تقدّم خطى ً أو تأخّر خطى ً
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
تقدّم خطى ً أو تأخّر خطى ً | فإنّ الشباب مشَى القهْقَرى |
و كان مليّاً بغدرِ الحياة ِ | و أعجبُ منْ غدرهِ لو وفى |
وما كانَ إلاّ خَيالاً ألَمّ | ومُزْناً تَسرّى وبَرْقاً شَرَى |
لبستُ رداءَ المشيبِ الجديدَ | و لكنّها جدَّة ٌ للبلى |
فأكديتُ لمّا بلغتُ المدى | وعُرّيتُ لّما لَبِستُ النُّهى |
فإنْ أكُ فارقتُ طيبَ الحياة ِ | حَميداً ووَدّعتُ عصرَ الصّبى |
فقد أطْرُقُ الحيّ بعدَ الهدوء | تَصِلُّ أسنّتُهُمْ والظُّبَى |
فألهو على رقبة ِ الكاشحينَ | بمفْعمة ِ السُّوق خُرسِ البُرَى |
بسُودِ الغَدائِرِ حُمْرِ الخُدود | بيضِ التَّرائبِ لعسِ اللِّثى |
و قد أهبطُ الغيثَ غضَّ الجمـ | ـيم غضَّ الأسرّة غضَّ النَّدى |
كأنّ المجامرَ أذكينهُ | أو اغتبقَ الخمرَ حتى انتشى |
فقُدْنا إلى الوِحشِ أشبْاهَها | ورُعْنا المها فوقَ مثلِ المَها |
صنعنا لها كلّ رِخوِ العنانِ | رَحيبِ اللَّبانِ سليم الشظى |
يُرَدُّ إلى بسطة ٍ في الإهاب | إذا ما اشتكى شَنَجاً في النَّسا |
كأنّ قَطا فوق أكفالها | إذا ما سَرَينَ يُثِرْنَ القَطا |
عواري النّواهقِ شوسُ العيونِ | ظماءُ المفاصلِ قبُّ الكلى |
تُديرُ لطَحْرِ القَذى أعيُناً | ترى ظلّ فرسانها في الدُّجى |
و تحسبُ أطرافَ آذانها | يراعاً بُرينَ لها بالمُدى |
فهنّ مُؤلَّلَة ٌ حَشْرَة ٌ | مندَّدة ٌ لخفيّ الصَّدى |
تَكادُ تُحِسُّ اختلاجَ الظنو | نِ بينَ الضّلوع وبين الحشى |
و تعلمُ نجوى قلوبِ العدى | و سرَّ الأحبّة ِ يومَ النّوى |
فأبْعدُ مَيْدانِها خُطْوَة ٌ؛ | وأقرَبُ ما في خُطاها المَدَى |
ومِنْ رِفْقِهاأنها لا تُحَسُّ | ومِنْ عَدْوِها أمّها لا تُرَى |
جَرينَ، من السّبْقِ، في حَلَبة ، | إذا ما جرى البرقُ فيها كبا |
إذا أنتَ عدّدتَ ما يمتطى | و قايستَ بينَ ذواتِ الشَّوى |
فهنّ نفائسُ ما يستفادُ | و هنَّ كرائمُ ما يقتنى |
دِيارُ الأعِزّة ِ، لكِنّها | مُكَرَّمَة ٌ عن مَشيدِ البِنَا |
ومن أجلِ ذلك، لا غَيرِهِ، | رأى الغنويُّ بها ما رأى |
وكانَ يُجيدُ صِفاتِ الجِيادِ، | وإنّ بها اليوْمَ عنهُ غِنَى |
أليسَ لها بالإمامِ المعزِّ | من الفخرِ، لوْ فخرَتْ ما كفَى |
هو استنَّ تفضيلها للملوكِ | و أبقى لها أثراً في العلى |
ولّما تَخَيّرَ أنسابَها، | تخيّرَ أسماءها والكنى |
وليسَ لها، من مَقاصِيرِهِ، | سوَى الأطُمِ الشّاهقِ المُبتَنَى |
و حقّ لذي ميعة ٍ يغتدي | به مستقلاً إذا ما اغتدى |
تكون منَ القُدس حَوباؤه | ونُقْبتُه من رِداء الضُّحى |
و يعدو وقونسهُ كوكبٌ | وسُنْبُكهُ من أديمِ الصَّفا |
و كان إذا شاء حفّت به | كتائبهُ فملأنَ الملا |
كما استُجفل الرمل من عالجٍ | فجاء الخبَارُ وجاء الَّنقا |
وذي تُدْرَإٍ كفُّه بالطعا | نِ أسمَح من حاتمٍ بالقِرى |
وطِئنَ مفارقَه في الصّعيدِ | وعفّرْنَ لّمتَهَ في الثرى |
عليها المَغاوير في السابغاتِ | تَرَقْرَقُ مثلَ مُتونِ الأضا |
حُتوفٌ تَلَهّى بأمْثالِها | و أسدٌ تغذُّ بأسدِ الشّرى |
تبخترُ عصفرٍ من دمٍ | و تخطرُ في لبدٍ من قنا |
وقال الأعادي أأسيافُهم | أمِ النّارُ مضرمة ٌ تصطلى |
رأوا سرجاً ثم لم يعلموا | أهِنْديّة ٌ قُضُبٌ أمْ لظَى |
و متّقداتٍ تذيبُ الشّليـ | لَ من فوقِ لابسهِ في الوغى |
من اللاّءِ تأكلُ أغمادها | وتلفَحُ منهنّ جَمْرَ الغضا |
تُطيع إماماً أطاعَ الإلهَ | فقلّده الحكمَ فيما برى |
وكائِنْ تبيتُ له عَزْمَة ٌ | مضرّضجة ٌ بدماءِ العدى |
فيعفو القضاءُ إذا ما عفا | و تسطو المنونُ إذا ما سطا |
له هذه وله هذه | فسَجْلٌ حياة ٌ وسَجْلٌ رَدى |
و أهونْ علينا بسخطِ الزمان | إذا ما رآنا بعينِ الرّضى |
عليّ لهُ جهدُ نفسي الشّكور | وإن قَصُرَتْ عن بلوغِ المدى |
وشرّفَني مَدحُه في البلادِ | فآنَسَ عَنْسي بطولِ السُّرَى |
أسيرُ خطيباً بآلائه | فأُنْضي المَطايا وأُنْضي الفَلا |
فلو أنّ للنّجمِ من أفقهِ | مكاني من مدحهِ ما خبا |
ولو لم أكنْ أنطّقَ المادحين | لأنطقني بالسَّدى والنَّدى |
وما خلفَه من حطيمٍ يُزارُ | ولا دونه من مَدى ً يُنْتَهى َ |
هو الوارثُ الأرضَ عن أبوين | أبٍ مُصْطفى وأب مُرتَضَى |
و ما لامرئٍ معهُ سهمة ٌ | تعدّ ولا شركة ٌ تدّعى |
فما لقريشٍ وميراثكم | و قد فرغَ اللّه ممّا قضى |
لكم طور سيناءَ من فوقهم | و ما لهم فيه من مرتقى |
بمكّة سمّى الطليقَ الطليقَ | ففرّقَ بين القَصا والدَّنى |
شهِيدي على ذاك حكمُ النبيّ | بين المَقامِ وبين الصّفا |
وإن كان يجمعُكم غالبٌ | فإنّ الوشائظَ غير الذُّرى |
ألا إنَّ حقَّاً دعوتم إليهِ | هو الحقّ ليس به من خَفا |
لآدَمَ من سرّكمْ مَوضِعٌ | بهِ استوْجَبَ العَفوَ لّما عَصى َ |
فيومُكُمُ مثلُ دهرِ الملوكِ | وطِفلُكُمُ مثلُ كهلِ الورى |
يلاحظُ قبلَ الثّلاثِ اللّواء | ويَضرِب قبل الثّمانِ الطُّلى |
عجِبْتُ لقوْمٍ أضَلّوا السّبيلَ | و قد بيّنَ اللّه سبلَ الهدى |
فما عرفوا الحقّ لمّا استبانَ | و لا أبصروا الفجرَ لمّا بدا |
ألا أيها المعشَرُ النائمون! | أجِدَّكم لم تُقَضُّوا الكَرَى |
أفِيقوا فما هِيَ إلاّ اثنتانِ | إمّا الرّشادُ وإمّا العَمَى |
و ما خفي الرُّشدُ لكنّما | أضَلّ الحُلومَ اتّباع الهوى |
وما خُلِقَتْ عَبَثاً أُمّة ٌ | و لا تركَ اللّهُ قوماً سدى |
لكلّ بني أحمدٍ فضلهُ | و لكنّكَ الواحدُ المجتبى |
إذا ما طَوَيتَ على عَزْمَة ٍ | فحسبكَ أن لا تحلّ الحبى |
و ما لا يرى من جنودِ السّما | ءِ حولَكَ أكثرُ ممّا يُرَى |
لِيَعْرِفْكَ من أنتَ مَنجاتُه | إذا ما اتقى الله حقَّ التُّقى |
كأنّ الهُدى لم يكن كائناً | إلى أنْ دُعيتَ مُعِزَّ الهُدى |
ولم يَحْكِكَ الغَيثُ في نائلٍ | ولكن رأى شِيمة ً فاقتَدَى |
قرى الأرضَ لمّا قريتَ الأنامَ | له النّقرى ولك الأجفلى |
شهِدتُ حقيقة َ علمٍ الشهيـ | دِ أنّك أكرمُ من يرتجى |
فلو يجدُ البحرُ نَهجاً إليك | لجاءكَ مستسقياً من ظما |
و لو فارقَ البدرُ أفلاكهُ | لقبّلَ بين يديكَ الثّرى |
إلى مثلِ جدواكَ تنضى المطيُّ | و من مثل كفّيكَ يرجى الغنى |