فهرس الكتاب
الصفحة 5 من 19

اعلم أرشدك الله لطاعته أن هذا الوارد على الأذهان عند ذكر شيء من صفات الله تعالى ليس هو قضية عامة لكل أحد وإنما هي تثور في ذهن الجهلة بالله تعالى وعظيم صفاته ممن لم يقدر الله حق قدره, وإلا فإن العالم بالله تعالى لا يتصور أن يثور هذا الإشكال في ذهنه, وذلك لعلمه بالمباينة التامة بين الخالق الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله من كل وجه, وبين المخلوق الناقص في ذلك من كل وجه فإن من قدر الله حق قدره لا يمكن أن تجد هذه الشبهة إلى عقله سبيلاً فضلاً عن دخولها في قلبه وتشربه بها, فبينه وبينها حاجز قوي وصلب وهو حاجز قطع دابر المماثلة بين الخالق والمخلوق, فإلقاء هذا التساؤل على العموم وإخراجه بصيغة عامة خطأ محض بل لابد أن يقيد ببعض الناس, أو بعض الطوائف, حتى لا يتوهم السامع أن ذلك من القضايا العامة التي تعم بها البلوى, وإلا فالكثير الكثير ولله الحمد والمنة سواءً من العلماء أو طلاب العلم أو العوام لا يقوم في أذهانهم شيء من ذلك, فأما العلماء وطلاب العلم فمعلوم منهم سبب عدم قيام ذلك وهو العلم النافع, وأما العوام فإن عدم قيام ذلك في أذهانهم عائد إلى صفاء الفطرة ونقاء السريرة وعدم تلوثها بمثل هذه الترهات والسخافات والإشكالات الباردة التي لم تبن على علم ولا على هدى ولا بصيرة, بل هي إحياءات شيطانية ومداخل إبليسية يراد منها إفساد المعتقد وتكدير صفوه وإدخال الشك فيه كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى فإذاً ينبغي أن يعلم أن قيام ذلك في الذهن ليس عاماً في كل أحد وإنما هو في البعض فقط وهم الأقل إن شاء الله تعالى فانتبه لهذه القضية فإنها من باب تحرير محل النزاع والله أعلم .

( فصل )

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام