قراءة من الترغيب والترهيب


الحلقة مفرغة

درسنا في هذه الليلة في الحديث الثاني والستين، وهو قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم التكاثر، وما أخشى عليكم الخطأ ولكن أخشى عليكم التعمد) رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم .

هذا الحديث في الطرف الأول منه جزء من الحديث السابق في الدرس الأخير، من حديث عمرو بن عوف الأنصاري، وفيه يقول الرسول عليه السلام بعدما جاءه مال الجزية من البحرين، وتعرَّض له أصحابه عليه الصلاة والسلام، يريدون أن ينالوا ما لهم من حق في ذلك المال الذي أتي به من البحرين، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: (أبشروا وأملوا ما وصلكم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم) طرف من هذا الحديث حديث أبي هريرة : (ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم التكاثر).

وكأن هذا الحديث بفقرتيه مأخوذ من القرآن الكريم.

أما الفقرة الأولى: (ما الفقر أخشى عليكم، إنما أخشى عليكم التكاثر) فذلك قوله تبارك وتعالى: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ [التكاثر:1] فهذا خطاب لعامة البشر، كأن الله عز وجل يشير إلى أن طبيعة البشر الذين لم يربَّوا على الإسلام، وعلى أخلاق الإسلام، ولم يتأثروا بأوامر الإسلام ووعي الإسلام؛ أنهم يحبون التكاثر في الأموال والأولاد، وأن ذلك ديدنهم وشغلهم، حتى يزوروا المقابر، أي: الموت.. أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ [التكاثر:1] هذا خطاب لعامة البشر، فلا ينجو من هذا الخطاب إلا المسلم الذي تربى بتربية الإسلام، وتأدب بآداب الإسلام.

فيخشى الرسول صلوات الله وسلامه عليه على أصحابه أصلاً، وعلى من يأتون من بعدهم تبعاً، يخشى عليهم التكاثر في الأموال، ولا يخشى عليهم الفقر؛ لأن الله تبارك وتعالى قد أخبر نبيه عليه الصلاة والسلام بكثير من المغيبات، ومنها: أن الله عز وجل سيفتح له كسرى وقيصر، وقد تحقق ذلك كما هو معروف في الأحاديث الصحيحة وأخبار السيرة.

ولذلك قال لهم: (ما الفقر أخشى عليكم، وإنما أخشى عليكم التكاثر) كأنه يقول لهم: لا تكونوا من عامة الناس، الذين يلهيهم التكاثر حتى يزوروا المقابر -حتى يموتوا- فلا ينفعهم إن ماتوا مالهم، كما مر معنا في أحاديث كثيرة: إن المسلم أو المرء إذا مات يتبعه ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى معه عمله.

ولذلك فالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث والحديث السابق وأمثالهما كثير، يخشى على أمته المال، أي: الغنى والثروة، ولا يخشى عليهم الفقر، وهذا هو واقع الأمة الأولى والجيل الأول من المسلمين.

وأما واقعنا اليوم، فنحن لا نكاد نرى فقيراً يشكو من الجوع أو من العري، هذا لا يمكن! فهذا الذي هو أفقر الناس تراه متظاهراً بأحسن اللباس، وقد يأكل أنواعاً من الطعام وألذه، ولذلك فلا ينبغي للمسلم أن يخشى الفقر.

وقد سبق أن ذكرنا أن المال فتنة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال) فهذا الشطر الأول من الحديث، وهو كما قلنا مشتق من هذه الآية الكريمة: أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ [التكاثر:1] .

الشطر الثاني وهو قوله عليه السلام: (وما أخشى عليكم الخطأ، ولكن أخشى عليكم التعمد) هذا أيضاً مقتبس من القرآن الكريم، في غير ما آية في القرآن، من ذلك قوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] فهذا نص القرآن اقتبس منه هذا الحديث، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أخشى عليكم الخطأ، ولكن أخشى عليكم التعمد) وهذا من لطف الله عز وجل ويسره بعباده، كما قال عز وجل: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]؛ ذلك لأن الخطأ لا يكاد ينجو منه إنسان، فلذلك ربنا عز وجل لا يؤاخذ عباده على ما يقع منهم من الخطأ، مهما كان هذا الخطأ كبيراً وعظيماً، وعلى العكس من ذلك يؤاخذ المرء إذا تعمَّد الإثم ولو كان صغيراً، فمجال المؤاخذة إنما هو على التعمد، ولا مؤاخذة إذا وقع من الإنسان الخطأ بغير قصد منه.

لذلك هذه النصوص من قرآن وحديث وغير ذلك مما لا مجال لذكره الآن، يلفت نظرنا بقوة إلى أنه لا يمكن بوجه من الوجوه أن يكون الإنسان مجبوراً على أعماله التي تصدر منه باختياره، أي: ما يقوله عامة الناس اليوم وقد يتكلم فيه بعض خاصتهم من قولهم: إن الإنسان مسيَّر لا مخيَّر، ويزعمون أن الإنسان مسيَّر وليس مخيَّراً.

هذا الكلام على إطلاقه باطل، وإنما هو كما شرحنا لكم من قبل ولا أريد الإطالة، وإنما إشارة سريعة.

أعمال الإنسان على قسمين:

القسم الأول: قسم يصدر منه بدون قصد منه، فهنا يصح أن يقال: إن الإنسان مسير.

والقسم الثاني: قسم يصدر منه قصداً وعمداً وتوجهاً واختياراً، فهذا لا يصح أن يقال: إنه مسير، أي.. رغماً عنه، بل هو في ذلك مختار، والواقع الذي يلمسه كل إنسان عاقل يشهد بأن أعماله لا تتعدى هذين القسمين:

إما مسير فيها لا قصد له فيها ولا اختيار، وإما مخيَّر، له فيها محض الاختيار.

ومثال الأول: الطول والقصر واللون والحياة ...إلخ، فهذا لا يملكه الإنسان، بل أقول: العمل الصالح والعمل الطالح، كأن تكتب جملة فيها خير، وجملة فيها شر، أو تنطق بكلمة خير أو شر، هذا كله يعود إلى القسم الثاني مما هو فيه مختار.

وهذا التقسيم هو رأي أكثر عقلاء الناس، ولا أخص المسلمين، بل رأي عقلاء الناس، إلا من شذوا في عقلية فهمهم، من أولئك الذين يقولون: إن الإنسان مجبور، وعبَّر عن هذا الرأي الخاطئ شاعرهم حين قال واصفاً علاقة الإنسان مع الله، بحيث أنه كبَّله وغلله، فقال:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال لـه     إياك إياك أن تبتل بالماء

هكذا يصفون الإنسان من حيث أنه لا إرادة له ولا اختيار مع الله عز وجل -حاشا لله- فالله عز وجل يقول في كثير من الآيات التي يذكر فيها العمل، ويبني عليه دخول الجنة: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72] .. ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32] .. فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ [الزلزلة:7] .. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:8] .

أقول: إن أعمال الإنسان تنقسم إلى قسمين، وهذا الذي يحكم به العقل فضلاً عن الشرع، ولكن ههنا دقيقة يجب أن يتنبه لها هؤلاء الناس؛ لا سيما الذين ليس عندهم علم بالعقيدة الإسلامية، فليس معنى كون الإنسان في بعض أعماله مختاراً، وفي البعض الآخر ليس مختاراً، أنه في القسم الأول الذي هو فيه مختار، أن ذلك ليس مقدراً عليه وليس نصيباً عليه، وليس وارثاً إرادة الله ومشيئته.. لا، كل ذلك مقدر عليه، ومكتوب عليه، وهو بمشيئة الله عز وجل: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ [الأنعام:137] .

فكل شيء مسجل، وكل أمر مسطر: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:38] هذا الجمع بين الإيمان بالقدر الإلهي، والإيمان باختيار الإنسان، في القسم الذي له فيه الاختيار، هذا الجمع هو من الإيمان، أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.

فأناس يضلون يميناً أو يساراً، من الذين يحكِّمون عقولهم فقط، كما قلنا: معلوم عند الناس أن الإنسان مختار، لكن لا بد من التقسيم السابق- ثم يقولون: إن الأمر جلي، فلا علاقة لإرادة الله ولا لمشيئته ولا لقضائه ولا لقدره في شيء من ذلك.

هؤلاء يقولون قولاً منكراً يخالف الكتاب والسنة، ويخالف إجماع الصحابة، الذين كان أحدهم إذا بلغه عن رجل يحكم عقله أنكر عليه، هكذا يقولون: الإنسان مختار، والأمر طرح جديد يستأنفه الآن، ولم يصبح في ذلك قضاء وقدر، هؤلاء هم المعتزلة قديماً وأشباههم حديثاً، الذين باعتمادهم على عقولهم ينكرون القدر.

يقابل هؤلاء أناسٌ آخرون، إيماناً منهم بالقدر نفوا الاختيار للإنسان، وحينذاك نعود إلى أصل الحديث، ولا فرق عندهم بين العمد وبين الخطأ، ما دام الإنسان في كل شيء يصدر منه فهو مرغم ومجبور.

إذاً: هذا تعطيل لعشرات إن لم نقل: لمئات النصوص من الكتاب والسنة، التي تفرق بين العمد وبين الخطأ: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] . هل نقول: ربنا لا تؤاخذنا إن تعمدنا؟!

فهناك نصوص تفرق بين التعمد -كما سمعتم- وبين الخطأ، وإذا كان الإنسان لا يملك وليس له إرادة، إذاً: هذا تفريط في الكلام، وحاشا! فهذا كلام الله عز وجل، بل وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، حاشا لكليهما أن يكون فيه شيء من اللغو أو الخطأ، إذاً: اللغو ممن؟ من هؤلاء الذين يقولون قولاً يسوي بين فعل الإنسان العمد وفعله الخطأ.

فهؤلاء هم الجبرية، وأولئك هم المعتزلة، أولئك دعواهم أن الإنسان مختار، لكنهم جحدوا نصوص الكتاب والسنة التي فيها التصديق بأن كل شيء بقدر، وهؤلاء الجبريون إيماناً بما سطر، جحدوا ما هو واقع من اختيار الإنسان، وما هو أصل التكليف للإنسان، هو هذا الاختيار الذي يعبر عنه بعضهم تعبيراً لا للتحقير، يقولون عنه بالجبر الاختياري، هو مختار، إما اختياراً وإما اضطراراً، إما عمداً وإما خطأً، لذلك هذا التفريق هو من تمام الإيمان والإسلام، أما التسوية بين العمد والخطأ فهو إنكار لهذا الاختيار الذي به أمر الله عز وجل بتكليف عباده.

والاعتقاد بأن الإنسان يفعل دون أن تسبق بذلك مشيئة الله وإرادته، هذا اعتزال، وهو انفراد -كما قلنا- عن الإيمان بالقدر، الذي هو ركن من أركان الإيمان.

عدم المؤاخذة بالخطأ تيسير إلهي

إذا عرفنا هذا التفريق الذي هو شرعيٌ وطبيعي بين الخطأ وبين التعمد؛ فمن الممكن أن نفهم هذا التيسير الإلهي الذي عبَّر عنه الرسول عليه السلام في هذا الشطر الثاني من الحديث، حين قال: (ما أخشى عليكم الخطأ، إنما أخشى عليكم التعمد).

فإذاً: علينا نحن أن نأخذ من هذا الحديث: ألاَّ نتعمد مخالفة الإسلام، أو مخالفة كتاب الله، أو مخالفة حديث رسول الله عمداً، أما إنسان تقع منه مخالفة بغير قصدٍ، فالله لا يؤاخذه، وأرى أن من الضروري التنبيه على هذا، أولاً: بياناً للناس.

وثانياً: رداً على كثير ممن يتكلم بالبهت والكذب على الأبرياء، فيقولون: بأننا نحن نضلل ونكفر المسلمين عامة، وهذا كلام نتبرأ منه ومن قائله، ومن الذي ينسبه أيضاً إلينا زوراً وبهتانا، بل (نحن نفرق؛ فالمستحقون للمؤاخذة هم المتعمدون لمخالفة الكتاب والسنة، وهؤلاء طائفة أشربوا حب الدنيا في قلوبهم، حب المظاهر والمناصب والكراسي وما إلى ذلك، فيظهر لهم الحق ثم يعادون أهل الحق، ويعادون نفس الحق متجاهلينه، أما جماهير الناس فلا علم عندهم بهذا الحق، لذلك هؤلاء الذين يحاربون الحق -الدين- وهم يعلمون، هم الذين يؤاخذون، أما الجمهور فغير مؤاخذ؛ لأنه لم يتعمد الخطأ.

خذ مثلاً بسيطاً: إنسان حنفي المذهب لا يرفع يديه عند الركوع -مسألة بسيطة جداً- هذا غير مؤاخذ؛ لأنه يظن أن هذا المذهب في هذه المسألة خاص، لكن ما بال ذلك الشيخ الذي يقرأ البخاري ومسلم وبعض كتب السنة، فلا بد أنه قرأ من مختصرات كتب السنة، مثلاً: بلوغ المرام من أحاديث الأحكام، للحافظ ابن حجر العسقلاني، ولا بد أنه قرأ مثلاً: مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي، ولا بد أنه قرأ المنتقى من أخبار المصطفى لـابن تيمية الجد، لا بد أنه قرأ شيئاً من هذه الكتب، فوجد أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم، أن الرسول كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه، ويجد في حديث واحد في صحيح البخاري أن أحد الصحابة في مجلس فيه نحو عشرة منهم، يصف لهم صلاة الرسول عليه السلام، فبعد أن يبدأ بتكبيرة الإحرام ثم يركع ويرفع يديه ... حتى يتم الصلاة فيقولون له جميعاً: صدقت. هكذا كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا الحديث لا بد أن هؤلاء قرءوه فأعرضوا عنه، لماذا؟ لأنه خلاف المذهب، والجمهور لا يعلمون هذه الحقيقة، فالجمهور خاصة عامة المسلمين لا يعرفون هذا الحديث، لكن خاصتهم -على الأقل بعضهم- عرفوا هذا الحديث، فلماذا تركوه؟ تعصباً للمذهب، بينما الواجب عليهم أن يتبعوا الرسول عليه السلام بصورة عامة، وفي الصلاة بصورة خاصة: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] .. (صلوا كما رأيتموني أصلي)ما قال: صلوا كما صلى أبو حنيفة، ولا كما صلى مالك، ولا ولا إلخ، وتجدون هؤلاء قد عكسوا الأمر الآن تماماً: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي [آل عمران:31] تجد أحدهم قد أخلص في اتباع المذهب.

تجد -مثلاً- بعض الحنفية إذا قام يصلي اعتمد على إحدى رجليه، ما قام هكذا كما خلقه الله وإنما يعتمد على رجله، لماذا تفعل هكذا؟ يقول: هكذا كان أبو حنيفة يصلي، فإذا قلت له: كيف كان رسول الله يصلي؟ لا يدري، إذاً: هذا الاتباع نُقل من اتباع الرسول عليه السلام إلى اتباع إمام، نحن إذا قلنا هذا الكلام فسروه وتأولوه بغير تأويل الحق، وقالوا: هذا طعن في الإمام، سبحان الله! إذا وجه الناس لاتباع سيد الأئمة وسيد الأنبياء والمرسلين وأن يخلصوا في الاتباع، يكون هذا طعناً في أولئك الأئمة الذين كان أحدهم أشد حرصاً على أن يكون مخلصاً في اتباعه للرسول عليه السلام! ولكن بعض الأشياء ربما أخطئوا فيها، وبعض الأشياء ربما نسبت إليهم، مثل هذه المراوحة بين رجل وأخرى، هذه لم تنقل عن أبي حنيفة في كتاب معتمد.

والشاهد أن هذا الفعل يفعلونه؛ لأن أبا حنيفة -زعموا- هكذا فعل، والرسول رفع يديه فلماذا لا تفعل مثلما فعل؟ لأنه لم يفعل أبو حنيفة، فجعلنا الأصل فرعاً والفرع أصلاً، الأصل اتباع الرسول عليه السلام جعلناه فرعاً، والفرع أصلاً، عكس للحقائق.

إذاً: المؤاخذة تأتي منهم بمعرفة الحق ثم يحيدون عنه.

وجماهير المسلمين لا يعرفون الحق فيما اختلف فيه الناس، لكن بعض الخاصة منهم يعرفون، وهؤلاء قسمان: منهم من يعرف الحق ويصدع به، وهؤلاء عليهم أن يتحملوا نتيجة الصدع بالحق أن يقال فيهم ويتكلم فيهم، هذا إذا ما ضربوا وسجنوا وما هو مكتوب عليهم، وهذه سنة الله في خلقه، والبعض الآخر يعلم ثم يجادل بالباطل، فندعو الله عز وجل أن يجعلنا من الذين لا يتعمدون مخالفة الكتاب والسنة، وإنما إذا أخطأنا فالله عز وجل قد وعدنا بأنه لا يؤاخذنا فيما أخطأنا، ولكن فيما تعمدته قلوبنا.

هذا الحديث الفقرة الأولى منه: (ما الفقر أخشى عليكم وإنما أخشى عليكم الدنيا).

وهنا أحاديث ضعيفة متسلسلة رقم: (63-64-65-66) هذه كلها ضعيفة.

إذا عرفنا هذا التفريق الذي هو شرعيٌ وطبيعي بين الخطأ وبين التعمد؛ فمن الممكن أن نفهم هذا التيسير الإلهي الذي عبَّر عنه الرسول عليه السلام في هذا الشطر الثاني من الحديث، حين قال: (ما أخشى عليكم الخطأ، إنما أخشى عليكم التعمد).

فإذاً: علينا نحن أن نأخذ من هذا الحديث: ألاَّ نتعمد مخالفة الإسلام، أو مخالفة كتاب الله، أو مخالفة حديث رسول الله عمداً، أما إنسان تقع منه مخالفة بغير قصدٍ، فالله لا يؤاخذه، وأرى أن من الضروري التنبيه على هذا، أولاً: بياناً للناس.

وثانياً: رداً على كثير ممن يتكلم بالبهت والكذب على الأبرياء، فيقولون: بأننا نحن نضلل ونكفر المسلمين عامة، وهذا كلام نتبرأ منه ومن قائله، ومن الذي ينسبه أيضاً إلينا زوراً وبهتانا، بل (نحن نفرق؛ فالمستحقون للمؤاخذة هم المتعمدون لمخالفة الكتاب والسنة، وهؤلاء طائفة أشربوا حب الدنيا في قلوبهم، حب المظاهر والمناصب والكراسي وما إلى ذلك، فيظهر لهم الحق ثم يعادون أهل الحق، ويعادون نفس الحق متجاهلينه، أما جماهير الناس فلا علم عندهم بهذا الحق، لذلك هؤلاء الذين يحاربون الحق -الدين- وهم يعلمون، هم الذين يؤاخذون، أما الجمهور فغير مؤاخذ؛ لأنه لم يتعمد الخطأ.

خذ مثلاً بسيطاً: إنسان حنفي المذهب لا يرفع يديه عند الركوع -مسألة بسيطة جداً- هذا غير مؤاخذ؛ لأنه يظن أن هذا المذهب في هذه المسألة خاص، لكن ما بال ذلك الشيخ الذي يقرأ البخاري ومسلم وبعض كتب السنة، فلا بد أنه قرأ من مختصرات كتب السنة، مثلاً: بلوغ المرام من أحاديث الأحكام، للحافظ ابن حجر العسقلاني، ولا بد أنه قرأ مثلاً: مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي، ولا بد أنه قرأ المنتقى من أخبار المصطفى لـابن تيمية الجد، لا بد أنه قرأ شيئاً من هذه الكتب، فوجد أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم، أن الرسول كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه، ويجد في حديث واحد في صحيح البخاري أن أحد الصحابة في مجلس فيه نحو عشرة منهم، يصف لهم صلاة الرسول عليه السلام، فبعد أن يبدأ بتكبيرة الإحرام ثم يركع ويرفع يديه ... حتى يتم الصلاة فيقولون له جميعاً: صدقت. هكذا كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا الحديث لا بد أن هؤلاء قرءوه فأعرضوا عنه، لماذا؟ لأنه خلاف المذهب، والجمهور لا يعلمون هذه الحقيقة، فالجمهور خاصة عامة المسلمين لا يعرفون هذا الحديث، لكن خاصتهم -على الأقل بعضهم- عرفوا هذا الحديث، فلماذا تركوه؟ تعصباً للمذهب، بينما الواجب عليهم أن يتبعوا الرسول عليه السلام بصورة عامة، وفي الصلاة بصورة خاصة: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] .. (صلوا كما رأيتموني أصلي)ما قال: صلوا كما صلى أبو حنيفة، ولا كما صلى مالك، ولا ولا إلخ، وتجدون هؤلاء قد عكسوا الأمر الآن تماماً: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي [آل عمران:31] تجد أحدهم قد أخلص في اتباع المذهب.

تجد -مثلاً- بعض الحنفية إذا قام يصلي اعتمد على إحدى رجليه، ما قام هكذا كما خلقه الله وإنما يعتمد على رجله، لماذا تفعل هكذا؟ يقول: هكذا كان أبو حنيفة يصلي، فإذا قلت له: كيف كان رسول الله يصلي؟ لا يدري، إذاً: هذا الاتباع نُقل من اتباع الرسول عليه السلام إلى اتباع إمام، نحن إذا قلنا هذا الكلام فسروه وتأولوه بغير تأويل الحق، وقالوا: هذا طعن في الإمام، سبحان الله! إذا وجه الناس لاتباع سيد الأئمة وسيد الأنبياء والمرسلين وأن يخلصوا في الاتباع، يكون هذا طعناً في أولئك الأئمة الذين كان أحدهم أشد حرصاً على أن يكون مخلصاً في اتباعه للرسول عليه السلام! ولكن بعض الأشياء ربما أخطئوا فيها، وبعض الأشياء ربما نسبت إليهم، مثل هذه المراوحة بين رجل وأخرى، هذه لم تنقل عن أبي حنيفة في كتاب معتمد.

والشاهد أن هذا الفعل يفعلونه؛ لأن أبا حنيفة -زعموا- هكذا فعل، والرسول رفع يديه فلماذا لا تفعل مثلما فعل؟ لأنه لم يفعل أبو حنيفة، فجعلنا الأصل فرعاً والفرع أصلاً، الأصل اتباع الرسول عليه السلام جعلناه فرعاً، والفرع أصلاً، عكس للحقائق.

إذاً: المؤاخذة تأتي منهم بمعرفة الحق ثم يحيدون عنه.

وجماهير المسلمين لا يعرفون الحق فيما اختلف فيه الناس، لكن بعض الخاصة منهم يعرفون، وهؤلاء قسمان: منهم من يعرف الحق ويصدع به، وهؤلاء عليهم أن يتحملوا نتيجة الصدع بالحق أن يقال فيهم ويتكلم فيهم، هذا إذا ما ضربوا وسجنوا وما هو مكتوب عليهم، وهذه سنة الله في خلقه، والبعض الآخر يعلم ثم يجادل بالباطل، فندعو الله عز وجل أن يجعلنا من الذين لا يتعمدون مخالفة الكتاب والسنة، وإنما إذا أخطأنا فالله عز وجل قد وعدنا بأنه لا يؤاخذنا فيما أخطأنا، ولكن فيما تعمدته قلوبنا.

هذا الحديث الفقرة الأولى منه: (ما الفقر أخشى عليكم وإنما أخشى عليكم الدنيا).

وهنا أحاديث ضعيفة متسلسلة رقم: (63-64-65-66) هذه كلها ضعيفة.

الحديث الذي بعده صحيح، ولكن قبل أن أشرع فيه لا بد من التذكير بمسألة أصولية حديثية، وذلك لسببين اثنين:

السبب الأول: غربة علم الحديث بين خاصة الناس فضلاً عن عامتهم.

السبب الآخر: أن هذه العبارة حينما قال: رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح، تفهم هذه العبارة خطأً، بسبب إعراض الناس عن دراسة علم الحديث، فيفهمون من هذه العبارة تصحيح الحديث، وهذا لا يعني كذلك، فقول المؤلف أو المحدث في حديث ما: رجاله رجال الصحيح، أو رواته محتج بهم في الصحيح، أو رجاله ثقات، كل ذلك لا يعني أن إسناد هذا الحديث صحيح، بل ولا يعني أن إسناده حسن.

إذاً: إذا مرت هذه العبارة في كتاب من الكتب التي تطالعونها، فلا يفهمنّ أحد منها تصحيح الحديث ولا تحسينه.

إذاً: ماذا يعني؟ يعني: أن شروطاً من شروط صحة الحديث قد توفرت في إسناد هذا الحديث، ألا وهو ثقة الرواة وعدالتهم وضبطهم، هذا شرط من شروط الحديث الصحيح؛ لأن التعريف المتفق عليه: ما رواه عدل ضابط، هذا هو الثقة، عدل أي: غير فاسق، ضابط أي: ليس بسيئ الحفظ، هذا هو الثقة.

وهذا هو الذي يحتج به في الصحيح -أي: في البخاري ومسلم - لكن ليس هذا هو فقط تعريف الحديث الصحيح: ما رواه عدل ضابط عن مثله فقط، إنما عن مثله عن مثله إلى منتهاه، ولم يشذ ولم يعل.

ولم يعل: كلمة تدخل فيها عشرات العلل، فواحدنا يقول: رواته رواة الصحيح ولا يقول: وليس له علة، لو قال: وليس له علة؛ لصح الحديث حينذاك، ولو أرادوا وصول ذلك لأغناه عن قوله: ليس له علة، ولقال: إسناده صحيح، إذاً: الحديث صحيح.

يأتي سؤال: لماذا هؤلاء المؤلفون كـالمنذري والهيثمي وغيرهما، لماذا لا يقولون: إسناده صحيح بدلاً من سوء الفهم الذي يقع فيه جماهير الناس اليوم؟

الجواب: إن علم الحديث لم يهمل إلا من صعوبته، فهاهم علماء الحديث كـالمنذري وأمثاله، لا يقولون إلا ما ندر في إسناد حديث ما: إسناده صحيح، أو إسناده حسن، لماذا؟ لأنه عندما يريد أن يقول القائل في حديث ما: إسناده صحيح أو إسناده حسن، يجب أن يدرس ساعة بل ساعات وربما كان، وهذا فقط إسناد حديث واحد، ولو توخى الإنسان لمثل هذا التحقيق لقضى عمره كله وهو لا يستطيع أن يحقق إلا أقل من نصف الحديث المتداول اليوم في الكتب وغيرها؛ لأن هذا يتطلب دراسة السند الأول إلى آخره، من حيث الاتصال، وسلامته من الانقطاع، وسلامته من التدليس، وأخيراً سلامته من العلة الخفية، وهو أدق علوم الحديث، وهو الذي يسمى بالمرسل الخفي، لذلك علماء الحديث إلا ما ندر -ومن هؤلاء النادرين الحافظ ابن حجر - علماء الحديث لا يقولون: إسناده صحيح إلا إذا ظهر لهم بداهة بدون كلفة.

وإذا ظهر لهم أن الأمر يتطلب بحثاً وذلك مما لا يتسع له وقتهم، لجئوا إلى هذا التعبير: (رجاله معروفون أنهم من رجال الصحيح) أي : البخاري ومسلم، لكن هل هناك علة أم لا؟ يحتاج إلى دراسة ولا يتسع له الوقت، لذلك يقتصرون على هذه الكلمة.. فلا تفيد هذا الكلمة تصحيح إسناد الحديث ولا تحسينه، وإنما كل ما تعطيه هذه الجملة أن شرطاً من شروط الصحة وجد في هذا الإسناد (موافقة الرجال) إذا قال: رجاله ثقات، وإذا قال: رجاله رجال الصحيح، معنى ذلك أنهم ثقات، أي: أنهم احتج بهم البخاري أو مسلم أو كلاهما معاً.

هذا الذي أردت أن أنبه عليه من الناحية الحديثية، لكن هذا الحديث صحيح، ولذلك تعمدت إخراجه في كتابي سلسلة الأحاديث الصحيحة، ورقمه: (2216).

الآن ننتقل إلى الحديث الثاني من أحاديث الباب في هذه الليلة، ألا وهو الحديث السابع والستون، وهو قوله: عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يعطي الناس عطاءهم، فجاءه رجل فأعطاه ألف درهم، ثم قال: خذها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما أهلك من قبلكم الدينار والدرهم وهما مهلكاكم) هذه السلعة التي نحن ندندن حولها في هذه الظروف، حيث قلنا: إن الإسلام لا ينهى عن جمع المال، وعن كسبه من طريق مشروع حلال، لكن المشكلة هذا الجمع، كم أولئك الناس الذين يتيسر لهم الجمع من طريق مشروع؟ ثم إن توفر لهم ذلك فكم هم أولئك الذين يصرفون هذا المال المكتسب من طريق مشروع في طريق مشروع؟! قليل جداً، كما سيأتي في بعض الأحاديث السريعة.

الآن هؤلاء الذين أغناهم الله من فضله بالمال قليل من ينجو منهم من تبعاته في جمع المال؛ لذلك كان ابن مسعود رضي الله عنه ينبه من يأتيه ليقبض عطاءه -أي: معاشه- وابن مسعود كان والياً على بعض البلاد، وأظن هذه البلاد الكوفة، فكان حينما يقسم العطاء للناس يقول له: [خذه ولا تغتر به] أي: لا يكن سبب إهلاكك، فإن الرسول عليه السلام قال: (إنما أهلك من قبلكم الدينار والدرهم وهما مهلكاكم).

ليس المقصود بهذا الإخبار (وهما مهلكاكم) كل فرد من الأفراد، وإنما كمبدأ عام كما قلنا في آية: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ [التكاثر:1] هذا هو الأصل، ولا ينجو من هذا إلا القليل، وذلك ما سيصرح به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قصة له مع أبي ذر رضي الله عنه.

الحديث الذي بعده وهو صحيح أيضاً، وهو بعده بحديث، فإن الحديث الذي قرأناه عن ابن مسعود هو السابع والستون، والثامن والستون ضعيف أيضاً، والتاسع والستون صحيح، وهو قوله: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله، فقال: إن مما أخاف عليكم ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها).

هذا الذي يخشاه الرسول عليه السلام، ما سيفتحه الله عز وجل من مغانم ومكاسب تأتي بسبب اتساع الدعوة الإسلامية، وهذا ما وقع، ولذلك -كما مر معنا وسيأتي أيضاً- كان بعض الصحابة يخشون على أنفسهم أن يكونوا قد فتنوا بزهرة الدنيا وزينتها حينما جاءتهم الأموال، فكان الواحد منهم يعمل طيلة النهار ليحصل على قوت يومه.

علي بن أبي طالب رضي الله عنه عمل ذات يوم عند يهودي على أن ينضح له من بئر بستانه، ومقابل كل دلو تمرة فقط، عمل علي بن أبي طالب الذي صار خليفة للمؤمنين أجيراً عند يهودي مقابل كل نضحة، أو سطل، أو دلو مقابل تمرة فقط، هؤلاء الصحابة الذين كانوا يعيشون في ضنك من العيش فتحت لهم الدنيا، وصار عندهم العبيد والجواري، منهم من تمتع كما شرع الله له، ومنهم من يبيع ويشتري، وأباح الله البيع والشراء وأباح الله له ذلك أيضاً، وكان بعضهم من الأثرياء يخافون على أنفسهم أن يكونوا فتنوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرهم أنه لا يخشى عليهم الفقر وإنما يخشى عليهم أن تفتح لهم الدنيا، ويخشى عليهم الدنيا وفتنتها.

هذه الأحاديث الثلاثة التي بعد الحديث السابق ضعيفة أيضاً، لكني أيضاً ألفت النظر إلى أثر من آثار الصحابة حينما يجلسون مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، لقد سمعتم أنهم جلسوا حوله.

أنتم الآن لا يصح أن يقال: جلستم حولي، بل جلستم أمامي، فكيف الذي يتصور جلوسهم حوله، وفي المسجد وهو على المنبر؟ معنى هذا أن جماهير المصلين اليوم يخالفون هذه الآداب؛ لأنهم يظلون مستقبلين القبلة، بينما السنة أن يستقبلوا الإمام، وهو يخطبهم على المنبر، هكذا يقول أبو سعيد الخدري : (جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله) فهناك شبه نصف دائرة تحوط حول الرسول عليه السلام، باعتبار أن المسجد طوله أكثر من عرضه، بخلاف وضعنا الآن، فلذلك مع أن وضعنا الآن ليس كما كان مسجد الرسول، الطول صغير جداً والعرض هو الطويل، مع ذلك يلاحظ أن الفكرة تقتضي -كما يُشعر من ذلك أن المثل السائد عند العامة: (العين لغة الكلام) أني ألاحظ الآن أن بعض الناس غير مستقبلين القبلة برغم ضيق المكان، بل مستقبلين النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ لأن هذه قضية نفسية، العامة حينما يقولون: (العين لغة الكلام) هذا ليس كلام عوام بل كلام حكماء؛ لأنه متقرر أو مستقر في العلم أن أي أمر تتوفر عليه حاستان، فتأثير ذلك الأمر فيمن توفرت فيه حاستان تجاهه أكثر ممن توفرت فيه حاسة واحدة، وكلما زادت الحواس كلما زاد التأثير، فالإنسان الذي يسمع يتأثر بهذا الكلام، ولكن الذي يسمع ويرى يتأثر أكثر وأكثر، ومن هنا تظهر لنا بعض حكم التشريع وبعض الحركات التي سنها الله، إما على لسان نبيه أو على شأنه وسلوكه.

مثلاً: رفع الأيدي في الصلاة.. تحريك الإصبع في التشهد.. النظر إلى هذه الإصبع، وتوجيه هذه الإصبع إلى القبلة، هذه كلها لماذا؟ توجه قلب هذا المصلي إلى حقيقة واحدة هي الاستقلال لله رب العالمين، هو الذي أمره أن يتوجه بكل بدنه إلى القبلة، فيتوجه حتى بإصبعه وحتى بأصابع قدميه، وهو في السجود مثلاً، وهو في التشهد، فيوجه أصابع قدمه اليمنى إلى القبلة، كل هذا تأكيد إلى أن الإنسان يتوجه بكل جوارحه إلى طاعة ربه عز وجل، هذه الطاعة تغرس في قلبه المعاني المقصودة من هذه العبادة.

كذلك حينما يجلس الناس لسماع الخطيب، لا يكفي أن يتوجه هو إلى القبلة فقط؛ لأنه الآن في صلاة في موعظة في ذكر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9] أنت الآن في ذكر، فيجب أن تتوجه بكليتك إلى هذا الذكر، أمن هذه الكيفية أن تتوجه ببدنك، أن تتوجه ببصرك.. أن تتوجه بسمعك، ومن تتوفر فيه هذه الصفات يكون تأثره بما يسمع من الذكر أكثر من الذي يتوجه إلى هذا الخطيب أو هذا المذكر ببصره فقط أو بسمعه.

هذا أدب نأخذه من هذا الحديث، وإن كان قد سيق في باب الزهد في الدنيا، لكن ههنا أدب من آداب الصحابة مع الرسول عليه السلام، كانوا يجلسون حوله وهو على المنبر.

إذاً: يوم الجمعة ليست السنة أن يقف الناس صفوفاً؛ لأن معنى هذا: إذا قامت الصلاة كانوا متهيئين للصف، وإنما عليهم أن يتحلقوا حول الإمام دوائر، فإذا ما أقيمت الصلاة حينذاك يهتمون بترتيب الصفوف.

هذا بمناسبة قول أبي سعيد الخدري : (جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله).

أما الحديث الثالث والسبعون فهو قوله: وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: (كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حرة المدينة، فاستقبلنا أحداً، فقال: يا أبا ذر ! قلت: لبيك يا رسول الله! قال: ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهباً تمضي عليه ثالثةٌ وعندي منه دينار إلا شيءٌ أرصده لديني، إلا أن أقول في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا، عن يمينه وعن شماله وعن خلفه ثم سار، ثم انطلق عليه الصلاة والسلام فقال: إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة)وفي حديث يأتي بعده: (إن الأكثرين -أي: مالاً- هم الأقلون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه، وقليلٌ ما هم. ثم قال لي: مكانك لا تبرح حتى آتيك)قال: رواه البخاري واللفظ له، ومسلم، وفي لفظ لـمسلم قال -أي: أبو ذر -: (انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو جالس بيمين الكعبة، فلما رآني قال: هم الأخسرون ورب الكعبة، قال: فجئت حتى جلست فلم أتقار أن قلت: فقلت يا رسول الله! فداك أبي وأمي من هم؟ قال: هم الأكثرون أموالاً، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، وقليلٌ ما هم ...) ورواه ابن ماجة مختصراً: (الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا وكسبه من طيب)هذه هامة جداً... ومكسبه حرام، لا، بل قال: (ومكسبه من طيب) أيضاً.

نعود إلى شرح ما هو من الضروري شرحه، يقول أبو ذر وهو صحابي معروف، ومن المشهورين بالزهد والرغبة عن الدنيا، قال: (كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة ) الحرة: هي الأرض التي يكثر فيها الحجارة السوداء الصغيرة، والمدينة تقريباً كُل ما حولها هي حرة، وإن كان بعض العلماء يحصرون الحرة بالجهة الشمالية فقط، لكن الأعم هو الأصح؛ لأن هناك بعض الأحاديث تدل على أن الحرة ليست محصورة فقط في المدينة الشمالية، ويؤكد هذا أنه لا فرق بين الأرض الشمالية والشرقية والغربية؛ لأن كلها فيها هذه الحجارة السوداء.

قال: (فاستقبلنا أحداً) وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: (جبل أحد يحبنا...)، فهنا أثبت لأحد إحساساً وذلك بأنه يحبهم، وقد يقول قائل: كيف ذلك وهو جماد؟

فنقول: هذا مثل إحساس الكلب الذي إذا رأى صاحبه فإنه يبدي حركة خاصة، فهو يفرح بقدوم صاحبه بتحريك خاص، وهذا حيوان لا يفهم، له فهمه، لكنه فهم حيواني في حدوده، وهذا الفهم الحيواني خاص بهذا الحيوان الذي هو الكلب، وهناك حيوانات عديدة كما نعلم، وكل حيوان له فهم خاص به، فما الذي يمنع ورحمة الله واسعة أن يكون الله عز وجل خلق حتى في الجمادات نوعاً من الإحساس، ليس من النوع الخشن.

إذا ذاع الخبر وجب الإيمان والتسليم.

الكثير لا يتوقع مثل هذه الحادثة، ولكن أذكر من باب الاستشهاد قوله تعالى: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ [الكهف:77] أي: الجدار يريد أن ينقض، نسب هنا إلى الجدار إرادة، فيأتي المعطلون يقولون: هذا مجاز وليس حقيقة، ونحن مع القاعدة الشرعية اللغوية: أن الأصل في كل عبارة الحقيقة، وأنه لا يجوز الخروج عنها إلى المجاز إلا بدليل اضطرنا إلى هذا الخروج إذا لم يكن هناك دليل، فالقاعدة تقول: يجب أن نبقى على الحقيقة، الآن في مثل هذا الحديث (جبل أحد يحبنا ...).

ما هو الدليل لمن يضطر إلى هذا التأويل؟ جهلنا أن يكون هناك في هذا الجبل إحساس خاص بالحب، هل هذا الجهل دليل؟

الجواب: لا. لذلك نقول: الإيمان بالإسلام كتاباً وسنةً هو الذي يوفق أفق المؤمن وعقله وتفكيره، والعكس بالعكس تماماً، لهذا نحن ندعو دائماً وأبداً إلى اتباع الكتاب والسنة، ليس على طريقة التأويل -هذه الطريقة التي ابتدعها الخلف- وإنما على طريقة التسليم التي سلكها السلف، ولذلك نكرر دائماً وأبداً: نحن لا ندعو إلى الكتاب والسنة فقط، بل إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح .

وإلا لا فرق بين هؤلاء المسلمين الذين بلغوا ثلاثاً وسبعين فرقة، أو كادوا أو زادوا، الله أعلم بذلك، لكن المهم أن التفرق كثير وكثير جداً، كلهم يقولون: كتاب وسنة، حتى القاديانية الذين يقولون بنبوة الغلام بن أحمد القادياني، يقولون: الكتاب والسنة، لكن يفسرون النصوص هكذا بطريق التأويل، وإنكار المعاني الحقيقية من نصوص الكتاب والسنة.

يقول: (فاستقبلنا أحداً، فقال -أي: الرسول عليه السلام- يا أبا ذر! قلت: لبيك يا رسول الله!) هنا ملاحظة، لماذا يناديه وهو معه؟ هذا من باب تهيئة النفس لتلقي ما سيلقى عليه من العلم: (قال: يا أبا ذر ! قال: لبيك يا رسول الله!) وهذا جواب معروف لغة، ومعروف استعماله من الصحابة كثيراً وكثيراً جداً مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولعله ألفت من كلمة (نعم) وانظروا خير البشر، المعصوم عن أن يتلاعب به الشيطان ويفتنه بالمال، فقال-: (ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهباً تمضي عليه ثالثة) الرسول لا يحب أن له جبل ذهب مثل جبل أحد - (تمضي عليه) أي: على هذا الذهب الكثير الموجود عند الرسول عليه السلام (ثالثة) أي: ليلة ثالثة من بعد ما حصل الرسول عليه السلام هذا المال الكثير، ولو كان كـجبل أحد، لا يسره أن يبقى هذا المال عنده أول ليلة وثاني ليلة وثالث ليلة، تدخل والمال لا يزال عنده، لا يسر النبي عليه السلام هذا- (لا يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهباً تمضي عليه ثالثة وعندي منه دينار واحد) أي: أن الرسول لا يُبقي معه مالاً إطلاقاً، ما الذي يفعله؟ يفرقه كما أشار في الحديث، يميناً ويساراً وخلفاً وليس أماماً فقط، أي: ينفقه على من حوله من المسلمين.

الحث على الإنفاق وعدم الادخار إلا للضرورة

هنا استثناء، يقول: (إلا شيء أرصده لديني) يعني هو لم يدخر من ماله شيئاً إطلاقاً، إلا مالاً عليه دين يريد أن يقضيه وقد جاءه مال كثير، فيقتطع منه هذا الدين ويدخره عنده حتى إذا جاء صاحبه أعطاه إياه، حتى لا يرده؛ لأنه قد جاءه المال، وادخار هذا الدين هو الذي فقط يريد أن يحبسه عليه السلام، أما ما سوى ذلك فهو يفرقه وينفقه كما قال: (إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا عن يميني وعن شمالي وعن خلفي) هكذا يحض الرسول عليه السلام أمته أنهم إذا جاءهم مال ألا يدخروه، وأن ينفقوه في سُبل الخير، ولكن هذا الإنفاق وترك هذا الادخار الذي أشار إليه الرسول عليه السلام، أنه لا يدخر المال مهما كان كثيراً إلا ما كان عليه دين، ما حكمه في الإسلام؟ هذا الإنفاق أهو واجب؟ وهذا الادخار أهو حرام؟

هنا يجب أن نفهم الموضوع الذي يثار في العصر الحاضر؛ استغلالاً للإسلام في خدمة بعض المذاهب المخالفة للإسلام، ألا وهو المذهب الاشتراكي أو الشيوعي، وكثير من الكتاب المغرضين- وبعض الكتاب المخلصين، استغلوا مثل هذا الحديث، فجعلوا الإسلام يحرم على الأغنياء أن يدَّخروا مالهم، وزعموا أن الإسلام يوجب ويفترض عليهم أن ينفقوا كل مالهم، كما هو حديث أبي ذر هذا.

من أجل ذلك نحن نقول: أي حكم في الإسلام لا يجوز أن يؤخذ من نص واحد، إلا من مجموعة نصوص، هذا الحديث بلا شك فيه حث بالغ جداً على الإنفاق، والتحذير من الادخار، ولكن الحكم الدقيق والحكم الفقهي لا يؤخذ من هذا الحديث وحده، فكل المسلمين أجمعوا أن الله عز وجل فرض على أنواع معينة من الأموال زكاة أيضاً، محدودة في كل سنة، في كل موسم، ونسبة معلومة، فحينما فرض هذه الزكاة مثلاً (2.5%) على النقد؛ وعشرة أو أقل من ذلك في المحاصيل الزراعية، معنى ذلك أن ما سوى ذلك جائز للمسلم أن يتمتع به، وجائز أن يدخره، ولذلك فكل مال أُخرجت زكاته فليس بكنز يعذب عليه صاحبه يوم القيامة، وكما مرت معنا أحاديث في كتاب الترغيب والترهيب في تحذير الأغنياء الذي يكنزون الذهب والفضة، وأنها تكوى بها جباههم يوم القيامة، فما معنى يكنزونها؟ أي: لا يخرجون ما فرض الله عليهم فيها من حق.

إذاً: ليس من الواجب أن يخرج المسلم ماله كله وألا يبيت وعنده أي مال، لكن هذا من فضائل الأعمال، ومن مكارم الأخلاق؛ أن المسلم إذا أغناه الله من فضله أن ينفقه، ومع ذلك فهنا شيء آخر يجب أن يذكر، لا يعني أن يدع عياله وأهله وأطفاله فقراء، جاءه هذا المال فأنفقه بكليته، ولم يعبث به وإنما على المسلمين، ولكن أحق المسلمين بشيء من هذا المال هم الأقربون، ولذلك فلا يتناقض هذا مع حديث مضى معنا في كتاب الزكاة، أن الرسول عليه الصلاة السلام كان يدخر لأهله قوت سنة، فهذا جمع بين الحقوق، فهو من ناحية لا ينسى حقوق أهله، ومن ناحية لا يدخر المال الذي زاد عنده على حقوق أهله وينفقه على المسلمين.

خلاصة القول: المال الواجب إخراجه ليس هو كل مال، وإنما هي نسبة معروفة في كتب الفقه وبإجماع المسلمين، أما الخروج عن كل ذلك أو نصف المال فهذه أمور من فضائل ومكارم الأخلاق، والناس يختلفون في ذلك أشد الاختلاف، وقد كنا ذكرنا في بعض الدروس السابقة أن البخل بخلان: بخل يعذب عليه الإنسان وهو إذا بخل بما فرض الله عليه، والبخل الآخر يذم عليه، ولكن لا يعاقب عليه، وهو الذي لا ينفق يميناً ولا يساراً ولا أمامه ولا خلفه.

فمن هنا نفرق بين ما هو واجب وبين ما هو مستحب، والناس في هذا متفاوتون، ولعله مر في كتابنا هذا أو في درسنا حديث مسابقة عمر لـأبي بكر، قال عمر بعد تجربة أخيرة بينه وبين أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -: أن أبا بكر سمع -بمناسبة ما- حضاً على الإنفاق في سبيل الله، فجاء بكل ماله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عليه الصلاة والسلام: (ماذا تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله) فجاء عمر وقدم نصف ماله، فلما علم ما فعل صاحبه، قال: [ما سابقته إلا سبقني] ولم يسابقه، ف أبو بكر خرج عن كل ماله، وعمر خرج عن نصف ماله، والناس درجات، ومن النادر جداً أن مسلماً عاقلاً يخرج عن جميع ماله، ولذلك أنا أكاد أعتبر خروج أبي بكر عن كل ماله هذه مزية كمزية الرسول عليه السلام ههنا، حيث يقول: إنه لا يسره أن تمضي عليه ثلاث ليالٍ وعنده مثل جبل أحد ذهباً أن يبقى عنده.

وذلك لأن العدل في الحقوق صعب جداً، إنسان يخرج عن ماله ويؤدي كل الحقوق بالنسبة لأولاده وإلى أقاربه، فالموازين الدقيقة لا يحسنها إلا أفراد قليلون جداً، ومنهم أبو بكر الصديق، أو هو أولهم وآخرهم.

لذلك ينقم على الصوفية الذين جعلوا الخروج عن المال مبدأ لهم، بدون هذا التفصيل الذي يجب أن يراعى فيه الخارج عن ماله ألا ينسى حقوق الآخرين، ولذلك هم يروون القصة المزعومة التي وقعت بين الإمام الشافعي وبين شيبان الراعي، وأهل العلم يقولون: هذه قصة مختلقة؛ لأن الإمام الشافعي ما أدرك شيبان الراعي، فبينهما مسافة، وإنما وضعتها بعض الطوائف الصوفية للدعوة إلى مذهبهم.

زعموا بأن شيبان الراعي كان وصفه بأنه رجل أميّ ومع ذلك هو فقيه، أي: عنده العلم اللدني المزعوم، فسأله عن رجل يسهو في الصلاة ماذا عليه؟ -السائل الإمام الشافعي والمسئول شيبان الراعي - فقال شيبان للشافعي: عندنا أم عندكم؟ قال: كيف عندنا أم عندكم هل هناك فرق؟ قال: نعم. قال الشافعي : لا أجيزه. ماذا عندنا وماذا عندكم، قال: أما عندكم فالذي يسهو في الصلاة يسجد سجود السهو وانتهى الأمر، قال: وعندكم. قال: هذا الذي يسهو في الصلاة ينبغي أن تقطع رقبته، فسأله سؤال آخر: ما الذي يجب على المسلم من الزكاة؟ فقال له: عندنا أم عندكم؟ قال له: وأيضاً فيها عندنا وعندكم، قال: نعم. قال: عندنا وعندكم فصِّل، قال: عندكم يخرج (2.5%) وإذا به قد أدى الواجب، قال: وعندكم؟ قال: عندنا يخرج عن جميع ماله، هذه هي القاعدة، وهذا خطأ؛ لأن الخروج عن جميع المال قد يؤدي إلى أمور مخالفة للإسلام.

وفعلاً إذا قرأت حكايات الصوفية في هذا المجال ستجد العجب العجاب، وحتى بعض المحدثين ابتلوا بالتصوف، فكان قد ضيَّع قسماً من حياته في علم الحديث، فلما تصوف أخذ كتب الحديث وحرّقها، وآخر أخذها ودفنها في الأرض، وآخر عنده مال رماه في البحر، هذا كله خروجاً عن المال، كأن الخروج عن المال صار هدفاً، بينما الخروج عن المال هدفه تطهير النفس وتزكيتها وليس خراباً لبيوت الآخرين، بل تساعد نفسك وتنفع إخوانك المسلمين.

لعلي أطلت الآن، وهذا الحديث في الواقع عليه تعليقات كثيرة، فلعلنا نؤجل ذلك إلى الدرس الآتي؛ لنتوجه إلى الإجابة عن بقية الأسئلة، علماً أننا لا نستطيع الإجابة عنها كلها، ولذلك اعفونا عن أسئلتكم الليلة.