عنوان الفتوى : هجر العاصي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجوز هجر العاصي أكثر من ثلاثة أيام؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا، وبعد :

فإذا كنت ترجو نتيجة من مقاطعة أخوات زوجتك هؤلاء، فأولى بك أن تقاطعهن حتى يرتدعن عن تبرجهن أمامك على الأقل ، وأما إذا كنت ترى أنه لا فائدة ترجى منهن من وراء المقاطعة، فأنت مخير بين المقاطعة وعدمها ، ولكن إذا كان لقاؤهن لا يخلو من رؤيتك لعورتهن ـ وجميع جسمهن عورة ، عدا الوجه والكفين على رأي البعض ـ فيجب عليك أن لا تجالسهن ولا تلتقي بهن ، حفاظا على نفسك من النظرة المحرمة . ولا تكون هذه المقاطعة قطعا للرحم، فقد قال بعض العلماء: تجوز مقاطعة العاصين إن كانت المقاطعة تُفِيد في رجوعهم عن عصيانهم، وأطلق بعضهم جواز المقاطعة، سواء أكان هناك رجاء في استقامتهم أم لا.

فنهي الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم المسلم أن يَهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يقصد به النْهي عن الهَجْر لأغراض شخصية لا دينية، أما إذا كان هناك غَرَضٌ دِيني من الهَجْر، كسوء السلوك، أو خوف الضرر فلا حُرْمة في المقاطعة، وقد صحَّ أن الرسول والصحابة هجروا الذين تخلَّفوا عن غزوة تبوك بغير عُذْر خمسين يومًا حتى تاب الله عليهم، وقد قال الله تعالى ( وقَدْ نُزِّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا ويُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) (سورة النساء : 140)، وقد هَجَر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ زوجاته شهرًا في حادث التَّخْيير، كما هو معروف، حيث غضب منهن لطَلَبِ أمور دُنْيَوية فأمره الله يُخَيِّرَهُنَّ، قال بعض العلماء: تجوز مقاطعة العاصين إن كانت المقاطعة تُفِيد في رجوعهم عن عصيانهم، وأطلق بعضهم جواز المقاطعة، سواء أكان هناك رجاء في استقامتهم أم لا، قال السفاريني في كتابه ” غذاء الألباب” ج1 ص22 : قال في الآداب الكبرى: يُسَنُّ هَجْر مَنْ جَهَر بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية، وقيل يجب إن ارتدع به، وإلا كان مُسْتحَبًّا، وقيل يجب هجْرُه مُطْلقًا إلا من السلام بعد ثلاثة أيام، وقيل: ترك السلام على مَنْ جَهَر بالمعاصي حتى يتوب فرض كفاية، ويُكره لبقيَّة الناس ترْكُه، وظاهر كلام سيدنا الإمام أحمد ـ رضي الله عنه ـ ترك السلام والكلام مطلقًا، وقال القاضي أبو حسين: ظاهر إطلاقه لا فرق بين المُجاهر وغيره في المبتدع والفاسق، فيَنبغي إن كنت مُتَّبِعًا سنن مَن سلف أنَّ كل من جاهر بمعاصي الله لا تُعاضِده ولا تساعده ولا تقاعده ولا تُسلِّم عَلَيْهِ، بل اهْجُرْهُ.

والله أعلم.

حرر هذه الفتوى: الدكتور: السيد صقر، الباحث الشرعي بالموقع والمدرس بجامعة الأزهر.