الرؤيا واقع وضوابط


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله, وأصدق الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

روى ابن ماجة بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الرؤيا ثلاثة: منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة).

وفي حديث عند الترمذي : (الرؤيا ثلاثة: فبشرى من الله، وحديث نفس، وتخويف من الشيطان).

فالنبي صلى الله عليه وسلم يقرر في هذين الحديثين الشريفين أن الرؤى ثلاثة أنواع:

الأول: حديث النفس، وهو الذي يسميه العلماء الماديون بالانعكاسات النفسية، أي: خواطر النفس والتطلعات التي يصبو الإنسان إلى تحقيقها في الحياة، فيراها في المنام، فهذه انعكاسات تشغل الإنسان عما يصبو إليه في يقظته، فهو يحلم بها أثناء النوم حيث لم يستطع أن يحققها في واقع الحياة.

النوع الثاني: الرؤيا التي لم يفكر بها صاحبها يوماً ولم تخطر على باله، وهذه الرؤيا بعيدة كل البعد عن تفكيره، وقد يراها بصورة جلية ولا تحتاج إلى تفسير ولا إلى تأويل، وقد تكون هذه الرؤيا أمثالاً مضروبة أو أحداثاً مشبوكة تحتاج إلى علم وتقدير وفهم ثاقب ونظر بعيد، وما كل من رزق علماً رُزق فهماً بتأويل الأحلام والرؤى.

فالرؤيا الحقة هي من الله سبحانه وتعالى وليست من الشيطان، وهي جزء من أجزاء النبوة، ومثل هذا العلم ليس عبثاً، بل هو علم له أهله المختصون به، ومن راجع سورة يوسف عليه السلام وجد دليل ذلك وبرهانه.

إذاً: هذا النوع من الرؤى هي من الله سبحانه وتعالى، وهي بشرى للمؤمنين، وهي البقية الباقية من حقيقة النبوة، ولذلك كان بعض الناس إذا سُئل عن تفسير بعض الرؤى اعتذر عن التفسير، وإذا أنكر عليه الناس ذلك الاعتذار يقول: تريدونني أن أكذب في الوحي؟! باعتبار أن الرؤيا نوع من أنواع الوحي أو جزء من أجزاء الوحي، صحيح أن الوحي الإلهي قد انقطع، وأن النبوة قد ختمت بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، لكن لم يبق إلا هذه الرؤى وهي المبشرات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لم يبق إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات قال: الرؤيا الصالحة)رواه البخاري وزاد مالك من طريق عطاء بن يسار : (الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له) إما يرى الرؤيا بنفسه أو يراها له غيره.

وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) متفق عليه.

وإذا كانت الرؤيا من الرسول أو من نبي من الأنبياء فهي حق لا يمكن أن يطرأ عليها كذب أبداً، بل هي في الحقيقة وحي إلهي، ورؤيا الأنبياء وحي، وقد بادر خليل الرحمن عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام إلى ذبح ولده عندما رأى في المنام أنه يذبحه؛ وما ذاك إلا لأنه يقطع بأن رؤياه وحي من الله سبحانه وتعالى، أما غير الأنبياء فقد تقع الرؤيا التي هي من أقسام الوحي كما ذكرنا.

للرؤيا الحقة علامات وسمات، وتكون دلائل الصدق عليها بينة، إلا أننا لا نستطيع أن نجزم وأن نقطع بأنها رؤيا حق إلا إذا تحققت على النحو الذي رآه صاحبها في منامه.

الحقيقة بين وقت وآخر نحن نضطر أن نتوقف عند بعض الظواهر المنتشرة الآن في وسط الشباب، كان المفروض أن نشتغل دائماً في البناء، وننهل من العلم النافع والعمل الصالح، لكننا نضطر بين وقت وآخر أن نتوقف وقفات يسيرة مع الأفكار التي تشيع، نظراً إلى الاتساع الأفقي الكبير في قاعدة الدعوة، والذي شكل نوعاً من التضخم على حساب المنهجية، وعلى حساب الاهتمام بالتربية، وتصفية المنهج السلفي؛ حتى عاد الانتساب للسلفية أحياناً مجرد اسم تحته مخلفات مصادمة لهذا المنهج، وليس هذا أمراً حديثاً لكنه وجد من قبل في حادثة الحرم المكي في مطلع القرن الخامس عشر الهجري، أحياناً يوجد عند بعض السلفيين نوع من انحرافات الصوفية، وقد كان من ذلك شيء في هذا الموضوع الذي نطرقه الآن، وهو موضوع الاستغراق في موضوع الرؤى دون ضابط ودون خطام ودون زمام، قد تقابل صديقاً أو قريباً فتراه في غاية الحزن والاكتئاب، فتفتش وتحاول أن تسبر غور نفسه حتى تعرف سر حزنه وكآبته، فتتعجب أشد العجب عندما تعلم أن سبب هذا الاكتئاب الذي يعلوه هي رؤيا مزعجة، أو رؤيا منذرة بخطر سوف يداهمه! وأحياناً تجده فرحاً منشرح الصدر باسم الثغر؛ وما ذلك إلا لأنه رأى رؤيا مفرحة أو مبشرة بحدث سار قادم!

والحقيقة أن الرؤى كانت ولا تزال لها تأثير ليس على الأفراد العاديين فحسب، بل على النابغين والأذكياء، كم أقضت الرؤى مضاجع الجبابرة والملوك! وكم شغلت شعباً بأكمله يوماً من الأيام! وما رؤيا ملك مصر في عهد يوسف عليه السلام ببعيدة عن ذاكرتنا، حينما رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، وكانت رؤيا حق، وهذه الرؤيا الحق نفعت الناس نفعاً عظيماً عندما وجد الشخص الذي أحسن تفسيرها وتأويلها.

يقول الدكتور عمر الأشقر في كتابه (جولة في رياض العلماء): كثير من الناس اليوم يبادرون بالتكذيب بالرؤى والأحلام، وهؤلاء غالباً الذين يشتغلون بالأمراض النفسية وبالدراسات النفسية المادية التي تستقي من المصادر الغربية، ويزعمون أن أي شيء يراه الإنسان في منامه ما هو إلا انعكاسات لما يجول في فكره في حال اليقظة، وما يختزن في فكره الباطن أو في عقله الباطن كما يزعمون، فإذا استسلم للرقاد، وطاف في أودية الكرى، فإن عقله الباطن يعمل، فيحقق المرء في نومه ما لم يستطع تحقيقه في عالم اليقظة.

نحن لا ننكر أن قسماً كبيراً من الرؤى ليس إلا انعكاسات لأحاديث الناس وخواطرها التي تمر بها في اليقظة، ويمكن أن نتطلع إلى ما يدور في عقل الإنسان الباطن من خلال التعرف على المنامات التي يراها، لكن هذا ليس في كل حال، وإنما في بعض المنامات التي يصدق عليها وصف حديث النفس أو الأحلام الشيطانية، لكنها لا يمكن أن تكون في حق الرؤيا التي هي حق من الله سبحانه وتعالى، فنرفض أن تكون جميع الرؤى انعكاسات نفسية، وهذا تحكم يعلم كذبه كل من تفكر في رؤاه التي مرت به، أو التي سمع الناس يروونها ويحدثون بها عن أنفسهم، كيف نفسر رؤيا امرأة رأت وليدها يسقط من سطح منزل، وفي الصباح يخرج فلا يعود؛ لأن سيارة دهسته وأودت بحياته؟!

كيف نفسر رؤيا رجل يرى نفسه وقد سافر إلى بلد وسكن منزلاً عرف في هذا المنام معالمه، فلا تمضي شهور حتى يكون في ذلك المنزل الذي رآه في منامه؟!

يوسف عليه السلام أخبر أباه عليه السلام بما رآه إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ [يوسف:4] فكم من السنوات الطويلة مضت ما بين رؤيا يوسف عليه السلام وبين أن تحققت، وقال قولته عليه السلام يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا [يوسف:100].

كيف نفسر رؤيا رجل رأى أنه سافر وتعطلت سيارته على صورة ما، وينسى الرؤيا ولا يذكرها إلا حينما يرى المشهد الذي رآه في المنام حقيقةً ماثلة؟!

ليوفل فايس كان صحفياً نمساوياً يهودياً أسلم وحسن إسلامه، وله سيرة عطرة، وقد توفي منذ سنوات قريبة رحمه الله، تحدث في كتابه (الطريق إلى مكة) عن رؤيا رآها في منامه قبل إسلامه، وقام من منامه وسجلها، وقد تحققت فيما بعد على الرغم من طولها، وكثرة أحداثها!

إذاً: ليس كل الرؤى انعكاسات لأحاديث النفس وخواطرها وهواجسها، بل الأمر أعمق من ذلك، والإنسان لا يقدر بعقله وفكره أن يصل إلى أعماق نفسه، ففي النفس الإنسانية خبايا يعجز الإنسان عن الإحاطة بها، على الرغم من أنها أقرب الأمور إليه.

أكثر الناس من المؤلفين وغيرهم إذا تدبروا قوله تبارك وتعالى: وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21] يلتفتون إلى الناحية التشريحية في جسم الإنسان، ومن خلالها يطلعون على وظائف الأعضاء أو غير ذلك من آيات خلق الله سبحانه وتعالى، والعبر الموجودة في خلق الإنسان، ووظائف جسمه، وما يطرأ على جسمه، لكنهم يُغفلون آيات الله سبحانه وتعالى في تركيب هذه النفس التي هي قسيم ذلك البدن، والتي بدونه يكون ميتاً لا حراك به.

عالم النفس عالم مستقل تماماً، وهو من الأمور المجهولة الغامضة التي حيرت الألباب، والحافلة أيضاً بآيات الله سبحانه وتعالى الناطقة بربوبيته وأُلوهيته عز وجل، والرؤى لها علاقة بالنفوس الإنسانية، والرؤى فيها جانب غيبي لا يخضع للعلم المادي المبني على النظر والتأمل والبحث المادي، وقد أغنانا النبي صلى الله عليه وسلم عن إتعاب النفس في هذا الموضوع، وقال لنا كلمة الفصل التي لا نحتاج معها إلى غيرها، وذلك أنها تمثل الحقيقة، وتفسر الأمر تفسيراً يدرك الإنسان صدقه عندما ينظر إلى رؤاه ورؤى الناس، وهو ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (الرؤيا ثلاثة: منها: تهاويل من الشيطان -ليحزن الشيطان ابن آدم-ومنها: ما يهم بها الرجل في يقظته فيراه في منامه -حديث النفس-، ومنها: جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) وفي الحديث الآخر: (الرؤيا ثلاثة: فبشرى من الله، وحديث نفس، وتخويف من الشيطان).

من أسباب افتتان كثير من الناس، وحدوث كثير من الفتن عدم الانضباط في موضوع التعامل مع الرؤى، نجد كثيراً من الإخوة تسير الرؤى حياته بصورة مذهلة، كل حياته تفسر عن طريق الرؤى، وتوجهاته وخططه في المستقبل واختياراته تربط بالرؤى بطريقة فيها مبالغة وفيها غلو شديد.

ومن جملة الفتن العظيمة التي حصلت في هذه السنوات الأخيرة التي غُصت بالفتن فتنة الحرم المكي حينما قام رجل يُدعى محمد بن عبد الله القحطاني، وحوله من حرضوه بل وأجبروه على أن يقول: إنه هو المهدي، واعتمدوا على ذلك بصفة أساسية على ما زعموه من تواتر الرؤى المنامية، والشيطان اجتهد اجتهاداً شديداً في تغذية هذا الأمر عنده؛ لأن هذا الأمر فيه نوع من الجاذبية، والإنسان ينشغل به وهو حديث نفس أو من الشيطان، وأراد الشيطان أن يوقع فتنة إراقة الدماء، وقد حصلت -للأسف الشديد- داخل الحرم المكي في سنة (1400) للهجرة، كان الواحد من الناس يأتي ويقول: رأيت واحداً لابساً ثوباً لونه كذا، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول لي: هذا هو المهدي... إلى آخر هذا الكلام، ويقولون: إن رجلاً جاء من أطراف الأرض، وآخر من مكان كذا، وأول ما رآه قال: هذا هو الذي رأيته!!

فُتح هذا الباب، وخدعوا به، ولم ينضبطوا في العلاقة التي ينبغي أن تكون بين الرؤية في المنام وبين الواقع الذي نعيشه، لا بد من ضوابط تضبط مسالكنا مع الرؤية.

يقول: الدكتور عمر الأشقر حفظه الله: لقد كان من أسباب افتتان بعض الناس ومتابعتهم لأولئك الذين احتلوا الحرم المكي واعتصموا به؛ تلك الرؤى التي رآها بعض الكبار والصغار والنساء والرجال، وهي في جملتها تشير إلى أن المدعو محمد بن عبد الله القحطاني هو المهدي الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم.

يقول الدكتور الأشقر : وقد تبين للناس اليوم أن تلك الرؤى لم تكن صادقة؛ لأن ذلك الرجل ليس هو المهدي، وإلا لو كان هو لم يقتل، ولبقي حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

المهدي اسمه محمد بن عبد الله، هل هذه العلامة وحدها تكفي؟ لا تكفي، وإلا فكم من مدع ادعى أنه المهدي، وهو بالفعل اسمه محمد واسم أبيه عبد الله، وقد يأتي واحد اسمه أحمد بن إبراهيم ويدعي أنه المهدي، ويقول لهم: أحمد هو محمد وإبراهيم هو أبو النبي عليه الصلاة والسلام كما أن عبد الله أبوه، وهذا من باب التأويل.

ولو كان الذي ادعى أنه المهدي من أهل البيت فإنه لا يكفي أيضاً: وأرجو أن تحفظوا هذا الكلام الذي سأقوله في ذاكرتكم، فقد تحتاجونه في يوم من الأيام: كن في غاية الاطمئنان، ولا تجزع ولا تقلق على المهدي، فهو إذا خرج وكان بالفعل هو المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم فإن انتصاره أمر كوني قدري كائن كما وعد به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تقطع بأن فلاناً هو المهدي حتى تتحقق كل الصفات التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وأشهرها وأعظمها أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فبعدما يمكن له، وبعدما يملأ الأرض قسطاً وعدلاً اطمئن، وحينئذ نقول: هذا هو المهدي، بجانب الصفات الأخرى، أما قبل ذلك فاسكت، ولا تظن أنك قد خذلت المهدي، اطمئن على نفسك، ولا تخف عليه؛ فإن المهدي غير محتاج إليك.

بعض الناس يستعجل ويقول: لماذا لا أكون من أوائل من ينصرون المهدي؟!

وهذا هو الذي حصل في كل فتنة بنيةٍ صالحة وبعزم أكيد على التضحية في سبيل الدين، نجد أناساً يتسارعون إلى من يظنونه المهدي عن طريق الرؤى والمنامات ووجود بعض العلامات لا كل العلامات.

قرأت في كتاب (حيلة الأولياء) هذه العبارة الرائعة عن حفص بن عياث قال: قلت لـسفيان الثوري رحمه الله: يا أبا عبد الله ! إن الناس قد أكثروا في المهدي فما تقول فيه؟ فقال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: إن مر على بابك فلا تكن منه في شيء حتى يجتمع الناس عليه.

وهذه النصيحة الذهبية أرجو ألا تنسوها أبداً، إن مر على بابك لا تكن منه في شيء حتى يجتمع الناس عليه حتى يجتمع عليه العلماء والصالحون وعموم المسلمين، حينئذ تقول: هذا المهدي، قبل ذلك لا تجزع على نفسك، فهذا هو مفتاح السلامة والنجاة بالنسبة لهذه الفتنة بالذات، وإذا راجعت موضوع ادعاء خروج المهدي لوجدت عدم الاكتراث بهذه القاعدة التي أرساها سفيان الثوري كان السبب الرئيس في استفحال الفتن وإراقة الدماء، وما حصل من الفساد العظيم في الأرض.

والقاعدة الرصينة: أن الشيطان يضل الإنسان على قدر بعده عن العلم، لكن كلما زادت بصيرته وزاد علمه كلما احتمى بهذا العلم من تلك الفتن، ولو كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعرّفنا بالرؤيا الباطلة إذا اشتبهت الأمور.

كثير من الناس يظنون ما يرونه رؤيا حق، الصديق الأكبر رضي الله عنه -الذي هو الرجل الثاني في الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وأفضل أولياء الله على الإطلاق- لما فسر رؤيا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً) فكيف بمن دون الصديق رضي الله تعالى عنه؟! ونحن لسنا بمعصومين، فإن الرؤى تبقى في مجال الظن، ولا ترقى إلى اليقين والجزم، ما لم تتمثل في واقع مشهود، عند ذلك يوافق الواقع الخبر.

إذاً: الأصل أن نجعل الرؤى تفيد الظن، ولا نقطع بالرؤيا حتى يقع ما رأيناه في هذه الرؤيا.

قد يظن بعض الناس أن هناك نوعاً من الرؤية لا تحتاج إلى تبيين، فهي عندهم صادقة أبداً، وهي رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، نحن لا ننكر أن رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم حق وصدق، فقد ثبت في الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي) وفي الحديث الآخر المتفق عليه يقول صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي) لكن ينبغي أن نعلم أن رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم تكون حقاً إذا كانت الصورة المرئية له هي صورته الحقيقية التي كان عليها.

كيف نطبق هذا الحديث؟!

إذا كان هذا الشخص يُحصي يحفظ الصفات الخلقية للنبي صلى الله عليه وسلم مثل: ملامح عينيه، ولون بشرته، وشعره، وكذا وكذا من شكله وهيئته، ورآه على صورته الحقيقية التي رآها الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فالشيطان لا يمكن أبداً أن يتمثل بصورة النبي صلى الله عليه وسلم الحقيقية، أما إذا رئي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة غير صورته الحقيقية فالأمر ليس كذلك، فالممنوع هو أن يتمثل الشيطان بالصورة الحقيقية للرسول صلى الله عليه وسلم.

كثير من الناس يبني خططه على أساس أنه يقول: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم وقال لي: افعل كذا وكذا وكذا، نقول: لا، لابد من التثبت ونقول له: صف لنا ملامح الشخص الذي رأيته، فإذا كانت الملامح دقيقة وواضحة بصورة تتوافق تماماً مع صفاته صلى الله عليه وسلم الخلقية فنعم، لكن لهذا ضوابط يجب الأخذ بها وسوف نذكرها.

أما مجرد أن يقول: إنه رأى الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام ويقطع بأنها رؤية حقيقية، فلابد من دليل على صحة رؤياه.

إذاً: زعم الشيطان أنه هو الرسول عليه الصلاة والسلام وتمثله في صورة غير صورته لم ينفه الحديث، وهذا الاحتمال قائم وواقع، فينبغي أن نكون على حذر، كثير من الأحوال يأتينا شخص ويقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في المنام كذا ويخبر بكذا، لابد أن تكون الملامح في غاية من الدقة والوضوح مع ملامح النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا هو المنفي من قدرة الشيطان على التمثل بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإلا لا نأمن أن يكون هذا من الشيطان.

أخبر الرسول علية الصلاة والسلام أن الرؤى المفزعة السبب فيها هو الشيطان، فإنه قد يُمثل للإنسان في منامه رؤية مفزعة تبلبل خواطره، وترهق نفسه، وتجعله حذراً متخوفاً، وفي الحديث: (الرؤية الصالحة من الله والحُلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يُحب فلا يحدث به إلا من يحب) المعنى: إذا رأى رؤية حسنة لا يقصها إلى على محب؛ لأنه إذا قصها على حاسد قد يحمله حسده على أن يؤولها تأويلاً سيئاً، لكن يخبر بها حبيباً لبيباً عاقلاً، عنده علم بالرؤى، ويستطيع أن يفسرها، يقول عليه الصلاة والسلام: (فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها وشر الشيطان، وليتفل ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً فإنها لا تضره) وفي الحديث الآخر: (جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت في المنام أن رأسي قد قُطع قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إذا عبث الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس) رواه مسلم.

نحن نعلم أن الشيطان عنده قدرة على الوسوسة في صدور الناس؛ وذلك لقوله عز وجل مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ [الناس:4-5]، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق) فله قدرة على أن يمثل للنفس في منامها أموراً تفزعها وتحزنها.

إذاً: لا ضير على من يرى في منامه رؤية إذا اجتهد في تفسيرها، وإن كان عليه ألا يشغل فكره في هذه الأمور شغلاً يهدر وقته ويضيع طاقته، كما يحصل من بعض الإخوة في موضوع الرؤى، تجد الواحد منهم يهدر كل طاقته العقلية والذهنية في موضوع الرؤى بصورة مقيتة، وبصورة بعيدة عن سلوك السلف الصالح رحمهم الله تعالى.

الناس ينقسمون إلى طائفتين في الرؤى:

صنف تكون رؤياه تلاعباً شيطانياً، فإذا بهذه الرؤيا الشيطانية تفسر تفسيراً خاصاً؛ لتوافق مخططاً يراد تنفيذه في واقع الحياة من قبل زعماء الكفر ودهاقنة الباطل، الذين يلعبون بمقدرات الأمم، فتجدهم يفسرون هذه الأحلام بهذه التفسيرات التي تخدم مصالحهم، لتبدو وكأنها قدر إلهي لا يجوز مغالبته ولا منازعته.

الصنف الآخر هم الذين لا يرون في المنام شيئاً، ولكنهم يزعمون أنهم رأوا رؤية وتكون هذه الرؤية في العادة محبوكة حبكاً محكماً، وتذاع بين الناس بتفسيراتها، ويتعمد إشاعتها في الناس، ثم يجتهد هؤلاء في تنفيذ مخططاتهم المدمرة فتأتي وفق الرؤيا المزعومة، وما هي برؤية وإنما هي جزء من المؤامرة للتغرير بالبسطاء الذين لم يبلغ فهمهم إلى معرفة شياطين الإنس والجن.

يقول الدكتور الأشقر في كتابه (جولة في رياض العلماء): وسأضرب على هذا مثالين قد يكون أصحابهم من الصنف الأول أو الثاني، نشرت جريدة السياسة الكويتية بتاريخ (12يناير 80م) أن حسن التهامي زعم أنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في الحلم، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بأن يسعى للصلح بين العرب واليهود.

وحسبنا أن نعلم أن حسن التهامي كان في ذلك الوقت الذي زعم هذا الزعم نائباً للسادات ومستشاراً له، وكان يمهد للسفرة المشئومة التي قام بها السادات إلى القدس، لتكون بداية رحلة الذل والهوان التي أدت إلى ما أدت إليه من مآس، وحسبنا أيضاً أن نعلم أن التهامي هو الذي تفاوض مع ديان ليمهد الطريق أمام سفر السادات كما ذكرت ذلك جريدة السياسة في عددها بتاريخ (16يناير 80م).

إذاً رؤية التهامي المزعومة هذه ثم استغلالها استغلالاً سيئاً وهي اختلاق لا أساس له من الصحة، قصد بها تحقيق أمرٍ يسعى هو وآخرون إلى تحقيقه، وحسبنا أن نعلم أن هذه الرؤية لو كانت حقاً لكانت موافقةً لتعاليم الإسلام لا مخالفةً لها.

الحادثة الثانية: هي التي رآها ثلاثة من كبار الحاخامات اليهود المعروفين بعلمهم في التصوف اليهودي، رأوا في المنام في ليلة واحدة أن آخر معركة عظيمة على الأرض ستنشب في إبريل من هذا العام، وهي التي ستبشر ببداية العصر الألفي الذي سيملك فيه المسيح الأرض.

وأنا أعجب أين السلفية المزعومة من بعض الناس؟ نجد أن الواحد منهم يكتب ويقول: في سنة 98م سيحصل كذا، وستحصل حرب جديدة مع كذا، والأمريكان يقولون: في 97م سيحصل كذا وكذا، ويرتبون على ذلك أشياء غريبة جداً، وهناك سلاسل من الكتب كثيرة جداً الآن تتناول هذا الموضوع، كتاب اسمه (الزلزال العظيم)، وكتاب (الحرب العالمية الثالثة) ظهر بعد حرب الخليج مباشرةً، وكتاب (عُمر الأمة المحمدية)، وهذا كتاب حديث جداً، وغير ذلك من الكتب، وآخر يقول لك: إن المسيح الدجال يغزو العالم من مثلث برمودا.

ننتقل إلى موضوع قتال اليهود في ملحمة مع المسلمين، نحن لا ننكر ذلك، لكن الجديد في الأمر أنهم الآن يطبقونه على الواقع، مع أنها مجرد منامات، فنحن لا نأمن أن تكون هذه من الإسرائيليات التي يبثها اليهود من أجل تحقيق أهدافهم وأغراضهم، فيشيعون هذه الأشياء لإلقاء الرعب في نفوس المسلمين وإحباطهم.

فما ينبغي أبداً أن ننقل مثل هذا الكلام، أين نحن من قوله تبارك وتعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36]؟

غاية ما عندهم إما الرؤى المنامية وإما الإسرائيليات المأخوذة من كتب اليهود والنصارى، مثل: يوحنا ورؤيا دانيال فتراهم يأتون من الأناجيل ومن التوراة نصوصاً تضبط الوقت بالسنة والشهر واليوم، وتحدد متى ستحصل هذه الأحداث.

أما آن لنا أن ننضبط؟! إلى متى سنضيع وقتنا بهذه الطريقة؟! كثرت الكتب التي تكتب في هذا، وأصحابها لا يعتمدون إلا على أحد هذين الأمرين: إما المنامات وإما الإسرائيليات، فهم يعتمدون على ما في كتب اليهود والنصارى، ويحلون كلامهم أحياناً -كنوع من ذر الرماد في العيون- بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) صحيح حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، لكن ليس في مثل هذه الفتن، وفي مثل هذه الأشياء التي فيها قطع وجزم بحصول أشياء من الغيب.

الإسرائيليات ثلاثة أنواع:

ما وافق الحق قبلناه، وما خالفه رفضناه، وما لم نعرف موافقته ولا مخالفته فإننا نمسك عنه احتياطاً؛ لئلا نكذب بحق إن كذبنا به، ولا نصدق بباطل إن صدقنا به، هذا هو الموقف الصحيح من الإسرائيليات باختصار، فلا يجوز أن نأتي بهذه الحكايات التي تزيد من إضعاف نفوس المسلمين، كأن نقول: اليهود سيفعلون كذا وكذا.

أكبر مشكلة أن هؤلاء الكتاب يأتون بأحاديث آخر الزمان ويحاولون أن يطبقوها على شخص بعينه، وهذا هو الخطأ؛ لأن أحاديث آخر الزمان القاعدة فيها أن نؤمن بها ونصدق بها ولا ننزلها أبداً على الواقع إلا بعد ما تحدث، يقول عز وجل: هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا [الأحزاب:22] لكن قبل ذلك ليس من حقنا أن نرتب الأمور ونضع الخطط على أساس أن الذي سيحصل هو كذا وكذا.

وبسبب عدم إحسان هذه القاعدة أثناء حرب العراق والكويت (حرب الخليج) كادوا أن يقطعوا بأن هذه هي الملحمة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد تكون إرهاصات وقد لا تكون، نحن لا ندري متى سيقع ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام، أما أن نوافق هؤلاء القوم وما يشيعونه من أنه في سنة كذا ستحصل حرب، وتظهر الأمة الإسلامية كالريشة في مهب الريح، لا إرادة لها على الإطلاق، وكل القوة وكل القرارات هي في يد أعدائهم من اليهود، صحيح أن الأمة في حال من الاستضعاف والإذلال والقهر على يد أولياء اليهود وعلى يد اليهود، لكن الأمة لن تخلو من خير إن شاء الله كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره) فالله سبحانه وتعالى لن يضيع عباده المؤمنين، لابد أن نقوي اليقين في قلوبنا بنصر الله سبحانه وتعالى، وأن المستقبل قطعاً للإسلام، أما أن نكرر ما يقوله اليهود والنصارى، ونحطم من معنويات المسلمين بهذه الطريقة، فهذا يتنافى الإسلام.

يقول الحاخامات اليهود: إنهم رأوا في المنام في ليلة واحدة أن آخر معركة عظيمة على الأرض ستنشب في إبريل من هذا العام، وهي التي ستبشر ببداية العصر الألفي السعيد الذي سيملك فيه المسيح الأرض.

وقالت بعض التقارير: إن الحاخامات رأوا في منامهم أن المعركة بين يأجوج ومأجوج تعجل في وقوع المذبحة النووية بين القوتين الكبريين.

وقالت تقارير أخرى عن هؤلاء: إن المسيح سيصل بطريقة سلمية، ويستشهد أحبار اليهود بالعلاقات التي تدل على قرب وصول المسيح، والتي ظهرت في العام المنصرم، وقالوا: إن وقع خطا المسيح كان مسموعاً في العام الماضي.

هذا هو مضمون الخبر، كما تعلمون أن الأحداث التي تحصل الآن قد يكون لها علاقة وقد تكون إرهاصات وقد لا تكون، لكن الأوضاع العامة هي أوضاع غير طبيعية كما تلاحظون، إن الأوضاع التي نحن فيها الآن موضوع التحالفات من الحلف الأطلسي مع مصر وإسرائيل والأردن والمغرب وتونس، والتحالف العسكري، وكثير من الأشياء قد تكون إرهاصات وقد لا تكون، والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم ما يكون في غدٍِ.

إننا نؤمن بالنصوص، لكن تنزيلها على الواقع لا نقطع به إلا بعد أن تقع، أما قبل ذلك فلا، فعلينا أن ننظر إلى ما يلزمنا الشرع به في كل ظرف وفي كل موقف.

العالم ينتظر ثلاثة أشخاص: ننتظر المهدي عليه السلام وهو رجل صالح من المجددين ليس نبياً ولا رسولاً، هو مجدد من الذين يجددون شباب هذا الدين، ورجل صالح يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وقد صحت به الأحاديث وتواترت كما هو معلوم.

وننتظر أيضاً نزول المسيح عليه السلام من السماء، كما أخبر الصادق المصدوق وكما أشار إليه القرآن الكريم في أكثر من آية، إن المسيح سينزل إلى الأرض ويحكم بالإسلام ويحكم بالقرآن ويقاتل اليهود.

الثالث: خروج المسيح الدجال مسيح الضلالة الذي حذر كل الأنبياء أممهم من فتنته، هذه هي عقيدة المسلمين، فهم يعتقدون خروج المهدي، ونزول المسيح من السماء، وخروج المسيح الدجال الذي سيقتله المسيح عليه السلام.

واليهود أيضاً ينتظرون المسيح، ويستدلون ببعض النصوص التي تبشر بمقدم المسيح في كتبهم، مع أن هذا المسيح الذي بشروا به قد جاءهم بالفعل وكفروا به، وأرادوا أن يصلبوه كما هو معروف من شأن اليهود.

الفاتيكان حينما برأ اليهود من دم المسيح كان صادقاً، فاليهود بالفعل أبرياء من دم المسيح عليه السلام؛ لأن الذي صلبوه ليس هو المسيح عليه السلام بالفعل، فاليهود يؤمنون بمجيء المسيح، وقد جاءهم المسيح وكذبوه، لكنهم الآن ينتظرون مسيح الضلال، الذي هو المسيح الدجال، وسوف يخرج معه سبعون ألفاً من يهود أصفهان، ويقاتلون مع المسيح الدجال المسلمين، فهذا هو الذي ينتظر اليهود.

اليهود يعتقدون أن المسيح قادم، ومن أجله يريدون إعادة بناء الهيكل المزعوم؛ لكي يحكم الأرض، وهذا الكلام له أساس ديني وأساس اعتقادي، لكن من هو المسيح الذي سيلتفون حوله؟

إنه المسيح الدجال مسيح الضلال.

أما النصارى فهم ينتظرون مجيء المسيح، لكنهم يزعمون أن المسيح سيأتي بصفته إله.

والصحيح أن المسيح الذي سيأتي ليس إلهاً إنما سيأتي بصفته رسولاً متبعاً لشريعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم وليس مستأنفاً لشريعةٍ جديدة.

فالواقع أن الثلاثة الأديان تنتظر هؤلاء الأشخاص، وقد أخبرنا الصادق المصدوق في الأحاديث بالتفصيل لما سيحصل، والله سبحانه تعالى سيعز الإسلام والمسلمين، وسوف ينتصر المسلمون على اليهود.

اليهود الآن يخططون لحرب عالمية ثالثة يحكمون بعدها العالم، وهم يفسرون بقايا المعلومات الدينية التي سلمت من التغيير تفسيراً يوافق تطلعاتهم ومخططاتهم، كما هو ظاهر من تفسيرهم لحرب يأجوج ومأجوج، فالرؤية المزعومة تجعل من يأجوج أمة ومأجوج أمة أخرى، واليهود يكفرون بالمسيح عليه السلام، ويزعمون أن المسيح لم يبعث بعد، وهم ينتظرون قدومه ليحكموا العالم به، ولذا يتبعون المسيح الدجال عندما يجتاح العالم، ويتبعه -كما قلنا آنفاً- من يهود أصفهان سبعون آلفاً كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وما ذاك إلا لظنهم أنه المسيح الموعود ملك اليهود المنتظر.

إن هذه الرؤية تمهد لأحداث تخطط لها يهود في الخفاء، وهي تعطي تأثيراً معيناً عند من يقرأ الخبر، وإلا كيف يتسنى لثلاثة أشخاص في وقت واحدٍ في ليلةٍ واحدة أن يروا رؤية واحدة ذات مضمون واحد، فالرؤية لا تعد تشريعاً، وبعض الأفراد والجماعات تجعل من الرؤى والأفكار وأحاديث القلوب مصدراً تشريعياً ينافس القرآن والسنة، وقد يُقدم عليهما، والرؤية الصادقة ما هي إلا مبشر بأمر سار، وقد تكون دعوةً إلى الاستقامة، وقد تكون تثبيتاً على الحق، وقد تنفر من الباطل، لكنها لا تشرع شيئاً جديداً.