العالم الإسلامي في ظل الوفاق الدولي


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.. أما بعد:

فالواقع أن الثورة التقنية التي يعيشها العالم -والتي تسمى بحقٍ ثورة- لم يشهد العالم لها نظيراً من قبل، هي أحد الأسباب التي تجعل مستقبل العالمي الإسلامي في ظل الوفاق الدولي أمراً بالغ الأهمية، دراسةً وبحثاً واستمراراً لما هو موجود من الجهود، من أجل درء الأخطار عن هذه الأمة، ومن أجل تلمس طريق النور في هذا المستقبل المظلم الحالك.

والوفاق الدولي لا يخفى على كثير حاله، حيث كانت هذه الدنيا تحت ظل عصبة الأمم التي كانت هيئة أقرب ما تكون إلى الشكلية، ثم كانت الحرب العالمية الثانية التي قضت عليها، ونتيجة لها خرج المعسكران الكبيران: المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، الأول: شيوعي ديكتاتوري، والثاني: ديمقراطي ليبرالي.

وكانت مرحلة الأمم المتحدة ومؤسساتها المتنوعة، وكذلك رفع شعارات الإنسانية، وحقوق الإنسان إلى آخر تلك الشعارات التي ظهر زيفها -كما سنستعرض إن شاء الله-

والمقصود أن هذين العملاقين -كما يسميان- أو هاتين الكتلتين اقتسمتا العالم، أو اتفقتا على ذلك، على أن هذا الوفاق -الذي يسمى- لم يكن دائماً وفاق محبة وسلام، بل كان الصراع، وكانت الأزمات التي نذكر منها على سبيل المثال أزمة كوبا، بين الرئيسين جون كيندي المقتول وخرتشوف ثم ما حصل بعد ذلك من مرحلة ما يسمى بالحرب الباردة، -الحرب الإعلامية بين الطرفين- حيث كانت المعسكرات الغربية، وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية تطلق على الاتحاد السوفيتي: امبراطورية الشر، وامبراطورية الشيطان، وامبراطورية الاستبداد والاستعمار.

وكانت المعسكرات الشرقية ومن لف لفها ينبذون أمريكا؛ لأنها زعيمة الإمبريالية العالمية، والتسلط العالمي، وانتهاك حقوق الإنسان، وحرياته، وثمرات شعوبه، ومقدراتها.

ولكن العجب الذي حصل في الفترة الأخيرة: هو ما جرى أولاً في روسيافيك ثم في مالطا من اتفاق هاتين القوتين، فإن العالم كله ذهل ودهش له ولنتائجه، ولا شك أن ما جرى في أوروبا الشرقية وبالسرعة المذهلة التي روعت العالم يدل على أن الأمر جد، وأن الأمر خطير، وأن ذلك الاتفاق له ما بعده.

لقد أعلن كلٌ من الطرفين أنه لن يعادي الآخر، وأشد من ذلك ما أصبح ظاهراً في لهجة زعيم الشيوعية العالمية -التي كانت تندد ليل نهار بخطر الاستعمار الأمريكي- عندما يقول: نحن وهم، فقيل له -أي: جورباتشوف-: من نحن ومن هم؟ قال: نحن الاتحاد السوفيتي وأوروبا وأمريكا وهم: الصين واليابان والعالم الإسلامي.

الوحدة الأوروبية وهي من أعظم ثمرات هذا الاتفاق إن لم تكن من محركاته في الأصل، لأن أوروبا تعرف أنها فقدت سيطرتها التي امتدت قروناً، وكما تعلمون أنه بعد حوالي سنتين سوف تكون أوروبا موحدة، كالدولة الواحدة.

وسوف يدخل في هذا الاتحاد -وقد بدأت المفاوضات في ذلك- الكتلة الشرقية أيضاً، فتصبح أوروبا شرقها وغربها قوة واحدة، ولا يهمنا أن تكون قوةً اقتصاديةًَ سياسيةً اجتماعيةً أياً كان الشكل، المهم أن تأثير هذه القوة سيكون رهيباً، وأن الأحداث سوف تؤكد ذلك بما لا ريب فيه.

ووحدة أوروبا ومع الاتحاد السوفيتي مع أمريكا التي تحدثنا عنها في محاضرات سابقة، عندما تصبح حقيقة واقعة، فإن الذي سيدفع الثمن بالدرجة الأولى هو العالم الإسلامي؛ لأنه -كما سنستعرض- هو العدو المستهدف بالدرجة الأولى لكلا القوتين، بل نستطيع من الآن أن نقول: إنهم أصبحوا قوة واحدة صليبية يهودية كما أخبرنا الله تعالى آيات كثيرة، منها قوله تعالى: وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا [البقرة:217] وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51] فهم الآن بعضهم أولياء بعض، ويشكلون قوة دولية واحدة، ولذلك نتائجهم خطيرة كما أشرنا على هذا العالم من أي زاوية نظرت، وفي أي مجال اتجهت، أعني: على العالم الإسلامي بالدرجة الأولى.

إنه ليس سراً أن نقول: إن زعيمي هذا الوفاق كل منهما كان رئيساً للاستخبارات في بلده، ومعلوم حال الاستخبارات سواء في الاتحاد السوفيتي أو في الولايات المتحدة الأمريكية، تدبير المؤامرات، والانقلابات، وعدم التورع عن أي جريمة مهما كانت، وارتكاب أي فظيعة من الفظائع، والإقدام على أي عمل مهما كان شنيعاً وبأي معيار ديني أو خلقي، هذه صفة ووظيفة المخابرات في هذا العالم الطاغي الصليبـي الحاقد، وكل من الرجلين كان رئيساً للاستخبارات في بلده أمداً طويلاً، ومن هنا فالقرارات المتخذة لا بد أن تنطبع بالصفات الشخصية لكلا الزعيمين.

وإذا وضعنا في الاعتبار من يسيَّر هذين، لعلمنا أنها هي القوى اليهودية الخفية المتسترة لعلمنا إلى أي جحيم يمكن أن تلقى به الإنسانية، ولا سيما العالم الإسلامي في ظل تحكم هذه القوة الصليبية المتحدة.

والكل يخاف من العالم الإسلامي، ويُحذِّر من الصحوة الإسلامية، وينادي بالويل والثبور إذا تمكن المسلمون من تحقيق أدنى شيء وأدنى قدر من الحرية أو من الدعوة إلى دينهم الذي يدينون به، وهذه حقائق وأدلتها كثيرة جداً.

ونستطيع أن نستعرض ونذكر ما صرح به الرئيس ميتران عندما تكلم عن الجهاد الإسلامي في فلسطين، يقول بالحرف الواحد: ''إن الذي يحدث في المناطق المحتلة يهدد بانتشار وباء التطرف الإسلامي في كل المنطقة'' فهو يسمي عودة المسلمين إلى دينهم تطرفاً إسلامياً، ويعتبره وباءً، كما يسمى الطاعون أو الكوليرا أو الإيدز وباءً، هذا هو الوباء الذي يمكن أن ينتشر.

وأما أمريكا فالعجب العجاب! أنها تخطط منذ أمدٍ بعيد على المستوى الحكومي وعلى مستوى المؤسسات، وأذكر مثالاً واحداً:

مؤسسة فورد: حيث إنها تمول دراسات كثيرة، وتصدر كتباً كثيرة منذ أكثر من ثلاثين سنة، تتعلق بدراسة أوضاع العالم الإسلامي، ومستقبل العالم الإسلامي، ودور الحركة أو الدعوة الإسلامية أو الصحوة الإسلامية في هذا العالم، حتى على مستوى القطاع الخاص فإن أمريكا تخطط وتفكر.

ومن العجيب أن معهداً للدراسات الاستراتيجية مشهور في أمريكا، وهو معهد بوفر؛ تحدث عن السياسة العالمية ابتداءً من نهاية القرن العشرين، ونشر ذلك قبل أكثر من عشر سنوات، وذكر فيه أن العالم سيرى قبل نهاية هذا القرن انهياراً للأنظمة الحاكمة -ونحن رأيناه الآن قبل نهاية عقد الثمانينات- وقال ضمن التقرير: ''سوف تنهار الأنظمة الموجودة في العالم: الماركسية، والشيوعية، والديموقراطية، والنقابية والنازية'' ذكر هذه الخمسة مع أن الموجود منها في الواقع هو: الماركسية والشيوعية وهما شيء واحد، والديموقراطية، لكن هكذا قال.

ثم تنبأ بأنه في نهاية هذا القرن سوف يشهد العالم كله عودة إلى الدين، سواء الكاثوليكية في أوروبا، أو العالم الإسلامي، وحذر أشد التحذير من الصحوة الإسلامية، وهذا الكلام كان قبل أكثر من عشر سنوات، وذكر على سبيل المثال، كما قال تقرير المعهد: '' أن المسلم الأسود يهدد مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية، وأن المسلمين في الاتحاد السوفيتي يشكلون خطراً كبيراً على مستقبله؛ لأنه من المتوقع أن يصل عددهم إلى (40%) من سكان الاتحاد السوفيتي جميعاً قبل نهاية هذا القرن'' هكذا حذر، وهذا مقتطفات من التقرير نشرها الدكتور مصطفى محمد حلمي في كتابه: الصحوة الإسلامية عودة إلى الذات (ص:167).

وثائق تدل على طبيعة الوفاق الدولي

وإذا أردنا أن نستعرض بعض الوثائق التي تدل على طبيعة الوفاق الدولي، وما حدث في أوروبا الشرقية، فنذكر وثيقة وهي عبارة عن تقرير نشرته صحيفة اللوموند الفرنسية وقد كتب هذا المقال في أثناء تساقط الأنظمة في أوروبا الشرقية.

يقول: '' تشهد إسرائيل هذه الأيام كل ما يجري في دول أوروبا الشرقية باهتمام كبير؛ نظراً لأنها تجد في ذلك فرصة مواتية لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع كلاً من هذه الدول، والواقع أن هذا ليس فقط موضع اهتمام إسرائيل وإنما هناك أهداف أخرى تسعى لتحقيقها، إذ ترى بأن علاقاتها مع تلك الدول منذ حرب 1967م قد حرمها من روابط أهم بكثير من مجرد النواحي الدبلوماسية'' فالقضية ليست هي قضية إعادة علاقات، وقد أعيدت كما تعلمون، يقول: لا، هناك روابط أخص من روابط دبلوماسية، يريدها اليهود المحتلون من أوروبا الشرقية ما هي؟

يقول: ''إذ يرى بعض الإسرائيليين أن عودة العلاقات بين إسرائيل ودول أوروبا الشرقية هو بمثابة العودة إلى قطاع من العالم ترتبط به إسرائيل منذ وقت طويل بروابط عاطفية وثقافية، بل وروحية قوية ومتعددة'' فما معنى روابط عاطفية وروحية إلى آخره هو الدين؛ لأن معظم اليهود المقيمين في الأرض المحتلة الآن، في دولة إسرائيل -كما تسمى- معظمهم من أوروبا الشرقية.

يقول: ''ويرى البروفيسور شلومو مكلوري أنها إذا كانت لإسرائيل علاقة عميقة دائماً مع أوروبا -يعني: ككل- فإن أوروبا هذه هي التي تضرب في أعماقها جذور الشعب اليهودي " أي: أوروبا الشرقية {{ أي: فيوراتو، وفيينا وبرار، وأديسا، وبيتاريا، ولتوانيا وليس في باريس أو لندن أو بروكسل، كما يرى شلومو بأنه كلما استعادت دول شرق أوروبا هويتها، وامتلاك ناصية أمورها فمن الممكن لعدد كبير من الإسرائيليين أن يعيدوا علاقاتهم وارتباطهم بثقافة أوروبية كانوا بمثابة عضو مشترك فيها بشكل كامل، وذلك من خلال لغات وآداب مارسوها في أقاليم ومدن سكنها يهود أوروبا منذ القرن الخامس عشر }} لماذا من القرن الخامس عشر؟ أي منذ أن طُرد المسلمون من الأندلس، واحتلت الأندلس الحكومة الصليبية بزعامة فريدناند وإيزابلا فطُرد المسلمون وطُرد اليهود كذلك، فالمسلمون خرجوا وقتلوا وأبيدوا في محاكم التفتيش، وأيضاً طرد اليهود لأن الصليبيين فريدناند وإيزابلا طردا اليهود، فهاجروا إلى أوروبا الشرقية، حيث كان كثير من هذه الدول تحت حكم الدولة العثمانية.

إذاً يقول: إن الرابطة الأساس هي الرابطة الدينية، وإن إسرائيل تسعى إلى تحرر أوروبا الشرقية من الستار الحديدي، رغم أن الشيوعية فكرة يهودية، ورغم أن القائمين عليها يؤدون أعظم الخدمة لليهود، وعلى سبيل المثال: زعيم رومانيا خدماته لليهود واسعة، وهو مهندس كثير من مشاريع اللقاءات بين الزعماء العرب وبين بعض زعماء اليهود، ومع ذلك فإنهم يريدون أن تتخلى هذه الزعامات ليأتي مستقبل آخر، لتكون العلاقات فيه أقوى وليكون الارتباط الروحي -كما يقولون- بين اليهود المقيمين في الأرض المحتلة وبين اليهود في أوروبا الشرقية.

أحوال الاتحاد السوفيتي في ظل الوفاق الدولي

وإذا انتقلنا إلى الاتحاد السوفيتي، ونحن الآن نركز على الكتلة الشرقية، أقول: أركز عليها؛ لأن علاقة اليهود بـأمريكا والعالم الصليبـي أشهر من أن تذكر، وأصبحت العجوز في بلادنا أو في أي مكان تعلم -فضلاً عن المثقف- أن أي قرار تصوت عليه أمريكا في مجلس الأمن مثلاً فإنه سيكون لخدمة إسرائيل، وأن أي مطلب تريده إسرائيل فإنه سينفذ، فالقضية أصبحت لا تحتاج إلى أدلة.

ولكن نريد أن نركز على الاتحاد السوفيتي الذي يتشدق في هذه الأيام عنه بأنه انفتح على الحرية، والسلام، والديمقراطية، والمحبة، وهذا الفخ الذي يراد أن يوقع فيه العالم الإسلامي في ظل الوفاق الدولي، على أننا سنعرج على أمريكا عند الحديث عن تضخيم الصحوة الإسلامية، والتحذير من مخاطرها -إن شاء الله- في صحيفة الحياة التي تصدر في لندن وهي كانت صحيفة لبنانية من قبل- يقول الكاتب: ''موسكو حذرت مجموعة من الكتاب الروس البارزين القيادة السوفيتية من تصاعد النشاطات الصهيونية -كتاب مثقفون وزعماء في الأدب حذروا من تصاعد النشاطات الصهيونية في الاتحاد السوفيتي- مما يهدد بتحويل الحوار الروسي اليهودي إلى مواجهة حتى الموت'' بين اليهود الذين تمكنوا الآن نتيجة إعادة البناء (البروستريكا) وبين القوميين الروس الذين لا يريدون أن يسيطر على بلادهم إلا هم لا أولئك الغرباء.

ثم يقول: ''وفي رسالة نشرتها صحيفة تصدر من روسيا الناطقة باسم: اتحاد الأدباء في روسيا الاتحادية، اتهم الكتاب الروس الصحافة السوفيتية بشن حملة دعائية شعواء ضد الحركة القومية الداعية إلى انبعاث روسيا، وأكدوا أن هذه الحملة تنظم للتستر على الفاشية الجديدة التي تجسدت في اتحاد الصهاينة السوفييت {{ فهم يسمون اتحاد المجالس العليا السوفيتية اتحاد الصهاينة السوفيتية، كأنه لا يعمل فيه إلا الصهاينة فقط.

وحذروا أن بعض الصحف المركزية التي تؤجج الهستريا بشأن منظمة الذكرى }} وهي منظمة قومية روسية لعلنا نستعرض بعض ما يتعلق بها أيضاً، فهي منظمة تعلن العداء لليهود، وأن اليهود سيطروا على بلادهم.

ثم يقول الكتاب: إن مقاومة هذه المنظمة، أو الذي يجري بينها وبين اليهود نخشى أن يتحول إلى اتجاه عكسي أي: إلى تجميد الصهيونية مخفية عن الرأي العام السوفيتي.

{{ وأشارت إلى تورط منظمة فيتار بالمذابح ضد اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا، والمئات من الجرائم البشعة الأخرى التي اهتز لها العالم مراراً }} وهذه من الأسرار التي لأول مرة تنشر عن صبرا وشاتيلا ويكون لليهود السوفييت مشاركة فيها.

ثم يقول: {{ وأعرب الكتاب الروس عن استيائهم من عقد مؤتمر لمنظمات يهودية سوفيتية في موسكو نهاية العام الماضي (1989م) وأضافوا أنه: اجتاحت الاتحاد السوفيتي بعد هذا المؤتمر حملات دعائية تميزت بالعنصرية المتطرفة، واتهموا الصهاينة السوفييت بافتعال خرافة عن الفاشية الروسية، إلى أن يقول: وأدان المثقفون الروس ما وصفوه برد الاعتبار للعقيدة الصهيونية، وقيام وسائل الإعلام السوفيتية بتمجيد الشخصيات الاجتماعية والثقافية من أصل يهودي }} أي: أن الأدباء والمثقفين والكتاب والشعراء الذين من أصل يهودي، هم الذين يحفون بالدعاية الضخمة بـالاتحاد السوفيتي وفي غيره.

ثم يقول: {{ حتى المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي يعمل على تغيير صفحة الصهيونية المجرمة... }} إلى آخر الكلام، ولا نريد الإطالة فيه، وإنما ننتقل إلى الحديث -كما قلنا- عن هذه المنظمة: بانيات، أي: منظمة الذكرى؛ وهي منظمة قومية روسية، هالها أن اليهود بدءوا يتمكنون بشكل علني واضح في الاتحاد السوفيتي منذ قيام جورباتشوف وعملية إعادة البناء -كما تسمى- فأخذت تدافع عن الماضي القومي لـروسيا القيصرية، وتريد إحياء الصليبية القيصرية، ولاحظوا بين فكين: فك الصهيونية اليهودية وفك الصليبية القيصرية أيضاً؛ وكلاهما نحن سندفع الثمن إن انتصرا أو تفوقا.

وهذه مقتطفات قصيرة: {{ النائب الأول لوزير الخارجية السوفيتية ذكر أن الإشاعات قد تكون وراءها عناصر قريبة لإسرائيل }} والإشاعات هي عن المجازر والمذابح التي قد يؤدي إليها هذا الصراع.

{{ وأصبحت منظمة بانيات تنظيماً قوياً له مئات الآلاف من المناصرين، ويعد أعضاؤه بعشرات الآلاف وهم يرتدون في اجتماعاتهم قمصاناً سوداً، رسم عليها ناقوس -لاحظوا الصليبية كيف تعود- يرمز إلى أن الوقت حان لاستيقاظ روسيا من سباتها، وتتخذ المنظمة شعاراً لها رسماً للقديس وهو يطعن التنين }} ويذكر أن الإشاعات عن المذابح ضد اليهود تحدد الخامس من آيار مايو المقبل موعداً لها، وفي هذا اليوم من كل عام يحتفل المسيحيون الروس الأرثوذكس بعيد لتقديس جورج، يعني: وعدت هذه المنظمة بأنه في آيار مايو -لعلنا نرى ماذا يجري عندها- يوم الاحتفال بذكرى هذا القديس وهو من القديسين الكبار الأرثوذكس في الاتحاد السوفيتي، في يوم عيده سوف تقوم هذه المنظمة بعمليات مجازر أو عمليات دامية ضد اليهود في روسيا.

المهم انظروا كيف أن هذه الحقائق التي أراد الله تعالى أن تكشف على يد هذه المنظمة وأمثالها.

يقول: {{ سألت الحياة فاسولين -زعيم المنظمة- عن مغزى اختيار منظمته لهذا القديس شعاراً لها، أي: لماذا اخترتم هذا القديس النصراني شعاراً لكم؟ -فقال: إن أوروبا- أي: أوروبا الغربية- التي خبرت الفكر اليهودي الماسوني عبر الثورة الفرنسية رحلت هذا الفكر إلى روسيا بعد أن ألبسته رداءً ماركسياً، وأوروبا التي تنتهل اليوم كرامتنا القومية هي سبب مصائبنا على رغم أن روسيا كانت الحصن المنيع الذي وقاها من الجحافل الآسيوية }} وهذا تصريح واضح بأن الماسونية هي وراء الثورة الفرنسية، وأنها هي وراء الحركة الشيوعية ووراء ما جرى في الثورة -كما سيأتي من كلامه-

إذاً يقول: {{ إن أوروبا التي خبرت الفكر اليهودي الماسوني -وهذه حقيقة- عبر الثورة الفرنسية رحلت هذا الفكر إلى روسيا }}.

ثم يقول: {{ إن روسيا هي التي حمت أوروبا من الجحافل الآسيوية }} ما المقصود بالجحافل الآسيوية التي وقفت روسيا صداً منيعاً دون دخول هؤلاء أوروبا؟

الدولة العثمانية قرون طويلة وهي تكاد أن تجتاح أوروبا، وأكبر عدو كان يقف في وجهها هو روسيا القيصرية، وهذه حقيقة فعلاً، فهم يجعلون هذه جحافل آسيوية وأوروبا التي تعتبر العالم في الحقيقة هو أوروبا وما عداه فهم همج لا قيمة لهم، ولا سيما العالم الإسلامي.

يقول فاسولين: {{ وما حصل عام (1917م) وهو عام قيام الثورة الشيوعية كان انقلاباً منافياً للقانون، وكان للصهاينة دورهم فيه، وإثر ذلك أحيطت بلادنا بأسلاك شائكة وقطعت جذور الأمة، وأبيد عقلها وضميرها، وحورب الدين الذي يعتنقه شعبها، والقديس جورج الذي يطعن التنين، يرمز إلى انتفاض شعبنا ضد العدو }} فهي انتفاضة صليبية ضد السيطرة الصهيونية -كما يقول-

{{ ويرى فاسولين أن البروستريكا خلقت وضعاً استطاع معه أدعياء اليسار أن يحتكروا الديمقراطية ويفرضوا رأياً بروسترياً واحداً، لقد سيطروا على وسائل الإعلام وهم يكممون على الأفواه المعارضة، ولسان منظمتنا -كما يقول- خير شاهد على ذلك.

ويصدر اليهود صحفاً ومطبوعات -لاحظوا كلامه- بفضل الرسالي- يعني: رءوس الأموال المتدفقة من الخارج، بينما الشعب الروسي عاجز عن التبشير بآرائه, لأن الأموال حكر على الحزب والسلطة }}

ثم ذكر كلاماً كثيراً ويكفينا منه هذا وهو: أن هذه الحركة الصليبية الروسية تقول: إن عملية إعادة البناء وزعامة جورباتشوف قد أدت إلى أن يُحكم اليهود قبضتهم وسيطرتهم على الاتحاد السوفيتي، وأنهم يهود صهاينة، ومعروف كلمة صهاينة عند الغرب والشرق؛ أي: الذين يؤيدون إسرائيل، وحريصون على إقامتها.

وليس غريباً بعد ذلك أن نرى الهجرة اليهودية إلى الأرض المحتلة، وليس غريباً أن تتطوع شركات الطيران في أوروبا الشرقية وغيرها لنقل أولئك اليهود، وأن تتبرع الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء وبناء الوحدات السكنية لهؤلاء اليهود، وأن يصرخ الشرق والغرب من هؤلاء الأطفال الذين يقذفون بالحجارة فقط هؤلاء المحتلين، فتعاون الشرق والغرب من أجل القضاء على هذا الجهاد -جهاد الحجارة البسيط- لا لأجله، ولا لأجل أرض فلسطين فقط، بل ليُحكموا قبضتهم وسيطرتهم على الأمة الإسلامية عامة.

وإذا أردنا أن نستعرض بعض الوثائق التي تدل على طبيعة الوفاق الدولي، وما حدث في أوروبا الشرقية، فنذكر وثيقة وهي عبارة عن تقرير نشرته صحيفة اللوموند الفرنسية وقد كتب هذا المقال في أثناء تساقط الأنظمة في أوروبا الشرقية.

يقول: '' تشهد إسرائيل هذه الأيام كل ما يجري في دول أوروبا الشرقية باهتمام كبير؛ نظراً لأنها تجد في ذلك فرصة مواتية لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع كلاً من هذه الدول، والواقع أن هذا ليس فقط موضع اهتمام إسرائيل وإنما هناك أهداف أخرى تسعى لتحقيقها، إذ ترى بأن علاقاتها مع تلك الدول منذ حرب 1967م قد حرمها من روابط أهم بكثير من مجرد النواحي الدبلوماسية'' فالقضية ليست هي قضية إعادة علاقات، وقد أعيدت كما تعلمون، يقول: لا، هناك روابط أخص من روابط دبلوماسية، يريدها اليهود المحتلون من أوروبا الشرقية ما هي؟

يقول: ''إذ يرى بعض الإسرائيليين أن عودة العلاقات بين إسرائيل ودول أوروبا الشرقية هو بمثابة العودة إلى قطاع من العالم ترتبط به إسرائيل منذ وقت طويل بروابط عاطفية وثقافية، بل وروحية قوية ومتعددة'' فما معنى روابط عاطفية وروحية إلى آخره هو الدين؛ لأن معظم اليهود المقيمين في الأرض المحتلة الآن، في دولة إسرائيل -كما تسمى- معظمهم من أوروبا الشرقية.

يقول: ''ويرى البروفيسور شلومو مكلوري أنها إذا كانت لإسرائيل علاقة عميقة دائماً مع أوروبا -يعني: ككل- فإن أوروبا هذه هي التي تضرب في أعماقها جذور الشعب اليهودي " أي: أوروبا الشرقية {{ أي: فيوراتو، وفيينا وبرار، وأديسا، وبيتاريا، ولتوانيا وليس في باريس أو لندن أو بروكسل، كما يرى شلومو بأنه كلما استعادت دول شرق أوروبا هويتها، وامتلاك ناصية أمورها فمن الممكن لعدد كبير من الإسرائيليين أن يعيدوا علاقاتهم وارتباطهم بثقافة أوروبية كانوا بمثابة عضو مشترك فيها بشكل كامل، وذلك من خلال لغات وآداب مارسوها في أقاليم ومدن سكنها يهود أوروبا منذ القرن الخامس عشر }} لماذا من القرن الخامس عشر؟ أي منذ أن طُرد المسلمون من الأندلس، واحتلت الأندلس الحكومة الصليبية بزعامة فريدناند وإيزابلا فطُرد المسلمون وطُرد اليهود كذلك، فالمسلمون خرجوا وقتلوا وأبيدوا في محاكم التفتيش، وأيضاً طرد اليهود لأن الصليبيين فريدناند وإيزابلا طردا اليهود، فهاجروا إلى أوروبا الشرقية، حيث كان كثير من هذه الدول تحت حكم الدولة العثمانية.

إذاً يقول: إن الرابطة الأساس هي الرابطة الدينية، وإن إسرائيل تسعى إلى تحرر أوروبا الشرقية من الستار الحديدي، رغم أن الشيوعية فكرة يهودية، ورغم أن القائمين عليها يؤدون أعظم الخدمة لليهود، وعلى سبيل المثال: زعيم رومانيا خدماته لليهود واسعة، وهو مهندس كثير من مشاريع اللقاءات بين الزعماء العرب وبين بعض زعماء اليهود، ومع ذلك فإنهم يريدون أن تتخلى هذه الزعامات ليأتي مستقبل آخر، لتكون العلاقات فيه أقوى وليكون الارتباط الروحي -كما يقولون- بين اليهود المقيمين في الأرض المحتلة وبين اليهود في أوروبا الشرقية.

وإذا انتقلنا إلى الاتحاد السوفيتي، ونحن الآن نركز على الكتلة الشرقية، أقول: أركز عليها؛ لأن علاقة اليهود بـأمريكا والعالم الصليبـي أشهر من أن تذكر، وأصبحت العجوز في بلادنا أو في أي مكان تعلم -فضلاً عن المثقف- أن أي قرار تصوت عليه أمريكا في مجلس الأمن مثلاً فإنه سيكون لخدمة إسرائيل، وأن أي مطلب تريده إسرائيل فإنه سينفذ، فالقضية أصبحت لا تحتاج إلى أدلة.

ولكن نريد أن نركز على الاتحاد السوفيتي الذي يتشدق في هذه الأيام عنه بأنه انفتح على الحرية، والسلام، والديمقراطية، والمحبة، وهذا الفخ الذي يراد أن يوقع فيه العالم الإسلامي في ظل الوفاق الدولي، على أننا سنعرج على أمريكا عند الحديث عن تضخيم الصحوة الإسلامية، والتحذير من مخاطرها -إن شاء الله- في صحيفة الحياة التي تصدر في لندن وهي كانت صحيفة لبنانية من قبل- يقول الكاتب: ''موسكو حذرت مجموعة من الكتاب الروس البارزين القيادة السوفيتية من تصاعد النشاطات الصهيونية -كتاب مثقفون وزعماء في الأدب حذروا من تصاعد النشاطات الصهيونية في الاتحاد السوفيتي- مما يهدد بتحويل الحوار الروسي اليهودي إلى مواجهة حتى الموت'' بين اليهود الذين تمكنوا الآن نتيجة إعادة البناء (البروستريكا) وبين القوميين الروس الذين لا يريدون أن يسيطر على بلادهم إلا هم لا أولئك الغرباء.

ثم يقول: ''وفي رسالة نشرتها صحيفة تصدر من روسيا الناطقة باسم: اتحاد الأدباء في روسيا الاتحادية، اتهم الكتاب الروس الصحافة السوفيتية بشن حملة دعائية شعواء ضد الحركة القومية الداعية إلى انبعاث روسيا، وأكدوا أن هذه الحملة تنظم للتستر على الفاشية الجديدة التي تجسدت في اتحاد الصهاينة السوفييت {{ فهم يسمون اتحاد المجالس العليا السوفيتية اتحاد الصهاينة السوفيتية، كأنه لا يعمل فيه إلا الصهاينة فقط.

وحذروا أن بعض الصحف المركزية التي تؤجج الهستريا بشأن منظمة الذكرى }} وهي منظمة قومية روسية لعلنا نستعرض بعض ما يتعلق بها أيضاً، فهي منظمة تعلن العداء لليهود، وأن اليهود سيطروا على بلادهم.

ثم يقول الكتاب: إن مقاومة هذه المنظمة، أو الذي يجري بينها وبين اليهود نخشى أن يتحول إلى اتجاه عكسي أي: إلى تجميد الصهيونية مخفية عن الرأي العام السوفيتي.

{{ وأشارت إلى تورط منظمة فيتار بالمذابح ضد اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا، والمئات من الجرائم البشعة الأخرى التي اهتز لها العالم مراراً }} وهذه من الأسرار التي لأول مرة تنشر عن صبرا وشاتيلا ويكون لليهود السوفييت مشاركة فيها.

ثم يقول: {{ وأعرب الكتاب الروس عن استيائهم من عقد مؤتمر لمنظمات يهودية سوفيتية في موسكو نهاية العام الماضي (1989م) وأضافوا أنه: اجتاحت الاتحاد السوفيتي بعد هذا المؤتمر حملات دعائية تميزت بالعنصرية المتطرفة، واتهموا الصهاينة السوفييت بافتعال خرافة عن الفاشية الروسية، إلى أن يقول: وأدان المثقفون الروس ما وصفوه برد الاعتبار للعقيدة الصهيونية، وقيام وسائل الإعلام السوفيتية بتمجيد الشخصيات الاجتماعية والثقافية من أصل يهودي }} أي: أن الأدباء والمثقفين والكتاب والشعراء الذين من أصل يهودي، هم الذين يحفون بالدعاية الضخمة بـالاتحاد السوفيتي وفي غيره.

ثم يقول: {{ حتى المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي يعمل على تغيير صفحة الصهيونية المجرمة... }} إلى آخر الكلام، ولا نريد الإطالة فيه، وإنما ننتقل إلى الحديث -كما قلنا- عن هذه المنظمة: بانيات، أي: منظمة الذكرى؛ وهي منظمة قومية روسية، هالها أن اليهود بدءوا يتمكنون بشكل علني واضح في الاتحاد السوفيتي منذ قيام جورباتشوف وعملية إعادة البناء -كما تسمى- فأخذت تدافع عن الماضي القومي لـروسيا القيصرية، وتريد إحياء الصليبية القيصرية، ولاحظوا بين فكين: فك الصهيونية اليهودية وفك الصليبية القيصرية أيضاً؛ وكلاهما نحن سندفع الثمن إن انتصرا أو تفوقا.

وهذه مقتطفات قصيرة: {{ النائب الأول لوزير الخارجية السوفيتية ذكر أن الإشاعات قد تكون وراءها عناصر قريبة لإسرائيل }} والإشاعات هي عن المجازر والمذابح التي قد يؤدي إليها هذا الصراع.

{{ وأصبحت منظمة بانيات تنظيماً قوياً له مئات الآلاف من المناصرين، ويعد أعضاؤه بعشرات الآلاف وهم يرتدون في اجتماعاتهم قمصاناً سوداً، رسم عليها ناقوس -لاحظوا الصليبية كيف تعود- يرمز إلى أن الوقت حان لاستيقاظ روسيا من سباتها، وتتخذ المنظمة شعاراً لها رسماً للقديس وهو يطعن التنين }} ويذكر أن الإشاعات عن المذابح ضد اليهود تحدد الخامس من آيار مايو المقبل موعداً لها، وفي هذا اليوم من كل عام يحتفل المسيحيون الروس الأرثوذكس بعيد لتقديس جورج، يعني: وعدت هذه المنظمة بأنه في آيار مايو -لعلنا نرى ماذا يجري عندها- يوم الاحتفال بذكرى هذا القديس وهو من القديسين الكبار الأرثوذكس في الاتحاد السوفيتي، في يوم عيده سوف تقوم هذه المنظمة بعمليات مجازر أو عمليات دامية ضد اليهود في روسيا.

المهم انظروا كيف أن هذه الحقائق التي أراد الله تعالى أن تكشف على يد هذه المنظمة وأمثالها.

يقول: {{ سألت الحياة فاسولين -زعيم المنظمة- عن مغزى اختيار منظمته لهذا القديس شعاراً لها، أي: لماذا اخترتم هذا القديس النصراني شعاراً لكم؟ -فقال: إن أوروبا- أي: أوروبا الغربية- التي خبرت الفكر اليهودي الماسوني عبر الثورة الفرنسية رحلت هذا الفكر إلى روسيا بعد أن ألبسته رداءً ماركسياً، وأوروبا التي تنتهل اليوم كرامتنا القومية هي سبب مصائبنا على رغم أن روسيا كانت الحصن المنيع الذي وقاها من الجحافل الآسيوية }} وهذا تصريح واضح بأن الماسونية هي وراء الثورة الفرنسية، وأنها هي وراء الحركة الشيوعية ووراء ما جرى في الثورة -كما سيأتي من كلامه-

إذاً يقول: {{ إن أوروبا التي خبرت الفكر اليهودي الماسوني -وهذه حقيقة- عبر الثورة الفرنسية رحلت هذا الفكر إلى روسيا }}.

ثم يقول: {{ إن روسيا هي التي حمت أوروبا من الجحافل الآسيوية }} ما المقصود بالجحافل الآسيوية التي وقفت روسيا صداً منيعاً دون دخول هؤلاء أوروبا؟

الدولة العثمانية قرون طويلة وهي تكاد أن تجتاح أوروبا، وأكبر عدو كان يقف في وجهها هو روسيا القيصرية، وهذه حقيقة فعلاً، فهم يجعلون هذه جحافل آسيوية وأوروبا التي تعتبر العالم في الحقيقة هو أوروبا وما عداه فهم همج لا قيمة لهم، ولا سيما العالم الإسلامي.

يقول فاسولين: {{ وما حصل عام (1917م) وهو عام قيام الثورة الشيوعية كان انقلاباً منافياً للقانون، وكان للصهاينة دورهم فيه، وإثر ذلك أحيطت بلادنا بأسلاك شائكة وقطعت جذور الأمة، وأبيد عقلها وضميرها، وحورب الدين الذي يعتنقه شعبها، والقديس جورج الذي يطعن التنين، يرمز إلى انتفاض شعبنا ضد العدو }} فهي انتفاضة صليبية ضد السيطرة الصهيونية -كما يقول-

{{ ويرى فاسولين أن البروستريكا خلقت وضعاً استطاع معه أدعياء اليسار أن يحتكروا الديمقراطية ويفرضوا رأياً بروسترياً واحداً، لقد سيطروا على وسائل الإعلام وهم يكممون على الأفواه المعارضة، ولسان منظمتنا -كما يقول- خير شاهد على ذلك.

ويصدر اليهود صحفاً ومطبوعات -لاحظوا كلامه- بفضل الرسالي- يعني: رءوس الأموال المتدفقة من الخارج، بينما الشعب الروسي عاجز عن التبشير بآرائه, لأن الأموال حكر على الحزب والسلطة }}

ثم ذكر كلاماً كثيراً ويكفينا منه هذا وهو: أن هذه الحركة الصليبية الروسية تقول: إن عملية إعادة البناء وزعامة جورباتشوف قد أدت إلى أن يُحكم اليهود قبضتهم وسيطرتهم على الاتحاد السوفيتي، وأنهم يهود صهاينة، ومعروف كلمة صهاينة عند الغرب والشرق؛ أي: الذين يؤيدون إسرائيل، وحريصون على إقامتها.

وليس غريباً بعد ذلك أن نرى الهجرة اليهودية إلى الأرض المحتلة، وليس غريباً أن تتطوع شركات الطيران في أوروبا الشرقية وغيرها لنقل أولئك اليهود، وأن تتبرع الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء وبناء الوحدات السكنية لهؤلاء اليهود، وأن يصرخ الشرق والغرب من هؤلاء الأطفال الذين يقذفون بالحجارة فقط هؤلاء المحتلين، فتعاون الشرق والغرب من أجل القضاء على هذا الجهاد -جهاد الحجارة البسيط- لا لأجله، ولا لأجل أرض فلسطين فقط، بل ليُحكموا قبضتهم وسيطرتهم على الأمة الإسلامية عامة.

كما تعلمون الصحوة الإسلامية حقيقة قائمة، والعودة إلى هذا الدين واقع؛ وهذا من فضل الله تعالى على هذه الأمة، ولا غرابة فيه، فليس غريباً أن التائب يعود إلى الله فرداً أو أمة أو جماعة، لكن الغريب هو أن من عرف الله لا يرجع إليه وإن أسرف على نفسه بالمعاصي، لكن تضخيم هذه الصحوة وتهويلها ودراستها هذا هو الذي يدعو إلى أن ينظر ماذا يراد منها.

ولقد نشر كاتب أمريكي من أصل لبناني اسمه مايكل سابا مقالة ترجمتها صحيفة الحياة أيضاً، بعنوان (إعلام أمريكا وخطر المسلمين).

هذه المقالة عن ندوة عقدها مستشار الرئيس الأمريكي كارتر لشئون الأمن القومي؛ وبالمناسبة الرئيس الأمريكي كارتر الآن يتحرك بنشاط عجيب وكذلك كيسنجر فـكارتر هذا ومعاونوه الأولون بدءوا يتحركون من أجل خبرتهم السابقة ومعرفتهم بحال المنطقة، ونجد أن كارتر يهتم بالجهاد الأفغاني ويذهب إلى هنالك، من أجل دعم التنصير بين المسلمين، واستغلال الجوع والفقر والحاجة الشديدة التي يعاني منها المجاهدون والمهاجرون من أجل التنصير وفرض الحل الغربي على الجهاد الأفغاني، كما نجده يذهب إلى أفريقيا ويقيم ويتنقل بين دولها: كـالحبشة وجنوب السودان مع جون قرنق وبكل وضوح يمده بالعالم الغربي، ومع الجبهة الشعبية لتحرير أرتيريا كما تسمى بكل قوتهم، ومع التنصير في كينيا وفي الصومال، ويؤلمنا أن نقول: إنهم يشترون أبناء وبنات المسلمين بأبخس الأثمان، منظمات خطيرة وكثيرة تشتري أبناء المسلمين في الصومال وكينيا والحبشة وغيرها، ويخسرون الآلاف بوسائل النقل إلى أوروبا، هذه الحقائق كثيرة وتقرءونها كثيراً.

فنقول: هذه الندوة هي ندوة لأولئك الزعماء السابقين، وكان موضوعها عن الأرمن وأحداث أرمينيا، ولكن الحقد يأبى إلا أن يظهر، وقد حولوا الموضوع إلى مسألة عودة إسلامية، وخطر إسلامي، أين الخطر الإسلامي؟ انظروا -قبل أن نقرأ هذا الكلام- الفرق بين جورباتشوف في الحالين وكأنه رجلان مختلفان، ففي الحالة الأولى هو رجل ديمقراطي هادئ متزن يزور بنفسه دول في بحر البلطيق التي تؤيد الانفصال، ويجلس مع أعضاء برلمانها، ويناقش الكتاب، بل ظهر في التلفزيون وفي الشارع يتحدث مع الناس ويكلمهم ويقول: نريد الديمقراطية ونريد أن تنحل القضية فيما بيننا وبينكم بالوسائل الموازية وبالطرق الحكيمة وبكل هدوء.

أما إذا نظرنا إليه كيف يتعامل مع المناطق الإسلامية التي تحت حكمه، فإن ذلك الحمل الوديع الديمقراطي الهادئ ينقلب إلى وحش أو دب متلطخ بالدماء، فالدبابات تنزل تدك المدن، والجيش الأحمر يهدم كل شيء، والاعتقالات بالآلاف، والمقابر الجماعية، لأنه هنا يتعامل مع مسلمين، لكن هناك كان يتعامل مع أبناء دينه، وهذا شيء واضح وجلي، والأخبار العالمية تؤكده بوضوح وليس محتاجاً إلى تأكيد.

والشاهد حول الموضوع من أرمينيا إلى العالم الإسلامي، ويقول: (( في الغرب لا يمكن لأحد أن يشهد مساعي تقوم بها جهات غير مسلمة سواء كانت مسيحية أو يهودية أو حتى هندوسية للقتال من أجل الحرية بالحد الذي يرقى إلى درجة الحرب المقدسة، فهذا النمط محصور بالنسبة إلى الغربيين في تعريف المسلمين بالذات )).

فالهندوس والنصارى واليهود في أي بلد في العالم يطالبون ويثورون ولا غبار عليهم، كما يقول الكاتب وهو نصراني أمريكي، لكن إذا قامت أي حركة إسلامية مهما كان شأنها قيل: هذه حرب مقدسة خطرها يمتد إلى العالم كله، فخصوا هذا الشعار للمسلمين.

عناوين الصحف والتهويل من الصحوة الإسلامية

وهناك بعض العناوين التي كانت الصحافة الأمريكية تتحدث عنها عند أحداث أرمينيا ومن هذه العناوين يقول: نيران هوجاء في الجمهوريات الإسلامية، وهذا عنوان مفجع!

عنوان آخر: المدى البعيد لظلال المآذن، لماذا؟ لأن إعادة البناء سمحت للمسلمين بأن يأذنوا.

الصحافة الأمريكية تجعل عناوين ضخمة "ظلال المآذن"، وبعد هذا الأذان تهويل، حتى يكبت هذا الدين، فهم لا يريدون أن يسمعوا كلمة (الله أكبر) ولا أن ترتفع كلمة (الله أكبر) في أي بلد، أما الكنيسة الكاثوليكية فتحتفل ويفتخر جورباتشوف في كتابه إعادة البناء، لأنها احتفلت واحتفلت معها روسيا كلها بمناسبة مرور ألف سنة على إنشائها، ويذهب هو إلى -ما يسمى- قداسة البابا ويحصل على التبريكات منه، لكن الأذان لا يراد أن يرفع في الاتحاد السوفيتي، ولا في أي مكان في العالم.

عنوان آخر: عش الدبابير في جنوب السوفييت.

عنوان آخر: السكان المسلمون يحشدون التحدي ضد السوفييت، أي تحدي؟ كما تعلمون علماؤهم المفتون لا يكادون يعرفون بعض حقائق الإسلام البسيطة، لأنهم تربوا تربية في ظل الحديد والنار والتسلط، وفحصوا ومحصوا حتى أصبح لا يمكن أن يتزعم المسلمون أو يقوم بأمرهم إلا من لا يعرف من الإسلام إلا رسوم معينة يمدح ويثني على الحكومة السوفيتية في كل كلمة أكثر مما يتحدث عن الإسلام والله المستعان.

يقول: {{ وتدفع هذه العناوين -جميعاً- القارئ للاعتقاد بأن المسلمين في شكل ما ليسوا تهديداً للسوفيت وحدهم بل إنهم حسب ما تصورهم الصحافة الأمريكية تهديداً للبشرية جمعاء }} هذا هو الخطأ.

الأفلام الأمريكية ودورها في التهويل

كما عملوا بعض الأفلام الأمريكية، ويمكن أنكم سمعتم عنها، والأفلام تترسب في اللاشعور لكنها تأثر على الشعور وعلى الوعي، وهذه أفلام على مدار ثلاث ساعات بعضها يتحدث عن غزو العرب، كيف إذا دخل العرب أمريكا وجاءوا وهم راكبون الجمال، وفيهم قذارة ووساخة -ومعروف كيف يصورون العرب- وكيف يهجمون على نيويورك فينهبونها وينهبوا واشنطن إلى أن يصلوا إلى كاليفورنيا وكيف يفعلون ويفعلون، فتتشوه صورة الإنسان المسلم عند الملايين من الناس، وإن كان بعضهم يراها نوع من السذاجة أو النكتة فلا يتصور وقوعها.

لكن هذه الأشياء إذا ترسبت في اللاشعور تتحول إلى حقائق واعية فيما بعد.

إن من عجائب ما ذكر في الصحافة الأمريكية ما نشر في صحيفة النيويورك تايمز يقول: {{ إن المتطرف يأتي إلى الصحراء }} ومعلوم أنهم قد تحدثوا عن الأرمن والمسلمين والنصارى، وذكروا أن المسلمين في الاتحاد السوفيتي يسكنون في الصحراء، وأما النصارى فيسكنون في الغابات، واستنتجوا من هذا قاعدة، تقول صحيفة النيويورك تايمز: '' إن المتطرف يأتي من الصحراء، والمبدع يأتي من الغابات، وربما كان هذا هو الفارق الأكبر بين الشرق والغرب'' الفرق بين الشرق الغرب أن الشرقي يأتي من الصحراء فيكون متطرفاً أصولياً، أما الغربي فيأتي من الغابات فيكون مبدعاً ومتحضراً.

ومن الغرائب أيضاً التي تحدثت عنها الصحافة الأمريكية، تقول: {{ أوردت الصحف الغربية أواخر كانون الثاني يناير وأوائل الشهر الماضي شباط أن من وصفتهم بمتطرفين سياسيين في أذربيجان -متطرف أو أصولي معروف ماذا يراد بهذا- يقول: قد يستولون على أسلحة ذرية في مواقع خارج عاصمة جمهورية باكو وهذه إحدى المناطق التي تزيد على العشر، وفيها مواقع لمخزونات للأسلحة الذرية في أراضي الاتحاد السوفيتي إلى أن يقول: وهذا تلميح واضح إلى أن احتمال وقوع هذه الأسلحة الذرية في أيدي متطرفون مسلمين يعتبر تهديداً خاصاً للبشرية }} ولاحظوا: أن المسلمين لو تحركوا في الاتحاد السوفيتي... وإلى الآن ليس لهم حركة ذات شأن، يمكن أن يسيطروا على مناطق ذرية؛ فإذا سيطروا عليها فإن هذا يشكل تهديداً للبشرية، سبحان الله! الآن ما يقارب ثلاثين دولة في العالم تملك أسلحة ذرية نووية، لكن الخطر فقط على الإنسانية من أين؟ من أن لو امتلك ذلك السلاح المسلمون، وتذكرون ماذا قيل عندما عملت باكستان مفاعلاً نووياً، وما قيل عن ضياء الحق، وأن هذه كما قال هنري كيسنجر: هذه قنبلة إسلامية، وأعلن الحرب الصليبية عليها، إلى آخر تلك الأوصاف، وظلت الأحداث تجري حتى قتلوه وجاءوا بهذه الموالية الرافضية التي تاريخها وحياتها معروف لديهم هناك في أمريكا.

ويقول: مايكل سابا: وهذا أيضاً أسلوبٌ لترسيخ رواية القنبلة الإسلامية وخطرها على العالم المتمدن، وهي الرواية التي دأب على سردها مراراً وتكراراً الخبراء الاستراتيجيون العاملون لصالح إسرائيل، فحقيقة الأمر أن إسرائيل تشكل بالفعل تهديداً نووياً لبقية دول العالم.

يقول: الحقيقة أن التهديد النووي تشكله دولة إسرائيل، لكن المتهم المظلوم هو هذا العالم الإسلامي المسكين.

ويقول: ويحتمل أن تتردد القصة الجديدة عن الخطر الإسلامي على العالم المتمدن أكثر فأكثر للمستقبل.

ثم قال: وقد نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دبلوماسيين في أثينا قولهم: {{ إن هناك قلاقل متزايدة في اليونان وبلغاريا حيال الاضطرابات بين الأقليات المسلمة هناك }}.

وبهذه المناسبة فإن دولة ألبانيا، الدولة الاشتراكية أو الشيوعية الوحيدة التي أكثرية سكانها مسلمون في أوروبا، إلى الآن هذه الدولة ما رأينا فيها بروستريكا، ولا حصل فيها أي شيء؛ لأن الأكثرية مسلمة، على ضعف إسلامهم وفهمهم له، لكن لا يراد لها أن تحصل على شيء حصلت عليه الجمهوريات في جميع أوروبا الشرقية؛ وهي دويلة صغيرة لا وزن لها في العالم، ومع ذلك حرمت من هذا الحق، ومما أعطيت جميع الدول.

والآن تشكو اليونان وبلغاريا من الاضطرابات التي قد تجعلها دول مواجهة في أوروبا ضد انتشار التطرف الإسلامي! سبحان الله، فأمروا المسلم أن يغير اسمه وجوباً، ويعقد عقد زواجه في الكنيسة، ومن الصلاة، يمنع من الحصول على أي كتاب إسلامي، ويمنع من آداء الحج أو العمرة، ويمنع من أي شيء من دينه، ومع ذلك يقول المسئولون في تلك الدول: إننا الآن دول مواجهه بالنسبة لـأوروبا لأننا نحن على الجبهة الشرقية في مواجهة التطرف الإسلامي الذي يهدد أوروبا.

وهناك بعض العناوين التي كانت الصحافة الأمريكية تتحدث عنها عند أحداث أرمينيا ومن هذه العناوين يقول: نيران هوجاء في الجمهوريات الإسلامية، وهذا عنوان مفجع!

عنوان آخر: المدى البعيد لظلال المآذن، لماذا؟ لأن إعادة البناء سمحت للمسلمين بأن يأذنوا.

الصحافة الأمريكية تجعل عناوين ضخمة "ظلال المآذن"، وبعد هذا الأذان تهويل، حتى يكبت هذا الدين، فهم لا يريدون أن يسمعوا كلمة (الله أكبر) ولا أن ترتفع كلمة (الله أكبر) في أي بلد، أما الكنيسة الكاثوليكية فتحتفل ويفتخر جورباتشوف في كتابه إعادة البناء، لأنها احتفلت واحتفلت معها روسيا كلها بمناسبة مرور ألف سنة على إنشائها، ويذهب هو إلى -ما يسمى- قداسة البابا ويحصل على التبريكات منه، لكن الأذان لا يراد أن يرفع في الاتحاد السوفيتي، ولا في أي مكان في العالم.

عنوان آخر: عش الدبابير في جنوب السوفييت.

عنوان آخر: السكان المسلمون يحشدون التحدي ضد السوفييت، أي تحدي؟ كما تعلمون علماؤهم المفتون لا يكادون يعرفون بعض حقائق الإسلام البسيطة، لأنهم تربوا تربية في ظل الحديد والنار والتسلط، وفحصوا ومحصوا حتى أصبح لا يمكن أن يتزعم المسلمون أو يقوم بأمرهم إلا من لا يعرف من الإسلام إلا رسوم معينة يمدح ويثني على الحكومة السوفيتية في كل كلمة أكثر مما يتحدث عن الإسلام والله المستعان.

يقول: {{ وتدفع هذه العناوين -جميعاً- القارئ للاعتقاد بأن المسلمين في شكل ما ليسوا تهديداً للسوفيت وحدهم بل إنهم حسب ما تصورهم الصحافة الأمريكية تهديداً للبشرية جمعاء }} هذا هو الخطأ.