فهرس الكتاب
الصفحة 12 من 19

ومن ذلك:- قوله تعالى { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } فانظر إلى هذه العظمة والكبر, ومن هو المخلوق الضعيف العاجز الفقير الصغير الحقير حتى ينقدح في الذهن هذه المماثلة بينه وبين الخالق القوي الكبير القادر العظيم في ذاته والعظيم في صفاته وأي عقل يقبل هذا فضلاً عن أن يكون ذلك شبهة يتشربها القلب, فإن من علم الفارق بين الخالق والمخلوق علم حقاً أن الذي يسترسل مع ذلك الوارد ويكون مشكلة عنده أنه جاهل بالله وبعظمته وجاهل بالمخلوق وضعفه فصارت المسألة أصلاً مبدؤها الجهل ومنتهاها الجهل .

ومن ذلك:- قوله تعالى { فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } وهذا النهي عام أيضاً عن ضرب الأمثال ومن ذلك أن يقال:- يد الله كيد المخلوق أو مجرد قيام ذلك في الذهن والرضا به والاسترسال معه وعدم مجاهدتها فإنه داخل في ذلك, ففاعله قد ضرب لله الأمثال, وهذا تقحم في النهي وفاعله مستحق للذم والعقوبة والله المستعان, فقراءة مثل هذه الآيات وتدبرها يفيض على النفس العصمة من الوقوع في مثل هذه الترهات والانزلاق وراء هذه التساؤلات التافهة التي مفسدتها تربو على مصلحتها إن كان فيها مصلحة والله تعالى أعلى وأعلم .

( فصل )

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام