إذن فهي عقيدة لا تزال موجودة يعتنقها كثير في العراق وفي كثير من البلاد التي يكثر فيها التشيُّع.
هذه عقيدتهم، وهناك طائفة منهم غلوا أيضًا في علي ولكن جعلوه مرسلًا من الله، ادّعوا أن الرسالة له، وأن جبريل أخطأ، كان مأمورًا بأن ينزل على علي ولكنه خان ونزل على محمد فعلي أحق بالرسالة من محمد ولذلك يقول قائلهم:
خان الأمين وصدها عن حيدرة.
الأمين هو جبريل وخان، أي: خان الرسالة.
الله تعالى سماه الأمين: ? نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ? [ سورة الشعراء الآية 193 ] ، ? مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ? [ سورة التكوير الآية 21 ] وهم جعلوه خائنًا، هؤلاء المخونة موجودون أيضًا، ويعتقد هذه العقيدة كثير من الكفرة، ذكر لنا بعض الذين نقلوا عنهم وشاهدوهم أنهم قبل أن يسلموا من الصلاة يضربون بأيديهم على ركبهم ويكررون: خان الأمين خان الأمين، ثم يسلم أحدهم، هذه طائفة منهم، وهم من الغلاة.
وأما أكثريتهم فيقال لهم الإمامية، يسمون أنفسهم الإمامية وهم في الحقيقة رفضوا اتباع الحق، وعقيدتهم أن عليًّا هو الإمام، وأن الأئمة قبله مغتصبون، فأبو بكر مغتصب للخلافة، وكذا عمر وعثمان وكذا من تولى الخلافة غير علي وذريته، يعتقدون أنهم مغتصبون ما ليس لهم به حق.
وهؤلاء أصل تكاثرهم في العراق، ثم انتشروا في غيره؛ وسببه ـ والله أعلم ـ ما حدث من بعض ولاة بني أمية في وسط القرن الأول لما تولى ابن زياد على العراق، وسبب قتل الحسين واستمر فيها إلى أن مات يزيد بن معاوية ثم قتل بعده ابن زياد ثم تولى العراق بعد ولاية ابن الزبير الحَجاج بن يوسف الثقفي ففي ولاية زياد وفي ولاية أبيه، وفي ولاية الحجاج كان هؤلاء الثلاثة يميلون إلى بني أمية، وفي أنفسهم حقد على علي يزين لهم أنه ممن داهن في قتل عثمان ويقولون: إنه قادر على نصر عثمان فلماذا لم ينصره؟ فكانوا يسبونه في الخطب على المنابر في العراق وكذا في الشام.
« في العراق كثير من المحبين لعلي » :