فهرس الكتاب
الصفحة 290 من 705

فقد نهى عنه في آخر حياته، ثمّ إنه لعن- وهو في السيّاق - من فعله.

والصلاة عندها من ذلك، وإن لم يُبن مسجد، وهو معنى قولها:"خشي أن يتخذ مسجداً"، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المعنى الثاني: أن يُبنى عليها مسجد كما حصل من اليهود والنصارى وكما حصل في القرون المتأخرة من هذه الأمة.

وأول من بني المساجد على القبور- كما يقول الشيَّخ: تقي الدين هم: الشيعة الفاطميون في مصر والمغرب، ثمّ قلّدهم الخرافيون الذين ينتسبون إلى أهل السنّة من الصوفية وغيرهم، وبنوا على القبور، وهذا إنما حدث بعد القرون المفضلة، التي أثنى عليها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثم نقل الشَّيخ رحمه الله كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فقال:"فقد نهى عنه في آخر حياته"يعني: قبل أن يموت بخمس- كما في حديث جُندب-.

"ثم إنه لعن- وهو في السياق-"في سياق الموت، كما في حديث عائشة الذي سبق: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزل به جعل يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك- يعني: في هذه الحالة الحرِجة-:"لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".

قالت عائشة رضي الله عنها: يحذّر ما صنعوا، ولولا ذلك لأُبرز قبره، غير أنه خُشي أن يتخذ مسجداً.

قال الشيخ:"فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً"لأنهم معصومون عن ذلك رضي الله عنهم، ولا يمكن ذلك أبداً في حقهم، بل لم تبن المساجد في القرون الأربعة كلها، لأن القرون الأربعة أثنى عليها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله:"خيركم قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم"، فإذا كانت القرون الأربعة لم يبن فيها على القبور مساجد فكيف يُبنى في عهد الصحابة الذين هم القرن الأول، رضي الله تعالى عنهم؟، فدلّ على أن المراد باتخاذها مساجد: تحرّي الصلاة عندها ظنًّا أن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام