ولا شك أن في العراق كثير من المحبين لعلي الذين ألفوه في حياته وأحبوه محبة صادقة، هؤلاء إما أن يكونوا معتدلين في حبه، وإما أن يكونوا من أتباع الغلاة، ولا شك أنهم إذا سمعوا هؤلاء الخطباء يلعنونه على المنبر في العراق وفي الشام يسوءهم ذلك، ويحبون أن يكون لهم أتباع، وأن يكون لهم على ما هم عليه من يشجعهم، فإذا سمعوا ذلك أخذوا في مجالسهم يذكرون فضائل علي ثم دخل بينهم الغلاة، فصار أولئك الغلاة في مجالسهم الخاصة التي هي من مجالس أتباع علي أو المحبين لعلي يكذبون ويغلون بالكذب ويولدون، فبدل أن يذكروا فضائله الصحيحة ومزاياه ومدائحه التي مدحه بها النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، صاروا يضيفون إلى ذلك أكاذيب ليست بحقيقة.
ولعلي رضي الله عنه فضائل، مثل قوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » (1) ولكن هؤلاء لم يقنعوا بذلك، بل صاروا يزيدون، فصارت مجتمعاتهم التي يجتمعون فيها لا يذكرون فيها إلا فضائل على، فلا يرون من يقتنعون بقولهم، فيكذبون أكاذيب.
(1) متفق عليه، البخاري (3706) ومسلم (2404) ، وانظر كلام شيخ الإسلام في رد استدلالهم بهذا الحديث في مجموع الفتاوى (4 ـ 416) .