يَاحُرَّ أَمْسَيْتُ شَيْخاً قَدْ وَهَى بَصَرِي
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
يَاحُرَّ أَمْسَيْتُ شَيْخاً قَدْ وَهَى بَصَرِي | وَالْتَاثَمَا دُونَ يَوْمِ الوَعْدِ مِنْ عُمُري |
يَاحُرَّ مَنْ يَعْتَذِرْ مِنْ أَنْ يُلِمَّ بِهِ | رَيْبُ الزَّمَانِ فَإِني غَيْرُ مُعْتَذِرِ |
يَاحُرَّ أَمْسى سَوادُ الرَّأْسِ خَالَطَهُ | شَيْبَ القَذالِ اخْتِلاَطَ الصفوِ بِالْكَدَرِ |
يَاحُرَّ أَمْسَتْ تَلِيَّاتُ الصِّبَا ذَهَبتْ | فَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى عَيْنٍ ولاَ أَثَرِ |
قدْ كنتُ أهدي ولا أُهدى ، فعَلَّمَني | حُسْنَ المَقَادَة ِ أَنِّي فَاتَنيِ بَصَرِي |
كانَ الشبابُ لِحاجاتٍ ، وكُنَّ لهُ ، | فَقَدْفَرَغْتُ إِلَى حَاجَاتِيَ الُأخَرِ |
رَامَيْتُ شَيْبِي،كِلاَنَا قَائِمٌ حِجَجاً | سِتِّينَ،ثُمَّ ارْتَمَيْنَا أَقْرَبَ الفُقَرِ |
رَامَيْتُهُ مُنْذُ رَاعَ الشَّيْبُ فَالِيَتي | ومِثلُهُ قبلهُ في سالفِ العُمُرِ |
أرْمِي النُّحُورَ فَأُشْوِيها،وتَثْلِمُنيِ | ثَلْمَ الإِنَاءِ،فَأَغْدُو غَيْرَ مُنْتَصِرِ |
في الظَّهْرِ والرأسِ حتى يستمرَّ بهِ | قَصْرُ الهِجَارِ وفيِ السَّاقَيْنِ كَالْفَتَر |
قالتْ سُلَيْمى ببطنِ القاعِ مِن سُرُحٍ: | لاَخَيْرَفي العَيْشِ بَعْدَ الشَّيْبِ والكِبَرِ |
واسْتَهْزَأَتْ تِرْبُهَا مِنِّي.فَقُلْتُ لَهَا: | ماذا تعيبانِ منِّي يا بْنَتَتيْ عَصَرِ؟ |
لولا الحياءُ ولولا الدِّينُ عِبْتُكُما | بِبَعْضِ مَافِيكُمَا إِذْ عِبْتُمَا عَوَرِي |
قَدْ قُلْتُمَا لِيَ قَوْلاً لاَ أَبَا لَكُمَا | فيهِ حديثٌ على ما كانَ مِنْ قِصَرِ |
ما أنتما والذي خالتْ حُلومُكُما | إلاَّ كحَيْرانَ إذْ يَسْري بلا قَمَرِ |
إنْ يَنْقُضِ الدهرِ منِّي مِرَّة ٍ لِبِلى ً | فَالدَّهْرُ أَرْوَد بِالأَقْوَامِ ذُوِ غَيرِ |
لَقَدْ قَضَيْتُ،فَلاَتَسْتَهْزِئَا سَفَهاً، | ممَّا تَقَمَّأْتُهُ مِنْ لذة ٍ وطَرِي |
يا جارتَيَّ على ثاجٍ ، طريقُكما ، | سَيْراً حَثِيثاً،أَلمَّا تَعْلَمَاخَبَرِي |
أَنِّي أُقَيِّدُ بِاْلَمأْثُوِرِ رَاحِلَتيِ | ولا أُبالي ، ولو كنَّا على سفرِ |
لا تَأْمَنَّ السيفَ ، إذْ رَوَّحْتُها ، إبلي | حَتَّى تَرَى نِيبَهَا يَضْمِزْنَ بِالْجِرَرِ |
ما يُصيب السَّيف ساقَهُ فحقَّ لَهُ | وما تدع ضربته لا ينجه حذري |
ولا أقومُ على حَوضي فأمنعُهُ | بَذْلَ اليمينِ بسَوْطِي بادياً حُتُري |
ولا تَهَيَّبُني المَوْماة ُ أركبُها | إذا تَجاوَبَتِ الأَصْداءُ بالسَّحَرِ |
ولا أقومُ إلى المَولى فأشتُمُهُ | ولاَ يُخَدِّشُهُ نَابِي ولاَ ظُفَرِي |
أبقى خُطوبٌ وحاجاتٌ تُضَيِّقُني | وما جَنى الدهرُ مِن صَفوٍ ومِنْ كَدَرِ |
مِثلَ الحُسامِ كريماً عندَ خِلَّتِهِ | لِكُلِّ إِزْرَة ِ هذا الدَّهْرِ ذَا إِزَرِ |
يا ليتَ لي سَلْوَة ً يُشفى الفؤادُ بها | مِنْ بَعْضِ مَا يَعْتَرِي قَلْبِي مِنْ الذِّكَرِ |
أَوْلَيْتَ أَنَّ النَّوَى قَبْلَ البِلى جَمَعَتْ | شَعْبَيْ نَوَى مُصْعِدٍ مِنَّا ومُنْحَدِرِ |
عادَ الأذِلَّة ُ في دارٍ ، وكان بها | هُرْتُ الشَّقَاشِقِ ظَلاَّمُونَ لِلْجُزُرِ |
يَاعيْنِ بَكِّي حُنَيْفاً رَأْسَ حَيِّهِمُ | الكَاسِرِينَ القَنَا في عَوْرَة ِ الدُّبُرِ |
والحاملينَ إذا ما جَرَّ جارِمُهمْ | بحاملٍ غيرَ خَوَّارٍ ولا ضَجِرِ |
والضَّارِبِينَ بِأَيْدِيهِمْ إِذَا نَهَدَتْ | مَثنى القِدَاحِ ، وحُبَّتْ فَوْزَة ُ الخطَرِ |
أَعْدَاءُ كُوِم الذُّرَى تَرْغُو أجِنَّتُهَا | عِنْدَ المَجَازِرِ بَيْنَ الحَيِّ والحُجَرِ |
يَمْشي إِلَيْهَا بَنُو هَيْجَا وإِخْوَتُهَا | شُمّاً مَخَامِيصَ لاَيَعْكُونَ بِالأُزُرِ |
فِتيَانُ صِدْقٍ وأَيْسَارٌ إِذَا افْتَرَشُوا | أقدامَهمْ بينَ مَلْحوفٍ ومُنْعَفِرِ |
شُمُّ العَرَانِينِ،يُنْسيهم مَعَاطِفَهُمْ | ضَرْبُ القِدَاحِ وتَأْرِيبٌ عَلَى العَسِرِ |
لاَيَفْرَحُونَ إِذَا مَا فَازَ فَائِزُهُمْ | ولا تُرَدُّ عليهمْ أُرْبَة ُ اليَسَرِ |
هُمُ الخَضَارِمُ واْلأَيْسَارُإِنْ نُدِبُوا | فَلاَ تُجِيلُ قِدَاحاً رَاحَتا بَشرِ |
قَوْمِي بَنُو عَامِرٍ،فَاخْطِرْ بِمِثْلِهِمُ | عندَ الشَّقاشِقِ ذاتِ الجَوْرِ ، وافْتخِرِ |
فيهِمْ تَجاوَبُ أَفْلاءُ الوَجيهِ إذا | صامَ الضحى ، تَقَدَّعُ الذِّبَّانَ بالنَّخَرِ |
تعتادُها قُرَّحٌ مَلْبونة ٌ خُنُفٌ | يَنْفُخْنَ في بُرْعُمِ الحَوْذانِ والخَضِرِ |
جُرْدٌ تُبَارِي الشبَا،أُرْقٌ مَرَاكِلُهَا، | مِثلُ السَّرَاحِينِ مِنْ أُنْثَى ومِنْ ذَكَرِ |
مِنْ كُّلِّ أَهْوَجَ سِرْدَاحٍ،ومُقْرَبَة ٍ | تُقَاتُ يوم لِكَاكِ الوِرْدِ بِالْغُمَرِ |
نحنُ المُقيمونَ ، لم تَبرَحْ ظَعائِنُنا ، | لا نَسْتَجِيرُ،ومَنْ يَحْلُلْ بِنَا يُجَرِ |
مِنَّا بِبَادِيَة ِ الأَعْرَابِ كِرْكِرَة ٌ | إلى كَراكِرَ بألأمصارِ والحَضْرِ |
فينا كَراكِرُ أَجْوازٌ مُضَبَّرَة ٌ | فِيها دُروءٌ إِذَا خِفْنَا مِنَ الزَّوَرِ |
فينا خَناذيذُ فُرسانٍ وألوية ٌ | ٍوكلُّ سائمة ٍ من سارِحٍ عكر |
وثَرْوَة ٌ مِنْ رِجَالٍ لوْ رَأَيْتَهُمُ | لقلتَ: إحدى حِراجِ الجَرِّ مِن أُقُرِ |
يَسْقِي الكُمَاة َ سِجَالَ الْمَوْتِ بَدْأَتُنَا | وعِنْدَ كَرَّتِنَا المُرَّى مِنَ الصَّبِرِ |
ونُطعِمُ الضيفَ مَع"ْبوطَ السَّنامِ إذا | أَلْوَتْ رياحُ الشتاءِ الهُوْجُ بالحُظُرِ |
ونُلْحِفُ النَّارَ جَزْلاً وَهْيَ بَارِزَة ٌ، | ولا نَلُطُّ وراءَ النارِ بالسُّتَرِ |
يا هلْ ترى ظُعُناً تُحْدى مُقَفِّيَة ً | تَغْشى مَخارِمَ بينَ الخَبْتِ والخَمَرِ |
أَوْقَدْنَ ناراً بإثْبِيتَ التي رُفعتْ | مِنْ جانبِ القُفِّ ، ذاتِ الضالِ والهُبُرِ |
باتَتْ حَواطِبُ لَيلى يَلتَمِسْنَ لها | جَزْلَ الْجَذَا غَيْرَ خَوَّارٍ ولاَ دَعِرِ |
ثمَّ ارْتَحَلْنَ نَيّاً بَعْد تَضْحِيَة ٍ | مِثلَ المَخارِيفِ مِنْ جَيْلانَ أوْ هَجَرِ |
طَافَتْ بِهَا الفُرْسُ حَتَّى بَذَّ نَاهِضَهَا | عُمٌّ لَقِحْنَ لِقاحاً غيرَ مُبْتَسَرِ |
وهَيْكلٍ سَابِحٍ،في خَلْقِهِ طَنَبٌ، | حابي الشَّراسيفِ ، يُرْدِي مارِدَ الحُمُرِ |
ضَخْمِ الكَرَادِيسِ،لَمْ تُغْمَزْ أَبَاجِلُهُ | مُهَرَّتِ الشِّدْقِ ، سامِي الهَمِّ والنظَرِ |
قَدْ قُدْتُ لِلْوَحْشِ أَبْغِيَ بَعْضَ غِرَّتِهَا | حتى نُبِذْتُ بعَيْر العانة ِ النَّعِرِ |
والعَيْرُ ينفَحُ في المَكْنانِ قدْ كَتِنَتْ | مِنْهُ جَحَافِلُهُ،والَعِضْرَسِ الثُّجَرِ |
بعازِبِ النَّبْتِ ، يَرْتاعُ الفؤادُ لهُ ، | رَأدُ النَّهارِ،لأَصْوَاتٍ مِنَ النُّعَرِ |
فِيهِ مِنَ الأَخْرَجِ المُرْتَاعِ قَرْقَرة ٌ | هَدْرَ الدِّيَافِيِّ وَسْطَ الهَجْمَة ِ البُحُرِ |
والأزرقُ الأصفرُ السِّرْبالِ مُنتصِبٌ | قِيدَ العَصَا فَوْقَ ذَيَّالٍ مِنَ الزَّهَرِ |
وغَارَة ٍ كقَطَا القُرْيَانِ مُشْعَلَة ٍ | قَدَعْتُها بسَرَنْدى ً شاخصِ البصَرِ |
وصاحبي وَهْوَهٌ مُسْتَوْهِلٌ زَعِلٌ | يَحُولُ بينَ حمارِ الوحشِ والعَصَرِ |
فَقُمْتُ أَلْجُمُهُ،وقَامَ مُشتَرفاً | على سَنابِكِه ، في شائِلٍ يَسَرِ |
أُرْخِي العِذَارَ،وإِنْ طَالَتْ قَبَائِلُهُ، | عنْ حَشْرَة ٍ مثلِ سِنْفِ المَرْخَة ِ الصَّفِرِ |
في حَاجِبٍ خَاشِعٍ،ومَاضِغٍ لَهِزٍ، | والعَيْنُ تَكْشِفُ عَنْهَا ضَافِيَ الشَّعَرِ |
يُفَرْفِرُ الفأسَ بالنابَيْنِ يخلعُهُ | في أَفْكَلٍ مِنْ شُهودِ الجِنِّ مُحْتــضِــرِ |
أقولُ ، والحبلُ مشدودٌ بمِسْحَلِهِ ، | مُرْخى ً لَهُ:إِنْ يَفُتْنَا مَسْحُهُ يَطِرِ |
ولِلْفُؤَادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبْهَرِهِ | لدْمَ الوَلِيدِ وَرَاء الغَيْبِ بِالحَجَرِ |
كأنَّ دُبَّاءَة ً شُدَّ الحزامُ بها | في جَوْفِ أهْوَجَ بِالتَّقْرِيبِ والحَضَرِ |
غَوْجُ اللَّبَانِ ولمْ تُعقَدْ تَمائمُهُ | مُعْرى القِلادة ِ مِنْ رَبْوٍ ولا بُهُرِ |
يُرْدي الحمارَ لِزاماً ، وهْوَ مُبْتَرِكٌ | كَالأَشْعَبِ الخَاضِعِ النَّاجِي مِنَ المَطَرِ |
المُسْتَضافِ ، ولمَّا تَفْنَ شِرَّتُهُ | منَ الكلابِ وضيفِ الهضبة ِ الضِّرَرِ |
كأنَّهُ مَتْنُ مِرِّيخٍ أَمَرَّ بهِ | زَيْغُ الشِّمَالِ وحَفْزُ القَوْسِ بالوَتَرِ |
يكادُ ينشقُّ عنهُ سِلْخُ كاهلِهِ | زَلُّ العِثَارِ ، وثَبْتُ الوَعْثِ والغَدَرِ |
هَرْجَ الوَلِيدِ بِخَيْطٍ مُبْرَمٍ خَلَقٍ | بينَ الرَّواجِبِ في عُودٍ منَ العُشَرِ |