طَافَ الخَيَالُ بِنَا رَكْباً يَمانينَا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
طَافَ الخَيَالُ بِنَا رَكْباً يَمانينَا | ودونَ ليلى عَوَادٍ لوْ تُعَدِّينا |
منهُنَّ مَعروفُ آياتِ الكتابِ ، وقدْ | تعتادُ تكذِبُ ليلى ما تُمَنِّينا |
لمْ تَسْرِ ليلى ، ولمْ تطرُقْ بحاجتِها | مِنْ أَهْلِ رِيْمَانَ إِلاَّ حَاجَة ً فِينَا |
مِنْ سَرْوِ حِمْيَرَ أَبْوَالُ البِغَالِ بِهِ | أنَّى تَسَدَّيْتِ وَهْناً ذلك البِينا |
أَمْسَتْ بِأَذْرُعِ أَكْبَادٍ فَحُمَّ لَهَا | رَكْبٌ بلِينة َ ، أوْ رَكبٌ بِساوِينا |
يَا دَارَ لَيْلَى خِلاَءً لاَ أُكَلِّفُهَا | إِلاَّ المَرَانَة َ حَتَّى تَعْرِفَ الدِّيْنَا |
تُهْدِي زَنَانِيرُ أَرْوَاحَ المصِيفِ لَهَا | ومِن ثنايا فُروجِ الكَوْرِ تهْدينا |
هَيْفٌ هَدُوجُ الضُّحَى سَهْوٌ منَاكِبُهَا | يَكْسُونَهَا بِالعَشِيَّاتِ العَثَانِينَا |
يَكْسُونَهَا مَنْزِلاً لاَحَتْ مَعَارِفُهُ | سُفْعاً ، أطالَ بهِنَّ الحَيُّ تَدْمِينا |
عَرَّجْتُ فِيهَا أُحَيِّيهَا وأَسْأَلُهَا | فَكِدْنَ يُبْكِينَني شَوْقاً ويَبْكِينَا |
فقلتُ للقومِ: سِيروا لا أَبا لكمُ | أرى منازلَ ليلى لا تُحيِّينا |
وطاسِمٍ دَعْسُ آثارِ المَطيِّ بهِ ، | نَائِي المَخَارِمِ عِرْنِيناً فَعِرْنِينَا |
قدْ غيَّرتْهُ رياحٌ ، واخترَقْنَ بهِ | مِنْ كُلِّ مَأْتَى سَبِيلِ الرِّيحِ يَأْتِينَا |
يَصْبَحْنَ دَعْسَ مَراسيلِ المَطِيِّ بهِ | حتى يُغيِّرْنَ منهُ أوْ يُسَوِّينا |
في ظَهرِ مَرْتٍ عَساقيلُ السرابِ بهِ | كأنَّ وَغْرَ قَطاهُ وَغْرُ حادِينا |
كأنَّ أصواتَ أبْكارِ الحَمَامِ بهِ | مِنْ كُلِّ مَحْنِيَّة ٍ مِنْهُ يُغَنِّينَا |
أَصْوَاتُ نِسْوَانِ أَنْبَاطٍ بِمَصْنَعَة ٍ | بَجَّدْنَ للنَّوْحِ واجْتَبْنَ التَّبانينا |
في مُشْرِفٍ لِيطَ لَيَّاقُ البلاطِ بهِ | كانتْ لِسَاسَتِهِ تُهْدى قَرابينا |
صَوْتُ النَّوَاقِيس فِيهِ،مَا تُفَرِّطُهُ | أَيْدِي الجَلاَذِي،وجُونٌ مَا يُغَفِّينَا |
كَأَنَّ أَصْوَاتَهَا مِنْ حَيْثُ تَسْمَعُهَا | صَوْتُ المَحَابِضِ يَخْلِجْنَ المَحَارِينَا |
واطَأْتُهُ بالسُّرى حتى تركْتُ بهِ | ليلَ التمامِ تُرى أَسْدافَهُ جُونا |
حتى اسْتَبَنْتُ الهدى ، والبِيدُ هاجمة ٌ | يَخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً أَوْ يُصَلِّينَا |
واسْتَحْمَلَ الشَّوْقَ مِنِّي عِرْمِسٌ سُرُحٌ | تَخَالُ بَاغِزَهَا بِاللَّيْلِ مَجْنُونَا |
ترمي الفِجاجَ بحَيْدارِ الحصى قُمَزاً | في مِشية ٍ سُرُحٍ خَلْطٍ أَفانينا |
ترمي بهِ ، وَهْيَ كالحَرْداءِ خائفة ٌ ، | قَذْفَ البَنانِ الحَصى بينَ المُخاسِينا |
كانتْ تُدَوِّمُ إِرْقالاً فتجْمَعُهُ | إلى مَناكِبَ يدفَعْنَ المَذاعِينا |
وعاتِقٍ شَوْحَطٍ صُمٍّ مَقاطِعُها | مكسُوَّة ٍ مِن خِيارِ الوَشْيِ تَلْوِينا |
عارَضْتُها بعَنُودٍ غير مُعْتَلَثٍ | تَرِنُّ مِنْهُ مُتُونٌ حِينَ يَجْرِينَا |
حَسَرْتُ عَنْ كَفِّيَ السِّرْبَالَ آخُذُهُ | فَرداً يُجَرُّ على أيدي المُفَدِّينا |
ثمَّ انصرفْتُ بهِ جَذْلانَ مُبتهِجاً | كأنَّهُ وَقْفُ عاجٍ باتَ مَكْنونا |
ومأْتَمٍ كالدُّمى حُورٍ مَدامِعُها | لَمْ تَبْأَسِ العَيْشَ أَبْكاراً ولاَ عُونَا |
شُمٌّ مُخَضَّرَة ٍ ، صِينَتْ مُنَعَّمة ً | مِن كلِّ داءٍ بإذْنِ اللهِ يَشْفينا |
كَأَنَّ أَعْيُنَ غِزْلاَنٍ،إِذَا اكْتَحَلتْ | بالإثْمِدِ الجَوْنِ ، قد قرضْنَها حِينا |
كَأَنَّهُنَّ الظِّبَاءُ الأُدْمُ أَسْكَنَهَا | ضالٌ بغُرَّة َ ، أوْ ضالٌ بدارِينا |
يَمشِينَ هَيْلَ النَّقا مالَتْ جوانبُهُ | يَنهالُ حِيناً ، ويَنهاهُ الثَّرى حِينا |
مِن رمْلِ عِرْنانَ أوْ مِنْ رَملِ أَسْنُمَة ٍ | جَعْدِ الثَّرَى بَاتَ في الأَمطارِ مَدْجُونا |
يَهْزُزْنَ للمَشيِ أوصالاً مُنعَّمة ً | هَزَّ الجَنُوبِ ضُحى ً عِيدانَ يَبْرِينا |
أوْ كاهتِزازِ رُدَيْنِيٍّ تَداوَلَهُ | أَيدِي التِّجَارِ فَزَادُوا مَتْنَهُ لِينَا |
بِيضٌ يُجَرِّدْنَ مِن ألْحاظِهِنَّ لنا | بِيضاً،ويُغْمِدْنَ ما جَرَّدْنَهُ فِينَا |
إِذَا نَطَقْنَ رَأيتَ الدرَّ مُنْتَثِراً | وإِنْ صَمَتْنَ رَأَيْتَ الدُّرَّ مَكْنُونَا |
نازعْتُ أَلْبابَها لُبِّي بمُخْتَزَنٍ | من الأَحَادِيثِ حتَّى ازْدَدْنَ لي لِينَا |
في لَيْلة ٍ من ليَالي الدَّهْرِ صَالِحَة ٍ | لو كانَ بعد انْصِرَافِ الدَّهْرِ مَأْمُونَا |
أبلِغْ خَديجاً ، فإنِّي قدْ سمعْتُ لهُ | بَعْضَ المَقَالَة ِ يُهْدِيهَا فتَأْتِينَا |
مَالَكَ تَجْرِي إِلَيْنَا غيرَ ذِي رَسَنٍ | وقدْ تكونُ إذا نُجْرِيكَ تُعْنِينا |
وقدْ بَرَيْتَ قِداحاً أنتَ مُرسِلُها ، | ونحنُ رَامُوكَ،فَانْظُرْ كيفَ تَرمِيَنا |
فَاقْصِدْ بِذرعِكَ،واعْلَمْ لو تُجَامِعُنَا | أنَّا بنو الحربِ نسقيها وتَسقينا |
سَمُّ الصَّبَاحِ بِخِرصَانٍ مُقَوَّمَة ٍ | والمَشْرَفيَّة ُ نَهْدِيهَا بِأَيْدِينَا |
إنَّ مَشائيمُ إنْ أَرَّشْتَ جاهِلَنا | يومَ الطِّعَانِ،وتَلْقَاهَا مَيَامِينَا |
وعَاقِدِ التَّاجِ ،أوسَامٍ له شَرَفٌ | مِن سُوقة ِ الناسِ ، نالَتْهُ عَوالِينا |
فَاسْتَبْهَلَ الحَرْبَ من حَرَّانَ مُطَّرِدٍ | حتَّى يَظَلَّ على الكفَّيْنِ مَرْهُونَا |
وإنَّ فِينَا صَبُوحاً إن أَرِبْتَ به | جَمْعاً بَهِيَّاً ولآفاً ثَمانينا |
ومُقْرَبَاتٍ عَنَاجِيجاً مُطَهَّمَة ً | مِنْ آلِ أعوجَ مَلْحوفاً ومَلْبونا |
إذا تَجاوَبْنَ صَعَّدْنَ الصَّهيل إلى | صُلْبِ الشؤونِ ، ولم تصهلْ بَراذِينا |
ورَجْلَة ً يَضْرِبُونَ البَيْضَ عن عُرُضٍ | ضَرْباً تَوَاصى َ به الأَبْطَالُ سِجِّينَا |
فلا تَكُونَنَّ كَالنَّازِي بِبِطْنِتهِ | بَيْنَ القَرِينَيْنِ حتَّى ظَلَّ مَقْرُونَا |