وكل موضع قُصد الصلاة فيه فقد اتُّخذ مسجداً، بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجداً كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الصلاة عندها فيها مزيّة، وأنها يُستجاب الدعاء عندها، لأن ذلك وسيلة من وسائل الشرك، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الصلاة عند القبور، واتخاذها مساجد سدًّا لذريعة الشرك، لأنه إذا صُلّي عندها، ودُعِيَ عندها، فإن ذلك يتطوّر وتُدعى من دون الله، وتُعبد من دون الله، كما حصل عند الأضرحة الآن حيث صارت تُعبد من دون الله؛ فيُذبح لها، وينذر لها، ويُستغاث بالموتى، ويُتمرّغ على تُربتها، ويُعكف عندها، ويُطاف حولها كما يُطاف بالكعبة، كل ذلك لأن الباب فُتح لما بُني عليها.
ثمّ قال رحمه الله:"وكل موضع قُصدت الصلاة فيه"أي: كل موضع يُتردّد عليه ويصلى فيه، سواء كان عنده قبر أو ليس عنده قبر"فقد اتَّخذ مسجداً"وإن لم يُبن، ولو كان صحراء فهو يسمّى مسجداً، يعني: مكان صلاة ومكان سجود.
"بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجداً"حتى لو لم يُبْنَ عليه.
"كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"يعني: صالحة للصلاة فيها."
فدلّ على أن المكان الذي يُصلى فيه يسمى مسجداً، سواءٌ قُصد أو لم يُقصد، سواءٌ بُني عليه أولم يُبن.
فالحاصل؛ أن معنى اتخاذ القبور مساجد يشمل معنيين:
المعنى الأول: الصلاة عندها وإن لم يُبن مسجد، وهذا هو المعنى المراد من الأحاديث.
والمعنى الثاني: بناء المساجد فيها والقِباب، وهذا- أيضاً- منهي عنه، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعلي بن أبي طالب:"لا تدع قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته"يعني: إلاّ هدمته، وسوّيته بالأرض، لأن هذا يفتن الناس، ويصبح وسيلة من وسائل الشرك.