خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، وكلم موسى تكليماً وتجلى للجبل فجعله دكاً، لا يماثله شيء من الأشياء في شيء من صفاته، فليس كعلمه علم أحد، ولا كقدرته قدرة أحد، ولا كرحمته رحمة أحد، ولا كاستوائه استواء أحد، ولا كسمعه وبصره سمع أحد ولا بصره، ولا كتكليمه تكليم أحد، ولا كتجليه تجلي أحد، بل نعتقد أن الله جل اسمه في عظمته وكبريائه وحسن أسماءه، وعلو صفته لا يشبه شيئاً من مخلوقاته، ولا يشبه به، وإنما جاء مما أطلقه الشرع على الخالق وعلى المخلوق، فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي أو صفات القديم بخلاف صفات المخلوق، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات فكذلك صفاته لا تشبه الصفات، وليس بين صفاته وصفات خلقه إلا موافقة اللفظ اللفظ، والله سبحانه قد أخبر أن في الجنة لحماً ولبناً وعسلاً وماء وحريراً وذهباً، وقد قال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء، فإذا كانت المخلوقات الغائبة ليس مثل هذه الموجودة مع اتفاقهما في الأسماء فالخالق جل وعلا أعظم علواً ومباينة لخلقه من مباينة المخلوق لمخلوق، وإن اتفقت الأسماء، وأيضاً فإن الله سبحانه قد سمى نفسه حياً، عليماً، سميعاً، بصيراً، ملكاً، رؤوفاً، رحيماً، وقد سمى بعض مخلوقاته حياً وبعضها عليماً، وبعضها سميعاً بصيراً، وبعضها رؤوفاً رحيماً، وليس الحي كالحي، ولا العليم كالعليم، ولا السميْع كالسميع، ولا البصير كالبصير، ولا الرؤوف كالرؤوف، ولا الرحيم كالرحيم، قال الله سبحانه وتعالى: { لله لا إله إلا هو الحي القيوم } ، وقال: { يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي } ، وقال تعالى: { وهو العليم الحكيم } ، وقال: { وبشروه بغلام عليم } ، وقال تعالى: { إن الله كان سميعاً وبصيراً } ، وقال: { إنا خلقناه من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميْعاً بصيراً } ، وقال تعالى: { إن الله بالناس لرؤوف رحيم } ، وقال: لقد جاءكم رسول من أنفسكم