الصفحة 15 من 52

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه حيث يشاء» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك» (1) ، (معنى الحديث أنه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده وغيرها كيف شاء، لا يمتنع عليه منها شيء ولا يفوته ما أراده) (2) .

المرتبة الرابعة: الخلق والتكوين:

وهو أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الموجد لجميع الأشياء، من ذوات وصفات وأفعال، ومن ذلك أفعال العباد. والأدلة على هذه المرتبة كثيرة منها قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) } [الصافات: 96] ، (أي خلقكم وخلق أعمالكم) (3) .

وقال تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) أَنْزَلَ مِنَ} [الرعد: 16] ، (قال الزجاج: والمعنى أنه خالق كل شيء مما يصح أن يكون مخلوقاً) (4) .

وقال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) } [الزمر: 62] ، (هذه العبارة وما أشبهها، مما هو كثير في القرآن، تدل على أن جميع الأشياء - غير الله وأسمائه وصفاته- مخلوقة) (5) .

عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يصنع كل صانع وصنعته» (6) ، (وتلا بعضهم عند ذلك {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ(96) } [الصافات: 96] ، فأخبر أن الصناعات وأهلها مخلوقة) (7) . (8)

(1) رواه مسلم: كتاب القدر، باب تصريف الله القلوب كيف يشاء (16/ 203 - شرح النووي) .

(2) شرح النووي على مسلم (16/ 203) .

(3) فتح القدير (4/ 402) .

(4) فتح القدير (2/ 74) .

(5) تفسير ابن سعدي (6/ 489) .

(6) حديث صحيح، أخرجه البخاري، في كتاب خلق أفعال العباد ص 39، الطبعة الثانية، تحقيق د. عبد الرحمن عميرة، دار عكاظ، جدة، وابن أبي عاصم في السنة بلفظ «إن الله خالق كل صانع وصنعته» ، انظر الجامع الصحيح في القدر، ص 125.وقال الألباني حديث صحيح، كتاب السنة لابن أبي عاصم ص (1/ 158) ، الطبعة الثانية، تحقيق الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، 1405 هـ. وهو مخرج في الصحيحة رقم (1637) .

(7) خلق أفعال العباد للبخاري، ص 46.

(8) انظر: مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز، (3/ 476 - 480) ، معارج القبول (3/ 920 - 940) ، شفاء العليل (29 - 39) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام