فهرس الكتاب
الصفحة 4 من 121

وقد أعلن المأمون وهو الخليفة العباسي بوجوب الاعتقاد بخلق القرآن، وأجبر الناس والعلماء على التصريح بذلك، وامتحن الناس والعلماء. وقصة الإمام أحمد بن حنبل في هذا معروفة ومشهورة.

إن اعتقاد المأمون بخلق القرآن لم يأت عن جهل، أو إيحاء من ابن أبي دؤاد [1] كما تقول بعض كتب التاريخ، وإنما عن يقين واقتناع لأن كل كتب التاريخ تذكر أن المأمون كان قد حفظ القرآن، ودرس الحديث واللغة والأدب والشعر، وفي الوقت الذي كان فيها أهل الحديث يحدِّثون كان يجتمع عليه التلاميذ، وقد صنع له منبرا، كما صنع لهم، وحَدّث كما حدّثوا، فهذا يدل أنه صاحب علم، وأن اجتهاده لم يأت من فراغ.

إنّ هذه القضية لم تكن معروفة في عهد النبي (صلى الله عليه و سلم) ، ولا في عهد الصحابة والتابعين ومن بعدهم حتى نهاية الدولة الأموية، كما أن القرآن الكريم لم يتحدث عنها، وكذلك السنة النبوية، وهي ليست من الأمور الاعتقادية التي لا يتم الإيمان إلا بها.

لقد كان لهذه الفتنة أثر بالغ على أهل العلم عموماً، فقد ظهرت من قول المعتزلة الذين ظهروا في ذلك الوقت، لأن الفِرَق كانت قد خرجت؛ كالخوارج، و الجبرية، و القدرية، و المرجئة، و الجهمية، و المعتزلة، ومنهم خرجت قضية خلق القرآن، وكانت فتنة هوجاء من أعظم الفتن التي عصفت بالأمة الإسلامية، ولا خلاف بين الأمة أن أول من قال بخلق القرآن هو الجعد بن درهم، الذي قتله خالد بن عبد الله القسري في سنة (124 هـ) .

وحمل لواء فتنة القول بخلق القرآن بعد الجعد بن درهم الجهم بن صفوان المقتول سنة: (128 هـ) ، قُتِل بمرو في خلافة هشام بن عبد الملك.

(1) 1 أبي دؤاد: قاضي المأمون

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام