ومن الأمور المهمة التي تعين على كشف هذه الشبهة أن يتعلم الإنسان القواعد التي قررها أهل السنة رحمهم الله تعالى في كتبهم مما يخص هذا الشأن فإنها مع ما مضى من الآيات لأكبر ما يقضي على هذا التساؤل البارد السمج, فمن ذلك قولهم رضي الله عنهم وأرضاهم ( الاتفاق في الأسماء لا يستلزم الاتفاق في الصفات ) ومعناها:- أنه ليس كل شيئين اتفقا في اسمهما يكونان متفقين في صفاتهما فإن هذا لا تلازم فيه لا عقلاً ولا حساً ولا شرعاً, بل دل الدليل الشرعي والحسي والعقلي على بطلان هذا التلازم, فأما دليله الحسي فإننا نجد في الأشياء المشاهدة أشياء قد اتفقت في أسمائها لكنها اختلفت في صفاتها, ولا يرد في الذهن عن ذكرها إلا ما هو معهود لنا فيها من الكيفية, فنحن نعلم أن للفيل وجهاً وللبعوض وجهاً, ولا يتبادر للذهن عند قولنا:- وجه الفيل وجه البعوض ولا العكس بل للفيل وجه يخصه ويليق به وللبعوض وجه يخصه ويليق به وكذلك نعلم أن للجمل يداً وكذلك للذباب يد, فلو قلنا:- يد الذباب, فهل يتبادر في الذهن يد الجمل, فإنه لو تبادر ذلك في ذهن أحد من الناس فإنه من أكبر الناس سفسطة, وحقه أن يوضع في المستشفيات العقلية, فإذا كان ذلك في المخلوقات فيما بينها من الصفات فكيف بالتباين بين الخالق والمخلوق, فكيف يتبادر للذهن ما هو معهود من صفاتنا عند ذكرنا لشيء من صفته جل وعلا فهذا يدلك أنه من إلقاء الشيطان وتسويله ووسوسته كما قدمنا, بل صفات الجنس الواحد تختلف فيما بينها, فوجه زيد ليس كوجه خالد, ويد الجمل الكبير ليست كيد الجمل الصغير وهكذا, فهذا الدليل الحسي يدلك دلالة صريحة أنه لا تلازم بين اتفاق الأسماء واتفاق الصفات, وهذا عند أهل السنة أما عند المبتدعة من المعتزلة والجهمية والأشاعرة فإن الاتفاق في الأسماء يستلزم الاتفاق في الصفات وقد حققنا ذلك في كتابنا القواعد المذاعة في مذهب أهل السنة والجماعة نقلاً وتوضيحاً لما قاله أبو العباس ابن