وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (1) . قالها إبراهيم -عليه السلام- حين ألقي في النار (2) ، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال له الناس: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 1. رواه البخاري والنسائي (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : {حَسْبُنَا اللَّهُ} أي كافينا فلا نتوكل إلا عليه، قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} 2. {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي نعم الموكول إليه أمور عباده، ونعم من توكل عليه المتوكلون، كما قال: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} 3. ومخصوص نعم محذوف، تقديره: نعم الوكيل الله، فهو سبحانه حسب من توكل عليه، وكافي من لجأ إليه.
(2) وفي رواية:"كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: حسبنا الله ونعم الوكيل". رواه البخاري. وذلك لما دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فأبوا، فكسر أصنامهم، فجمعوا له حطبا، وأضرموا له نارا، ورموه بالمنجنيق، {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} 4، فعارضه جبرائيل في الهوى، فقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا،: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ، فقال الله: {كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ} 5.
(3) وذلك بعد منصرف قريش والأحزاب من أحد، فمر بهم ركب من عبد القيس فقالوا: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينة. قالوا: هل أنتم مبلغون عنا محمدا رسالة؟ قالوا: نعم. قالوا: فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم، فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو =
1 سورة آل عمران آية: 173.
2 سورة الزمر آية: 36.
3 سورة الحج آية: 78.
4 سورة الأنبياء آية: 68.
5 سورة الانبياء آية: 69-70.