عدم تقليد الكفرة والتشبه بهم


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71]

أما بعد:

فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

السؤال: نرجو التفصيل في بيان المشابهة المقصودة في أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام في النهي عن مشابهة الكفار، وإيضاح الطائفة، وجزاكم الله خيراً.

الجواب: كل شيء هو من خصائص الكفار ومن عاداتهم التي يتميزون بها على غيرهم، فالمسلم لا يجوز له أن يتزيا بشيء من تلك الخصائص والأشياء، ولاشك أن المسألة لا يمكن بسطها بدقة كما يبدو أن السائل يريد ذلك؛ وذلك لأن التشبه مراتب، وأنا أضرب لكم على ذلك بعض الأمثلة للتوضيح.

ولا يزال المسلمون اليوم -والحمد لله- في أكثر بلادهم يستهزئون بأن يلبس المسلم ويضع على رأسه القبعة (البرنيطة)، فالقبعة هذه هي شعار للكفار، فإذا وضعها المسلم على رأسه يكون قد تشبه في أبرز صفة أو زي خاص بالكفار، فلا يبقى هنا شك عند من كان على علم بهذا الحديث وأمثاله، أن هذا التزين وهذا اللباس لا يجوز؛ لأن هذا المسلم الذي نفترضه تقبع -إذا صح التعبير- بهذه القبعة، وأخذ يمشي بين المسلمين وهي عليه، لا شك أنه بذلك قد ضيع شخصيته المسلمة، ولازم ذلك أنه فك الرباط الوثيق الذي بينه وبين إخوانه المسلمين، ويستلزم من ذلك أن له حقوقاً عليهم كما أن لهم حقوقاً عليه قد ضيعها بفعله هذا، فنحن نذكر جيداً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حق المسلم على المسلم خمس) فذكر أول ما ذكر فقال: (إذا لقيته فسلم عليه) فهذا حينما تلقاه في الطريق وقد تزيا بهذا الزي، لا يتبادر ولا يخطر في بالك إطلاقاً أن هذا الذي مر بك أو مررت به هو رجل مسلم له هذه الحقوق، وإنما تظنه من أولئك الكفار (جورج) أو نحو ذلك، ولا تندفع بإلقاء السلام عليه، وذلك من واجبه عليك؛ لأنك مسلم وهو مسلم، لكن الفرق أنه ضيع شخصيته المسلمة بلباسه هذا -لباس الكفار- فمنع رحمة الله عنه.

أقول هذا؛ لأنكم تذكرون أني شرحت لكم أن السلام الذي اختص الله به المسلمين هو اسم من أسماء الله، كما جاء في الأحاديث الصحيحة: (وضعه في الأرض فأفشوه بينكم) فحينما يقول المسلم لأخيه المسلم: السلام عليكم، فهو كأنه يقول بالتعبير الثاني: (اسم الله عليك) أي: أنت محاط باسم الله السلام، فهو بسبب إضاعته لشخصيته المسلمة؛ حُرِم وافتقد هذه النعمة التي خص الله بها عباده المسلمين، وهذا يستلزم أموراً أخرى من التباعد والتقاطع والتدابر.

تأثير الظواهر في البواطن

إن هذا اللباس ليس كما يتوهم الكثير من الناس قاصري العلم والنظر، أنه لا تأثير له في أخلاق الناس، ولا تأثير له في طباعهم بل وفي قلوبهم.. ليس الأمر كذلك، بل الظواهر لها تأثير في البواطن، وهذا ثابت في نصوص شرعية كثيرة جداً، كنت ألممت بشيءٍ منها في دروس مضت.

وحسبي أن أذكركم الآن بقول الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث النعمان الذي يقول في آخره: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) فلباس الكفار هذا ليس صلاحاً إنما هو فساد، وهذا اللباس يؤثر في قلب لابسه، ويطبعه بطابع أولئك الناس الذين لبس لباسهم، وهنا أريد أن أستغلها فرصة قبل أن أتوسع في الموضوع أكثر، أريد أن ألفت النظر الآن كيف أن المسلمين شخصيتهم في زوال مستمر، في اضمحلال وانحلال، لقد ظهرت -الآن- ظاهرة غريبة جداً عمت كثيراً من الشباب: وهي أنهم يلبسون أقمشة بيضاء، إما أن تكون مطبوعة عليها هنا في الصدر، ما يشبه الهلال أو غيرها مما يكتب بالأحرف الإفرنجية، وكثير منها مصور عليها صور بشر، وبعض هذه الصور تمثل بعض الأبطال -زعموا- من الملاكمين أو المصارعين أو ما شابه ذلك، وشاهدت قريباً في بعض المساجد وأنا قائم أصلي بين يدي شاب، وهذا الشاب أعرفه يصلي ويحافظ على الصلاة، رأيت في قميصه صوراً من الأمام والخلف والجانبين، هكذا الثوب طبع بهذا الطابع، وما هذه الصور؟ صور رجل يسبح، وهذا السابح اليوم صار من الطبيعي أن يكون لباسه هو التبّان باللغة العربية، وهو (الشورت) هو الذي لا يستر إلا السوأتين بل لا يسترهما، لأنه يجسمهما، فأنا أصلي وبين يدي هذه الصورة!

هذه غفلة شديدة جداً من هؤلاء المسلمين الجهلة بإسلامهم، وهذا معناه أن المسلمين كلما مضى عليهم عهد وزمن غير قصير، كلما ابتعدوا عن الإسلام رويداً رويداً، فأين الاعتزاز بالعزة الإسلامية والشخصية المسلمة، والمحافظة على عاداتنا التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا؟!

إنسان يلبس قميصاً فيه زنجي مصور، فما حلاوة هذه الصورة؟! أصبح كل شيء غريباً علينا نتأسى ونقتدي به، وهذا معناه أن المسلمين لم يعودوا يعرفون قيمة التشبه بالكفار، لذلك كان من رحمة ربنا عز وجل بنا أن أرسل إلينا نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بشرع وصفه ربنا في قوله عز وجل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3] وزاد ذلك بياناً قوله عليه السلام: (ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يباعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه) ومما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم محافظةً على ديننا وعلى شخصيتنا المسلمة، ألا نتشبه بالكفار مطلق التشبه، لكني ضربت لكم مثلاً لا يمكن أن يشك فيه إنسان متجرد عن اتباع الهوى، أن وضع القبعة هذه على الرأس هو إضاعة لهذا المسلم وشخصيته، وانخلاع منه من هذا المجتمع الإسلامي، إذا كان بقي لهذا المجتمع ما يستحق أن يسمى بأنه مجتمع إسلامي.

أثر التشبه بالكفار

ولعل من المفيد أن أذكر لكم خلاصة قصة لتعرفوا أثر التشبه بالكفار، فبالأحرى نحن المسلمين أن نعرف ذلك.. ركبت مرة في قطار فاجتمعت مع قسيس ماروني لبناني، وجرى بيني وبينه نقاش طويل لست الآن في صدده، لكنه رجل أنكر على المسلمين تشددهم في مسألة اللباس وتحريم (البرنيطة)، وكان أن ذكر من تشددهم أن أنكروا على مصطفى كمال ذلك الذي لم يرض لنفسه اسم المصطفى، فوضع له اسم أتاتورك، هذا القسيس ينكر على المسلمين لماذا أنكروا عليه وضع (البرنيطة) وفرضه على الشعب التركي (البرنيطة) وإلى الآن يعيش كثير من الأشخاص في هذا الزي التافه، فناقشته في هذه المسألة، وكما قلت: أريد أن أقدم إليكم العبرة من هذه المناقشة، هو يقول: إن هذا اللباس عالمي فما الذي يضر المسلمين أن يلبسوا هذا اللباس؟ وهو كما تفهمون من وصفي إياه بأنه قسيس ماروني، والماروني يلبس هذا الذي يسمونه (الطربوش)، هذا الطويل الأسود، وهو طربوش خاص بالمارونيين، قلت له: إذاً لا بأس عليك من أن تنزع هذه القلنسوة السوداء وتضع بدلها العمامة البيضاء على (الطربوش) الأحمر، وهو لابس جبة سوداء بطبيعة الحال، فأول ما قلت له هذا قال: لا، ونفر من هذا، وهنا يأتي الشاهد، قلت له: لِمَ؟ قال: نحن لا يجوز لنا ذلك، نحن رجال دين، فأخذته من هذه الكلمة وقلت: هذا هو الفرق بيننا نحن معشر المسلمين وبينكم معشر النصارى، أنتم جعلتم أنفسكم طائفتين: رجال دين، ورجال لا دين، فرجال الدين لهم أحكام خاصة، منها: أن لهم لباسهم الخاص، فأنت ما فررت من أن تتشبه بالإسلام إلا لأنك تريد أن تحافظ على شخصيتك النصرانية، ونحن كل مسلم منا، أصغر مسلم منا كأكبر مسلم، ويجب عليه ما يجب على أكبر شيخ عندنا، ويجوز له ما يجوز على أكبر شيخ عندنا، فكما لا يجوز لك أن تتشبه بالمسلم كذلك لا يجوز عندنا لأي مسلم وليس لشيخ، وإنما أي مسلم لا يجوز له أن يتشبه بالكافر.

إذاً: موضوع التشبه ليس موضوعاً تعبدياً، بل هو موضوع علمي نفسي دقيق جداً، وعلماء الفلسفة والاجتماع -كما يسمون اليوم- يقولون: الأمم بقاؤها بمحافظتها على عاداتها، وبمحافظتها على لغتها وتاريخها.

والمسلمون -مع الأسف- رويداً رويداً يخسرون ويضيعون هذه الأسس التي بها تكون شخصيتهم.

صورة أخرى من التشبه

لقد أصبح التشبه بالكفار أمراً سهلاً جداً، فضربت لكم مثلاً: (البرنيطة) ولننـزل درجة، فنأخذ وضع العقدة هذه التي يسمونها (الكرفتة)، هذه ما المقصود منها يا ترى؟ لا شيء أبداً إلا أن هذا زي كافر نقله الكفار حينما استحلوا بلادنا، فزين الشيطان لنا ذلك الزي فقلدناهم وتشبهنا بهم، وإلا يكفي أن يستحضر العاقل الوقت الذي يضيعه -هذا إن صح التعبير- عندما يقف أمام المرآة ويضيع كذا من الدقائق بل الساعات حتى يزينها، ثم هو يتضايق فعلاً كما يتضايق كل واحد منكم مبتلى بلباس هذا البنطلون وأمثاله.

فالخلاصة: هذا أيضاً لا يراد به إلا التشبه فقط، وإن هذا الذي يلبس (الكرفتة) تشبهه بالكفار ليس كالذي تشبه بوضع (البرنيطة)، وكما كنا نسمع بعض المشايخ هنا من بني قومي كانوا يقولون: إن هذا الذي وضع (البرنيطة) على رأسه معناه وضع الغطاء وانتهى الأمر، أي: أعلن أنه ليس مسلماً.

ثم ننزل إلى مراتب أخرى، هذا اللباس الذي ابتلي به جماهير الشباب اليوم في لبس البنطلون والقميص، لا سيما البنطلون كالمنخدعين بالموضات كما يسمونها، وقد ذكرت نكتة كانت تقال في النساء فأصبحت تقال في الرجال.. قرأت ذات مرة: أن رجلاً رأى صديقه يحمل في ذراعه شيئاً وهو يركض، فقال له: إلى أين؟ لماذا تستعجل؟ قال: هذا فستان أهديه لزوجتي، وأنا ذاهب لأسلمها إياه قبل أن تطلع موضة جديدة وسأضطر أن أشتري لها غيره!

أصبحت الموضة وتجددها أمراً ليس خاصاً بالنساء فقط، بل تعدى حتى إلى الشباب، وهذا كله يدل ويؤكد لنا أن المسلمين أصبحت عقولهم مع غيرهم، وليس هناك مسلمون أمثالهم.

أهمية مخالفة الكفار

أخيراً: المراتب لا تنحصر إطلاقاً، لكن على المسلم أن يحاسب نفسه ليعلم أن التشبه هو كل شيء جاءنا من الكفار، ولا فائدة فيه مطلقاً سوى التقليد أو التشبه، على أن هناك مرتبة أخرى إذا ما تذكرها المسلم، أنه حينذاك لم يبق هناك ضرورة لذكر ذاك الطلب الذي يطلب تفصيل التشبه ومراتبه ودرجاته، وذلك هو تقصد مخالفة الكافر، والتشبه أن تفعل فعل الكافر، وهذا كما رأيتم مراتب ودرجات، لكن هناك شيء في الشرع يطالبك أن تتعاطى أعمالاً تصدر منك تقصد بها مخالفة الكفار، حتى في شيء ليس من ملكك ولا من طوعك، ذلك ما أفادنا إياه الرسول صلوات الله وسلامه عليه، في حديث البخاري : (إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم) إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم إذا ما شابت، فاقصدوا أنتم مخالفتهم في صبغكم لشعوركم.

والإنسان يشيب، وهذه سنة الله في خلقه: وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً [الفتح:23] لا فرق بين مسلم وكافر، بين صالح وطالح، كلهم لابد أن يمروا في هذا الطريق، وهو الشيب، والرسول صلى الله عليه وسلم قد شاب كما نعلم، مع هذا كله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا شاب أحدكم فليصبغ شعره) لماذا؟ ليخالف اليهود والنصارى الذين لا يصبغون شعورهم.

إذاً: نحن لسنا منهيين فقط عن التشبه بالكفار، بل نحن مأمورون بأن نقصد مخالفتهم، أي: إذا لبسوا لباساً فعلينا أن نتحفظ أن نلبس غير لباسهم، وأن نجعل حياتنا كلها جملةً وتفصيلاً غير حياة الكفار، وهذا -كما قلت لكم آنفاً- ليس أمراً عبثاً، فالظواهر تؤثر في البواطن، إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر.

ولعل بهذا القدر الكفاية، والحمد لله رب العالمين.

السائل: ما حكم الصلاة (بالبرنيطة)؟

الشيخ: لا يستطيع أحدهم أن يسجد وعليه (البرنيطة)، لكنهم إذا دخلوا المساجد يخلعون ما على رءوسهم كما يخلعون ما على أرجلهم.

إن هذا اللباس ليس كما يتوهم الكثير من الناس قاصري العلم والنظر، أنه لا تأثير له في أخلاق الناس، ولا تأثير له في طباعهم بل وفي قلوبهم.. ليس الأمر كذلك، بل الظواهر لها تأثير في البواطن، وهذا ثابت في نصوص شرعية كثيرة جداً، كنت ألممت بشيءٍ منها في دروس مضت.

وحسبي أن أذكركم الآن بقول الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث النعمان الذي يقول في آخره: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) فلباس الكفار هذا ليس صلاحاً إنما هو فساد، وهذا اللباس يؤثر في قلب لابسه، ويطبعه بطابع أولئك الناس الذين لبس لباسهم، وهنا أريد أن أستغلها فرصة قبل أن أتوسع في الموضوع أكثر، أريد أن ألفت النظر الآن كيف أن المسلمين شخصيتهم في زوال مستمر، في اضمحلال وانحلال، لقد ظهرت -الآن- ظاهرة غريبة جداً عمت كثيراً من الشباب: وهي أنهم يلبسون أقمشة بيضاء، إما أن تكون مطبوعة عليها هنا في الصدر، ما يشبه الهلال أو غيرها مما يكتب بالأحرف الإفرنجية، وكثير منها مصور عليها صور بشر، وبعض هذه الصور تمثل بعض الأبطال -زعموا- من الملاكمين أو المصارعين أو ما شابه ذلك، وشاهدت قريباً في بعض المساجد وأنا قائم أصلي بين يدي شاب، وهذا الشاب أعرفه يصلي ويحافظ على الصلاة، رأيت في قميصه صوراً من الأمام والخلف والجانبين، هكذا الثوب طبع بهذا الطابع، وما هذه الصور؟ صور رجل يسبح، وهذا السابح اليوم صار من الطبيعي أن يكون لباسه هو التبّان باللغة العربية، وهو (الشورت) هو الذي لا يستر إلا السوأتين بل لا يسترهما، لأنه يجسمهما، فأنا أصلي وبين يدي هذه الصورة!

هذه غفلة شديدة جداً من هؤلاء المسلمين الجهلة بإسلامهم، وهذا معناه أن المسلمين كلما مضى عليهم عهد وزمن غير قصير، كلما ابتعدوا عن الإسلام رويداً رويداً، فأين الاعتزاز بالعزة الإسلامية والشخصية المسلمة، والمحافظة على عاداتنا التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا؟!

إنسان يلبس قميصاً فيه زنجي مصور، فما حلاوة هذه الصورة؟! أصبح كل شيء غريباً علينا نتأسى ونقتدي به، وهذا معناه أن المسلمين لم يعودوا يعرفون قيمة التشبه بالكفار، لذلك كان من رحمة ربنا عز وجل بنا أن أرسل إلينا نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بشرع وصفه ربنا في قوله عز وجل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3] وزاد ذلك بياناً قوله عليه السلام: (ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يباعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه) ومما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم محافظةً على ديننا وعلى شخصيتنا المسلمة، ألا نتشبه بالكفار مطلق التشبه، لكني ضربت لكم مثلاً لا يمكن أن يشك فيه إنسان متجرد عن اتباع الهوى، أن وضع القبعة هذه على الرأس هو إضاعة لهذا المسلم وشخصيته، وانخلاع منه من هذا المجتمع الإسلامي، إذا كان بقي لهذا المجتمع ما يستحق أن يسمى بأنه مجتمع إسلامي.