فهرس الكتاب
الصفحة 6 من 121

إنساناً، فدق عليه داقٌ الباب، فدخل عليه رجل ومعه كيس فيه ألف درهم، فقال: يا أبا عثمان! ثبتك الله كما ثبتَّ الدين، وهذا لك في كل شهر.

وكتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم أيضاً في امتحان سبعة أنفس، منهم محمد بن سعد، و يحيى بن معين، و أبو خيثمة زهير بن حرب، و أحمد بن إبراهيم الدورقي، فامتحنهم بخلق القرآن، وفي البداية لم يُجيبوه، فأمر بترحيلهم إلى بغداد، ولكنهم في الطريق أجابوا، فردهم من الرقة إلى بغداد، وأجابوه تُقْيَةً، فكانوا يقولون: أشهد أنه مخلوق، ويقصد الواحد منهم إصبعه، أو يقول: أشهد أن التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وصحف إبراهيم أنها مخلوقة، ي قصد أصابعه الخمس، ثم كتب إليه المأمون بعد امتحان هؤلاء السبعة، أن يُحضر الفقهاء، ومشايخ الحديث، ويخبرهم بما أجاب به هؤلاء السبعة، ففعل ذلك، فأجابه طائفة وامتنع آخرون، وكان يحيى بن معين وغيره يقولون: أجبنا خوفاً من السيف [إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ] [1] .

ثبات أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح أمام فتنة خلق القرآن

ثم كتب المأمون كتاباً آخراً من جنس الأول إلى نائبه، وأمر بإحضار من امتنع، فأُحْضِر جماعة أولهم أحمد بن حنبل، و بشر بن الوليد الكندي .. وغيرهما، وعرض عليهما كتاب المأمون، فلم يجيبا، فوجه بجوابات من المأمون، فكانوا في البداية لا يجيبون، بل يسكتون. فورد كتاب المأمون بامتحانهم واحداً واحداً، فامتحنهم واحداً واحداً، فأجابوا كلهم إلا أحمد بن حنبل، و محمد بن نوح، وكان شاباً، فوجههما إلى طََرْسُوْس، فلما صاروا إلى الرقة، بلغتهم وفاة المأمون، فحملا في سفينة، فلما وصلا إلى عانات، وهي مدينة في وسط الفرات، توفي محمد بن نوح.

ولم تنته القضية بوفاة المأمون؛ لأن المأمون أوصى المعتصم بأن يحمل الراية من بعده، وكان الإمام أحمد يدعو الله تعالى ألَّا يريه وجه المأمون، فاستجاب دعاءه، فتوفي المأمون قبل أن يصل إليه الإمام أحمد، ولما توفي

(1) النحل:106

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام