لإسكندروس، واللذان كان لهما أكبر الأثر في تحريف دين المسيح عليه السلام بترسيخ عقيدة ألوهية المسيح في مجمع نيقيه الذي دعا إليه الإمبراطور قسطنطين سنة 325م ونبذ دعوة التوحيد التي كان يتزعمها آريوس الليبي1.
وكانت هذه المواجهات بين المختلفين من دعاة النصارى وأساقفتهم تنتهي في الغالب بالدعوة إلى مجمع من المجامع، الذي يعلن في نهايته بحرمان من قصد حرمانه وطرده من الشركة النصرانية2 وفي الغالب لا ينصاع المطرود والمحروم لتلك القرارات، بل يستمر في نشر تعاليمه3.
ومن المعلوم أن النصارى في تلك الفترة لم تكن لهم دولة، ولم يقم لهم تجمع متكامل بحيث يمكن أن يقال عنهم أنهم أمة مجتمعه، بل كانوا أول الأمر يعيشون بين بني جنسهم اليهود ثم بين الوثنيين، وهذا جعلهم في حالة من البلاء والعذاب شديدة، فحين كانوا بين بني جنسهم اليهود كانوا يُضْطَهدون لأن اليهود اعتبروهم خارجين عن شريعتهم، وفي نفس الوقت يضطهد الجميع الرومان الوثنيون الذين كانوا لا يعرفون فرقاً بين اليهودي والنصراني، لهذا فقد كان لثورات اليهود على الرومان أسوأ الأثر على النصارى، وبعد القضاء على اليهود وطرد من بقي منهم خارج فلسطين واجه النصارى الذين كانوا بين الوثنيين إضطهاداً شبه متواصل من قبل حكام الرومان الوثنيين4 استمر قرابة ثلاثة قرون، إلى أن تولى الإمبراطور قسطنطين عرش
1 تاريخ الفكر المسيحي (1/642) تاريخ المسيحية (1/152) .
2 مقصدهم بذلك الحكم بانحرافه عن الدين والحكم عليه بالكفر وإخراجه من الجماعة.
3 انظر تاريخ الفكر المسيحي (1/480) في موقف الكنيسة من المارسيونيه، وفي (1/606-608) في الموقف من بولس السميساطي، وفي (1/632) في موقف الكنيسة من الآريوسيه.
4 انظر فصل عوامل تحريف رسالة المسيح ص306.