الصفحة 5 من 84

هم أعلم الأمة بهذا الشأن نفياً وإثباتاً، وهم أشد تعظيماً لله وتنزيهاً له عما لا يليق بجلاله، فإن المعاني المفهومة من الكتاب والسنة لا ترد بالشبهات فيكون ردها من باب تحريف الكلم عن مواضعه، ولا يقال هي ألفاظ لا تعقل معانيها ولا يعرف المراد منها. فيكون ذلك مشابهة للذين لا يعلمون الكتاب والسنة إلا أماني، بل هي آيات بينات دالة على أشرف المعاني وأجلّها، قائمة حقائقها في صدور الذين أوتوا العلم والإيمان، إثباتاً بلا تشبيه، وتنزيهاً بلا تعطيل، كما قامت حقائق سائر صفات الكمال في قلوبهم، كذلك فكان الباب عندهم باباً واحداً قد اطمأنت به قلوبهم وسكنت إليه نفوسهم فأنسوا من صفات كماله ونعوت جلاله بما استوحش منه الجاهلون المعطلون، وسكنت قلوبهم إلى ما نفر منه الجاحدون. وعلموا أن الصفات حكمها حكم الذات، فكما أن ذاته سبحانه لا تشبه الذوات، فصفاته لا تشبه الصفات، فما جاءهم من الصفات عن المعصوم تلقوه بالقبول وقابلوه بالمعرفة والإيمان والإقرار لعلمهم بأنه صفة من لا شبيه لذاته ولا لصفاته.

قال الإمام أحمد: إنما التشبيه أن يقول: يد كيد أو وجه كوجه، فأما إثبات يد ليست كالأيدي، ووجه ليس كالوجوه فهو كإثبات ذات ليست كالذوات، وحياة ليست كغيرها من الحياة، وسمع وبصر ليس كالأسماع والأبصار، وهو سبحانه موصوف بصفات الكمال منزه عن كل نقص وعيب، وهو سبحانه في صفات الكمال لا يماثله شيء، فهو حي قيوم سميع بصير عليم خبير رؤوف رحيم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام