطرد سنة كاملة- قال: واغدُ يا
فانظر ماذا يحدث مع السائقين!
عبد الله! تخرج أختك مع السائقين لوحدها، أليست خلوة؟
أليس الشيطان ثالثهما؟ ثم تسأل بعدها: أختي لم تلتزم؟ زوجتي لم تصلح؟
ألا تسأل ابنك: لِمَ يجلس في البيت والخادمة موجودة؟
ألم تحاسب الخادمة: كيف تخرج متبرجة؟
من الذي أجاز لك أن تستقدم الخادمة ثم ترسلها بين المسلمين عارية متكشفة؟ من الذي أباح لك هذا؟
من الذي أجاز لك أن تأتي بكافرة إلى بلاد المسلمين؟
عبد الله! إن في الخادمات والسائقين والخدم خطورة لا يعلم بها إلا من عرفها.
ثالثاً: من المنكرات: التلفاز.
الشاشة، مدمرة البيوت، ومفسدة الأخلاق، والله إن في الشاشة لأخطار لا يعرف حقيقتها إلا من عرف دين الله، وعرف شرع الله، وذلك في العقيدة، يجلس الأبناء أمام التلفاز فماذا يرون؟
يرون النصارى واليهود، ويحبون هذا الممثل، وتلك الممثلة، وهذا اللاعب، وتلك المطربة، وهم نصارى ويهود، وبعد هذا يهدم الولاء والبراء من نفوسهم.
ماذا يرون؟
الصليب يمسح على مريض فإذا به يُشفى، سبحان الله صغار سن! ماذا يرون؟
تأتي الراهبة تخرج من الكنيسة، فتذهب إلى ذلك الميت تقرأ عليه فإذا به يحيا، سبحان الله! ما الذي يرون؟
يرون رجلاً يموت فتذهب روحه إلى السماء، فتأتي إلى الذي يحاسبه من؟
الله!! فينظر الطفل إلى الرب يحاسبه ماذا يفعل.
يرسله إلى الجنة أو إلى النار!! سبحان الله! ما الذي سوف يُغرس في قلوب هؤلاء الأولاد، تظن عبد الله أنك سوف تعلمه العقيدة؟ أي عقيدة؟
ومن أخطاره في الاجتماع، انظر كيف يؤثر التلفاز على روابطنا الاجتماعية! التلفاز يدعو إلى الجريمة، من الذي علم أولئك الأولاد كيف يسرقون؟
أم كيف يغتصبون؟
أم كيف يضربون ويبطشون؟
أم كيف يقتلون؟ أم كيف يفعلون ويفعلون؟
من الذي دربهم وعلمهم شيئاً فشيئاً خطوة فخطوة إنه التلفاز، ونحن لا نشعر، ونقول: إذا أخرجنا التلفاز فكيف يقضون الأوقات؟ مساكين ما عندهم شيء غير هذا التلفاز.
كذلك أخلاقياً، ما الذي يثير شهوة البنت؟ أختك، أتعرف ماذا ترى؟ ترى العراة وشبه العراة في كل ليلة.
تخيل عبد الله أن أختك أو زوجتك ترى هذا المنظر! أو أن أمك رأت ذلك المنظر! هل تتحمل تلك الشاشة؟ أم تملكك نفسك؟
عبد الله أين الغيرة؟ أين الشهامة؟ أين الرجولة وزوجتك وأختك وأهل بيتك ينظرون إلى العراة، وإلى شبه العراة في كل ليلة، وأنت ساكت، وأنت لا تبالي، وبعد هذا تقول: فسد البيت، فسد البيت، وانتشرت المنكرات، ولم يستمع إلى نصحي أحد؟؟
أيضاً: في الإجازة كيف يستطيعون أن يصلوا الفجر وهم يسهرون على التلفاز؟
انظروا ماذا يحدث في النساء إذا أراد الرجل أن يتزوج عليها، ماذا تقول؟
تقول: الزواج من المرأة الأخرى ظلم، وتعدي ولا يجوز، وهذا حرام، وهذا رجلٌ ظالم، من الذي علمها؟
ومن الذي أفسد عقيدتها وعبادتها؟
إنه التلفاز وأنت لا تشعر يا عبد الله.
وتاريخياً: يفسد التاريخ، ويكذب على الناس وكم كذب عليهم! وصحياً: يضعف البصر والجسد، ومالياً: يرهق رب الأسرة، التلفاز يتبعه جهاز الفيديو، وبعده الأشرطة، وبعدها التصليح، وبعده يريدون جهازاً أكبر، ثم البث المباشر وما أدراك ما البث المباشر؟ ونترك هذا فكلٌ منكم يعرف خطورته.
أيضاً: من المنكرات يا عبد الله! الهاتف.
يقول أحد المصلحين: ما مررت على جريمة إلا وكان الهاتف وسيطاً فيها، الزنا، السرقة، حتى الأعراض، الهروب من البيت، المخدرات، المسكرات.
يا مسكين! يرفع رجلٌ سماعة الهاتف، أين فلان؟
صاحبه، من الذي ترد عليه؟
أختك، أو زوجتك، فلان ليس هنا، وبعضهن نسأل الله العافية ترقق صوتها وتجمله، والذي في قلبه مرضٌ يطمع، فيتصل بعد فترة ويقول: أين فلان؟
فتقول: غير موجود، فيقول: إذا أتى قولي له فلان اتصل عليك، ثم المرة الثالثة، ويسأل المرة الرابعة: أين ذهب؟ متى ذهب؟ ألم تخبريه، ثم يتحدث معها وهي ترد عليه، الرابعة الخامسة السادسة ... العاشرة، ثم بعدها نظرة فابتسامة فكلامٌ فموعد فلقاء، من الذي أوصلها إلى تلك الجرائم، وذلك الحضيض؟
إنه الهاتف ولا أحرمه، فإن فيه فوائد كثيرة، وفيه مصالح عظيمة، ولكن تضبط بضوابط الشرع يا عبد الله! هل يصح أن يظل الهاتف في غرفة أختك الساعات الطوال؟
من تكلم؟ تضحك عليك، أكلم فلانة، من فلانة؟ لا تدري؟ الهاتف وضع للاحتياجات الضرورية، تكلمها في حاجة ضرورية ثم بعدها تضع الهاتف وتغلقه، وإن كان هناك رجل لا ترفع المرأة الهاتف، ما الذي يجعلها ترفع الهاتف وهناك رجل، وزوجها موجود وأخوها موجود فهو الذي يرفع الهاتف، فإن كان ولا بد فرفعت الهاتف فلتلتزم قول الله: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] وكم من المصائب كانت بدايتها الهاتف؟
ومن المنكرات التي تنتشر في البيوت وابحث عنها في بيتك يا عبد الله، وأصلحها شيئاً فشيئاً حتى لا تؤتى من قبل البيت: رموز الديانات الكافرة.
ابحث في بيتك، إن كان هناك صليب فاكسره ولا تبالغ، ولا يصيبنك الوسواس، كلما رأيت خطين متقاطعين قلت هذا صليب وكسرته، لا، ما كان يشبه الصليب فأزله، تقول عائشة رضي الله عنها في البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه).
السادسة: صور الأرواح.
ادخل كل غرفة إن كانت لك سلطة، وإلا فبالتي هي أحسن، بالحكمة والموعظة الحسنة، ادخل كل غرفة، فإذا رأيت صورة معلقة، أو تمثالاً موجوداً، أو على أي مكان، يقول عليه الصلاة والسلام في حديث علي: (أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثناً إلا كسره، ولا صورة إلا لطخها) يعني طمسها، من مثله يفعل؟
يذهب إلى البيت ويبحث في كل غرفة، إن كانت هناك صورة بدأ بالتي هي أحسن وقال: هذا حرام، تقول عائشة: (اشتريت نمرقة فيها تصاوير، فدخل عليه الصلاة والسلام فرآها فوقف عند الباب، فرأيت في وجهه كراهة، فقلت: يا رسول الله: أستغفر الله وأتوب إليه ما أذنبت؟ قال: ما هذه النمرقة؟ يا
عبد الله! هلا كان لك بهذا الموقف أن تأتي إلى أبيك فتخاطبه بالتي هي أحسن فتقول له: يا أبتاه! إن هذه الصورة حرام تمنع الملائكة من دخول البيت، فلا تجعلوها تدخل البيوت، وكم انتشرت المنكرات في بيوتنا، يقول عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، ولا تجعلوا بيوتكم مقابر) هل المقابر فيها صور؟ المقابر والحشوش والخلاء ينتشر فيها الشياطين لأنه لا يذكر فيها الله، هل فيها صور؟
ليس فيها صور، فكيف لو جاءت الصور؟
كيف لو كثرت التماثيل؟
كيف تنتشر الشياطين؟
ثم بعدها نسأل: لِمَ هذا المس الذي يصيب كثيراً من الناس؟
امرأة تصاب بمس، وشاب يصاب بمس، وينتشر السحر، وينتشر الجن والشياطين في البيوت، فما السبب؟ وما الذي يحدث؟
انظروا إلى بيوتنا كيف انتشرت فيها المنكرات.
السابعة: التدخين.
وهو من المنكرات، فلا تسمح أن يدخن في بيتك، إن كنت صاحب سلطة كالأخ الكبير، والزوج، والأب، يقول الله عز وجل: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] والدخان منها، والدخان حرام، ومنكر شرعاً، ولا يجوز لك أن تجلس في مجلسٍ يدخن فيه، فإن كنت تستطيع أن تنكره بيدك فافعل فإن لم تستطع فبلسانك فإن لم تستطع ففارق هذا المجلس، ولا تجلس في مجلسٍ كهذا، ولك أن تضع لوحة في المجلس -إن كنت لا تستطيع ويغلبك الحياء- تمنع بها التدخين، واطلب من الكبار أن يمنعوا كل من يدخن، ولا تجعل في بيتك أدوات طفايات أو ولاعات أو غيرها للمدخنين، لا تسمح في بيتك لهؤلاء، من أراد أن يدخن ليخرج ويدخن ثم يرجع إلى البيت، حاول قدر المستطاع، إن لم تستطع ففارق هذه المجالس التي يدخن فيها.
ومن المنكرات: الإسراف في تجميل البيوت وتزويقها.
تقول عائشة: (إن رسول الله خرج في غداة فأخذت نمرقة فسترته على الباب -قماش على الباب- تقول: فلما قدم فرأى النمرقة، عرفت الكراهية في وجهه، تقول: فهتكته -قطع القماش- فقال: يا
أخيراً من المنكرات: المجلات الخليعة.
لا تسمح أن تبقى في بيتك مجلة خليعة، بعض الإخوة يشتري الجريدة وفيها ملاحق نازلة فاسقة فاجرة، ويقول: أتابع الأخبار، فمن الذي أباح لك أن تدع هذه الملاحق في البيت؟
من الذي يقرؤها؟ من الذي ينظر إلى الصور؟
أختك وأخوك، أبوك وأمك، وزوجتك، أدخل الجريدة بغير الملحق إن كان فيها صور عارية، وإن كنت تستطيع أن تقطع تلك الصور الخليعة فافعل، وبعد هذا أخرج هذه المجلات من البيت بعد أن تقرأ ما فيها من أخبار، ولا تصبح المجلات مرمية في كل بيت، مجلات للأزياء، ومجلات للأخبار، وملاحق، وصور عارية، توضع في البيت من الذي ينظر إليها؟ من الذي يطلع عليها؟ من الذي يفتتن بها؟ ومن الذي يجلس في البيت وأنت غائبٌ عنه.
ضعف الروابط الأسرية
أخاطب الصالحين، أخاطب الدعاة بهذا بعض الصالحين يتعجب أن الأهل لا يستجيبون.
أنكر المنكر فلا أحد يستجيب، وأنصحهم بالصلاة فلا أحد يصلي، أقول لهم: أبعدوا التلفزيون فلا يبعدونه، فماذا أفعل؟
أقول لك يا عبد الله! أد دورك في البيت يستجب الأهل لك، فما دورك في البيت؟
يدخل بعض الصالحين ولا يتكلمون، يستمع إلى شريط، ثم يقرأ في كتاب، فإذا أذن المؤذن خرج المسجد فحضر الدرس وجلس مع الصالحين، ثم رجع البيت، تعشى ثم نام، ثم قام في الصباح إلى المدرسة، ثم رجع وهكذا.
أمه تقول له: تذهب إلى السوق؟
يقول: ما أستطيع عندي درس، اشتر الأغراض يوجد غيري فليذهب.
هناك ضيوف في البيت من الذي يستقبلهم؟
الديوان موجود.
أبوك سيسافر يحتاج إلى أغراض؟
يوجد غيري في البيت، ثم بعد هذا يسأل هذا الرجل يقول: لماذا لا يستجيب الأهل؟
سل نفسك يا عبد الله! واعلم أن البيت ليس فندقاً، تسلم ثم تأكل وتشرب ثم تذهب، لا بل أنت مسئول في البيت حالك كحال غيرك، عليك وظيفة كما على غيرك وظيفة، لا يصلح أن يأتي ذلك الفاسق فيقوم بأعباء البيت وأنت الصالح التقي لا تقوم بالأعباء، واسمع إلى تلك الأحاديث واعجب لها، تقول عائشة: (كان رسول صلى الله عليه وسلم يخيط ثوبه) تخيل يخيط ثوبه، إمام المسلمين، وخير الناس على وجه الأرض يخيط ثوبه، قالت: (ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم) فهل تعمل هذا يا عبد الله؟
عبد الله! ما بالك لا تبر بوالديك، والوالدة لا تعطف على ولدها، والزوج لا يراعي حقوق زوجته، ولا الزوجة تراعي حقوق زوجها.
عبد الله! انظر إلى هذا الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: (كل لهو ابن آدم باطل إلا ثلاث -وذكر منها- مداعبة الرجل زوجته) فهل تداعب الزوجة؟ (هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك) هلا بكراً، كان عليه الصلاة والسلام يمازح عائشة ويتسابق معها، بل تقول رضي الله عنها: (كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد بيني وبينه واحد فيبادرني -انظر يمازحها وهو يغتسل وهي تغتسل- تقول: فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي، فتقول: ونحن جنبان) انظر كيف كان يمازحها وهو على جنابة، وهي على جنابة، بل كان إذا أتى من سفر يستقبله الصبية في البيت، فيعانقهم ويحتضنهم عليه الصلاة والسلام، انظروا إلى دورنا في البيوت، ثم نسأل عن دور الأهل؟
ضعف الرقابة والمحاسبة
أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ وما دورك في البيت؟
ألا تسأل أختك عندما خرجت أين ذهبتِ؟
ولا تبالغ فيها، بل كن وسطاً فيها، أين ذهبت؟
من الذي أوصلك؟ وليس كل مرة حتى لا يضيق الأهل منك، ولكن بعض المحاسبة والمراقبة يا عبد الله! في البيت: مع من رجعت؟ لم تأخرتِ؟ والأب يسأل ابنه، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم تأتي فاطمة فيقول لها: (أين كنتِ؟ فتقول: كنت في جنازة لبني فلان، فقال: لعلك بلغت معهم ... -يعني المقبرة- تقول: يا رسول الله! كيف أفعل وقد سمعتك قلت فيه ما قلت! قال: أما إنك لو فعلت -أي دخلتِ المقبرة- ما دخلت الجنة حتى يدخلها جد أبيك).
وعائشة رضي الله عنها تقول: يخرج النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً إلى البقيع قالت: فأذهب خلفه وأنظر ماذا يفعل؟ تقول: ودخل المقبرة، ثم رجع، فرجعت، فهرول فهرولت ودخلت البيت وسبقته فدخلت تحت اللحاف وغطيت نفسي، فدخل عليه الصلاة والسلام فجلس عندها فاستمع إليها تتنفس بسرعة، قال: (ما شأنك يا
انظر كيف كان يسألها، وكيف كان يحاسبها، فهلا حاسبت زوجتك؟ وهلا حاسبت إخوانك؟ وهلا حاسبت أهل بيتك؟
إهمال الأولاد في البيوت
عباد الله! كلٌ منا له إخوة صغار، وله أبناء، فما دورك معهم؟
هلا جلست معهم تقص عليهم القصص؟
تعلمهم أصول العقيدة، كيف كان النبي عليه الصلاة والسلام مع ابن عباس يعلمه أصل العقيدة؟ (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك) هلا قصصت عليه قصة نوح، أو قصة أصحاب الكهف، أو قصة أصحاب الغار، وتعلمهم الآداب، وتحفظهم كتاب الله، وانظر هلا جلست تمازحه في البيت فقد كان عليه الصلاة والسلام يمازح الأطفال الصغار.
يقول يعلى بن مرة -واستمع إلى هذا الحديث العجيب- (
الأولى: ضعف الإيمانيات والعبادة فيها. حتى لا تكاد تجد فيها مصلياً، أو داعياً، أو قارئاً للقرآن، أو ذاكراً لله، أو تالياً آيات الله، أو باكياً، أو رافعاً يديه، يقول عليه الصلاة والسلام: (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت) فهل رأيت الفرق بينهما؟ ويقول الله عز وجل لموسى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً [يونس:87] لمَ؟ ماذا نجعل في هذه البيوت يا رب؟ لقد كان فرعون يقتل الرجال ويستحيي النساء، ويتبعهم ويلاحقهم ويعذبهم، فما حاجتنا لهذه البيوت؟ قال الله تعالى: أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً [يونس:87] قال ابن عباس: [أمروا أن يتخذوها مساجد] ليلزم كلٌ بيته، وليغلق على نفسه الباب، وليأتي إلى زوجته وأبنائه وإخوانه وأخواته فليقيموا فيه الصلاة. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] أين بيوتنا من تلك البيوت؟ ولنسرد عليكم بعض صفات بيوت الصالحين وقس بيتك على بيوتهم: عتبان بن مالك أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم البدريين يقول: (أتيت رسول الله، فقلت: يا رسول الله! قد أنكرت بصري -يعني: ضعف بصري- وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار وسال الوادي الذي بيني وبينهم لا أستطيع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، وددت يا رسول الله! -انظر إلى طلبه وقس نفسك عليه- أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى) أي: تصلي فأجعل مكاناً في بيتي مصلى أصلي فيه، فأين هذا المصلى في بيتك؟ ابحث عنه، هل هو في غرفة نومك؟ أم في غرفة الجلوس؟ أم المكان الذي يجتمع فيه أهل البيت؟ سل نفسك هل يوجد هذا المصلى في بيتك تصلي فيه النوافل؟ قال: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سأفعل إن شاء الله، قال عبد الله! هل تتذكر آخر مرة صليت فيها نافلة في بيتك؟ قال عليه الصلاة والسلام: (اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها مقابر) عندما تصلي في البيت ويأتي أخوك الصغير، فينظر إليك، فماذا سيفعل؟ وعندما تأتي أختك الصغيرة، فتنظر إليك وأنت تصلي النافلة، وتراقب، فماذا تظنها فاعلة؟ سوف تقلدك في الصلاة، تخيل -عبد الله- وأنت تصلي هل يجرأ أحدٌ في البيت أن يغني، أو يرفع أصوات الغناء؟ فوالله إن الشياطين لتفر من البيت، فلتجعل لبيتك من صلاتك النافلة. يقول ابن عباس -انظر الابن إذا رأى زوج خالته يصلي ماذا يفعل؟- يقول ابن عباس: (بت في بيت خالتي كان عبد العزيز بن أبي روَّاد رحمه الله إذا جن عليه الليل يأتي إلى فراشه فيمر يده على فراشه فيقول: إنك للين، ووالله إن في الجنة لألين منك. نعم إن الفراش لين، لكن في الجنة ما هو ألين منه، ولا يزال يصلي الليل كله إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:15-16]. و معاوية بن قرة كان يقول إذا صلى العشاء: يا بني! نوموا، يا بني! نوموا لعل الله أن يرزقكم من الليل خيراً، يأتي بعد العشاء وينوم أهل البيت حتى يقوموا آخر الليل. وانظر إلى الأم كيف تتأثر بابنها إذا صلى! تقول أم الربيع بن خثيم إذا رأته قام بالليل، يصلي فيبكي: يا بني! لعلك قتلت قتيلاً -أخبرني اعترف- فيقول: يا أماه قتلت نفسي أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9]. وانظر كيف تتأثر البنت بأبيها عندما يصلي! تقول ابنة عامر بن عبد قيس: يا أبتاه! مالي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام! فيقول: يا بنية! إن جهنم لا تدع أباك ينام وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً [طه:132]. عبد الله! أين أنت من صلاتك في البيت؟ انظر إلى أولئك الصالحين، تقول زوجة مسروق: كان إذا قام الليل جلست خلفه أبكي عليه، فإذا صلى انتفخت قدماه، فإذا انتهى من صلاته لا يستطيع أن يمشي من شدة القيام، تنتفخ قدماه، تقول: أبكي خلفه وأسأل الله عز وجل أن يعينه. انظر كيف تتأثر الزوجة بزوجها؟ وانظر كيف يتأثر الابن بأبيه يقول: عبد الله بن الإمام أحمد: كان أبي يقرأ كل يوم سُبعاً، يعني سبع القرآن، يصلي بالليل سبع القرآن، يعني في كل سبعة أيام يختم القرآن كله، يقول: وكان ينام نومة خفيفة بعد العشاء ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو. يقول وكيع: كان علي والحسن ابنا صالح بن حي وأمهم قد جزءوا الليل ثلاثة أجزاء -تخيل- يقول: فكان علي يقوم الثلث ثم ينام، ويقوم الحسن الثلث ثم ينام، وتقوم أمهما الثلث ثم تنام. يعني الليل كله صلاة في صلاة، وتدخل البيت فلا تسمع -كما تسمع في بيوتنا- تلفازاً ومسلسلات وأغاني ومجوناً وطرباً وفساداً وتنتشر الشياطين وتعشعش في البيوت، لا والله إن دخلت فالليل كله قراءة في قراءة، من أوله إلى آخره، فماتت الأم فجزآ الليل بينهما، أحدهما نصف الليل والثاني النصف الآخر، قال: ثم مات علي، فقام الحسن الليل كله، حتى لا تمر دقيقة في الليل إلا وفي البيت مصلي. زيد بن الحارث أتعرف ماذا يفعل؟ كان يجزئ الليل مع ابنيه ثلاثة أجزاء، له جزءٌ، ولابنه جزءٌ، ولابنه الثالث جزء. حتى لا تبقى في الليل ثانية إلا ومصلٍ أو راكعٍ أو ساجدٍ أو قارئ للقرآن. ويقول إبراهيم بن وكيع: كان أبي يصلي فلا يبقى في دارنا أحدٌ إلا صلَّى حتى جارية سوداء. كل أهل البيت يصلون حتى الخادمة تصلي معهم في الليل. ويقول أبو عثمان النهدي: تضيفت أبا هريرة -جلست عنده ضيفاً- سبع ليال، يقول: فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثاً، تخيل حتى الخادمة تصلي معهم الليل وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً [مريم:54] أتعرف ماذا كان يفعل؟ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً [مريم:55]. عبد الله! إن قمت لصلاة الفجر فمن يقوم معك؟ إن قمت الليل فمن يصلي معك؟ سلوا أنفسكم وانظروا إلى بيوتكم، كلٌ منا ينظر إلى بيته، هل يقوم أهل البيت؟ هل يقوم الوالد والوالدة؟ هل يقوم الإخوة والأخوات؟ هل يقوم الأبناء؟ هل تقوم الزوجة؟ هل يقوم الأهل؟ يقول رفعة بن صالح: كان له أهلٌ وبنات كان يقوم فيصلي ليلاً طويلاً، فإذا كان السحر، يعني: إذا جاء آخر الليل أتعرف ماذا يفعل؟ يصلي لوحده، فإذا جاء آخر الليل نادى بأعلى صوته: يا أيها الركب المعرشون أكل هذا الليل ترقدون ألا تقومون فتصلون. يقول: فيهب أهل البيت جميعاً صغيراً وكبيراً، فمن باكٍ، ومن مصلٍ، ومن داعٍ، ومن متوضئٍ، ومن ذاكرٍ لله، يقومون حتى صلاة الفجر، لا يبقى أحدٌ في البيت إلا وقام. وتزوج رياح القيسي رحمه الله امرأة -وهو رجل صالح- يقول: فلما جاء الليل في الليلة الأخرى قال: قامت تصلي، وأراد أن يختبرها، فقامت ربع الليل فلما انتهى ربع الليل قالت: يا رياح! قم فصلِّ، قلت: سوف أقوم، ورجعت ونمت، أريد أن أختبرها، يقول: فمضى الربع الآخر، نصف الليل وهي تصلِّ، فقالت: يا رياح! قم فصلِّ، تريده أن يصلي لتنام، يقول: فقلت: سأقوم ونمت، أريد أن أختبرها، يقول: فذهب الربع الثالث فقالت: يا رياح! قم فصلِّ، يقول: فقمت ورجعت فنمت، يقول: فقالت لي: مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم، ليت شعري من غرني بك يا رياح! أي أنه لا يقوم الليل، فكيف بحال بيوتنا؟ لا يصلي بعضهم حتى الفجر، يقول: فقامت حتى الصباح، قامت الليل كله. عبد الله! هل يُقرأ في بيتك القرآن؟ قال عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة).
استمع المزيد من الشيخ نبيل العوضي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
رسالة إلى كل من ابتلي بمس أو سحر أو عين | 2683 استماع |
فرصة للتوبة | 2630 استماع |
فصة برصيصا | 2597 استماع |
التوحيد | 2594 استماع |
قصة الفاروق الحلقة السادسة | 2528 استماع |
العبادة في رمضان | 2486 استماع |
الوقت وأهميته | 2467 استماع |
دعاة الفساد | 2460 استماع |
لنخرج العباد من عبادة العباد | 2456 استماع |
لقاء مع الشيخ المغامسي | 2437 استماع |