لقد عقب الشهرستاني رحمه الله على هذا الحوار القرآني تعقيباً طيباً في قوله: اعلم أن أول شبهة وقعت في الخليقة شبهة إبليس لعنه الله مصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص، واختياره الهوى في معرضة الرأي، واستكباره بالمادة التي خلق منها، وهي النار على مادة آدم عليه السلام وهي الطين، وتشعبت من هذه الشبهة سبع شبهات وسارت في الخليقة وسرت في أذهان الناس حتى صارت مذاهب بدعة وضلالة ا. هـ (2)
الصورة الثانية: الحوار مع الله تعالى.
مثاله: حوار نوح عليه السلام مع ربه جل وعلا في ابنه في قوله تعالى {ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين ? قال يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين ? قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} (3) .
هذه الآيات يدور محور الحوار فيها حول - كنعان - ابن نوح عليه السلام الذي كفر وهلك غرقا مع الكافرين ولنا أن نستنج منه ما يلي:
1 -أن نوح عليه السلام أراد أن يستشفع لولده عنده ربه جل وعلا معتقدا أنه من أهله الذين أعطاه الله تعالى وعدا بنجاتهم، و ذكر النسفي رحمه الله أن ابن نوح عليه السلام كان على دينه لكنه كان منافقا فسأل نوح عليه السلام ربه على الظاهر الذي عنده.
2 -أن الله تعالى صحح لنوح عليه السلام ظنه وفهمه للوعد بان أهله هم لمؤمنون ولذا فابنه ليس منهم لأنه عمل عملا غير صالح وهو الكفر.
3 -اعتذر نوح عليه السلام إلى ربه جل وعلا وطلب منه المغفرة والرحمة وإلا كان من
الخاسرين. (4)
المبحث الثاني
الحوار مع المشركين
المطلب الأول
أشكال الحوار مع المشركين في القران الكريم
1 -سورة الأعراف /12 - 18. ... 2 - الملل والنحل 1/ 16.
3 -سورة هود /45 - 47. ... 4 - يراجع تفسير النسفي 2/ 192،191 وقصص القران /21، ومع الأنبياء في القران /70 - 72.
إن حوار القرآن الكريم للمشركين المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم ومن على شاكلتهم الى يوم الدين إما أن يكون حوارا معهم أو حوارا لهم ولذا فالحوار مع المشركين باعتبار البادئ به له شكلان:
الشكل الأول: الحوار مع المشركين.
الشكل الثاني: حوار المشركين.