المذهب الثاني: أن الجنة باقية والنار تفنى: وهذا المذهب روي عن قليل من السلف والخلف (1) , ونقل عن عمر, وابن مسعود, وأبي هريرة, وأبي سعيد, وغيرهم , والصحيح أن ذلك لا يصح عن أحد من الصحابة (2) .
المذهب الثالث: التوقف في فناء النار: يلتمس ذلك في كلام ابن القيم في «حادي الأرواح» (3) , وإن كان يبدو أنه يميل إلى القول بفناء النار. وجنح إلى هذا من المعاصرين الشيخ عبد الرزاق عفيفي (4) .
والصحيح الذي تدل عليه الأدلة المتواترة من الكتاب والسُّنة القول بخلود الجنة والنار وأبديتهما, منها قوله تعالى عن الجنة: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة:8] .
وقوله سبحانه عن النار: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الأحزاب:64 - 65] .
والشاهد من الآيات ذكر الخلود المؤبد، حيث لم يكتف بذكر مجرد
(1) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي ص (224) .
(2) راجع في ذلك: «تنبيه المختار على عدم صحة القول بفناء النار» للعلوان.
(3) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص (387, 388) .
(4) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي ص (244) .