المرأة بين الرعاية والجناية [3]


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي أكرمنا بالإيمان، وأعزنا بالإسلام، وشرع الشرائع وأحكم الأحكام، وجعل فيها الخير والمصلحة للأنام، ووعد من التزمها بالجنة دار السلام، أحمده سبحانه وتعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه، فهو أهل الحمد والثناء، لا نحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد على كل حال وفي كل آن، وله الحمد ملء السماوات والأرض وملء ما شاء من شيء بعد، له الحمد حتى يرضى، وله الحمد بعد الرضا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير.

وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، علم الهدى، ومنار التقى، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيع عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

أيها الأخوة المؤمنون! ما زلنا نتواصل معكم في موضوع [المرأة بين الرعاية والجناية] كي نستوفي به ما ابتدأناه من الحديث في شأن تشريع الحجاب على وجه الخصوص، وأحب ابتداءً أن أشير إلى أن الخطبة الماضية في هذا الموضوع كانت لهدفين أساسيين مهمين:

أولهما: الارتباط بكتاب الله، وسيرة رسوله صلى الله عليه وسلم، فنحن ندرك ونوقن ونؤمن بأنّ ما يلزمنا من الأوامر، وما ينبغي علينا الابتعاد عنه من النواهي، إنما هو من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

الأمر الثاني: بيان ضلال وفساد الأقوال المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الذين دعوا إلى تحرير المرأة -كما يزعمون-، وإن الذين ضاقوا بتشريع الحجاب للمرأة المسلمة -كما يظهرون-؛ لم يتحدثوا ولم يكن شأنهم أن يتحدثوا عن كشف الوجه والكفين، فتلك مسألة خلافية، وفيها لأهل العلم قديماً وحديثاً أقوال، ولم يكن مقصد حديثي أن أشير إلى ذلك، ولا يصلح في خطبة الجمعة ذكر الأقوال وترجيحها في مسائل دقيقة أو مختلف فيها، ولكن حديثنا كان -كما نعلم من الواقع اليوم- عن كشف النحر، والصدر، والذراعين، والساقين، بل وما هو أكثر من ذلك مما تعلمون وترون وتسمعون وتقرءون.

وحديثنا اليوم استكمال لهذا الجانب، ويؤكد مثل هذه المعاني، فنحن نتحدث اليوم عن رعاية الحجاب للمرأة والمجتمع، وأن مخالفة هذا التشريع في الحجاب على الوجه المعروف جناية عظيمة تشقى بها المرأة أولاً، ويشقى بها المجتمع كاملاً ثانياً.

الرعاية التربوية في الحجاب

إن الحجاب رعاية تربوية، ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى التربية، وإلى الأخلاق الفاضلة، وإلى السلوك المستقيم، وإلى التصرفات التي تنم عن سمو في القيم والمبادئ، وكم نشكو اليوم من التهتك والتسكع، ورقة الدين، وضعف الأخلاق، وانحلال السلوك.

إن الحجاب في حقيقة أمره تشريع من الله سبحانه وتعالى، وعندما نتأمل حكَمه تتجلى لنا وجوه من الرعاية العظيمة، فهناك شئون تربوية كثيرة تكتسبها المرأة المسلمة المتحجبة:

أولها: تأكيد وإظهار لإيمانها المطلق وتسليمها التام لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7]، فلسان حال المرأة المتحجبة وكأنها من الراسخين في العلم، فتراها تضع الأمر بالقرآن أو الهدي من السنة فوق رأسها، فتلتزمه وتظهره وتبدي أنه ليس لها من توجيه في أمر ولا نهي إلا من هذين المصدرين.

وسلوا المرأة المسلمة غير المتحجبة من أين أخذت هذا الأمر؟ ومن أي جهة أخذت هذا اللباس؟

لن تستطيع أن تنسب نفسها إلى كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو أرادت أن تنتسب فسوف تنتسب إلى شذاذ في آفاق الأرض من اليهود أو غيرهم، أو إلى فساق من أهل الإسلام ممن سمعتهم وسيرتهم يعف اللسان عن ذكرها، فهم الذين قالوا لها: انزعي حجابك، واكشفي ذراعيك، وحرري ساقيك، وأبرزي نهديك .. إلى غير ذلك.

وهنا أيضاً أمر آخر في شأن التربية وهو: احتساب الأجر والمثوبة، فإن هذا البعد له أثر في تربية المرأة المسلمة، فهي عندما تتحجب حتى في وقت شدة الحر فإنها تعرف وتوقن أن لها بذلك أجراً وثواباً، وأنها تدخر عند الله جل وعلا حسنات كثيرة، وأنها تفعله -كما هو حال المسلم في كل شيء يفعله- استجابة لأمر الله وتقرباً إليه سبحانه، ولو كان ذلك من أمور الحياة العادية فإنها تؤجر عليه كما قال صلى الله عليه وسلم: (حتى اللقمة يضعها الرجل في فم زوجته له بها أجر)، بل قد قال صلى الله عليه وسلم: (وفي بضع أحدكم صدقة؛ فتعجب الصحابة قائلين: أو يقضي أحدنا شهوته ويكون له بها أجر؟! فقال: أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال) .

إن ذلك التعليم النبوي يدلنا على أن امتثال الأمر أو اجتناب النهي سببه ذلك الارتباط المنهجي بالقرآن والسنة، وهو أمر يؤجر عليه صاحبه، فكم من أجر لهذه المرأة! فإنها كلما خرجت لحاجتها وهي ملتزمة حجابها، مستجيبة لأمر ربها، ومقتفية لهدي رسولها صلى الله عليه وسلم فإنها تؤجر على ذلك.

وهذه تربية مهمة؛ لأننا نريد أن نربي المسلم عموماً على أن ينوي في كل عمل نية صالحة في استجابته لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وأمر ثالث مهم في التربية وهو: أمر الحياء، فالحياء خلق يبعث على فعل الجميل وترك القبيح كما يقول أهل العلم، والحياء سمة وخلق رفيع سام، من تحلى به عف لسانه، وغض بصره، وكان بعيداً عن فاحش القول وسوء الفعل، وهذا الحجاب يحافظ على حياء المرأة محافظة عظيمة، ونحن نعلم أن الحياء صفة للإنسان رجلاً وامرأة، لكنه عند المرأة أعظم، والحجاب يرعى هذا الخلق وينميه، ولو رأيتم المرأة المتحجبة كيف يكون حالها إذا هبت الريح فرفعت ثوبها أو جاء إنسان فجأة ودخل عليها، فإنها تكون متغيرة ومتأثرة، بل عندما يأتي الشاب إلى الفتاة المتحجبة ليخطبها يحمر وجهها خجلاً، وانظر إلى امرأة ليست متحجبة، واقرأ سطور الحياء فلن تستطيع أن تراها في ذلك الوجه الذي ضج بالمكياج وسبل التجميل، والشعر الذي فرد، والأيدي والأذرع المكشوفة وغير ذلك، فأين ذهب الحياء؟! سترى أن نزع الحجاب هو نزع للحياء، ولقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت).

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الحياء وصلته بالإيمان فقال -كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة -: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق) فلم يكتف صلى الله عليه وسلم بذكر الأعلى والأدنى ولكنه قال: (والحياء شعبة من الإيمان) .

وعند الحاكم في مستدركه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الإيمان والحياء قرنا جميعاً، فإذا نزع أحدهما نزع الآخر) ، وانظروا إلى النساء اللائي قد نزعن حجابهن كيف ضاع حياؤهن، فإنك تأتي إلى المرأة فترخي بصرك حتى لا تنظر إليها، وهي مسلطة بصرها إليك، وتحدثها حديثاً غير مباشر، وهي تتحدث بكل وضوح وصراحة، وقد تجتنب الجلوس إلى جوارها، وهي تكاد تلتصق بك!

إن معنى الحياء مرتبط بالحجاب، وإن نزعه ولا شك سوف يغيض هذا الخلق، وسوف يضعف هذه السمة في المرأة حتى وإن كانت لا تقصد ذلك، فإن طبيعة الإنسان التأثر والتغير، ونحن جميعاً نشهد ذلك ونعلمه من واقع الحال.

وفي التربية أمر مهم: وهو الأنوثة في المرأة، ونحن نعرف أن المرأة فيها أنوثة تتمثل في جمالها، ورقتها، وفيض عاطفتها، وتدفق مشاعرها، وإن الحجاب يجعل لها ذلك الصون وتلك السمة في محافظتها على أنوثتها التي هي من نعم الله عز وجل.

وانظروا إلى المرأة التي نزعت حجابها وتبرجت: أين أنوثتها؟ لقد عرضتها على قارعة الطريق وامتهنتها، وكأنها تتسول من ينظر إليها، وتدعو من يلتفت إلى جمالها. إن البضاعة العظيمة لدى صاحبها لا يعرضها إلا للفت النظر إليها، ولترغيب الناس فيها، أما إن كانت بضاعة تخصه فإنه لا يعرضها، بل يحفظها؛ لينتفع بها وحده، فإن عرضها فإن الناس كلهم سوف يأتون ليأخذوا حظهم منها أو ليدفعوا ثمنها، وأعجب من رجل مؤمن مسلم يسير ومعه امرأته وقد تبرجت وأظهرت زينتها! ولو سألتها: لم تبرزين مفاتنك؟ ألستِ متزوجة؟ ستقول: بلى. ألست عفيفة؟ ستقول لك بملء فيها: بلى. ولن نكذبها في ذلك، لكننا نقول: لماذا تبرزين هذه الزينة وذلك الجمال؟! ولماذا تمتهنين هذه الأنوثة؟!

وما الذي بقي للزوج من امرأته إذا كانت على شاطئ البحر بلباس البحر، وكل عورتها مكشوفة إلا السوءتين؟! أليست عاملاً مشتركاً لكل هؤلاء الرجال؟! فما الذي خُص به زوجها؟! كل الحواجز تنهار إذا تكشفت المرأة، وتصبح حتى تلك الخصوصية بينها وبين زوجها مهددة، واقعاً لا مثالاً، وحقيقة لا خيالاً!

إذاً: هذه المرأة تضيع أنوثتها، وذلك أيضاً ماسخ لفطرتها، وكلكم يعلم شأن المرأة المسترجلة، فتراها إذا مشت تمشي وكأنها عسكري، وتبدي كل ما لديها من جسمها، وتخالط الرجال وتتحدث معهم، وتخرج إلى الأسواق، وتذهب إلى الأعمال، وتعيش حياتها خارج بيتها، فما الذي يبقى من أنوثتها؟! وما الذي يبقى من السر الذي ينجذب إليه الرجل منها؟! وذلك أيضاً شأن تربوي خطير.

الحجاب والرعاية النفسية

إن كثيراً من الأخطار والأمراض والأحوال النفسية التي تصيب المرأة عموماً، والفتاة المراهقة عند بلوغها خصوصاً مردها إلى شأن الحجاب، وليس ذلك تخرصاً أو كلاماً ساذجاً، بل هو أمر أثبتته الدراسات العلمية، فهناك دراسة أجريت في أمريكا عاصمة بلاد الحرية كما يزعمون، وهذه الدراسة أجريت على الفتيات بعد سن الثانية عشرة في إحدى المناطق، فوجد أن الفتيات بعد هذا السن أكثر كآبة من الفتيان، ووجد أن الفتيات بعد البلوغ والمراهقة أكثر كآبة منهن قبلها، ووجد أن الفتيات الأقل جمالاً أكثر كآبة ممن هن أحسن جمالاً، فلماذا؟! ومن أين جاءت هذه الكآبة؟!

يدرك الجميع أن الفتاة في مقتبل عمرها رأس مالها وأكثر ما يشغل بالها هو جمالها، فإذا كانت ستخرج غير متحجبة فستعلم حينئذ أن جمالها موضع النظر، والخلق متفاوتون في ذلك، فما رأيكم بفتاة عندها عيب خلقي في رجلها أو في يدها أو في عينها؟ وما رأيكم في فتاة شعرها مجعد أو في وجهها نمش أو غير ذلك؟ كيف سيكون حالها؟

إنها ستحمل من الهم والغم -لأجل ذلك- ما لا يوصف، وإذا جئنا إلى المقارنة في ميادين الفتيات والنساء، فإن المرأة قليلة الجمال إذا رأت غيرها من الجميلات في معرض من الرجال وحضور منهم فسترى أن الميزان يتأرجح، وأن الكفة تهبط بها، فتفكر في نظر الناس إلى تلك المرأة الجميلة، والتفاتهم إليها، وجلوسهم معها، وحديثهم إليها، وهي على هامش الأحداث، فكل هذه الجوانب ناتجة عن عدم الحجاب.

وأما الفتاة والمرأة إذا تحجبت فإن ذلك كله يزول؛ لأن جمالها تحت ستار الحجاب، ولا يبقى ذلك الشأن إلا في دائرة محدودة، وذلك عندما تكون الفتاة مع النساء من مثيلاتها، والأمر هنا أهون وأخف وأقل وأدنى، وقد أثبتت هذه الدراسة العلمية أن ذلك له أثره في الجانب النفسي للنساء عموماً، وللفتيات خصوصاً.

ومن هنا ننظر كذلك إلى صفة الحجاب في اللباس، فقد ذكر العلماء أن المرأة يحرم عليها أن تلبس ثياباً رقيقة تشف عن جسمها، أو أن تلبس ثوباً ضيقاً يصف حجم عظامها وهيئة جسمها، وذلك كله إذا التزمت به المرأة لم تظهر تلك العيوب، ولم تظهر تلك الاختلافات، وكانت في راحة نفسية، وكان لديها من الرضا النفسي ما يجعلها لا تتأثر بمثل هذا التأثر الذي يعلم الجميع غوره وعمقه في نفس المرأة والفتاة، وتأثيره في تصرفاتها وأفعالها.

وللحجاب تأثيره على المظهر الخارجي أيضاً، فالمرأة غير المتحجبة إذا أرادت أن تخرج فهي تحتاج إلى أنواع من الزينة في الوجه وغير الوجه، وتحتاج إلى حلي وإلى لباس، وإلى أن يكون ذلك اللباس متغيراً في كل يوم، وغير ذلك، وأما إذا تحجبت فهي تنتقل من هنا إلى هناك، ثم تصل إلى البيت الذي تريد، أو إلى المجمع النسائي الذي تريد ولا تحتاج إلى مثل هذا، وإن كانت ذاهبة إلى عمل ليس فيه إلا النساء لم تحتج إلى مثل هذا كله، وذلك كله من الآثار المهمة المفيدة.

وهكذا نجد تأثير هذا في أمور كثيرة، وسأنقل لكم هنا شيئاً طريفاً، وخبراً قد يكون في ظاهره مضحكاً، لكنه يعبر عن حقيقة واقعة، هذا الخبر عن امرأة كانت قبل سنوات قليلة تحكم دولة من الدول الأسيوية الكبرى، وقد حصل في بلادها محاولة انقلابية فتقول وهي تخبرنا عن الواقع: إن بوسع الرجل أن يستيقظ من الفراش، ويمشط شعره، ويكون مستعداً لمباشرة عمله في لحظات، غير أن الأمر يختلف بالنسبة للمرأة، فلا يمكنني أن أسمح بالتقاط صور لي حال استيقاظي مباشرة من الفراش، وعندما جاءت حادثة الانقلاب استيقظت على هذا الحادث، وأخبرت به، ومع ذلك انصرف اهتمامي إلى مظهري الذي سأخرج به، ولو كنت رئيساً فما كان عليَّ إلا ارتداء الملابس بسرعة، وأن أكون في الموقع المناسب! فإذا كانت الرئيسة امرأة فإن الأمر يحتاج إلى الاهتمام بالمكياج، وهذا أمر بدهي، فالمرأة إذا كانت ستخرج متبرجة فالزينة شرط لازم لا تستطيع أن تتجاوزه، ولذلك فإن هذا التشريع يحررها من هذه القيود والضغوط.

الحجاب والرعاية الأمنية

ثم ننتقل إلى الحجاب كرعاية أمنية، فنحن نعلم أنه بقدر التهتك وترك الحجاب تكون أسباب إمكانية الاعتداء على المرأة، سواءً كان اعتداءً لفظياً، أو كان اعتداءً يدوياً، أو كان اعتداءً جنسياً، والإحصاءات في هذا في عالم الغرب يشيب لهولها الرأس.

ففي إحصائيات لا يتجاوز عمرها البضع سنوات أقيمت في أمريكا تقول: إن هناك ثلاثمائة ألف وسبعة آلاف حالة اغتصاب، وهي تمثل ثلث ما يمكن أن يكون في الواقع، وهذه الإحصائية إذا قسمناها وجدنا أنه في كل ساعة تحدث ست وثلاثون حادثة اغتصاب، وأنه بمعدل هذا التزايد يصبح الأمر في أخطر أحواله.

وهذه الشرطة البريطانية قبل بضع سنوات وزعت منشوراً أمنياً يطالب النساء بأن يلبسن لباساً ساتراً، وأن يجتنبن الملابس القصيرة المثيرة، فما دخل هذا في الأمن؟

إن الشرطة قد ملئت مخافرها بالمشكلات الناتجة عن الاعتداءات الناشئة من مثل هذا التبرج والإغراء والإثارة، وليس كما يقول المرجفون: بأن هذا سوف يزيل الكبت، ويطبّع العلاقة بين الرجل والمرأة، ولو كان الأمر كذلك لرأينا القوم الذين لم يعد عندهم شيء اسمه حجاب، وصار العري عندهم في بعض المناطق مطلوباً، وفي بعض السواحل والشواطئ لا يجوز أن يدخلها الإنسان وهو يلبس أي قطعة من الملابس، فهل انتهى ذلك الكبت عندهم أم أنه قد تزايد أوار الشهوة وسعارها حتى أصبحت في أوج مراتب الجريمة؟!

ودعوني أنتقل بكم إلى جانب أمني طريف، وهو: أن مسألة الحجاب لها أثر أمني على المجتمع في جانب آخر ألا وهو: جانب الحوادث المرورية! ولا تتعجبوا من ذلك، فهناك من دعا في تلك البلاد إلى طلب رسمي من مدير شرطة مدينة جورج تاون في أمريكا إلى مناشدة النساء بعدم لبس الملابس المثيرة، يقول بالنص: وإلا فإنه سيكون العالم مهدداً تهديداً عظيماً، بل ويجعل ذلك -على سبيل المبالغة- أخطر من تهديد القنبلة الذرية، ويقول في كلمات لطيفة: عندما تكون عين السائق تتركز على تلك المرأة التي يرى محاسنها فإن مقدمة سيارته ستكون متركزة في عمود كهرباء، أو عابر سبيل، أو في سيارة أخرى!

وهناك دراسة أقيمت على أحد التقاطعات في عاصمة أوروبية، فوجدوا أن الحوادث تزداد في فترة الصيف، فقامت إدارة المرور بدراسة ذلك فوجدت أن السبب هو: أن بعض الفتيات يبعن الماء البارد للناس عند تقاطع الإشارات وهن يلبسن اللباس المناسب للجو الحار، فكلما جاء إنسان إلى هذا التقاطع نظر إلى تلك الفتاة وصدم في السيارة التي أمامه، فتزداد الحوادث، فقاموا بنقل هؤلاء الفتيات من هذه المنطقة فقل عدد الحوادث!

قد يقول بعض الناس خاصة من الذين لا يحبون الالتزام، ولا يحبون أن يدركوا عظمة هذا الإسلام: إن هذه مبالغات، وهذه أقاصيص سمجة، وهذا نوع من الحديث العاطفي تقررونه لتثبتوا مثل هذه الأمور، وما رأينا شيئاً من ذلك.

فأقول: ارجعوا واقرءوا وتابعوا، فإن الذي نذكره غيض من فيض.

وبعض إدارات الشرطة طلبت أن يفصل النساء عن الرجال في المواصلات العامة، خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل.

وإذا جئنا إلى القضية الأمنية وجدنا أموراً كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.

الحجاب والرعاية الصحية

ثم في الحجاب أيضاً رعاية صحية، وهذه مسألة مهمة، فهناك دراسة أجريت على الفتيات والنساء اللائي يأخذن حمامات الشمس بلباس البحر، فأثبتت الدراسة أنهن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلد بـ(13) ضعفاً عن غيرهن ممن يلبسن لباس البحر دون أن يكون مكشوف الظهر، فكيف بالمرأة المسلمة المتحجبة؟!

وتقول هذه الدراسة: إن هناك سرطانات جلدية معينة كسرطان الخلية القاعدية وبعض أنواع السرطان تزداد بكثرة في النساء اللاتي يتكشفن ويتعرضن للشمس لمدة طويلة، ففي بريطانيا تزداد في كل سنة (2600) حالة من حالات سرطان الجلد بمعدل زيادة سنوي متنام بـ(50%).

ثم انظروا إلى الناحية الطبية، فقد درس بعض العلماء في أمريكا أيضاً بعض أنواع اللباس، وهو اللباس الضيق الذي يضيق على الساقين والرجلين، فقيست سيقان بعض الفتيات قبل لباسهن هذا اللبس ثم بعد لباسهن إياه بفترة، فوجد أنه يسبب تضخماً غير طبيعي وغير صحي في حجم الساقين وحجم الأرجل، وذلك بنسبة (5%)، ويغير لون الجلد بنسبة (7%).

وأضافت المجلة الطبية البريطانية: أن السرطان الخبيث الذي يصيب الجلد في المناطق المكشوفة من جسد المرأة أصبح في تزايد مستمر حسب الملابس العارية التي تكشف أجزاء من الجسم؛ بسبب التعرض الطويل للشمس في هذه المناطق المشكوفة من الجسم.

لذلك عندما يأتي أحد ويقول: نريد أن نمنع شيئاً؛ لأنه ضار صحياً، وعندما يأتي نظام من الدولة ويقول: امتنعوا عن كذا وكذا، أو لا تشربوا كذا وكذا، فماذا سيقول الناس؟

سيقولون: جزى الله هؤلاء خيراً؛ فإنهم يحافظون على الصحة العامة.

ونحن نقول للذين لا يفقهون شأن الحجاب في كتاب الله وسنة رسوله: سنصدر لكم تعليمات بشأن هذا الحجاب؛ لغرض المحافظة فحسب، وهذا غيض من فيض، وتشريع الله عز وجل حكمته أعظم، ومنفعته أجل.

نسأل الله عز وجل أن يبصرنا بديننا، وأن يلزمنا كتاب ربنا وهدي نبينا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الحجاب والرعاية الاقتصادية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أما بعد:

أيها الأخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن تقوى الله عز وجل هي التزام أمره، واجتناب نهيه في كل شأن من شئون الحياة.

ومع الحجاب أيضاً نمضي لنعرف أن وراء ذلك أموراً كثيرة، ففي الحجاب رعاية اقتصادية، إذ يقل عند المرأة المحجبة استهلاك الكماليات من أمور التجميل والملابس بقدر ظاهر عن غيرها من اللاتي لم يلتزمن بالحجاب، فترى الواحدة منهن تخرج في كل وقت، فتحتاج إلى لباس جديد، وزينة جديدة وغير ذلك.

الحجاب وشخصية المرأة

وهناك صور أخرى ينبغي أن نتنبه لها منها: قضية شخصية المرأة، وهنا يتحدث إلينا كثيرون من الذين يزعمون أنهم متحررون فيقولون: إنكم لا تنظرون إلى المرأة إلا من الجانب الجنسي، وترون أن المرأة عورة؛ وما ذلك إلا لأنكم تنظرون بمنظار الشهوة، فنقول لهم: ما هي نظرتكم أنتم معاشر القوم المتقدمين؟! فيقولون: نحن ننظر إلى المرأة بثقافتها وفكرها وشخصيتها وعلمها، فنقول: كلامكم حسن معسول، لكن في داخله السم، وهو غير واقعي، والأمثلة تشهد بذلك، فعندما تأتي إلى بعض الوظائف وخاصة الوظائف التي في الواجهة كما يقولون، فالمطلوب سكرتيرة تجيد كذا وكذا وكذا، فإذا تساوت -ولا نقول دون ذلك- امرأتان في المهارات اللازمة للوظيفة، وكانت إحداهما أعلى من الأخرى بقليل إلا أن الثانية أجمل وأكثر غنجاً ودلالاً، فأيهما يتم اختيارها من قبل الرجال والمدراء؟

الجواب: في الغالب الأعم، والذي تشهد به الإعلانات -كما سأشير الآن- هي تلك، فنقول: فأين شخصية المرأة وعلمها؟!

بل قد يقدم من ليس لها تلك المهارات، ولا تلك المؤهلات؛ لأن هناك لفت نظر إلى جانب آخر.

وعندما تقرأ إعلانات طلب توظيف المضيفات على الطائرات فإنك تقرأ وقد قرأت ذلك بعيني: أن يكون السن من كذا إلى كذا، فما فائدة هذا السن في المهمة والوظيفة؟! لا شيء، ثم أن تكون جميلة حسنة المظهر، فما فائدة ذلك أيضاً في نفس الخدمة ذاتها؟! ليس هناك شيء مقبول، إلا أن هناك شيئاً آخر يفرض نفسه وهو: أن المرأة ينظر إلى جمالها وإلى أنوثتها، وهذه هي الحقيقة شاء من شاء وأبى من أبى.

ثم ننظر كذلك إلى الحضور العقلي والعلمي، والحضور الأنثوي والجمالي، إن المرأة إذا تحدثت إلى الرجال أو اختلطت بهم في أي أمر من الأمور المحمودة، وفي جو نظيف، فهناك حضوران: حضور علمي فكري، وحضور أنثوي جمالي، فإذا تركنا المرأة غير محجبة انصرف الناس عن علمها وعملها، ونظروا إلى دقة ساقيها، وإلى جمال عينيها، وإلى بياض بشرتها، وذلك واضح أيضاً في أجواء العمل كما سنشير إليه، وإن حجبناها بقي علمها، وأما من قال: إننا إذا حجبناها لم تعد عالمة، ولم تستطع أن تكتب، أو أن تتحدث، أو أن تقوم بأي عمل من الأعمال، فنقول: ليس هذا بصحيح، فنحن منعنا الناس أن ينشغلوا بجمالها عن علمها وعملها، وكما يقول أحد الكتاب في غير بلادنا: نحن إذا جئناك -أيتها المرأة- وأنت في وظيفة من الوظائف فإنما نريد الخدمة، ونريد العمل، ونريد إنجاز المهمة، فإذا كشفت شعرك وذراعيك شغلنا عن ذلك بهذا.

فالمرأة إذا سُترِتْ أدت دورها، وبقي جمالها، وبقيت أنوثتها لبيتها وزوجها وأسرتها وأبنائها، وهذه هي فلسفة الحجاب من وجه صحيح.

إحدى الشركات البريطانية الكبرى أصدرت تعميماً لموظفيها تقول فيه: إنها تطلب من النساء عدم لبس الملابس القصيرة والمثيرة، لماذا؟ لأنهم وجدوا أن هناك انشغالاً عن العمل من قبل الرجال؛ بسبب طريقة لبس بعض زميلاتهم، وهذا بدهي وواضح كما قلنا.

وهكذا نرى أن الحجاب تشريع يحفظ شخصية المرأة، ويربي فيها المعاني السامية، ويحفظ نفسيتها مستقرة، ويوفر شيئاً من مالها، ويحمي عرضها ونفسيتها من عدوان المعتدين: بنظرات آثمة أو بكلمات نابية أو باعتداءات جنسية والعياذ بالله! وهنا يبقى المجتمع كله فيه نوع من الأمن والاستقرار.

تلك بعض وجوه الرعاية في تشريع واحد من تشريعات المرأة ألا وهو: والحجاب، وما وراء ذلك أكثر.

نسأل الله عز وجل أن يردنا إلى ديننا رداً جميلاً، وأن يأخذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وأن يلهمنا الرشد والصواب، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يصرف عنا ما لا يحب ويرضى.

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، واهدنا اللهم لما اختلف فيه من الحق بإذنك، وأخرجنا من الظلمات إلى النور.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.

اللهم طهر قلوبنا، وزك نفوسنا، وأصلح أعمالنا، وحسن أقوالنا، وهذب أخلاقنا، وضاعف أجورنا، وارفع درجاتنا، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك الصالحين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم.

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء!

اللهم مكن في الأمة لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الزيغ والفساد، وارفع في الأمة علم الجهاد، وانشر رحمتك على البلاد والعباد، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء!

اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، أرنا اللهم فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، أنزل اللهم بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين!

اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين، والمعذبين والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين، والجرحى والمرضى يا رب العالمين!

اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين، واجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء!

اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين!

واجعل اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، واصرف اللهم عنا الفتن والمحن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين، اللهم احفظ أمن بلاد الحرمين وأمانها، وسلمها وسلامها، ورزقها ورغد عيشها، اللهم اجعل ذلك دائماً مستقراً مستمراً يا رب العالمين!

اللهم إنا نسألك أن تولي علينا خيارنا، وألا تولي علينا شرارنا، وفق اللهم ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء!

عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، وترضوا على الصحابة الكرام، أخص منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي: أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً ، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم صل وسلم وبارك على نبيك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].


استمع المزيد من الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح - عنوان الحلقة اسٌتمع
المرأة بين الرعاية والجناية [2] 1546 استماع
المرأة بين الرعاية والجناية [1] 1452 استماع