الحمد لله رب العالمين، قولنا في آيات الصفات والأحاديث الواردة في ذلك ما قاله الله ورسوله، وما قاله سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين، والأئمة الأربعة وغيرهم من علماء المسلمين، فَنَصف الله تعالى بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل نؤمن بالله سبحانه، { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } فلا ننفي عنه ما وصف به نفسه، ولا نحرف الكَلِم عن مواضعه، ولا نلحد في أسمائه وآياته، ولا نكيّف ولا نمثل صفاته بصفات خلقه لأنه سبحانه لا سَمَي له، ولا كفو له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه { سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً } فهو سبحانه ليس كمثله شيء في صفاته، ولا في ذاته، ولا في أفعاله، بل يوصَف بما وصف نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تكييف ولا تمثيل، خلافاً للمشبهة، ومن غير تعطيل ولا تحريف، خلافاً للمعطلة .. فمذهبنا مذهب السلف: إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل، وهو مذهب أئمة الإسلام، كمالك والشافعي والثوري والأوزاعي وابن المبارك والإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، وهو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم كالفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني وسهل بن عبدالله التستري وغيرهم. فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة نزاع في أصول الدين، وكذلك أبو حنيفة رحمه الله ، فإن الاعتقاد الثابت عنه موافق لاعتقاد هؤلاء، وهو الذي نطق به الكتاب والسنة، قال الإمام أحمد: لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسُوله صلى الله عليه وسلم ، لا يجاوز القرآن والحديث. وهكذا مذهب سائرهم كما سننقل عباراتهم بألفاظها إن شاء الله تعالى، ومذهب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى هو ما ذهب إليه هؤلاء الأئمة المذكورون، فإنه يصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رَسُوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يتجاوز القرآن والحديث، ويتبع في ذلك سبيل الماضين الذين