الصفحة 14 من 31

الموضوع الأول: البعث والنشور.

إن الحياة الآخرة وما فيها من بعث ونشور وحساب وجنة ونار لم يسلّم بها المشركون ولم يعتقدوا بتحققها وعودة الحياة إليهم بعد موتهم، ولذا حاورهم القران الكريم في هذا المقام، بل هم الذين بدأوا حوارهم- جدالهم - ببعض الأسئلة التي تؤكد عدم إيمانهم بالبعث والنشور، ويمكن أن نحصر لهم في ذلك صوراً ثلاثاً:

الصورة الأولى: إنكار عودتهم للحياة بعد الموت.

مثال ذلك ما ورد في قوله تعالى {وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ? قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ? الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا انتم منه توقدون ? أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ? إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ? فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} (1)

هذه الآيات الكريمة تضمنت حواراً حول البعث والنشور وإنكاره على لسان أحد المشركين (العاص بن وائل السهمي وقيل أبي بن خلف الجمحي وقيل عبد الله بن أبي) حينما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم حائل فقال: يا محمد - صلى الله عليه وسلم - أترى أن الله - تعالى - يحيي هذا بعد ما رم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم ويبعثك ويدخلك النار. (2)

ثم أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيب السائل المنكر بثلاثة أدلة - يسلم العقل بها - على قدرة الله جل وعلا على البعث و النشور:

1 -سورة يس 73 - 83.

2 -هذا الحديث أخرجه ابن أبي حاتم وعبد الرازق وغيرهما , يراجع: الدر المنثور 12/ 380، وجامع البيان 19/ 486 - 491.

الدليل الأول: أن الذي يحيي هذه العظام هو الذي أنشأها أول مرة ففي استطاعة من بدأ أن يعيد.

الدليل الثاني: أن الذي خلق لكم من الشجر الأخضر بعد جفافه ويبسه ناراً، وقيل إخراج النار المحرقة من العود الندي الرطب، وقيل المرخ والعفار إذا ضرب احدهما بالآخر انصرمت منها النار وهما أخضران، من يفعل ذلك لا شك قادر على إحياء الموتى؟

الدليل الثالث: أن الذي خلق السماوات والأرض قادر على إعادة خلق الإنسان مع صغرهم وضعف شأنهم، والعقل السليم يسلم أن الذي انشأ صنعةً قادر على صناعتها مرة ثانية، ويسلم بأن الذي خلق أو انشأ صنعة كبيرة فمن باب أولى قادر على إنشاء الصغيرة. (1)

الصورة الثانية: السؤال عن الساعة تهكما واستبعاداً.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام