قوله تعالى {قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لاريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ? وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ? قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من اسلم ولا تكونن من المشركين ? قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} (1)
هذه الآيات الكريمات حوت محوراً مع المشركين كلف به النبي صلى الله عليه وسلم من رب العزة جل وعلا من وجوه خمسة:
الوجه الأول: أن يسألهم الرسول صلى الله عليه وسلم: هذه السماوات والأرض وما فيها من الكائنات والمخلوقات ملك لمن؟ هل هناك أحد غير الله تعالى يدعي أنها له؟
الوجه الثاني: أن الله تعالى أمره صلى الله عليه وسلم بالجواب (قل لله) عقيب السؤال ليكون أبلغ في التأثير وآكد في الحجة، لأن من سأل غيره عن شيء ثم عقبه بالجواب كان ذلك أبلغ تأثيراً فقد بلغ في الظهور بحيث لا يقدر على إنكاره منكر.
الوجه الثالث: استفهام توبيخي موجه إلى المشركين مفاده: أاتخذ معبودا غير الله تعالى وهو الذي خلق السماوات والأرض وهو الخالق الرازق.
الوجه الرابع: أن الله تعالى أمرني بالإسلام ونهاني عن الشرك.
الوجه الخامس: أني أخاف عقاب ربي يوم القيامة إن خالفت أمره وعبدت غيره. (2)
الصورة الثالثة: حوار النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين بصيغة السؤال.
لقد حاور النبي صلى الله عليه وسلم المشركين بأمر ربه جل وعلا بصيغة السؤال في آيات كثيرة منها:
1 -سورة الأنعام /12 - 15.
2 -يراجع تفسير القران للسمعاني 1/ 91، والتفسير الكبير 12/ 164 - 170، وزاد المسير 3/ 10، وتفسير أبي السعود 2/ 177 - 180.
قوله تعالى {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون ? قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون ? من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم} (1)
في هذه الآيات الكريمات نرى حواراً مبنياً على استجواب المشركين وسؤالهم عن خالق السماوات والأرض، وجوابهم مسلم بأنه الله تعالى، وهذا الجواب والإقرار استتبع تسلسل الحوار معهم لبيان عجز آلهتهم التي يعبدون من دون الله تعالى فإنها لا تستطيع أن تدفع الضر عنهم أو أن تمسك رحمة من الله تعالى نازلةً عليهم.