1.تكذيب خبر الله سبحانه ورسوله -صلى الله عليه وسلم-
2.ومن جهة انتقاص الله سبحانه بنفي كماله وجماله عنه ونسبةِ ما لا يليق به وإليه، وليس لقولهم الباطل إن الله في كل مكان - تعالى الله- إلا ثلاثة معانٍ كلها بدعةٌ باطلة لم يَردْ بها كتابٌ ولا سنة:
الأول: أن تكون [فِي] هنا وَصفِيّةً كما تقول مثلًا للشجاع: إن فيك شجاعةً؛ فمعنى هذا أن الشجاعة صِفتُه التي هي جزءٌ منه فإن كانَ هذا مرادُهم بقولهم إنه في كل مكان - سبحانه- فهو أعظم الكفر والإلحاد وهو دينُ أهل الإتحاد ووحدةُ الوجودِ وحقيقته أن صفاتِه مخلوقاتُه ومخلوقاتِه صفاتُه؛ وخلاصة ذلك أن الخالق والمخلوق شيء واحد - تعالى الله- عن ذلك علوًا كبيرًا.
الثاني: أن تكون [فِي] هنا ظرفية كأن تقول مثلًا: زيدٌ في الخيمة، فليس زيدٌ صفةَ الخيمة ولكنه داخلها فهي محيطةٌ به.
فإن كان هذا هو مُرَادُهم بقولهم ذلك فهو أيضًا من أعظم الكفر والإلحاد، لأن معناه أنَّ الأمكنةَ المخلوقةَ محيطةٌ بالله سبحانه وتعالى
وما عرف الله سبحانه وما قَدَره حقَّ قدره من ظنَّ هذا فإنه - سبحانه- أعلى من ذلك وأعظم وأجلّ وأكبر وأوسع وهو بكل شيء محيط.
الثالث: أن تكون [فِي] هنا بمعنى [عَلَى] فهذا اللفظ لم يأت في كتابٍ ولا سنةٍ فيما نعلم بل أخبر الله سبحانه وتعالى أنه استوى على العرش ولم يقل استوى على كل مكان فتبيَّن أن هذا اللفظ بدعةٌ لم يرد بها نصٌ من الكتاب والسنة فيجب تركها والإعراض عنها والاكتفاء بما جاء في النصوص، مع أني لا أعلم أحدًا ممن يقول هذا القولَ الباطلَ يريد به هذا المعنى الثالث الأخير ولذلك قال ابن تيمية - رحمه الله- في الصنفِ الأول القائلين بأن اللهَ سبحانه ليس كذا ولا كذا إنهم لا يعبدون شيئا، وفي الصنف الثاني القائلين بأنه سبحانه في كل مكان إنهم يعبدون كل شيء.
ولذلك أفتى السلفُ - رضي الله عنهم- فيمن يقول: إن الله في كل مكان، أنه يستتاب فإن تاب وإلا ضُرِبَتْ عنقُه، وبانت منه امرأتُه، ودفن في المزابل بعيدًا عن المسلمين؛ لأنه ليس منهم
وأجمعوا على أن الله سبحانه أعلى وليس أسفلَ، في السماء وليس في الأرض، وأن ما جاءت به نصوص الوحيين من معيته وقربه ونزوله وغير ذلك من صفاته سبحانه حقٌ على حقيقته وعلى ظاهره كما جاء يُصدِّقُ ما تقدم لا ينافيه، والقولُ في ذلك كلِّه قولٌ واحد تمامًا لا تفريق فيه ولا تناقض، وأنَّى يكون متناقضًا وهو من عند الله - سبحانه وتعالى-، وأن ما خالف هذا أو شيئًا منه فهو كفرٌ أكبر لما فيه من تكذيب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- وانتقاص الله سبحانه بنفي صفات الكمال عنه.
وهذا هو الحق الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة وهو الذي نعبد اللهَ به.