الصفحة 12 من 31

فلم يجيبوا، ولذا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يكفيني هو ربي جل وعلا الذي يتوكل عليه المتوكلون، وإني ثابت على ما أمرني به ربي، وأنتم بإصراركم على الشرك ثابتون عليه، ويوم القيامة تدركون من يحل عليه عذاب الله ونقمته (2) .

الشكل الثاني: حوار المشركين

إن المشركين أحيانا يبدأون الحوار- بل الجدال - مع النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون قولا فيه نقص لرب العزة جل وعلا أو للرسول صلى الله عليه وسلم أو للقران الكريم أو تشكيكا في الغيبيات فيأمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد قولهم، وأحيانا يوجهون أسئلة استنكارية أو تعجيزية - في نظرهم - للنبي صلى الله عليه وسلم فيأمره الله عز وجل بالرد عليهم ومن هنا كان حوار المشركين له صورتان:

الصورة الأولى: رد أقوال المشركين.

لقد أمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد على المشركين في أقوالهم التي يجادلونه صلى الله عليه وسلم فيها تمسكا بعقيدتهم الضالة مثال ذلك: ... قوله تعالى {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا باسنا قل هل من عندك من علم فتخرجون لنا إن تتبعون إلا الظن وان انتم إلا تخرصون قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ? قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فان شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون} (3) .

في هذه الآيات الكريمات - الاخيرات- يخبر الله تعالى بما سوف يقوله المشركون اعتذارا لشركهم وتحريم ما احل الله تعالى من المطاعم، فقالوا: إن الإشراك منا وتحريم الحلال كان

1 -سورة الزمر (38 - 40) .

2 -يراجع الجامع لأحكام القران 15/ 258 - 260، وفي ظلال القران 24/ 34، والمنتخب من تفسير القران الكريم /689،688. ... 3 - سورة الأنعام 148 - 150.

بمشيئة الله تعالى ولو شاء الله عز وجل ألا نشرك ما أشركنا نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء ولكنه - جل وعلا - شاء فهذا عذرنا.

فرد الله تعالى زعمهم هذا من أربعة أوجه:

الوجه الأول: أنهم تبعوا في ذلك المكذبين للرسل من قبلهم.

الوجه الثاني: أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسألهم: هل عندكم من مستند صحيح على أن الله تعالى رضي لكم الشرك وتحليل الحرام فتظهروه لنا؟

الوجه الثالث: أنكم تتبعون الوهم والخيال والاعتقاد الفاسد.

الوجه الرابع: أن الله تعالى له الحكمة التامة والحجة البالغة في هداية من يهدى وإضلال من يضل فكل بقدره ومشيئته. (1)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام