فهرس الكتاب
الصفحة 2 من 3

حملتهم على الساخرين بحبيبهم -صلى الله عليه وسلم- عمل مشروع ولا شك، بيد أنه لا يجوز أن يكون بالكذب ولا بترك التثبت والتبين في رواية الغرائب من الأخبار، وإن ما يعتمل في صدورنا من لواعج الغيرة على النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- لا ينبغي أن يدفعنا إلى أن نَفرُطَ في رواية الأخبار دون تثبت واستيثاق، ولا إلى أن نتخلى عن المنهج الشرعي في تلقي الأخبار وبثّها، فحسن المقصد لا يشفع لشيء من هذا مطلقاً. ... ثالثاً: ليس من النصرة في شيء مبادأة أحدٍ بالاعتداء وتحريضه على معركة الطرفان فيها خاسران. فتدمير مواقع القوم واختراقها لا يكشف شبهة ولا يذب عرضاً وإنما يؤجج الفتنة ويذكي العداوة ويحمل العدو إلى أن تأخذه العزة بالإثم، ويحرض سفهاءهم إلى تخريب مواقعنا النافعة والتي خسارتنا بخرابها أعظم من خسارتهم هم بخراب مواقع صحفهم ومنتدياتهم. ... لقد علمنا القرآن ألاّ نعتدي على من لم يعتدِ علينا، وإذا كان القرآن نهانا أن نعتدي في الاقتصاص من المعتدي علينا، فكيف بابتداء الاعتداء، لا شك أنه أقبح وأولى بالنهي. نذكِّر بهذا الأمر المتقرر في عقل كل مسلم ونحن نرى معركة إلكترونية على شبكة الانترنت ابتدأها بعض الغيورين هداهم الله باستهداف بعض الصحف الدانمركية بالاختراق والتدمير، وفي هذا العمل المشين عدة ملحوظات: ... 1 ـ أنه اعتداء على مَن لم تقع منه اعتداءٌ، وفي هذا مخالفة لآداب القرآن، لا يشفع لها ما يبلغه حب الحبيب -صلى الله عليه وسلم- في قلوبنا. ... 2 ـ أن هذا الفعل بمثابة الشاهد الذي يُثبت التهمة في اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- من أنهم همج ارهابيون مفسدون لا يعرفون إلا التخريب والتدمير. ... 3 ـ أن اللجوء إلى هذه المواجهة البعيدة عن التعقل وأسلوب المحاجة بالحجة والبرهان قد يوهم العدو وغيرَه ممن هو على ملته ولم يرتكب خطيئته أننا لا نملك في الدفاع عن شخصية نبينا -صلى الله عليه وسلم- حجةً ولا برهاناً تبرِّئه صلى الله عليه وسلم مما هو متّهم به في أنظارهم. ... 4 ـ كان من الممكن تحييدُ هذه الصحف التي قصدت بالتدمير والاختراق، وجعلُها وسيلة ضغط على الصحيفة الناشرة للرسوم الساخرة لإلجائها إلى الاعتذار حمايةً للاقتصاد الدانماركي من آثار حملة المقاطعة لصادراتها للبلاد العربية والإسلامية، فإذا نحن وسّعنا دائرة المواجهة لوسائل الاعلام الدانمركي كلها فإن ما نبغيه من إعلانهم للاعتذار عما نشروه يصبح أملاً بعيداً، كان لأيدينا إسهام في ذلك ولو بطريق غير مباشر. ... 5 ـ كون العدو يسفل ويتواقح في عداوته وكراهيته لنا لا يجعلنا في حِل أن نسفل سفوله، ولا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام