الالتزام بالأخلاقيات في نطاق الحركة السياسية هو أمر واجب، لم نعرف في تاريخ الفكر السياسي الإسلامي من خرج على هذه القاعدة

العدالة -وكل ما له صلة بالتوازن بين الحقوق- هي الجوهر الذي تنبع منه جميع القيم السياسية في نطاق التقاليد الإسلامية (وأمرت لأعدل بينكم)[الشورى: 15]

العالم الإسلامي في حاجة إلى بناء سياسي متكامل قادر على التعامل مع الواقع المعاصر

الوظيفة الاتصالية لا تقتصر على شرعية الدولة أو السلطة، بل تتعداها إلى خلق قواعد التعامل، إن واجب الدولة هو أن تدعو إلى كلمة الحق

لم تعرف حضارة سوء الحظ في كل ما قدر أن تخضع له من دراسات وتحليلات كالحضارة الإسلامية

إن فشل جميع الحركات الاجتماعية، واختفاء الفكر السياسي، وسيطرة المفهوم الطبقي، جميعها عناصر متماسكة تعبر عن مفهوم دولة القوة في التاريخ الغربي

منذ أن عدت إلى مدينة آبائي وأجدادي، قضيت خمسة عشر عاماً أنبش في تلك الحضارة التي تعلقت بها، أريد أن أثبت لنفسي أن العاطفة لا موضع لها ولكن هناك التقييم الموضوعي الرصين

-النداء الحركي- التقاء بين فكر ذاتي، أي واضع النص، حركة سياسية، أي تلك الطاقة التي يسعى من خلالها رجل النداء الحركي لأن يتعامل مع القوى، وحقيقة اجتماعية، أي الموقف المرتبط بذلك التعامل، وتطور تاريخي يصير بالنسبة له الموقف خاتمة ومقدمة في آن واحد

الإسلام بجوهره هو حقيقة كلية، حيث الحضارة تندمج في السلوك، وحيث البعد الديني يتعانق مع الوجود السياسي، وحيث الأخلاقيات واحدة

إن النموذج الإسلامي للتراث الفكري يسمح بإضاءة الكثير من جوانب التعامل مع ظاهرة السلطة ولكننا نستطيع أن نضيف إلى ذلك نموذجين آخرين: الأول هو متعلق بظاهرة الرأي العام، والثاني يدون حول وظيفة الفقه

إن العلاقة الوثيقة الثابتة بين الإسلام والعروبة تفرض علينا منذ البداية أن نؤكد ذلك الاقتناع بأنه لا عروبة دون إسلام، ولا إسلام دون عروبة

المشكلة الحقيقية في نطاق التطور السياسي لا تعني فقط تحديد القيم، بقدر تحديد العلاقة التصاعدية بين القيم، وما يستتبع ذلك من نتائج بخصوص قواعد التعامل من جانب وعناصر تقييم للسلوك من جانب آخر

خلال فترة طويلة من حياتي عايشت أئمة الفقه وقادة الفكر وعلماء تلك الحضارة، وتنقلت من مالك، وأحمد بن حنبل، وزملائه إلى البيروني، والخوارزمي، وتفاعلت مع ابن خلدون أتابعه في مراحل حياته ولم أترك نصاً سوياً إلا وقد أحلته إلى حقيقة ديناميكية أعاشرها وتعايشني

والواقع أن التاريخ بصفة عامة هو أحد مصادر التحليل العلمي لظاهرة السلطة، إن المعمل بمعنى اقتطاع الخبرة وإخضاعها للتحليل المباشر الذي أساسه التحكم في تطور الظاهرة لا تسمح به طبيعة الظاهرة السياسية، ومن ثم فليس أمامنا بديل للتحليل المعملي سوى التاريخ حيث يصير حقلاً للتجارب والملاحظات والمشاهدة

إن جهالة القرن العشرين التي يتصدرها ويحمل لواءها مدعو الثقافة العلمية تأبى علينا أن نعود إلى تقاليدنا وتراثنا، ولكنني سوف أشعلها حرباً بلا هوادة؛ لأنني واثق بأن أمتنا لن تقف على قدميها إن لم تعد إلى تعاليم الآباء تنهل منها رحيق القيم، وقصة البطولة، وعظمة الإنسان المسلم

النظرية السياسية الإسلامية تملك تراثاً ضخماً لم يقدر له بعد أن يخضع لتحليل علمي أو لتجميع وثائقي